واحة الراهب تحيي الجمهور عقب تكريمها 

محمد قناوي

استضاف مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ 28، التي اختتمت قبل أيام، المخرجة والفنانة السورية واحة الراهب، حيث جرى تكريمها مع فنانين سوريين آخرين في الفقرة الخاصة بتكريم مبدعي الثورة السورية وعرض خلاله خمسة أفلام لمبدعين ناصروا الثورة منذ بدايتها وانحازوا للثوار. وواحة الراهب، قدمت للسينما السورية عدداً من الأفلام التي نالت نجاحاً نقدياً كبيراً، وحصلت على جوائز من العديد من المهرجانات الفنية في الوطن العربي وخارجه.

نحن ممثلون هنا للشعب السوري البطل، ونحن فخورون بهذا الشعب العظيم.. جاء هذا الكلام على لسان المخرجة والفنانة واحة الراهب، في إشارة منها إلى أن الثورة السورية تركت بصمتها بقوة على الفن، حيث تمّ تنظيف الوسط الفني ممن سمتهم المنافقين والمرتزقة والذين يحابون السلطات المسؤولة طمعاً في الحصول على فرص عمل.

وعن أسباب منع عرض فيلم «رؤى حالمة» في مهرجان الإسكندرية السينمائي، قالت إن الفيلم كان سيعرض للنقاد والصحفيين فقط، وليس عرضاً تجارياً، وذلك في قسم الاحتفاء بالثورة السورية؛ لذا أحضرت نسخة من الفيلم على DVD، ولكن بمجرد نشر أخبار عن عرض الفيلم في المهرجان أرسلت الجهة المنتجة للفيلم خطاباً لإدارة المهرجان تحذرهم فيه من عرض الفيلم من دون الحصول على موافقتها، وهددت برفع دعوى قضائية في حالة عرض الفيلم؛ لذا كان قرار إدارة المهرجان عدم عرض الفيلم.

 

تأثر الأعمال الدرامية

 

وأضافت واحة الراهب: الأعمـال الدرامية تأثرت كثيراً بما يجري في سوريا، ونقصت الأعمال كماً وكيفاً، وقد طلب من الممثلين والفنيين أثناء تصوير أحد الأعمال الفنية السينمائية «هوى» في الصيف الماضي بمحافظة اللاذقية، الخروج من المحافظة؛ لأن بعض مناطقها ستقصف، بل تعرضنا لهجوم من بعض البلطجية.

وعن الصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير الفيلم، قالت إن الفيلم ظل سبع سنوات مجمداً رغم تسجيل اللجنة الفكرية إعجابها به في محاضرها، وطغيان العقلية الذكورية المتخلفة على أغلبهم كان وراء إعاقة إنتاجه، حتى بالنسبة لمقولات سبق لغيري من الكتاب والمخرجين أن تناولوها كان ممنوعاً عليَّ كامرأة أن أطرحه.

وهو ما فهمته من خلال زملاء لي قالوا لي وقتها: لو كنت رجلاً مخرجاً ما تجرأوا على وضع ملاحظات لك بهذه التفاهة. ولم أتمكن من تنفيذ الفيلم إلا بعد أن أعلنت الحرب على الإدارة السابقة ولجنتها الفكرية، وساهمت مع غيري في تغييرها.

مخرجة ومؤلفة وفنانة

وعن كيفية تقديم نفسها ممثلة ومخرجة ومؤلفة وفنانة تشكيلية أضافت، ربما لأنني أنتمي لعائلة أدبية فنية حمَلتني موروثاتها، فأبي كاتب روائي ورسام بالإضافة لعمله السابق في السلك الدبلوماسي، وعمي المرحوم هاني الراهب من الروائيين العرب، وهذا هيأ لنا المناخ للتحليق في فضاءات الفنون جميعها، ولهذا اخترت التخصص في دراسة الإخراج السينمائي، لكونه يصهر كل هواياتي في بوتقة واحدة، ففي الكادر السينمائي أحقق لوحاتي التشكيلية الناطقة والمتحركة، وأجسد أفكاري عبر كتابة سيناريو الفيلم، وأحقق إيقاعه الموسيقي العام بانتقاء ما يناسب موضوعه، والإيقاع الموسيقي الخاص بالشخصيات ونبض الفيلم وإيقاعه الواقعي والخيالي، وهوايتي بالتمثيل تتحقق من خلال إدارتي للممثلين كمخرجة. وعن أسباب حرصها على الظهور في أفلامها ولو بدور صغير مثل فيلم «هوى»وقبله «رؤى حالمة»، فأشارت إلى أن فيلم «رؤى حالمة» كان لديها بعض التردد حول تجسيد الدور؛ لأن التجربة جديدة عليها، فكيف تمثل وتخرج في الوقت ذاته، فكان الأمر صعباً، خاصة أنها قدمت دوراً صعباً رغم صغر حجمه؛ لأنه يعبر عن حالة فصام وهي فكرة العمل ككل، أي حالة فصام المجتمع مجسّدة في هذه الشخصية التي انقلبت من قمة التحرر إلى فتاة متوهمة ولديها كوابيسها.

