حب الشوكولاتة عشق يتشاطره الرجال والنساء
اكتشف علماء من جامعة ميشيجان أن هناك منطقة في الدماغ يرجحون أنها تساعد في التحكم بميل الإنسان لأكل الأشياء الحلوة وشهية المذاق كالشوكولاتة. وهذه المنطقة هي جزء من منطقة أوسع وأكبر في الدماغ اسمها «سترياتوم»، والتي سبق لباحثين أن أثبتوا علاقتها بالتحكم في الحركات البدنية.
وتوصل العلماء إلى هذه النتيجة بعد أن أجروا دراسة على الفئران نُشرت خلاصتها في العدد الأخير من مجلة «علم الأحياء الحديث». وبذلك يضيف العلماء جزءاً عصبياً إلى قائمة المناطق الدماغية التي يمكن وصفها بمركز عملية صنع قرار التلذذ بطعم ما.
ولجأ العلماء إلى دراسة هذه المنطقة بالذات لأنهم كانوا يشكون في أن هذه المنطقة المعروفة بتفاعلها مع المكافآت واستشعارها يمكن أن تكون لها علاقة باستعذاب أطعمة دون غيرها. ما دفع العلماء إلى استكشاف ما يحدث عند حقن هذه المنطقة بنسخة ضوئية من الإندورفين والإنكيفالين التي تنشط بشكل طبيعي في هذا الجزء من الدماغ، في الوقت الذي سمحوا فيه للفئران بتناول ما طاب لها من قطع الشوكولاتة.
وتبين للباحثين عقب هذه التجربة أنه عند حقن هذه المنطقة بالإنكيفالين التي تستخدم عادة لتسكين الألم وإفراز إنزيم البيبتايد، زادت الفئران من أكلها الشوكولاتة بأكثر من الضعف. وعندما جلب الباحثون مجموعة أخرى من الفئران وقاسوا مستويات الإنكيفالين الناشط لديها في هذه المنطقة، وجدوا أن استهلاك الشوكولاتة أدى إلى زيادة فورية في مستوى الإنكيفالين. كما لاحظوا أنه كلما زاد رصد الإنكيفالين، زادت سرعة تناول الفئران للشوكولاتة. غير أن الباحثين لم يتمكنوا من معرفة ما إذا كانت هذه المنطقة مسؤولة عن رغبة الفئران في أكل المزيد من الشوكولاتة، ولا ما إن كانت إضافة الإنكيفالين هي التي جعلتها تستشعر فجأة أن مذاق الشوكولاتة صار أشهى.
ومحاولةً منهم للإجابة عن هذين السؤالين، حاول الباحثون إجراء تجارب أخرى. إذ قاموا بمعاينة مدى تغير ملامح وجوه الفئران وقت تناولها الشوكولاتة. فإذا قامت الفئران مثلاً بلعق شفاهها أكثر عندما زاد مستوى الإنكيفالين في المنطقة، فذلك يعني أن مذاق الشوكولاتة صار أفضل في الواقع. أما إنْ بقيت ملامح وجوهها نفسها دون تغير، فذلك ربما دل على أن أي تغير كان سيزيد شعورها بزيادة الدافعية والحافزية لالتهام المزيد من الشوكولاتة.
وتتطابق هذه النتائج مع ما توصلت إليه دراسات سابقة أظهرت أن تحسين أداء وظيفة هذه المنطقة من شأنه تحويل فأر طافر معدوم الشهية إلى فأر يتذوق ويتلذذ كل ما يطعمه. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنطقة وكغيرها من باقي أجزاء الدماغ لا تنشط وحدها، بل ضمن دارة متشعبة، حيث تتلقى رسائل من أجزاء من الدماغ تلعب هي الأخرى دوراً في التحكم في المكافآت والحوافز.
وتوجد هذه الدارة على الأرجح في موقع يوازي دارات أخرى أكثر تطوراً، مثل تلك التي تشمل منطقة النواة المتكئة الموجودة بجانب ظهر منطقة «سترياتوم» المسؤولة عن تغيير شهيتنا لتناول أطعمة مختلفة. ويمكن لهاتين الدارتين كلتيهما أن تصبحا موقعي تدخل محتمل في حالات الإدمان، سواءً كان الأمر يتعلق بالطعام أو الدواء، ما دام تغيير الحافز بحثاً عن مواد أمرا أساسيا لعلاج الإدمان.
ويختم الباحثون بالقول إنه لا غرابة والحال هذه في كون أدمغة معظم الناس تبعث إلى أجسامهم رسائل بأكل ثلاثة إلى أربعة أضعاف حاجتهم من الشوكولاتة، فلا يملكون غير الاستسلام لسحرها وإعلان هزيمتهم في صد إغرائها الطاغي.
ساحة النقاش