authentication required

دأب الناس على التحدث عن السعرات الحرارية بشكل يعطي الانطباع بأنها ذات تعريف واحد موحد لا ثاني له ولا ثالث. لكن دراسةً جديدةً نُشرت في العدد الأخير من مجلة الجمعية الطبية الأميركية شككت في هذا الاعتقاد الذي طالما ساد في صفوف الناس، بمن فيهم الباحثون، إذ أظهرت أن تناسُب كميات الكربوهيدرات والبروتينات والدهون التي يتناولها الشخص هي التي تحدد ما إذا كان بإمكانه إنقاص وزنه مؤقتاً أو بشكل دائم، وأن السعرة الحرارية أنواع مختلفة وليست نوعاً واحداً.

أجرى باحثون دراسةً مكثفةً دامت سبعة أشهر وشارك فيها 21 رجلاً وامرأةً يعانون زيادة الوزن، إذ خضعوا جميعهم لنظام حمية صارم تحت مراقبة باحثين تابعوهم على مدار الساعة وإلى أن تناولوا آخر لقمة من نظام حميتهم الغذائية. فوجدوا أن نظام الحمية التقليدي القائم على تقليل استهلاك الدهون يجعل عملية الأيض (الاستقلاب) أبطأ مما هي عليه عند اتباع نظام غذائي غني بالبروتينات خلال المرحلة الأبرز من إنقاص الوزن.

تحد صعب

 

تدعم النتائج الأولية لهذه الدراسة ما ذهب إليه عدد من العلماء الذين يدافعون عن فكرة مفادها أن النجاح في إنقاص الوزن لا يقوم بالأساس على تقليل تناول الأطعمة بقدر ما يقوم على انتقاء أنواع هذه الأطعمة من مأكولات ومشروبات. ويقول الدكتور ديفيد لودفيج، مدير مركز الوقاية من السمنة بمؤسسة “نيو بالنس” في مستشفى بوسطن للأطفال، “السعرات الحرارية ليست سيان من حيث معالجتها خلال عملية الأيض. فجودة السعرات التي تدخل المعدة تؤثر على كمية السعرات التي تخرج منها”.

 

وتُعد المحافظة على إنقاص الوزن من التحديات الصعبة التي تُحبط غالبية متبعي الحمية. إذ أشارت الدراسة إلى أن شخصاً واحداً من بين كل ستة أشخاص من الراشدين زائدي الوزن يقولون إنهم تمكنوا من إنقاص أوزانهم بنسبة 10% خلال سنة واحدة. ويدرك العلماء أن نقصان الوزن يترافق مع تباطؤ في عملية الأيض بالجسم.

ولاختبار ما إذا كانت عملية الأيض تتأثر بنوع الأطعمة التي يتم تناولها، قام لودفيج وزملاؤه بتجربة أشرك فيها مجموعةً من الراشدين الذين يعانون زيادة الوزن والسمنة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنةً.

وخلال الفترة ما بين 2006 و2010، أخضع الباحثون المتطوعين المشاركين لأنظمة حميات غذائية مختلفة. فاتبع 13 رجلاً و8 نساء حميةً غذائيةً امتدت على مدار 12 أسبوعاً وتمكنوا بفضلها من إنقاص ما بين 10% إلى 15% من أوزانهم، ثم أتبعوها بفترة استقرار في أوزانهم دامت أربعة أسابيع. وبعد ذلك، أُخضع كل متطوع لثلاث أنظمة حمية غذائية متباينة لمدة أربعة أسابيع. إذ اتبعوا في الأول نظام حمية غذائية تقليدي قليل الدهون (60% كربوهيدرات، و20% دهون، و20% بروتينات)، ثم نظام حمية المؤشر الجلايسيمي المنخفض (40% من الكربوهيدرات، و40% من الدهون، و20% من البروتينات)، وبعده نظام حمية “أتكينز” منخفض الكربوهيدرات (10% من الكربوهيدرات، و60% من الدهون، و30% من البروتينات).

وعند بداية الدراسة، وفي نهاية كل أربعة أسابيع، نُقل المتطوعون إلى المستشفى للخضوع لفحوص واختبارات على مدار ثلاثة أيام. وقاس العلماءُ الطاقةَ التي تصرفها أجسامهم وقت الراحة، وذلك باستخدام مقياس الحرارة الطاقية للجسم التي تعتمد على تقييم الغازات الموجودة في الأنفاس لحساب السعرات الحرارية المحروقة.

ونظر العلماء أيضاً إلى الطاقة الإجمالية التي حرقها جسم كل مشارك في كل يوم باستخدام تحليل النظائر الكيميائية المستقرة الذي يتيح معرفة مدى سرعة مغادرة النظائر الكيميائية للجسم مع مرور الأيام والأسابيع.

وقام الباحثون كذلك بتحليل عينات دم وبول المشاركين من أجل تسجيل مقاومة الإنسولين ومستويات الكولستيرول والهرمونات الأساسية، ومواد أخرى ذات صلة بمخاطر الإصابة بأمراض القلب أو مشكلات الأيض.

