نسرين درزي
يتطلب صيام الأطفال، للمرة الأولى تحفيزهم على التحلي بالصبر والإرادة، في القدرة على عدم تناول الطعام والشراب، وتقليد الكبار داخل الأسرة والتمثل بهم ولو لساعات قليلة خلال اليوم الرمضاني، حتى ينتهي بهم الأمر إلى صيام اليوم بأكمله، مع ضرورة متابعة غذائهم بالبروتينات والكالسيوم عند الإفطار والسحور.
إلى ذلك، قالت مهى إبراهيم عن قصصها مع تعويد أبنائها على الصيام، إن التعامل مع الابن الأكبر يكون دائما الأصعب، لأن أي قواعد جديدة لابد أن تطبق عليه أولا، في حين أن الأصغر سنا يحاول دائما السير على نهج الكبار، مما يسهل الأمر على الآباء.
وتذكر أنه عندما أتم ابنها عامه التاسع، بدأت تطلب منه أن يصوم بضع ساعات في أوائل شهر رمضان، ومن ثم أخذت تزيد الوقت إلى أن أصبح قادرا على الصيام مع أواخر الشهر.
ويذكر راشد البياتي أنه عانى كثيرا مع ابنه الأكبر لإقناعه بضرورة الصيام، إذ إنه ظل حتى سن الـ 12 عاما حتى التزم مبدئياً بالصيام، موضحاً أن الأطفال ليسوا جميعهم متشابهين في تحمل المسؤولية والصبر والإرادة، وهذا ما ينطبق على ابنته بالمقارنة مع ابنه، التي بدأت الصيام منذ كانت في الثامنة من عمرها، إذ كانت تصوم يوما وتفطر آخر حتى منتصف الشهر، وبعد ذلك واظبت على الصيام.
وتذكر نجوى أنها تتعامل مع أبنائها الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 عاما و9 أعوام بالطريق نفسها، إذ تسمح للجميع بالسهر حتى ساعة متأخرة من الليل وتناول كل ما يشتهونه من أطباق وأصناف حلوى، نظراً للإجازة المدرسية، بعدها لا بد أن يخلدوا للنوم قليلا، ليعاودوا الاستيقاظ من أجل السحور، حيث تتأكد بنفسها من أنهم جميعا قد تناولوا كميات كافية من المياه، وهم على هذه الحال لا يعاودون الاستيقاظ إلا عصراً، مما يهون عليهم الانتظار حتى موعد الإفطار، وبرأيها هذه أفضل طريقة تعوِّد الأبناء على الصيام.
وتقول إيمان إبراهيم، إن ابنها الأصغر يصر على الصيام مع أخويه، وهو يتناول سحوره مثلهم تماما، ولا يعاود الأكل إلا عند المغرب، ومع أن إيمان غير مقتنعة بنوم أبنائها طوال اليوم في شهر رمضان، غير أنها ترى أن هذه الخطوة إيجابية لتحفيزهم خلال السنوات المقبلة على التحلي بإرادة أكبر.
من جهتها دعت غادة أبو شريعة أخصائية التغذية إلى ضرورة مراقبة أكل الأطفال والمراهقين عند موعد الإفطار وأثناء السحور، والتأكد من أنهم يتناولون الأصناف التي تفيدهم وتمنحهم الطاقة الكافية لمتابعة الصيام في الأيام التالية، مع عدم السماح لهم بتناول كل ما تقع عليه أيديهم من سكريات وموالح وشوكولاتة وبسكويت طوال الليل، لأنها تجعلهم يشعرون بالعطش، كما أنها قد تتسبب مع ارتفاع درجات الحرارة في التسمم أو الإسهال.
وقال الاستشاري الأسري الدكتور سمير غويبة، إنه من الأفضل بدء الطفل بالصيام ساعات محددة في اليوم، وأن يظل على هذا النحو إلى أن يشعر من تلقاء نفسه بقدرته على زيادة الوقت، موضحاً أهمية إعداد الأبناء لفريضة الصيام بشكل صحي دون إكراه.
وأشار إلى خطورة السهر لساعات متأخرة، لأن ذلك يؤدي إلى الشعور بالكسل وعدم استشعار معاني الشهر، وكأن الأطفال يهربون من مواجهة الجوع، في حين أن المطلوب شعورهم بالاكتفاء والرضا قدر المستطاع، محذراً من قضاء الكثير من الوقت أمام شاشة التلفزيون والألعاب الالكترونية لأنهما يفقدان الصغار قدرتهم على تخزين الطاقة.
ساحة النقاش