الموقع الرسمي للشاعر والناقد العراقي علاء الأديب

 

 

 

<!--

<!--<!--<!--

<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

العلاّمه الدكتور مصطفى جواد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

 

ولادة العلاّمه :

 

ولد الدكتور مصطفى جواد توركماني من عشيرة صارايلو في محلة (عقد القش ببغداد عام 1904م  ووالده جواد الخياط ابن مصطفى بن إبراهيم،  وأصل أسرته من دلتاوه. تعليمه ودراسته  درس العلوم الابتدائية في مدارس دلتاوه (الخالص بمحافظة ديالى حاليا) في عهد الدولة العثمانية.

 وبعد وفاة والده بدلتاوه في أوائل الحرب العالمية الاولى، عاد إلى مسقط رأسه بغداد بعد الاحتلال البريطاني  للعراق  فكفلهُ أخوه (كاظم بن جواد) وكان يعد من أدباء بغداد في التراث الشعبي وهو الذي أسهم ببناء قاعدة  العشق اللغوي في شقيقهِ الأصغر،  درس النحو ومعاني الكلمات وأعطاهُ قاموساً في شرح مفردات اللغة العربية وأوصاه بأن يحفظ عشرين مفردة  في اليوم الواحد، وحفظ أكثر من عشرين حتى نشأت عندهُ حافظة قوية.

 

 في دار المعلمين :

دخل دار المعلمين الابتدائية عام 1921م،  وفي هذه الدار وجد أثنين من أساتذته يعتنيان بموهبتهِ وهما طه الراوي (1890- 1946)م،  حيث أهداهُ كتاب المتنبي لما وجده يحفظ له قصيدة طويلة بساعة واحدة بصوت شعري سليم بأوزانه،  وأستاذه الآخر ساطع الحصري، حيث أهداه قلماً فضياً بعد ان وجد قابليات تلميذه تتجاوز عمرهُ الفتي بمراحل،  كانوا يقولون له: (أنت أفضل من أستاذ)،  فهو يكمل عجز البيت الشعري اذا توقف الأستاذ عن ذكرهِ،  ويحلل القصيدة ويتصيد الأخطاء ويشخص المنحول بقدرة استقرائية غير مستعارة من أحد.  تخرج من دار المعلمين بعد ثلاث سنوات فعين مدرساً للمدارس الإبتدائية عام 1924م.

 

ممارسة التعليم :

مارس التعليم في المدارس تسع سنوات (1924 - 1933)م، متنقلاً بين محافظة الناصرية والبصرة والكاظمية  ودلتاوه. ولما اكتشف فيه المفتشون انه أكثر قابلية منهم في طرق التدريس (وبلغة عربية فصحى لا مثيل لها) تمت  ترقيته إلى تدريس المرحله المتوسطة،  وخلال تسع سنوات في التعليم قرأ المطولات في الشعر والتاريخ والتراث  وكانت مكتبتهُ ترافقهُ حيثما حل،  وفي تلك الحقبة ذاتها نشر ابحاثهُ اللغوية في الدوريات المحلية والعربية ولاسيما تلك الصادرة في مصر  ولبنان،  وطبع كتابين في التحقيق التراثي،  وفي اثناء إجازتهِ أخذ يتردد على مجالس بغداد ويدخل معارك أدبية حول فنه الذي مافارقه (التصحيح اللغوي)  الذي ألزمه بان يحفظ كثيراً ويعلل الحفظ ويقرنه بمزيد من الأسانيد والشواهد مما أتاح لهُ ذاكرة وحافظة قوية.

 

السفر الى فرنسا لنيل شهادة الدكتوراه :

سافر إلى فرنسا، وأكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة السوربون ونشبت بعدها الحرب العالمية  الثانية فعاد إلى بغداد، قبل أن يناقش الرسالة  وعاد معه الدكتور ناجي معروف، والدكتور سليم النعيمي، وهما مثله كانوا بإنتظار مناقشة الرسالة ورجعوا  معه. ثم عين كاتباً للتحرير في وزارة المعارف ونقل بعد ذلك معلماً في المدرسة المأمونية ببغداد، و منها نقل إلى  المدرسة المتوسطة الشرقية ببغداد.  و تعرف خلال هذه المدة على الأب أنستاس الكرملي فلازمهُ وكتب في مجلته (لغة العرب). وكتب الكثير من  الأبحاث والكتب عن اللغة العربية وتحديثها وتبسيطها. وكان له برنامج مهم في التلفزيون العراقي بعنوان "قل  ولا تقل".