اعتذار ممثلة

وأضافت: حاولت ألا أمثل في فيلم «هوى»، إلا أن هناك ممثلين اعتذروا والممثلة التي رشحت للعب الشخصية أخذت نص الدور لتقرأه، وبعد ذلك لم تعد ترد حتى على اتصالنا الهاتفي بها، وأستغرب المستوى الذي وصل إليه بعض الممثلين، وأمام هذا الظرف أصر مدير الإنتاج السابق للفيلم أن أؤدي الشخصية لنخرج من حالة الارتهان لمزاجية الممثل وبما أن الدور كان يتطلب مستوى معيناً من الأداء قبلت تجسيده شرط أن أجري تجربة على الملابس والمكياج وبالفعل قامت مصممة الأزياء بتصميم ملابس خاصة لأبدو أسمن مما أنا عليه، ومن ثم وافقت على التمثيل، والدور لأم تؤدي حالة التناقض بين الصرامة والحنان ولم أكن أرغب في التمثيل؛ لأن ظروف التصوير كانت صعبة، حتى أنه لم يكن معي مجموعة إخراجية قوية، فليس لدي سوى مخرج مساعد واحد «أيمن حمادة»، فيما الآخرون متدربون والسؤال، على من سأتكل إن قبلت التمثيل؟ لذلك كان شرطاً قاسياً أن أقبل التمثيل في الفيلم.

أما عن إصرارها الدائم على الاختلاف في أدوارها، فقالت إن مسألة الاختلاف في نوعية الأدوار التي أقدمها تعنيني كثيراً، لدرجة أنني أحاول جاهدة ألا أتشابه في أي شخصية من شخصياتي، رغم أنهم غالباً ما يعطونني أدوار المرأة المتسلطة على اعتبار أن الناس أحبوني في هذه الشخصيات، وحرصاً مني على عدم الوقوع في مطب التكرار أعمد إلى دراسة الأرضية الاقتصادية والنفسية للشخصية، ومهما اقتربت الشخصيات من بعضها أعمد إلى البحث عن مفتاح لدراستها كاختيار الوضع الاقتصادي والبحث فيه لكي أقدم الشخصية وفق منظور جديد وشكل مختلف.

وأضافت، المشاهد لدينا لا تسمح له قدرته الشرائية الضعيفة أن يدفع ثمن تذكرة الدخول إلى صالات لا توفر له الراحة والعرض المتميز كما في بيته أمام شاشة التلفاز ولا توفر له الجرأة في طرح قضاياه التي استطاع القطاع الخاص أن يرفع سقفها درامياً لكونه قوة اقتصادية تفرض شروطها، ولا يمكنه أن يحقق ربحه من دون مصداقية التمثيل الحقيقي لقضايا المجتمع والناس.

الاهتمام بقضايا المرأة

عن اهتمامها بقضايا المرأة إلى جانب عملها الفني، قالت واحة الراهب أعتبر الفن رسالة تعكس قضايا المجتمع ككل وهموم الناس وأحلامهم وقهرهم رجالاً ونساءً، كما أعتبر أن قهر المرأة ومعاناتها مضاعف في مجتمعاتنا، ويتم التعتيم عليها وتهميشها ومقتنعة بأن حل مشكلاتها مرتبط جوهرياً بحل مشاكل المجتمع ولن تتحرر مجتمعاتنا جذرياً إلا بتحرير المرأة وحل مشكلاتها، لكونها تشكل نصف هذا المجتمع الفاعل، ومهما قامت ثورات عظيمة فستعيد إنتاج التخلف إن لم تحرر المرأة التي ستربي أبناءها على ما تربت عليه من تخلف وعبودية إن لم تتساو بالرجل.

تفوق الدراما على السينما

بحثاً في أسباب تحقيق الدراما السورية نجاحات كبيرة على عكس السينما، أوضحت واحة الراهب أن هناك أزمة في السينما السورية، بداية من اقتصار إنتاجها على القطاع العام وعدم التمكن من إيجاد آلية تشجع القطاع الخاص للمشاركة وتطوير هذا المجال الذي يتطلب مرونة ومبادرة من القطاع الخاص كما فعل في الدراما التي ساهم في تطويرها في توسيع هامش الرقابة لصالحها وتوسيع هامش توزيعها، لاسيما بعد انتشار الفضائيات العربية وزيادة طلبها على الدراما التليفزيونية، كما أن الإنتاج السينمائي مكلف ويحتاج إلى ضمانات قانونية للاستثمار لا يسمح بها الوضع عندنا انتهاءا بمشاكل السينما، وعدم توفر التكامل في عملية إنتاجها من كم إنتاجي وعرض وتوزيع، وهي تقتصر على القطاع العام غير المعني بالربح، وبالتالي غير معني بتطوير هذه الصناعة القائم تطويرها أساساً على تحقيق الربح كأي صناعة أخرى، وهو غير معني بفتح أسواق لهذا المنتج وتوزيعه أو حتى توفير صالات عرض لائقة به أو توفير الدعاية الكافية لتشجيع المشاهد على حضور الفيلم والتي يخصص لها في أميركا ما يعادل ميزانية الفيلم لأهميتها.

المصدر: الاتحاد

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,705