الميشابي

الإهتمام بالإدارة والقيادة ، والفكر الإستراتيجي

بسم الله الرحمن الرحيم

مفاهيم اتخاذ القرارات

كما هو معروف فان الإدارة هي عملية تتحقق عن طريقها الأهداف التنظيمية وذلك من خلال استخدام مختلف الموارد ( بشرية ومادية ) . تعتبر تلك الموارد كمدخلات ، بينما ينظر إلى تحقيق الأهداف كمخرجات للعملية ، ومن العادة تقاس درجة نجاح المنظمة وعمل المدير بنسبة المخرجات إلى المدخلات ، وتكون هذه النسبة (أو المعامل) محدداً لإنتاجية المنظمة .

       ويعتمد مستوى الإنتاجية أو نجاح الإدارة على تنفيذ وظائف إدارية معينة مثل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ، ولأداء تلك الوظائف يدخل المديرون فى عملية مستمرة لاتخاذ القرارات ، وتدور كل الأنشطة الإدارية حول اتخاذ القرار ، فالمدير أولاً وأخيراً هو متخذ قرارات ، والمنظمة مملوءة بمتخذي القرارات على مختلف المستويات .

      تعتبر عملية اتخاذ القرارات من العمليات المستخدمة في النشاط الإداري  لأنها لا تقتصر على موظف دون غيره أو على مستوى إداري دون سواه ، فهى تنتشر فى جميع إدارات وأقسام ووحدات المنظمة وتمارس على جميع مستويات التنظيم ، وتعتبر ضرورية فى كل الأوقات والظروف  ، إن الإداري القائد يمارسها باستمرار ويومياً ، فهو يتخذ القرارات لحل مختلف المشاكل الإدارية بالعمل وحتى الخاصة على مستوى الأفراد  .

      فى واقع الأمر نجد أن هم الإداري القائد هو اتخاذ القرار أو تحليله أو عدم اتخاذه ، فهو يتخذ القرار عندما يوقع على الخطاب أو يجيب على أسئلة أحد مرؤوسيه أو يطلب من أحد الموظفين أداء عمل معين ، أو يشكل لجنة أو يعين رئيس قسم أو وحدة ، أو يوافق على إجازة موظف أو يوقع جزاء أو يحفز .... إذن كل ما يقوله المدير القائد أو يأمر به ويوافق عليه وما يتخذه من إجراءات ، كل ذلك يعتبر مظهر من مظاهر اتخاذ القرارات . لذا يعتبر الكثير من مفكري الإدارة أن عملية اتخاذ القرارات تعتبر من أهم العناصر فى عمل وحياة المنظمات ، فاتخاذ القرارات هو جوهر عمل المدير القائد وهو نقطة البداية لجميع الإجراءات وأوجه النشاط والأعمال التى تتم فى المنظمة ، وأن عدم القدرة على اتخاذ القرارات اليومية البسيطة أو الكبيرة يؤدى إلى تجميد العمل وشل نشاط المنظمة .

المفاهيم

       القرار لغوياً مشتق من ( القر ) واصل معناه على ما نريد هو ( التمكن ) فيقال قرّ في المكان ، أي قربه وتمكن فيه . أما أصلاحاً ، فيما يلى الإشارة إلى المفاهيم :     

يرى برنارد أن اتخاذ القرارات فى المنظمة يعتمد على المنطق ، وقدم مفهوم الحافز والعطاء الذى يساعد على منطقية القرارات لتحقيق الهدف ، فهو يرى أن فعالية القرارات ترتبط بالعقد بين الموظف وأسلوب تحفيزه ( الراتب ومغريات أخرى ) ، وعلى أساسها يقدم عطاءه المنطقى وقراراته الفعالة . فيما بعد قام كل من مارش وسايمون بتطوير تلك المفاهيم وركزا على عملية اتخاذ القرارات . ويرى ريجان أن اتخاذ القرار هو تقدم عقلاني لتحديد معضلة وتحديد البدائل ثم اختيار أفضل الخيارات المناسبة وترجمتها إلى مسالك عمل ومن ثم بداية النشاطات التنفيذية . أما وليم جور يقول أن اتخاذ القرار ( هو نموذج للتفاعلات بين الأفراد خلال آليات المجتمع ، تلك التى تدعم تطور النشاط الجماعي بفاعلية وتحافظ عليه ) . يرجع معظم الباحثين إلى أن إتخاذ القرارات يعود إلى سايمون الذى عرف الإدارة بأنها عملية اتخاذ القرارات ..