 

مشرف على اساتذة فيصل الثاني :

شغل منصب المشرف على الأساتذة الخصوصيين الذين أشرفوا على تدريس وتثقيف الملك فيصل الثاني ملك العراق.

 

من مؤلفاته :

الحوادث الجامعة - من أول كتبه التي طبعت - 1932م. 

دليل خارطة بغداد المفصل - (بالمشاركة مع الدكتور أحمد سوسة)- مطبعة المجمع العلمي العراقي - 1958م. 

جاوان القبيلة الكردية المنسية- مطبعة المجمع العلمي العراقي.

 الضائع من معجم الادباء.

 الشعور المنسجم. 

المستدرك على المعجمات العربية.

 رسائل في النحو واللغة - آخر كتاب طبع لهُ.

 

 

 وفاته :

توفي في عام 1969م.

 

 

طرائف من حياته:

 (قل قوّاد ولا تقل كواد) ومن اللطائف التي تروى عنه ركوبه إحدى سيارت الأجرة في بغداد وفي الطريق شغل السائق المذياع فأذيع  برنامجه من الإذاعة ( قل ولا تقل)،  فضجر السائق وأغلق المذياع وقال باللهجة العراقية العامية: ( أسكت كواد).  فطلب مصطفى جواد التوقف ونزل من السيارة وهمس في أذن السائق : (قل قواد ولا تقل كواد).  فسارع السائق للأعتذار منه وقبل مصطفى جواد إعتذاره وضحك.  لقد كانت له روح فكاهة، مع طيبة قلب.

 

 ويروي عنه البغداديون الكثير من النكات. كان دائرة معارف متنقلة تمشي على أرجل بما حفظ ووعى من دقائق الأشياء.. وله القدرة على الإجابة عن أي سؤال يوجه له في أي وقت،  وكانت له مواقف في هذه الأمور سنتطرق لها عند الحديث عن مواقفه الطريفة،  وقد بز أساتذته وأقرانه وأستظهر عليهم في مناقشاتهم لعويص المسائل،  فقد كان بمثابة تلميذ للمرحوم الكرملي لمواظبته على حضور مجلسه والاستفادة من مكتبته ألا أنه تفوق  عليه في الكثير من مسائل اللغة ومنعطفات التاريخ،  وهو القائل على قبره: يا سائراً، ووجيب القلب صاحبه لنا ببغداد من بين القسوس أب عزيز وذو علم ومعرفة  قضى السنين بشوق العلم يكتسب وكان ملازما للعلامة الميرزا محمد القزويني عند دراسته في باريس، ومرجعا للمستشرقين والدارسين،ولكن الجواد بزه في هذا المضمار وأخذ يصحح لأستاذه ويتفوق عليه في  الحفظ والاستذكار،  يتحاشاه أعلام اللغه كان أعلام اللغة والأدب يتحاشون الدخول معه في جدل أو مساجلة لما عرف به من إحاطة واسعة وعلم غزير،

 وقد دخل مرة في نقاش مع العلامة محمد رضا المظفر حول دخول(أل)التعريف على كلمة (فوضى) فكان  المظفر حذرا خشية أن يكون الجواد مطلعا على مصادر تبيح هذا الاستعمال فطالبه بإظهار الدليل على صحة  دعواه فرد عليه بأنه اجتهاد منه فقال المظفر لماذا لم تقلها منذ البداية لأتجنب الدخول في المناقشة.

 

 وخاض معارك وصراعات نقدية كثيرة مع أعلام الأدب وأساتذة الجيل فكان المجلي في هذا المضمار وشغل  الناس بمساجلاته تلك،

وقد اختلفت ردوده بين الشدة واللين،  الرصافي أهان العلامه وقيل أنه جمعه مجلس في بدايات حياته مع شاعر العراق الرصافي فلفت انتباه الرصافي إلى خطأ لغوي وقع  فيه فهال الرصافي أن يرد عليه من يعتبره بمثابة طالب من طلابه، فنهره بشدة قائلا(أنجب) وهي كلمة نابية  اشد وقعا من كلمة صه أو اسكت فتحامل الجواد على نفسه غافرا خطأ أستاذه احتراما لمكانته ومراعاة لما  يمر به من وضع نفسي خطير وهذا من الأدب الذي عليه أبناء ذلك الجيل.

