في العربية الجميلة ما يجعل منها لغة خلاقة متفاعلة مع التفاصيل التي يندر أن تكون في لغة أخرى غيرها فلا يقال للطَّبَق مِهْدىً إلاّ ما دامَتْ عليه الهَدِيَّةُ. ولا يُقال للبعير رَاوية إلاّ ما دامَ عليهِ الماءُ، ولا يُقالُ للمرأة ظَعينةٌ إلاّ ما دامَتْ راكِبةً في الهَوْدَج. ولا يُقالُ للسَّرْجين فَرْثٌ إلاّ ما دام في الكرِش.

 

ولا يقال لِلدَّلْو سَجْل إلاّ ما دام فيها ماء قل أو كَثُرَ. ولا يُقال لها ذَنوب إلاَ إذا كانتْ مَلأى.

 

ولا يُقال للسَّرِير نَعْش إلاّ ما دامَ عليه الميَتُ. ولا يُقال للعَظْمِ عَرْق إلا ما دامَ عليهِ لَحم.

ولا يُقال للْخَيْط سِمْطٌ إلاّ ما دَامَ فيهِ الخَرَزُ. ولا يُقال للثوب حُلَة إلاّ إذا كانَ ثَوبَيْنِ اثنينِ من جنس واحد.

ولا يُقال للحَبْلِ قَرَن إلاّ أنْ يُقْرَنَ فيهِ بَعِيرَانِ، ولا يُقال للقَوم رُفْقةٌ إلاّ ما دَامُوا مُنْضَمِّينَ في مجلس واحد أو في مسير واحد، فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرُفقَة . ولم يَذْهَب عنهم اسم الرّفيق. ولا يُقال للبِطِّيخ حَدَج إلاّ ما دامَتْ صِغاراً خُضْراً.

ولا يُقَال للذهب تِبْر إلاَّ ما دامَ غَيْرَ مَصُوغ.

ولا يُقال لِلحجَارَةِ رَضْف إلا إذا كانَتْ مُحْمَاةً بالشَّمس أو النار.

ولا يُقال للشَّمسِ الغَزَالةُ إلاّ عِنْد ارْتفاع النَهار.

ولا يُقال للثَوْب مُطْرَف إلاّ إذا كانَ في طرفيه عَلَمَان.

ولا يُقال للمَجْلِس النَّاتِي إلاّ إذا كانَ فيهِ أهْلُهَ.

ولا يُقال للريح بَلِيل إلاّ إذا كانتْ بارِدَةً ومعها ندى.

ولا يُقال للمرأة عَاتِق إلاّ ما دامتْ في بَيْتِ أبويها.

ولا يُقال للبَخِيل شَحِيح إلاّ إذا كانَ مع بخله حريصاً.

ولا يُقال للذِي يجدُ البَرْدَ خَرِصٌ إلاّ إذا كان معَ ذلكَ جَائِعاً.

ولا يُقال للماء المِلْحُ أُجاج إلا إذا كانَ مَعَ مُلوحَتِهِ مُرًّا.

لا يُقال للإسراع في السَّيْر إهطَاع إلاّ إذا كانَ معَهُ خَوف.

أبو العلاء المعري:

هــــذي الحياةُ، أجاءتنا، بمعرفـــــــةٍ

إلى الطّعــــــــــامِ، وسَترٍ بالجـــلابيبِ

لو لـــــــــم تُحِسّ لكان الجسمُ مُطّرح

لذْعَ الهَواجــــــــِرِ، أو وقــَعَ الشّآبيب

فاهجرْ صديقك، إن خِفْتَ الفساد به

إنّ الهجـــــــــاءَ لمبـــــدُوءٌ بتشبيب

والكــفُّ تُقطعُ، إن خيفَ الهلاكُ بها

عــــــلى الذّراعِ بتقديــــــــرٍ وتسبيب

طُرْقُ النفوس إلى الأخـــــــرى مضلَّلة

والرُّعــــــبُ فيهنّ من أجـل الرّعابيب

ترجو انفساحاً، وكـــــم للماءِ من جهةٍ

إذا تخلّـــــصَ من ضيق الأنــــــابيب

أمــــَا رأيتَ صروفَ الدهرِ غاديـــــــة

عــلى القلــــــوب، بتبغيضٍ وتحبيب

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 29 يوليو 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,307,408