التباس حول تفاصيل خروجه من سوريا ووصوله الى باريس
العميد مناف ظلاس |
تثير واقعة انشقاق العميد السوري مناف طلاس المنحدر من عائلة صديقة للرئيس بشار الأسد، كثيرا من الجدل حيث ابرزت تقارير صحافية تفاصيل عن خروجه من سوريا، الا أن منشقين آخرين، من بينهم ضباط كبار بالجيش، كان لهم وجهة نظر أكثر استهجاناً بخصوص رحلته المفاجئة.
القاهرة : لازالت تحظى واقعة انشقاق العميد السوري، مناف طلاس، عن نظام الرئيس، بشار الأسد، باهتمام إعلامي واسع، وذلك لأن عائلة طلاس كانت واحدة من أبرز العائلات المساندة والداعمة لعائلة الأسد، غير أنهم خططوا للهروب إلى باريس، نتيجة للحملة القمعية التي يمارسها النظام ضد رفاق العائلة من السنة.
وأبرزت في هذا السياق اليوم صحيفة الغارديان البريطانية مسار خروج طلاس من البلاد قبل بضعة أيام، حين توجهت به سيارتان رباعيتا الدفع صوب قرية صغيرة تركية، ليست بعيدة عن مدينة ريحانلية على الحدود السورية، وهناك، صعدت السيارتان تلاً شديد الانحدار باتجاه برج مراقبة تركي، حيث تم التنسيق لمسار طلاس بصورة آمنة مع القيادة السورية الحرة بالقرب من مدينة أنطاكيا الواقعة جنوب تركيا.
ثم قالت الصحيفة إن طلاس سرعان من انطلق من هناك في طريقه إلى باريس، حيث تم الترحيب وقتها بهذا الانشقاق، بعد أن تم اعتباره بمثابة الضربة لنظام الأسد. لكن منشقين آخرين، من بينهم ضباط كبار بالجيش، كان لهم وجهة نظر أكثر استهجاناً بخصوص رحلته المفاجئة، وهو ما عبروا عنه عند تجمعهم لتناول وجبة العشاء.
وأوردت الصحيفة البريطانية في هذا الصدد عن الكولونيل أبو حمزة، وهو قائد من منطقة جبل الزاوية، قوله:"هناك خطأ بخصوص تلك الرواية. فقد كانت تراقبه عينان عندما كان يصلي وعندما كان يتناول الطعام. فكيف له ولعائلته أن يهربوا دون أن يعلموا؟ ونحن نريد أن نعلم من جهتنا حقيقة ما حصل في هذا الأمر".
ثم مضت الصحيفة تشير إلى عدم وجود أي أخبار عن طلاس أو أسرته، حيث لم يسمع منهم أية تصريحات صوتية أو مصورة، منوهةً إلى أن مصدراً دبلوماسياً أماط لها النقاب عن أن مسؤولي الاستخبارات الفرنسية قامت باستجواب طلاس في باريس، لحرصهم على معرفة عدد باقي كبار الضباط الذين كانوا مواليين للأسد في السابق ولديهم استعداد الآن للسير على خطى طلاس ومدى ضحالة الكيان الذي يدعم الأسد.
ونوهت الصحيفة كذلك إلى أن المعارضة السورية في باريس وعدت العميد السابق، الذي كان من قبل صديقاً مقرباً من الرئيس السوري، بأن يظهر على الساحة خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل توضيح موقفه. وقد تلا واقعة طلاس واقعة أخرى أقدم فيها السفير السوري لدى بغداد، نواف الفارس، بالانشقاق عن نظام الأسد، وتوجه إلى العاصمة القطرية، الدوحة، في عملية يعتقد أنها نظمت ومولت من جانب المخابرات القطرية، لرفع راية الثوار في منطقة الخليج، وتوصيل رسالة للجنود السوريين مفادها أن يقوموا بتحويل بنادقهم صوب المجرمين في نظام دمشق.