       يعتبر موضوع صنع القرار واتخاذه من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى التي شغلت بال العلماء الاجتماعيين وبخاصة المضطلعين منهم بعلم الاجتماع أو الإدارة أو النفس أو السياسة وتنطلق الأهمية من أمرين أساسيين: أمر أكاديمي وأمر مجتمعي ويتمثل الأمر (الأكاديمي) في افتقار الدراسات الاجتماعية بصفة عامة إلى دراسات معمقة ومفصلة عن مثل هذا الموضوع ، كما يتمثل الأمر المجتمعي في أهمية هذا اللون من المجتمعات بالنسبة للقائمين على أمر المجتمعات مخططين أو منفذين مع تسابق المجتمعات خاصة النامية منها في الدخول في مضمار التنمية والتحديث وثمة فرق بين كل من صنع القرار Decision Making واتخاذ القرار Decision Taking.والسؤال المطروح هو: ماذا نعني في البداية بكلمة قرار؟ تعني كلمة قرار البت النهائي والإرادة المحددة لصانع القرار بشأن ما يجب وما لا يجب فعله للوصول لوضع معين والى نتيجة محددة ونهائية . على أن هناك بعداً آخر يمكن أن يضاف إلى مفهوم القرار فأفعال كل منا يمكن أن تنقسم قسمين رئيسيين: قسم ينتج من تزاوج التمعن والحساب والتفكير، وقسم آخر لا شعوري تلقائي إيحائي ، وينتج عن القسم الأول ما يسمى قرارات ، أما القسم الثاني فينتهي إلى أفعال آنية . وحينما يكون هناك محل لقرار فأنة يعنى لابد وأن تكون هناك نتيجة ينبغي إنجازها ووسائل ومسارات للوصول إلى هذه النتيجة ، ومن ثم يمكن تعريف القرار بأنه (مسار فعل يختاره المقرر باعتباره أنسب وسيلة متاحة أمامه لإنجاز الهدف أو الأهداف التي يبتغيها أي لحل المشكلة التي تشغله) .

ويرى البعض أن القرار في أبسط حالاته وسيلة تنشط استجابة سبق تشكيلها وهي في وضع استعداد لدى ظهور موقف يتطلب تلك الاستجابة كذلك فإنه في أقصى حالات التعقيد يصبح القرار وسيلة لتحديد معالم استجابة تلقى قبولاً عاماً حيث لا استجابة قائمة من قبل – ومن وجهة نظر (لاندبرج) يعتبر القرار الإداري العملية المتضمنة التي بها وصل شخص واحد إلى أن يقوم بالاختيار الذي يؤثر في سلوك الآخرين بالمنظمة في مساهمتهم لتحقيق أهدافها ، بينما صنع القرار هو (سلسلة الاستجابات الفردية أو الجماعية التي تنتهي باختيار البديل الأنسب في مواجهة موقف معين) إن مفهوم صنع القرار لا يعني اتخاذ القرار فحسب وإنما هو عملية معقدة للغاية تتداخل فيها عوامل متعددة : نفسية ، سياسية ، اقتصادية واجتماعية وتتضمن عناصر عديدة .

ويرى  طومسون  و تودين  (وان كان الاختيار بين البدائل يبدو نهاية المطاف في صنع القرارات ، إلا أن مفهوم القرار ليس قاصراً على الاختيار النهائي بل أنه يشير كذلك إلى تلك الأنشطة التي تؤدي إلى ذلك الاختيار) . وعلى ذلك يجب التفرقة بين مفهومي صنع القرار واتخاذ القرار فالأخير يمثل مرحلة من الأول بمعنى أن اتخاذ القرار يمثل آخر مرحلة في عملية صنع القرارات .