 وكان جادا في عمله التربوي، ومعروفا بصرامته العلمية منذ بدايات عمله في التعليم،، 

وقد ذكر عنه أنه كان يأخذ طلابه المشاغبين بالشدة التي عليها أساتذة تلك الأيام وقام ذات يوم بضرب خلدون  ساطع ألحصري الذي كان مديرا للتعليم العام ويأتي بعد وزير المعارف في الدرجة الوظيفية وطرده قائلا(اذهب  إلى والدك المربي ليعلمك التربية قبل أن تأتي إلى المدرسة).

 

 وبعد عودته من دراسته العالية أنصرف لعمله التربوي بما عرف عنه من علمية،وانشغل بالتدريس في الجامعة  العراقية وإلقاء المحاضرات في معاهد العلم ونوادي الأدب.

 

  الندوه الثقافيه :

 اشتهر بحضوره التلفزيوني من خلال الندوة الثقافية التي يقدمها الدكتور حسين أمين وبعده الأستاذ سالم  الألوسي وبرنامجه الشهير ((قل ولا تقل)) الذي طبع مادته بجزأين في حياته، ما أكسبه شهرة شعبية لم  تتأت للكثيرين من أقرانه، ولم يحظ بها عالم عراقي بعده،إضافة لزياراته إلى المواقع الأثرية وتقديمه الشروح  عن خططها وطراز بنائها مما أنتفع به الكثيرون.

 

 ساطع الحصري ينصح العلامه بالأبتعاد عن نظم الشعر كان يكتب الشعر وهو في دار المعلمين طالبا وقد نصحه ساطع ألحصري بالابتعاد عن نظم الشعر: " يا ابني..  الشعر بيزرّك وما ينفعك"! و لم يحفل مصطفي جواد بقول ألحصري ؛ بل ازداد تمسكاً في النظم، ونشر شعراً  سياسياً واجتماعياً في شتى الأغراض،وله الكثير من القصائد والمقاطع وترجم رباعيات الخيام ورباعيات قدس  نخعي شعرا. وكتب القصة والرواية وشارك في الكثير من المؤتمرات الأدبية واللغوية والتاريخية وحاضر في  الجامعات العربية والأجنبية،وكان مكثرا في نتاجه حتى لا تخلو مجلة أو جريدة من بحث أو مقال، ولو هيئ  لنتاجه أن يجمع ويطبع لأربا على عشرات المجلدات إضافة لكتبه المطبوعة والمخطوطة التي تجاوزت  الأربعين،وهي كتابات متنوعة تناولت التاريخ واللغة والخطط والأدب والتراث العربي والشعبي، وكان من رواد  الكتابة الفولكلورية في العراق وأسهم بالكثير من المقالات في مجلة التراث الشعبي منذ صدورها عام 1963. .

 

اخطاء في اخطار وزارة المعارف:

أخطرته وزارة المعارف بكتاب رسمي بضرورة عدم نشر المقالات في الصحف استنادا للقوانين التي لا تجيز للموظف المشاركة في النشر في وسائل الأعلام،  فقام بتصحيح الأخطاء الواردة في الكتاب بالقلم الأحمر وأعاد الكتاب إلى الوزارة داعيا أن تقوم بتقويم كتابها  قبل أن تقّوّم الآخرين. 

 

شهادة التطعيم ضد الجدري:

 وذات يوم كان مسافرا خارج العراق وعند وصوله مطار البلدة التي يروم السفر إليها طلب منه الموظف  المسئول أبراز وثيقة التطعيم ضد الجدري فأخطأ في نطق الكلمة بكسر الجيم ورفع التشديد فرد عليه الجواد  قل الجدري برفع الجيم وتشديد الدال فهز الموظف رأسه مستغربا وسمح له بالمرور.

