فقاريات (حيوانات ذوات عمود فقاري) تعيش في الماء. ويزيد أنواعها على عدد جميع أنواع الفقاريات الأخرى التي تعيش في الماء وعلى اليابسة مجتمعة. وتتفاوت أنواع الأسماك تفاوتًا كبيرًا في شكلها ولونها وحجمها. وكذا من العسير الجزم بأنها تنتمي للمجموعة نفسها من الحيوانات. فمثلاً تشبه بعض الأسماك كتلة الصخر، ويشبه بعضها الآخر الديدان الملتوية. وبعضها ذو أجسام مفلطحة مثل الفطائر، وبعض الأسماك الأخرى تنتفخ أجسامها كالبالونات. وللأسماك ألوان قوس قزح جميعها. وللكثير منها ألوان بديعة كألوان الطيور الزاهية. وتشكِّل ألوانها الحمراء والصفراء والزرقاء والأرجوانية الغنية مئات الأنماط الجميلة من خطوط وأشرطة مزركشة وبقع ملونة.
وأصغر الأسماك قاطبة سمكة القوبيون القزمة التي تعيش في الفلبين. وهذه السمكة لا يتجاوز طولها 15مم. أما أكبرها على الإطلاق فهو قرش الحوت الذي يصل طوله إلى 12م ووزنه إلى 15طنًا. ولا يضر قرش الحوت معظم الأسماك الأخرى والإنسان. وأخطر الأسماك على الإطلاق لاتزن سوى بضعة كيلوجرامات ومنها السمكة الحجرية التي يمكنها قتل الإنسان خلال دقائق معدودة بوساطة أشواكها السامّة.
تتغذّى معظم الأسماك بالمحاريات والديدان المائية والأسماك الأخرى، ويتغذّى بعضها بالنباتات المائية كالطحالب وبعضها الآخر مترمم أي يأكل الأجسام الميتة للأسماك والحيوانات الأخرى، ويأكل قرش الحوت الكائنات الحية الصغيرة التي تطفو على سطح البحر.
تعيش الأسماك أينما وُجِد الماء
فتوجد في المياه القطبية الشمالية حيث تقترب درجة الحرارة من درجة التجمد. بينما يعيش بعضها الآخر في المياه الدافئة التي قد تصل إلى درجة الغليان في الأدغال الاستوائية. وتعيش الأسماك أيضًا في الجداول الجبلية الهادرة وفي الأنهار الهادئة تحت سطح الأرض. وتقوم بعض الأسماك برحلات طويلة عبر البحار. ويقضي بعضها الآخر معظم حياته مدفونًا في الرمل أو في قاع البحر. ولا تترك أغلب الأسماك الماء. وبالرغم من ذلك فبإمكان بعض الأسماك أن تبقى حية شهورًا طويلة مدفونة في قيعان الأنهار الجافة.
وللأسماك أهمية كبرى للإنسان
فيصطادها عشّاق رياضة الصيد ويحتفظ بها الكثير من الناس للزينة. وإضافة إلى ذلك، فالأسماك ضرورية لحفظ التوازن في الطبيعة؛ لأنها تأكل النباتات والحيوانات وبدورها تصبح غذاء للنباتات والحيوانات. وبذلك تحفظ الأسماك التوازن في العدد الكلي للنباتات والحيوانات على الأرض.
وتشترك جميع الأسماك في صفتين رئيسيتين:
1- لها عمود فقري، ومن ثم فهي من الفقاريات.
2- تتنفس أساسًا بوساطة الخياشيم.
والأسماك من الحيوانات ذوات الدم البارد، أي أنها غير قادرة على تنظيم درجة حرارة الجسم التي تتغير تبعًا لدرجة حرارة الماء المحيط بها. وإضافة إلى ذلك فللأسماك كلها تقريبًا زعانف تستخدمها في السباحة وتختلف جميع الحيوانات المائية عن الأسماك في صفة واحدة في الأقل من هذه الصفات. وتبدو الدلافين وخنازير البحر والحيتان مثل الأسماك ولها عمود فقاري وزعانف ولكنها من الثدييات (وهي الحيوانات التي ترضع صغارها) وتتنفس الثدييات عن طريق رئاتها دون خياشيم. وهي أيضًا حيوانات ذات دم حار؛ إذ تبقى درجة حرارة أجسامها ثابتة تقريبًا حتّى وإن تغيّرت درجة حرارة الماء أو الهواء المحيط بها. ويطلق على بعض الحيوانات المائية اسم أسماك، ولكنها ليست أسماكًا، إذ لا يوجد لها عمود فقاري. وتشمل هذه الحيوانات قناديل البحر ونجوم البحر. ويُطلق على البطلينوس وسرطان البحر والكَرْكَنْد والمحار، والأسْقَلوب (المحار المروحي) والروبيان، المحاريات. وتخلو هذه الحيوانات أيضًا من عمود فقاري.
