خضت غمار معركة التسوق قبل العيد، باعتباري زوجاً وأباً، وصندوق تمويل متحركاً، أو صرافاً آلياً متحركاً، ووجدت معظم الرجال المرافقين لأسرهم على حالي، من ناحية كونهم «دافعين»، إلا أنني كنت متفرداً نوعاً ما بأنني كنت أتنقل من ركن إلى ركن في المتاجر باحثاً عن ثياب العيد للأطفال فقد أوتيت سعة بال وحب للتسوق، وألفيتُ بعضهم متبرمين متأففين، من طول بال النسوة في تجوالهن من سوق إلى سوق، ومن محل إلى آخر.

 

منهم من كظم غيظه وبلع السكين على الحدين، فلا يريد أن يعكر صفوة وفرحة الأسرة بالعيد، ولكن صبره قد نفد من طوال وقت التسوق والازدحام، متسائلاً في نفسه: أما كان بالإمكان شراء حاجات العيد قبل وقت كاف ولماذا نؤجل كل شيء دائماً إلى اللحظات الأخيرة كما هي العادة؟

 

ومنهم من كان يبدو عاجزاً عن ملاحقة أسرته من زاوية إلى زاوية، ومنهم من فضّل الانتظار في سيارته، أو انزوى جانباً منتظراً إشارة الانتهاء، لأنه ليس لديه صبر و«خلق» على «اللف» في الأسواق، مؤدياً دور السائق الخاص، ومنهم من رافق على مضض، فليست لديه الحيلة، فما في الجيب بالتأكيد لن يفي بما تطلبه الأفواه الفاغرة والعيون المأخوذة بما تقع عليه من كل جميل من الثياب وألوان الطعام والشراب، فتختلط مشاعر الفرح والحزن، من الموقف الصعب، فيتحول العيد إلى غصة أكثر منه فرحة.

يبقى العيد مناسبة للفرح، وفرح الأطفال هو الذي يسعدنا جميعاً، ويكاد يتلخص العيد بهذا الفرح لفلذات الأكباد،

ولا أجمل ولا أبهى من صورهم وهم يتطايرون كفراشات تحوم وكلها براءةً وطهراً وحياةً.

المتنبي:

عيـــدٌ بأيّــةِ حــالٍ عُــدتَ يا عيـــدُ

بمَــــا مَضــَى أمْ بأمْر فيــكَ تجْديــدُ

أمّــا الأحِبّــةُ فالبَيْـــــداءُ دونَهُـــــمُ

فَلَيــتَ دونَـكَ بيـــداً دونهـــا بِيــدُ

لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجـوبُ بهَا

وجْنَــاءُ حَــرْفٌ وَلا جَـــرْداءُ قَيْــدودُ

لم يَتـرُكِ الدّهْـرُ مِنْ قَلبـي وَلا كبدي

شَـــيْئاً تُتَيّمُـــــهُ عَيــــــنٌ وَلا جِيــدُ

ماذا لَقيــــتُ مـنَ الدّنْيــَا وَأعْجَبُــهُ

أنـي بمَـا أنَـا شـــاكٍ مِنْــهُ مَحْسُــودُ

أمْســـَيْتُ أرْوَحَ مُثْــــرٍ خَازِنــاً وَيَــداً

أنـــا الغَنـــيّ وَأمْوَالـــــي المَوَاعِيــدُ

إنّــي نَزَلْــتُ بكـــَذّابِــينَ، ضَيْفُهُــمُ

عَن القِرَى وَعَــنِ الترْحــالِ محْــدُودُ

جودُ الرّجالِ مــــن الأيـدي وَجُودُهُمُ

منَ اللّســانِ، فَلا كانــوا وَلا الجُــودُ

ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ

إلاّ وَفـــي يَــدِهِ مــِنْ نَتْنِهـــــَا عُــودُ

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 22 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,310,498