يقدّم المتحدثون «السيدات» على «السادة» في حديثهم وكلماتهم وخطاباتهم، احتراماً لنون النسوة وما لها من أهمية في حياتنا جميعاً، فهي النصف «الحلو» الثاني من المجتمع الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وقد وصلت المرأة إلى أعلى المراكز وتبوأت مكاناً مهماً في المجتمع ونالت حقوقها، ولم تعد عبئاً أو عالة عليه، بل ربما يطالب اليوم «السادة» بحقوقهم من «السيدات» بعد أن اقتحمت نون النسوة أغلبية الميادين، وربما لم يبق للرجل من مجال للسيطرة والتفوق إلا في حقل لغة الضاد التي تغلب السادة على السيدات، فنقول للجمع من نون النسوة ولو كنّ آلافاً وبينهن رجل واحد أو طفل : «هم» وليس هنّ!
ومن سعة لغة العرب أنه إذا نادينا المؤنث جاز التأنيث وجاز التذكير فقد ورد في قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة) فأنّث، ولكن (يا أيها المرأة) جائز، فجائز أن تقول يا أيها المرأتان، ويا أيها النساء.
وأجاز بعض النحاة العرب ومنهم ابن يعيش قول «أي» للاثنين والجماعة على لفظ واحد (أي) ويقع على المؤنث بلفظ المذكر، ويجيز سيبويه (يا أيها الرجل ويا أيها الرجلان، ويا أيها المرأتان). ويقول ابن منظور: «أيُّ» اسم صِيغَ ليتوصل به إلى نداء ما دخلته الألف واللام: كقولك
يا أيها الرجل - يا أيها الرجلان- ويا أيها الرجال.
يا أيتها المرأة- وأيتها المرأتان- ويا أيتها النسوة.
ويا أيها المرأة- ويا أيها المرأتان- ويا أيها النسوة.
فقولنا: «أيها السيدات والسادة» صحيح لغة وفيه نوع من اللياقة والاحترام.
ابن الرومي:
هـنَّ اللواتـي إذ لاقيتَهـن ضُحــى
لاقيتَ صَـداً وإشــراقاً وإخطافــا
مثل السيوفِ إذا لاقيتَ مُصْلَتـها
لاقيـــتَ حــداً وإمهــاءً وإرهافــا
أرضيْننــا حســن قـدٍّ زانـه بشَــرٌ
صافٍ وأسـخطتنا مطـلاً وإخلافـا
بخلـن عنـاً بمـا يسـألنَ مـن وتَـح
نـزرٍ وأجحفــن بالألبـاب إجحافـا
وإننــي للَــذي غادرنَـــــه عُطُــلا
بغيـر لـبٍّ وإن أحسـنتُ أوصافــا
أَسْــقمن قلبـي بألـوانٍ مصحَّحـة
وأعيــنٍ أُدِنفـتْ بالغنــج إدنافــا
يا مُكذباً ليَ فـي دعــوايَ شـكَّكه
أن فتَّـر الدمــعُ وبْلا منــه وَكَّافــا
بواطنُ الحبِّ أدهَى مــن ظواهـره
كما علمـتَ وشـرُّ الداء ما اجتافـا
ما للأحــبةِ قـد ضمَّـــن صَبْوتنــا
بعــــد الإنابــة سِــكِّيتاً وهتَّافـــا
ساحة النقاش