ومع هذا، لم تظهر أي إجابات حتى الآن على التساؤل الذي طرحه أبو حمزة بخصوص تفاصيل واقعة انشقاق طلاس، خاصة وأن الصحيفة أكدت من جهتها أن تخطيط وتنفيذ عملية هروب طلاس شابها الغموض، رغم أنها لم تكن بالعملية السهلة.
وقال أحد أفراد المعارضة إن هروب طلاس الأخير هذا كان يرتب له منذ أكثر من عام، حيث سبق وأن تم إلغاء عملية سابقة لتهريبه، بعد أن تم تسريب أنباء عن رغبته في الانشقاق خلال شهر آذار (مارس) الماضي، مضيفاً: "وقد قرر مناف أن ينشق في بدايات الثورة وأجرى اتصالاته بالفعل مع الجيش السوري الحر لتنفيذ ذلك. لكنهم نصحوه بأن يبقى في مكانه لأنه سيخدمهم بشكل أفضل من الداخل عن الخارج".
وتابع هذا الشخص المعارض بقوله:"وهي نفس التعليمات التي مررت لعدد ضخم للغاية من الضباط العاملين ممن كانوا يزودون الجيش السوري الحر بمعلومات عملياتية وأخرى خاصة بتحركات القوات وكذلك معلومات عن الهجمات الوشيكة لتجنب وقوع خسائر بشرية ويضعون الخطط المناسبة لشن هجمات مضادة".
وأعقبت الصحيفة بتنويهها لبدء تراجع الدور المفيد الذي كان يلعبه العميد طلاس مع مرور الوقت، بعد أن بدأ يفقد النظام ثقته في ولاء أسرته، وأن فقدان الثقة هذا في حد ذاته كان خطوة هامة على طريق انزلاق الأسد صوب الانعزال. وقال أحد رجال الأعمال السوريين :" لم يكن يتعامل بجدية مع مصطفى طلاس ( والد مناف ) عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع، حيث كان معروف عنه في الداخل اهتمامه بملاحقة السيدات الجميلات، وفي الخارج، لم يكن يؤخذ على محمل الجد من قبل الإسرائيليين".
وبنفس الطريقة التي ارتقى بها الأب للمناصب في الدولة، ارتقى الأبناء كذلك بكل سهولة، حيث حصل نجله، فراس، على عقد لتوريد ملابس موحدة ومؤن للقوات المسلحة، بينما حصل مناف على ترقية جعلته عميداً في الحرس الجمهوري تحت قيادة شقيق الرئيس الأصغر ماهر الأسد. ثم مضت الصحيفة تتحدث عن الدور الذي ساهمت من خلاله عائلة طلاس، ونخب سنية أخرى، في قمع ثورة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، لكنهم لم يكونوا مستعدين لتأييد تكرار مثل هذه الإجراءات الوحشية الموجهة ضد رجال القبائل السنة في مدينتهم الرستن خلال الانتفاضة الحالية.
وأظهرت رسائل بريد إلكتروني، نجحت المعارضة في اختراقها، حث تالا خير، زوجة العميد مناف طلاس، الرئيس بشار الأسد على القيام بالمزيد للترويج للإصلاحات التي يقوم بها. وقالت له في رسالة أخرى بعثت بها في عيد رأس السنة " آمل أن يكون عام 2012 مختلفاً عن عام 2011، وآمل أن تقود بلدنا المحبوب للسلام والاستقرار والرخاء مرة أخرى، رغم كل الأمنيات الشريرة لجميع أعداء وطننا".
وقد توجهت تالا إلى باريس خلال الأشهر الماضية، مثلما فعل حماها مصطفى طلاس، وذلك للعلاج كما هو مفترض. ثم ختمت الصحيفة بحديثها عن الابنة الكبرى لمصطفى وهي ناهد، التي كانت متزوجة من ثري سعودي يدعى أكرم أوجيه، وبروزها على الساحة في فرنسا بعد توغلها في الحياة الاجتماعية هناك منذ عام 1979.
ساحة النقاش