أحمد محمد - الله عز وجل كافي عباده لأنه رازقهم وحافظهم ومصلح شؤونهم، وجميع ما يحتاجون ويضطرون إليه، وهو من أسماء وصفات الله الحسنى، المستغني عن سواه، وهي ثابتة بالكتاب والسنة، والكافي هو الذي يعطي الكفاية وفوقها ويقال الكافي دافع البلاء، والله الكافي والساقي والمعطي والمعين.

يقول تعالى: “أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد” “الزمر: 36”، وقوله: “فسيكفيكم الله وهو السميع العليم” “البقرة:137”، وقوله تعالى: “إنا كفيناك المستهزئين” “الحجر:95”.

والدليل من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: “الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا”، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: “إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله ولاحول ولا قوة إلا بالله، يقال هديت وكفيت ووقيت فيتنحى عنه الشيطان فيقول شيطان آخر كيف برجل قد هدي وكفي ووقُي”، أي هديت إلى طريق الحق والصواب وكفيت من كل هم دنيوي ووقيت من كل شر.

 

وقال الإمام الطبري إن الله هو الكافي وبيده الضر والنفع، يسلم الخلق الأمر إليه، ويتوكلون عليه، فإنه الكافي من توكل عليه. وقد ورد الكافي في أسماء الله تعالى عند ابن ماجه والقاضي ابن العربي المالكي في أحكام القرآن، والحافظ ابن حجر في فتح الباري.

 

ومعنى اسم الله الكافي، كفاية الخلق كل ما أهمهم بيده سبحانه، فقد كفى جميع المخلوقات وقام بإيجادها وإمدادها وإعدادها لكل ما خلقت له وهيأ للعباد من جميع الأسباب ما يغنيهم ويقيهم ويطعمهم ويسقيهم.

وكفايته للمتوكلين وقيامه بإصلاح أحوال عباده المتقين، “ومن يتوكل على الله فهو حسبه”، أي كافيه كل أموره الدينية والدنيوية، وإذا توكل العبد على ربه حق التوكل بأن اعتمد بقلبه عليه اعتماداً قوياً كاملاً لتحصيل مصالحه ودفع مضاره وقويت ثقته وحسن ظنه، حصلت له الكفاية التامة وأتم الله له أحواله وسدده في أقواله وأفعاله وكفاه همه وكشف غمه، وهذه منة عظيمة وفضل كبير ينبغي للمسلم أن يكون على ذكر له ليكون حامداً لربه على كفايته شاكراً على فضله ونعمه.

قال ابن القيم، والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم وهو من أقوى الأسباب في ذلك فإن الله حسبه أي كافيه ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والعطش والجوع وأما أن يضر بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً.

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم، إذا علم العبد أن الله هو الكافي عباده رزقاً ومعاشاً، وحفظاً ونصراً وعزاً، اكتفى بمعونته عمن سواه، وإذا كان كذلك، وجب ألا يكون الرجاء إلا فيه، والرغبة إلا إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ومن استكفى كفاه الله”، فمن وقع في شدة وضيق، فليطلب من الله الكفاية، فإنه يكفيه.

ومن كان عليه دين فليتضرع إلى الله ليكفيه همه، قال صلى الله عليه وسلم: “لو كان عليك مثل جبل ديناً أداه الله عنك، قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك”. يشرع للعبد أن يسأل الله الكافي أن يكفيه شر الأعداء، فقد كفى المؤمنين شر أعدائهم في مواطن كثيرة، ففي غزوة بدر مع قلة عددهم، ونقص عدتهم وضعفهم، نصرهم الله وكفاهم الأعداء، قال تعالى: “إذ تقول للمؤمنين أَلن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين” “آل عمران:124”، وكذلك في غزوة الخندق، كفاهم الله شر الأحزاب “ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً” “الأحزاب:25”.

وقد استدعى الحجاج يوماً، أنس بن مالك رضي الله عنه فقال له أنت الذي تدعو علينا وتسبنا، سأقتلك شر قتلة، قال أنس لو علمت أن ذلك بيدك لعبدتك من دون الله، قال الحجاج لم ذاك، قال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاء، وقال من دعا به كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل، وقد دعوت به في صباحي هذا.

فقال الحجاج علمنيه، قال أنس معاذ الله أن أعلمه لأحد ما دمت أنت في الحياة، فقال الحجاج خلوا سبيله، لقد رأيت على عاتقه أسدين عظيمين فاتحين فاهماً.

ثم إن أنسا رضي الله عنه لما حضرته الوفاة علم الدعاء لإخوانه وهو “بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله على نفسي وديني وبسم الله على أهلي ومالي، بسم الله على كل شي أعطانيه ربي، الله أكبر الله أكبر الله أكبر أعوذ بالله مما أخاف وأحذر، الله ربي لا أشرك به شيئاً، عز جارك، وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك، اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبار عنيد وشيطان مريد ومن شر قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت آخذٌ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.

وفي صحيح مسلم قصة الغلام المؤمن، لما أبى أن يرجع عن دينه، “دفعه الملك إلى نفر من أصحابه، وقال لهم اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاطرحوه، ليقع من رأس الجبل فيموت، بعد أن تعرضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن رجع وإلا فاطرحوه، فلما بلغوا قمة الجبل، طلبوا منه أن يرجع عن دينه، فلما هموا أن يطرحوه، قال اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا وهلكوا، ونجا الغلام.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 219 مشاهدة
نشرت فى 7 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,307,667