رسم لابن سريج

أحمد مراد - الإمام أبن سريج، شيخ الإسلام، وفقيه العراقيين، والقاضي الشافعي، صاحب المصنفات ومجدد القرن الثالث الهجري، عُرف بالصلاح والاستقامة وغزارة التأليف والكتابة.

ويقول د. عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر: هو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج، إمام الشافعية في عصره، ولد ببغداد سنة 249 هجرية، وكان كثير الكتابة والتأليف حتى أُحصي له أكثر من 400 مؤلف، ولصلاحه واستقامته اعتبر المجدد للقرن الثالث الهجري، وقد تولى قضاء شيراز ثم تخلى عنه، وحين عرض عليه منصب قاضي القضاة رفضه، واشتغل بمناصرة المذهب الشافعي، وكان قد أخذ المذهب عن أبي قاسم الأنماطي، وعنه أخذ فقهاء الإسلام، ومنه انتشر مذهب الشافعي في كثير من الدول الإسلامية.

وتتلمذ أبن سريج على يد عدد كبير من الأئمة والشيوخ منهم سفيان بن عيينة، والحسن بن محمد الزعفراني تلميذ الشافعي، وعلي بن إشكاب، وأحمد بن منصور الرمادي، وعباس بن محمد الدوري، وأبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار، وعباس بن عبدالله الترقفي، وأبو داود السجستاني، ومحمد بن عبدالملك الدقيقي، والحسن بن مكرم، وحمدان بن علي الوراق، ومحمد بن عمران الصائغ، وأبو عوف البزوري، وعبيد بن شريك البزار، وكان الشيخ أبو حامد الإسفراييني يقول: “نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه”.

 

مناظراته

 

وكان يناظر أبا بكر محمد بن داود الظاهري، وحكي أنه قال لأبي بكر يوما أنت تقول بالظاهر، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره فمن يعمل نصف مثقال فسكت محمد طويلاً، فقال له أبو العباس لم لا تجيب، فقال أبلعني ريقي، فقال له أبو العباس أبلعتك دجلة وقال له يوماً أمهلني ساعة فقال أمهلتك من الساعة إلى أن تقوم الساعة.

ويشير د. باشا إلى أن من أهم كتبه: الانتصار، والأقسام، والخصال، والودائع لنصوص الشرائع، والرد على محمد بن الحسن، والرد على عيسى بن أبان، والتقريب بين المزني والشافعي، وجواب القاشاني، ومختصر في الفقه، والفروق، وكثير من هذه الكتب فُقدت.

وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عنه في كتاب الطبقات: “كان من عظماء الشافعيين وأئمة المسلمين وكان يقال له الباز الأشْهَب وإن فهرست كتبه كانت تشتمل على أربعمئة مصنف”، ومن أبرز تلاميذه أبو القاسم الطبراني، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني.

وقال عنه السبكي: “شيخ المذهب وحامل لوائه، والبدر المشرق في سمائه، والغيث المغدق بروائه، ليس من الأصحاب إلا من هو حائم على معينه، هائم من جوهر بحره بثمينه، انتهت إليه الرحلة فضربت الإبل نحوه آباطها، وعلقت به العزائم مناطها، وأتته أفواج الطلبة”.

تفقهه

ومن أقواله ما ذكره أبو علي بن خيران عندما قال: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: “رأيت كأنما مُطِرنا كبريتا أحمر فملأت أكمامي وحجري فعبر لي: أني أرزق علماً عزيزاً كعزة الكبريت الأحمر”. وقال أبو الوليد الفقي سمعت أبن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. وقال الحاكم سمعت حسان بن محمد يقول: كنا في مجلس أبن سريج سنة ثلاث وثلاثمئة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد للأمة أمر دينها وإن الله تعالى بعث على رأس المئة عمر بن عبدالعزيز، وبعث على رأس المئتين محمد بن إدريس الشافعي، وبعثك على رأس الثلاثمئة، ثم قال اثنان قد ذهبا فبورك فيهما عمر الخليفة ثم حلف السؤدد الشافعي الألمعي محمد إرث النبوة وابن عم محمد أبشر أبا العباس إنك ثالث من بعدهم سقيا لتربة أحمد. قال: فصاح أبو العباس، وبكى، وقال: لقد نعى إلي نفسي. قال حسان الفقيه: فمات القاضي أبو العباس تلك السنة.

ومن روايته للحديث أنه حدث بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيتوضأ عندها فيحسن الوضوء، ثم يصلي فيحسن الصلاة إلا غفر الله له بها ما كان بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه”، كما حدث ابن سريج بسنده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، فقال: “عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها”. 
وتوفي أبن سريج في شهر جمادي الأولى سنة 306 ببغداد ودفن في حجرته بسويقة غالب بالجانب الغربي بالقرب من محلة الكرخ.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 434 مشاهدة
نشرت فى 11 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,579