ثلاث حميات

في أنظمة الحمية الغذائية الثلاثة، سجل الباحثون أن معدل السعرات الحرارية المحروقة عند الراحة كانت أقل مما كان عليه الحال قبل إنقاص الوزن. غير أنهم لاحظوا أن المشاركين حرقوا على مدار ساعات اليوم أكثر من 300 سعرة حرارية إضافية عندما كانوا يتبعون نظام حمية منخفض الكربوهيدرات، مقارنةً بنظام الحمية قليل الدهون. ويعلق لودفيج على الأمر قائلاً “هذا يعادل ساعةً واحدةً من النشاط البدني المعتدل”.

أما المشاركون الذين اتبعوا حمية المؤشر الجلايسيمي المنخفض، فحرقوا 200 سعرة حرارية إضافية، مقارنةً مع متبعي نظام الحمية قليل الدهون. وتجدُر الإشارة إلى أن نظام حمية المؤشر الجلايسيمي المنخفض يتميز بغناه بالحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، وهو مصمم خصيصاً لتفادي وصول سكر الدم إلى مستويات مرتفعة.

وقد أثنى الكثير كم خبراء إنقاص الوزن على هذا النظام، لكنهم أقروا بمحدودية نتائجه. وتقول الدكتورة سوزان روبرتس، أستاذة التغذية والطب النفسي في جامعة تافتس في بوسطن، “هذه دراسة ضيقة النطاق، لكنها واسعة الآفاق؛ ولذلك أريد أن تتكرر، وليس لدي في الوقت الراهن أي مبرر لأشكك في النتائج”.

إلا أن لخبيرة التغذية جووان سالفين من جامعة مينيسوتا رأي آخر. فهي ترى أنه رغم كون الاختلاف في عدد السعرات الحرارية المحروقة يصب في مصلحة الناس، فإنها تتوجس من مغبة أن يتجه بعض متبعي الحمية إلى الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات غير الصحية. وتضيف “نظام أتكينز الذي اتُبع في هذه الدراسة مثلاً يحوي 11 جراماً فقط من الألياف، علماً أن معدل كمية الألياف المفروض تناوُلها من قبل الراشد هي ضعف ذلك على الأقل”.

وبالرغم من أن نظام الحمية منخفض الكربوهيدرات يقدم أفضل المخرجات على مستوى جودة عملية الأيض، فإن البروفيسور لودفيج لم ينصح به. وهو يعزي ذلك إلى أن لهذا النظام بعض المخاطر والأعراض الجانبية على صحة القلب.

وأظهرت قياسات لعينات دم المشاركين في نظام الحمية منخفض الكربوهيدرات وجود مستويات عالية من هرمون التوتر “الكورتيزول” وكذلك البروتين التفاعلي “سي”، ما يؤشر على وجود عدوى أو التهاب بالجسم ذي علاقة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا أمر لم يحصل لدى متبعي نظام المؤشر الجلايسيمي المنخفض. ويقول لودفيج، إن حمية المؤشر الجلايسيمي المنخفض الذي طالما دعا إلى اتباعه يظل في ضوء المعطيات الجديدة لهذه الدراسة الخيار الغذائي الأفضل لمن ينشدون إنقاص أوزانهم.

من جهته، قلل الدكتور روبرتس من أهمية نتائج اختبارات فحوص الدم. وقال “أعتقد أنه لا ينبغي تضخيم نتائج هذه الاختبارات. فنحن نحتاج إلى إجراء دراسات أوسع نطاقاً، وتشمل أعداداً أكبر قبل أن نخرُج باستنتاجات قياسية عامة”.

هشام أحناش

عن “لوس أنجلوس تايمز”

مصطلحات وتعريفات

◆ المؤشر الجلايسيمي هو مقياس لبيان تأثير الكربوهيدرات على ارتفاع سكر الدم أو انخفاضه. فالكربوهيدرات التي تتحلل بسرعة في أثناء عملية الهضم وتمنح الجليكوز للدم بشكل سريع لديها مؤشر جلايسيمي مرتفع.

أما الكربوهيدرات التي تتحلل ببطء وتطلق الجليكوز بشكل تدريجي للدم، فتسمى كربوهيدرات ذات مؤشر جلايسيمي منخفض.

نظام “أتكينز” هو نظام غذائي قليل الكربوهيدرات يحمل اسم مبتكره الدكتور أتكينز. يرتكز هذا النظام على الحد من تناول الكربوهيدرات لتحويل عملية الأيض من استقلاب الجليكوز كمصدر طاقة لتحويل الدهون المخزنة لمصدر طاقة.

وتبدأ هذه العملية التي تعرف بالكيتوزية عندما تكون مستويات الإنسـولين منخفضةً عند الأشخاص العاديين. وينخفض الإنسولين إلى أدنى مستوى عندما تكون نسبة الجليكوز متدنيةً.

◆ النظائر الكيميائية هي أشكال من العنصر الكيميائي لذرة متماثلة العدد الذري ومختلفة الكتلة الذرية. ولا تختلف الخواص الكيميائية للذرة ونظيرها. أما الخواص الفيزيائية، فهي تختلف اختلافاً كبيراً. فإذا نظرنا مثلاً إلى ذرة الكربون -12 وهي تحتوي على 6 بروتونات و6 نيوترونات في نواتها، فإننا نجدها مستقرةً.

أما الكربون- 14 فتحتوي نواته على 6 بروتونات و8 نيوترونات، وهو نظير مشع أي ذو نشاط إشعاعي، ويتحلل من ذاته عن طريق تحلل بيتا.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 134 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,190,505