 

 بعيد عن السياسه:

 كان بعيدا عن السياسة ومشاكلها لا يعنى بمتابعة مجرياتها حتى قيل أنه لو سئل عن مدير شرطة بغداد  لصعب عليه معرفته ولكن لو سئل عن رئيس الشرطة في زمن هارون الرشيد لقال أنه فلان أبن فلان عين  لرئاسة الشرطة سنة كذا وعزل من عمله عام كذا وتوفي عام كذا واستخلفه فلان الذي... الخ ولأورد تاريخ  الشرطة في ذلك الزمن دون أن يعنى بالحاضر لاشتهاره باهتماماته التاريخية وانصرافه للعلم وحده.

 

 

 لماذا كسرت ساق العلامة؟:

 نظم مقطوعة بعنوان ولما كنت في لندن وفيها يقول: وفي لندن أقسام ترى البطيخ نعناعا خراف حولهم  تمشي وتثغوا قولا ماعا على الثلج يسيرون إذا ما كان لماعا فقلدنا تزحلقهم ولكن بعضنا ضاعا ومن الغريب  انه كان يقلد المتزحلقين على الثلج بعد هذا التاريخ بسنوات فسقط على الثلج وانكسرت رجله. 

 

 

تسواهن والعلامة:

 كان يعشق الغناء العراقي ويستمع إلى المقامات البغدادية ويزور الملاهي والسينمات للتمتع بمباهج الحياة  وذات يوم كان في أحد الملاهي وعندما علمت الراقصة بوجود هذا الرجل الشهير رقصت له رقصة خاصة  أبدعت فيها أيما أبداع أكراما له وكان أسمها (تسواهن) فخاطبها قائلا(أنت فعلا تسواهن) بتشديد الكلمة  بإعادتها إلى اللغة الفصحى.

 

 

عفيفه اسكندر ومائده نزهت:

 في لقاء مع الفنانة عفيفة اسكندر قالت: كان الدكتور مصطفى جواد يقرأ القصيدة التي سأغنيها قبل أن اطلع  أمام الجمهور، ولا اغني قصيدة قبل أن يعطي موافقته عليها، وكان مصطفى جواد وجعفر الخليلي  مستشاريّ في كل شيء ". والقديرة مائدة نزهت فاقت الجميع بصوتها العذب المنتظم "بتجلياته" العراقية  الأصيلة، وأخذت أغانيها شهرة عراقية وعربية ومن أهم أغانيها (اصيحن آه، يا أم الفستان الأحمر، البصرة.. هذه الأغنية الجميلة التي تعلق بها مصطفى جواد و يذكرها في اغلب لقاءاته التلفزيونية ويثني عليها.

 

وقال  مرة للزعيم عبد الكريم قاسم:

(أرجو أيها الزعيم أن لا تقول: (الجمهورية) بفتح الجيم، بل قل الجمهورية بضم  الجيم) وتقبل الزعيم النصيحة لكنه تساءل عن السبب، فقال له مصطفي جواد: (لان المأثور في كتب اللغة  هو (الجمهور) بضم الجيم ولان الاسم إذا كان علي هذه الصيغة وجب أن يكون الحرف الأول مضموماً لان وزنه  الصرفي هو فعلول كعصفور).. 

 

العلامه لم يجب عن اصل اسم ابي بريص:

 من الطرائف التي ذكرها الدكتور حسين أمين وحصلت خلال فترة تقديم برنامج الندوة الثقافية :مازلت أتذكر إن  من بين الأحداث الطريفة والمحرجة التي لا تنسى، إن احد المشاهدين اتصل بنا وكان البث على الهواء  مباشـرة طالباً من الدكتور مصطفى جواد أن يعلمه عن الاسم الحقيقي(لأبي بريص) فسكت الدكتور  مستغـرباً من هذا الســؤال واعتذر عن الإجابة عليه!

