الأطباق المشبعة بالدهون تضر مرضى المرارة
نسرين درزي - على قدر ما تتسبب به المرارة الملتهبة من آلام، يكون واجب التنبه إلى نوعية المأكولات وحجمها بالنسبة لمن خضعوا إلى عملية إزالة المرارة. وهنا لابد من اتباع نظام غذائي خال من الدسم والزيوت والحبوب وسواها من المواد التي ترهق المعدة وتجعلها عاجزة عن الهضم. وهذا ما ينطبق بشدة خلال شهر رمضان حيث يكثر الصائمون من الأطباق المشبعة بالدهون وكذلك من الحلويات التي تؤكل مع القطر. وهي السكر السائل المصنوع بخلطة تغلى على النار وتعرف بالـ”قطر”. وكل ذلك من شأنه أن يزيد من نوبات الألم والنفخة التي تصل أحيانا إلى حد يفوق القدرة على التحمل.
التأني في الأكل
عن أهمية التأني في تناول الطعام أثناء الصيام سواء للذين يعانون من عوارض المرارة أو لمن خضعوا إلى عمليات جراحية لإزالتها، أو حتى للأصحاء، يقول استشاري الأمراض الباطنية والدم الدكتور عباس السادات إن “المعدة التي تسترخي أثناء الصيام، لا يمكنها أن تتقبل مرة واحدة كميات كبيرة من الطعام. وهي كذلك تعجز عن هضم المواد الدسمة والمشعة بالدهون دفعة واحدة”. ويشرح أن الأمر يكون أكثر صعوبة عند غياب المرارة التي تعمل عمل المصفاة تسهيلا لعملية الهضم. ويذكر الدكتور السادات أنه من المفيد التفكر بأن شهر رمضان هو فرصة لصيانة أعضاء الجسم من مضار التخمة والإسراف في الطعام. وبأن الصيام يشكل راحة للجهاز الهضمي ووظائف الكبد، وذلك إذا أحسن الصائم التنويع في وجبة الإفطار من دون المبالغة أو تناول ما يزيد عن قدرته على الهضم والحرق.
ويوضح أنه لابد من الحرص خلال شهر رمضان على تحقيق التكافؤ بين الأصناف التي يتم تناولها وبين حجم الحركة اليومية. وذلك بدافع عدم تراكم الدهنيات في الجسم وتخزينها. ويقول السادات إن أفضل طريقة لعدم الاحتفاظ ببقايا الطعام المضرة لمن يعانوا من أعراض المرارة، هي السعي إلى التخلص منها مباشرة بعد الأكل. وذلك إما من خلال المشي أو ممارسة الرياضة الخفيفة أو حتى بالصلاة والقيام بأي مجهود بدني داخل المنزل أو خارجه. وينصح بالتنويع في الأكل ضمن وجبة متوازنة تحتوي على السلطات والخضراوات والبروتينات والدهون بشكل معقول. مع تجنب الأصناف التي تستفز هدوء المعدة، والتي يلاحظ أضرارها كل من يعاني من مشاكل المرارة. وهي الحبوب على أنواعها مثل الحمص والفول والفاصولياء واللوبياء والعدس واللبن المطهو والثوم النيء والخيار والبقدونس.
تحديد مصدر الآلام
يقول السادات “يخطئ الناس في شهر رمضان تحديدا في التعرف إلى مصدر الآلام في منطقة البطن. وغالبا يخلطون بين مشاكل المعدة والقولون والمرارة، علما أن أوجاع المرارة أشد حدة والاستهتار بعلاجها يؤدي إلى مضاعفات خطيرة”. ويضيف “الآلام التي تحدثها المرارة تكون حادة جدا في المنطقة العليا من البطن وتنتقل إلى الظهر من الجانب الأيمن والمغص المراري ينتهى فجأة ويعود المريض بعده إلى حالته الطبيعية. أما سبب هذا المغص فهو وجود حصوة صغيرة في المرارة تمنع انسياب العصارة، ما يؤدي إلى انقباض العضلات الموجودة في جدار المرارة ويتسبب بأوجاع يصعب تحملها. وأكثر ما يزيد من تهيج المرارة تناول الوجبات الكبيرة والدسمة أو الدهون والبيض”.
وحول التهاب المرارة الحاد، يوضح السادات أنه “يكون نتيجة وجود ميكروب بكتيري يهاجم جدار المرارة والآلام هنا تكون مصحوبة بارتفاع لدرجة الحرارة وعدم القدرة على تناول أي طعام. وبحسب وظائف الجسم فإن إفراز العصارة المرارية عملية مستمرة ووظيفة مهمة لوظائف الكبد. واستمرار انسياب العصارة إلى الأمعاء أمر حيوي لصحة الإنسان. فإذا انسدت القناة المرارية الرئيسة بحصوة منتقلة من المرارة، فإن ذلك ينتج عنه ارتجاع العصارة إلى الكبد ومنها إلى الدم لتصبغ الأنسجة المختلفة ومنها العين لتصبح صفراء”. ولا تعتبر عمليات المرارة من العمليات الصعبة، خصوصا أنها باتت تنجز بواسطة الليزر. لكن متابعتها أمر في غاية الأهمية لأن ارتفاع نسبة الالتهاب فيها، قد يضر بالكبد ويحدث التصاقات لا يمكن علاجها بسهولة. وهنا يضطر الطبيب إلى الانتظار ريثما تقل حدة الالتهاب، ومن ثم تكون العملية الجراحية خياره الأنسب والأسلم لصحة المريض.
ساحة النقاش