وقد ظهرت أوّل سمكة على سطح الأرض منذ نحو 500 مليون عام. فكانت أول الحيوانات الفقارية. ويعتقد بعض العلماء أن تلك الأسماك المبكرة هي أسلاف لفقاريات أخرى.
أهمية الأسماك
تفيد الأسماك الإنسان بطرق شتى، إذ تعد الأسماك من الوجبات الرئيسية التي يتناولها أبناء الخليج العربي واليابانيون والنرويجيون. ويأكل الناس في الأقطار الأخرى الأسماك بوصفها أحد أنواع الغذاء الإضافية ضمن وجباتهم. وقد استمتع الناس منذ آلاف السنين برياضة صيد الأسماك. ويحتفظ كثير من الناس بأسماك الزينة في بيوتهم. وللأسماك أيضًا أهمية في حفظ التوازن الطبيعي، حيث تأكل الأسماك النباتات والحيوانات وبعد أن تموت تتحول هي نفسها إلى مادة غذائية لغيرها من الكائنات الحية الأخرى من نبات أو حيوان.
أسماك الطعام والرياضة تصنف الأسماك ضمن الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية فيُصاد تجاريًا كل عام ملايين الأطنان من أسماك القدّ، والرنجة والتونة وغيرها من الأسماك البحرية التي تستخدم غذاءً. ويتم الصيد على نطاق تجاري في المياه الداخلية حيث تُصاد أسماك المياه العذبة التي تستخدم غذاءً مثل: سمك الفرخ والتّروتَة. وتناقش هذه المقالة صناعة صيد الأسماك، والصيد التجاري في كل أنحاء العالم، وكذلك المحافظة على الأسماك.
استدعى النشاط التجاري إنشاء مزارع سمكية لتربية أنواع معينة من الأسماك تستخدم غذاءً، ففي بعض الأقطار تُربى في المزارع السمكية أسماك الشبُّوط والسِّلَّوْر والسالمون والتروتة. ويربي مزارعو الأسماك، الأسماك في برك، ويستخدمون طرقًا خاصة لتغذيتها حتى تنمو لأحجام أكبر وبمعدل أسرع من نموها الطبيعي.
يستمتع بعض الناس بصيد الأسماك لمجّرد المتعة، وكثير منهم يحبّون السعي وراء أسماك الرياضة. وتتصف الأسماك التي تصاد للرياضة بمكرها ودهائها أو ببعض الصفات الأخرى التي تزيد من الإثارة والمتعة في صيدها. وتشمل هذه الأسماك أنواعًا من أسماك البحر العملاقة مثل سمك المَرْلين وسمكة السَّيْف، وأسماك المياه العذبة مثل سمك الفرخ وتروتة قوس قُزح. وتُستخدم الغالبية العظمى من أسماك الرياضة أيضًا غذاء.
الأسماك المفيدة الأخرى
تُصاد بعض أنواع الأسماك على نطاق تجاري رغم كونها غير صالحة غذاء للإنسان. هذه الأسماك تستخدم لصناعة الغراء وأغذية الدواجن والمواشي (مسحوق السمك وجريش السمك ـ السيلاج) وكذلك بعض المنتجات الأخرى. ويُستخدم مايربو على ربع الإنتاج العالمي للأسماك لصناعة جريش السمك الذي يستفاد منه في صناعة غذاء الحيوانات أو استخراج زيت السمك. وتستخدم أوروبا وحدها نحو 65 مليون كجم من أنْقَليس الرمل لتصنيع منتجات سمكية كل عام. وكذلك يستخدم سمك الإسْبَرْط. وتُصنع في أمريكا الشمالية المنتجات السمكية من سمك الأنشوفة والمنهيدين. ويستخدم مسحوق الأسماك أساسًا غذاء للخنازير والدواجن والدواب.