 

 الكامخ والمكموخ:

  لدى الذهاب لزيارة موقعي بابل والكفل، اصطحب معنا الأستاذين حسين أمين وسالم الألوسي. كنا نحاول  قراءة ما كتب على منارة جامع الكفل التاريخية عندما أسرع ألينا من ادعى بأنه الدليل السياحي للمنطقة  وقال بان الأستاذ بهجت الأثري قد زار الموقع في الجمعة الماضية وقرأ ما هو مكتوب على المنارة وهو كذا  وكذا، فرد عليه الدكتور بأن بهجت الأثري له عينان ونحن لنا ثمانية، فخجل الرجل وانسحب. وصلنا إلى موقع  بابل الأثري وكنا على وشك دخول المتحف الصغير هناك عندما سمعنا صوت آذان الظهر وأسرع احد  الموظفين ليرشد الدكتور إلى مكان يصلى فيه، فرد عليه الدكتور بانزعاج انه سيصليها قضاء إذا لم يكن عنده  مانع. وفى سفرة إلى سامراء دخلنا إلى المطعم السياحي لتناول طعام الغداء، فأسرع المدير لاستقبالنا  وأبدى امتعاضه لعدم إشعاره مبكرا بالزيارة، فقال له الدكتور: المفروض بالمطاعم أن تكون جاهزة لاستقبال  الزبائن خاصة في أيام العطل. فأجاب الرجل محاولا أن يبرهن على إجادته العربية: هذا صحيح يا دكتور ولكن  الطباخ متغيب هذا اليوم ولا يوجد لدينا الآن إلا (الكامخ والمكموخ وما بينهما) وكان يقصد (ألهامبرغر). 

 

الخلفاء العباسيون :

ذات مرة كان يقدم برنامجه الشهير قل ولا تقل وكان البث مباشرا تلك الأيام فجاءه الساعي بسؤال لأحد  المستمعين كتبه في ورقة ودسه إليه وكان السؤال أن يذكر الدكتور أسماء الخلفاء العباسيين، ولما قرأه  ضحك وقال لا ادري هل يريد السائل أن يمتحنني بسؤاله ولكن سأذكر ما تجود به الذاكرة وأخذ يعدهم واحدا  بعد الآخر مشيرا إلى سنة الولادة ومدة الاستخلاف وسنة الوفاة ولم ينس أياً منهم.

 

 العلامه يجبر خاطر عبد القادر رشيد الناصري:

 

 قد التقى ذات يوم الشاعر الراحل عبد القادر رشيد الناصري في شارع أبي نؤاس عقب صدور كتابه دليل  الجمهورية العراقية وكان الناصري وقتها في أوج سكره فقال له لماذا لم تذكر اسمي ضمن شعراء العراق  فقال له الدكتور لم اكتب أنا الجزء الخاص بالشعراء وقد كتبه غيري فقال له الناصري هذا لا يكون ولن اقبل إلا  إذا كتبت لي شهادة تبين فيها قيمة شعري فجلس الدكتور على الأرض واخرج ورقة وقلماً وأملى عليه  الناصري ما يريد فكتبه بخطه الجميل وأعطاه له. 

 

قال لها يا أبنتي

اتصلت به امرأة كبيرة السن بالتلفون فقال لها يا بنتي فقال له احدهم كيف تقول لها يا بنتي وهي أكبر سنا  منك، قال وهل خسرت شيئا إذا أفرحتها بهذه الكلمة. 

 

لله در الشاعر الكبير مصطفى جمال الدين عندما قال راثيا له:

 ياحارس اللغة التي كادت على صدأ اللهى ان لايرن لها صدى هبت عليها الحادثات، فلم تدع غصناً بعاصف حقدها متأودا عربي طبع لايتعتع نطقه حصر علي النبت الغريب تعودا وكأن الشاعر الكبير أراد ان يلخص في قصيدته إجماع الكبار على اهمية مصطفي جواد في حياة العرب..  في انه حرس الفصحي بأمانة القديس من الراطنين بها،  والذين يعلمونها في المعاهد والجامعات ودور العبادة،  فقد بذل اربعة عقود وهو يمسك بقلم التصحيح، يصحح كتب اللغات وأساليب الكتاب الكبار بلياقة الكبار،  ويصحح ويصوب ويشذب ويهذب مافسد في وسائل التعبير عند اساتذة التاريخ والجغرافية والاقتصاد،  وما رافقها من عجمة وتغريب،  وتحمل كل ماصدر عن الاساتذة الكبار من ردود افعال انفعالية بحوصلته الجميلة التي رزقها الله طول النفس  واعاجيب الصبر، وكان يقول لهم: (أحبائي انتم كبار وتبقون كباراً لكن السهو يجب ان يزال) ولم يقل الخطأ او  الغلط بل قال لهم السهو تجملاً وتحبباً ،  فكم كان لطيف الطوية! العقاد وطه حسين وبعض الكبار شاغب عليه واتهمه بـ (الماسونية) لانهم يخشون من لسانه اذا جلسوا بقربه في المجمع  العلمي العراقي،

