طالب الشحي

التوكل يعرِّفه العلماء بأنه تعلق القلب بالله تعالى في جلب الخير ودفع الضر، مع الأخذ بالأسباب المأذون بها شرعا، فهو اتصال القلب بالله تعالى، فحينما أقول توكلت على الله، أي اعتمدت عليه في استجلاب المصالح ودفع المضار سواء ما كان متعلقا بالدنيا أو الآخرة، ولا يكون المسلم متوكلا حتى يكون آخذا بالأسباب، وأما القعود عن الأخذ بالأسباب، فهو اتكال أو تواكل.

وفي طلب معاش الدنيا وفي السعي لكسب الرزق، ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا رائعا حري بكل من أراد خيرا أو من نزل به ضر فأراد رفعه. يضرب لنا مثلاً قصة هاجر رضي الله عنها عندما تركها نبي الله إبراهيم عليه السلام في صحراء جرداء، وتقول: إلى من تتركنا في هذا الوادي الذي لا شيء فيه؟ فيرفع إبراهيم رأسه إلى السماء ، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ فأشار برأسه: أن نعم، فقالت: إذاً لا يضيعنا الله أبداً.

إلا أن هذا لم يمنعها من السعي بين الصفا والمروة حين عطش وليدها لتبحث عن الماء، وكان يكفيها مرة واحدة لكي تثبت لنفسها أنها عملت وأخذت بالأسباب لتهتدي للماء، ولكنها اجتهدت في سبعة أشواط وربما واصلت السعي إذا لم يدركها التعب.

 

بقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ،أي: فهو كافيه، ويقول سبحانه: “فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.

 

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: “لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ؛ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا”.

تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي كُلِّ حَاجَةٍ وَلا تُؤْثِرَنَّ الْعَجْزَ يَوْمًا عَلَى الطَّلَبْ ،أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِمَرْيَمٍ إِلَيْكِ فَهُزِّي الْجِذْعَ يَسَّاقَطِ الرُّطَبْ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ هَزِّهَا جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ شَيءٍ لَهُ سَبَبْ.

سئل حاتم الأصم فقيل له: يا حاتم ! كيف حققت التوكل؟ فقال حاتم الأصم: حققت التوكل على الله بأربع خصال، قيل له: ما هي؟ قال: علمت بأن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي، وعلمت بأن عملي لا يعمله غيري فانشغلت به، وعلمت بأن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية، وعلمت بأن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء الله.هؤلاء هم المتوكلون، وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ “الذاريات:22-”.

ومما ينبغي معرفته أن التوكل الحقيقي أن لا يكون في القلب نوع من الشك أو التردد أو العجز أو دخول الظن في القلب أو الأخذ ببعض المفاهيم المغلوطة والأقوال المضللة فالبعض يخاف من كثرة الولد أن يقل الرزق وآخر يخاف من كثرة الناس ذهاب الوظيفة وآخر ييئس من رحمة الله عليه في طلب شفاء أو حصول حمل. بل إن تحقيق التوكل في القلوب يقلل من وقوع كثير من الجرائم فكل من توكل على الله تعالى أمن على نفسه وحقق الخير.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 94 مشاهدة
نشرت فى 11 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,686