وكثيرًا ما يستخدم العلماء السمك الذهبي وغيره من أنواع السمك الصغيرة كحيوانات تجارب في البحوث الطبية لأنها لا تحتاج إلى مكان كبير أو عناية كثيرة كغيرها من حيوانات التجارب. فمثلاً، تستخدم مادة كيميائية تنتجها الأسماك الكروية لمعالجة مرض الربو. كما يستمتع كثير من الناس بحفظ الأسماك وتربيتها في أحواض الأحياء المائية بمنازلهم للزينة. ومن أسماك الأحواض المائية الشائعة السمك الذهبي والجوبي والتترة.
الأسماك الضارة
تهاجم أنواع قليلة من الأسماك الإنسان أحيانًا ومنها أنواع معينة من أسماك القرش، خاصة قرش أبي مطرقة وأسماك القرش البيضاء وأسماك البرّكودة وأنقليس الموراي.كما أن بعض أنواع سمك البرانيهْ متعطشة للدماء وفكوكها مزودة بأسنان حادة كموسى الحلاقة. وبإمكان مجموعة من هذه الأسماك نزع لحم إنسان أو أي حيوان كبير آخر خلال دقائق، بل ثوانٍ. ولبعض السمك، مثل سمك الشِّفْنين اللّساع والسمكة الحجرية، أشواك سامة تؤذي أو تقتل أي شيء يلامسها. ولحم سمك القادوح والأسماك الكروية وبعض الأنواع الأخرى سام، وقد يسبب أكله المرض وأحيانًا يسبب الوفاة.
وقد أصبحت أنواع قليلة من السمك عند استقدامها في مياه معينة آفات. ففي أمريكا الشمالية مثلاً، نجد أنَّ الجَلَكي البحري الذى دخل البحيرات العظمى وكذلك السلور الآسيوي الذي استُقدم إلى المياه الداخلية في فلوريدا أصبحا يهددان الأسماك الأخرى المستوطنة بتلك المياه.
الأسماك والتوازن الطبيعي
تؤلف مجموعة الأسماك المستوطنة في بيئة معينة مثل بحيرة أو جزء معيّن من البحر جماعة سمكية. والأسماك في جماعة ما جزء من نظام أشمل تنتقل فيه الطاقة من كائنات حية إلى أخرى في شكل غذاء. ويُطلق على هذا النظام السلسلة الغذائية. وتبدأ كل سلسلة غذائية بالطاقة المستمدة من ضوء الشمس. وتستخدم النباتات هذه الطاقة لصنع غذائها. إن أكثر أنواع الكائنات أهمية في البحر أو في المياه العذبة هي العوالق المائية وهي الكتلة الكبيرة من النباتات والحيوانات الدقيقة التي تنجرف قريبًا من السطح. وتتغذى بعض أنواع الأسماك بالعوالق وتشكل هذه الأسماك بدورها غذاء الأسماك الأخرى بعد ذلك. وقد يأكل الإنسان أو الطير أو الحيوانات بعضًا من تلك الأسماك أيضًا، كما يموت كثير من السمك موتًا طبيعيًا. وتغوص أجسامه في الماء وتتحلل وتزود المادة المتحللة النباتات والحيوانات المائية بالغذاء.
تُكون كل جماعة سمكية جزءًا من جماعة طبيعية أكبر تتكون من كافة النباتات والحيوانات الموجودة في منطقة معينة. وتشتمل كل جماعة طبيعية ما على العديد من السلاسل الغذائية، التى يطلق عليها إجمالاً الشبكة الغذائية. وتمنع الأنماط الغذائية المعقّدة الداخلة ضمن شبكة غذائية التكاثر المفرط لأيّ نوع واحد من الكائنات الحية على حساب الكائنات الأخرى، وبهذه الطريقة، تتم المحافظة على التوازن الطبيعي.
ويمكن أن يضطرب التوازن في جماعة ما إذا ما قُضي على أعداد كبيرة من نوع بعينه. فقد يقلب الناس التوازن بصيد أحد أنواع السمك بكثافة عالية. أو قد يلوث الناس الماء بشدة بحيث يكون من الصعوبة بمكان أن تعيش أنواع معينة من النباتات أوالحيوانات التي تشمل السمك في تلك المياه.
ساحة النقاش