 

حتى طه حسين وهو المنبر الذي لايضاهي كان يتبرم من وجوده في ايام الاجتماعات  السنوية في مجمع اللغة بالقاهرة، وكتب العقاد مقالة يذم بها مصطفي جواد لان راعي اللغة العراقي نبش  ابحاثه فكشف عن اخطاء لغوية ونحوية واملائية ما كان ينبغي ان يقع فيها أديب عملاق كالعقاد! كان لايبالي  بتهم تقذف عليه جزافاً ،  وكأنه كان منذوراً للغة الضاد او منتدباً لحراستها من عبث الصغار او الكبار او من اولئك الذين يدعون العصمة  في ادمغتهم،  ينتقد ويصوب خطأ الزعيم ومرة خاطب الزعيم عبد الكريم قاسم: (أرجو يا ايها الزعيم لاتقل: (الجمهورية) بفتح الجيم، بل قل الجمهورية  بضم الجيم) وتقبل الزعيم النصيحة لكنه تساءل عن السبب، فقال له مصطفي جواد: (وذلك لان المأثور في  كتب اللغة هو (الجمهور) بضم الجيم ولان الاسم اذا كان علي هذه الصيغة وجب ان تكون الفاء اي الحرف الاول  مضمومة لان وزنه الصرفي هو فعلول كعصفور). وليس كل الناس متواضعين علي سياق تواضع الزعيم قاسم  في تقبل نصائح العلماء، فيوم صنع له تمثالا في ديالي صعد اليه من يهشم يده التي فيها القلم، فهو لم  يسلم من الاذي حتي وهو ميت، لان الاقدار دائماً تترصد عباقرة العصور احياء او موتي ، وكان يعرف رصيده من  ذلك قائلا: رشحتني الاقدار للموت لكن اخرتني لكي يطول عذابي ومحت لي الالام كل ذنوبي، ثم اضحت مدينة لحسابي عقله اللغوي وفي 1934- 1939

 

حصل علي بعثة لتطوير دراساته في باريس، فقضي سنة كاملة في القاهرة لتعلم  الفرنسية وهناك التقي رواد الثقافة طه حسين والعقاد والزيات وباحثهم وجادلهم في اخطائهم ولم يذعنوا  لانهم كما يقول مصطفي جواد (مدارس وقدرات) ولايجوز انتقادهم ، 

 

الناصر لدين الله:

 رحل الى السوربون بجامعة باريس يدرس دكتوراه الادب العربي فنالها عن اطروحته (الناصر لدين الله  الخليفة العباسي) وفي باريس افاد ذاكرته التراثية من ملازمته لمجلس (الميرزا محمد القزويني) ومكتبته  التراثية فنسخ منها عشرات المحفوظات العربية النادرة، وعشرات مثلها من المكتبة الوطنية الفرنسية،  ومهمة النسخ هذه ساعدته على اتساع خياله التراثي وارجاع الفرع الذي قرأه في الكتب الحديثة الي الاصل  الذي هو في الكتب الاولي وهذه المراجعة والمذاكرة مع الذات تمهد له الطريق لاكتشاف المزيد من حقائق  اللغة التراثية وتجعل ذهنه ذهنا مقارنا حيوي التخريج..! وعاد الي بغداد وهو مزود بقراءتين: القديمة التي في المراجع والمصادر الرئيسة والحديثة وهي الاكاديمية  التي تنفتح علي العصر، وجاء بهاتين القراءتين الي دار المعلمين العالية التي عين فيها استاذا للادب العربي،  وكان في الدار اساتذة كبار امثال محمد مهدي البصير (1896- 1974) وصفاء خلوصي (1917- 1995) ومحمد  الهاشمي (1910- 1996) وحينما اضيف اليهم مصطفي جواد صار في الدار مجلس تراث لغوي تثار فيه كل  شاردة وواردة في اللغة وتحسم فيه مواقف الادب الا ان الشهرة كانت لمصطفي جواد لانه اكثر�

المصدر: بحوث علاء الأديب .
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 107 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2016 بواسطة almarfa

علاء الأديب

almarfa
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,753