      إن التعاريف والمفاهيم كثيرة وعديدة وكل ينظر إلى عملية اتخاذ القرارات من وجهة نظر معينة ، ولكن نجد أن هناك عناصر ومكونات هامة لعملية اتخاذ القرارات ،تتمثل فى ضرورة وجود مشكلة معينة تحول دون تحقيق الهدف ، لذا من الضروري وجود بعض الحلول ( الخيارات / البدائل / المسالك) لتلك المشكلة ومن ثم اختيار البديل الذى يمثل الحل المناسب لتلك المشكلة .

      إذن عملية اتخاذ القرارات تعتبر عملية إدارية مركبة من حيث أنها تأخذ في الاعتبار بيئة اتخاذ القرار وكذلك التنبؤ بالمعوقات والمشكلات التي قد تحد من فعالية القرار الإداري  ، لذا يجب على متخذي القرار الأخذ في الاعتبار بالمشكلات التي قد تقابلهم وتحليلها والعمل على تجنبها أو حلها .

ونجد أن أول خطوة في تحليل المشكلة هو ضرورة تعريفها ، حيث تعرف المشكلات بشكل عام بأنها الاختلاف بين الواقع الحالي والحالة المرغوبة .  والاختلاف بينهما يسمى الانحراف وهو ما يوضح طبيعة المشكلة ، ودور الإدارة يكمن فى تحليل الوضع الحالي والتعرف على مسببات الانحراف مما يمكنها من تجنبه في المستقبل أو التعامل معه وحل المشكلة .  ويوجد متغيرين هامين في عملية تحليل المشكلات هما :  الاتجاه الإنساني والخلفية الثقافية . إن الاتجاه الإنساني يؤثر بدرجة كبيرة على عملية حل المشكلات من حيث المدخل للتعامل مع تلك المشكلات ، مثلاً يوجد المدخل التقليدي الذي يركز على تقليل عنصر المخاطرة مما يؤثر سلبا على عملية الابتكار ، وعلى النقيض يوجد المدخل الابتكاري الذي يركز على عنصر الابتكار على حساب المخاطرة  . لذا  تعتبر الخلفية الثقافية لمتخذي القرار من العوامل المحددة في تحليل المشكلات حيث تتباين القيم التي تفرزها الثقافة بين المجتمعات المختلفة .

      فى واقع الأمر أن عدم اتخاذ القرار حول موضوع معين فى كثير من الأحيان يعتبر قراراً هاماً بحد ذاته ، ولكنه قرار سلبي شريطة أن يتم ذلك عن قصد واقتناع لا عن إغفال وقصور ، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه فى حالة عدم اتخاذ أى إجراءات لتلك الحالة فقد يأتى الوقت الذى يتطلب الأمر فيه اتخاذ قرار عاجل وعندها يكون الوقت قد مضى لاستدراك الخطأ الذى تسبب فيه عدم اتخاذ القرار ، لذا فإن اتخاذ القرار فى الوقت المناسب من أهم القرارات ، فإذا أتخذ القرار فى وقته وكان خطأ يصبح من الممكن تعديله ، أما إذا تم اتخاذ القرار بعد فوات الأوان فلا معنى له .

أهمية اتخاذ القرارات 

   تعلق المنظمات المختلفة أهمية كبيرة على عمليات اتخاذ القرارات بسبب الحقيقة التي تقول أن القرار الخاطئ له تكلفة وتكتسب هذه العملية أهمية متزايدة بسبب التطورات التي أدخلت على طرق جميع المعلومات وتحليلها وتصنيفها وتخزينها حتى أنها أصبحت حديث الساعة في قاعات الدروس والمؤتمرات العلمية وبرنامج التدريب في دول متعددة ، كما جذبت هذه العملية اهتمام العديد من الأطراف في ميادين عملية متعددة كالهندسة والطب والمحاسبة والرياضيات والإحصاء .......كل ينظر إلى اتخاذ القرارات من زاويته لاستخدامها في الوصول إلى حلول للمشاكل التي تواجهها . وترتبط عملية اتخاذ القرارات ارتباطا مباشرا بوظائف الإدارة كالتخطيط ، التنظيم ، التوجيه والرقابة ، فهي عملية تتم في كل مستوى من المستويات التنظيمية كما يتم في كل نشاط من أنشطة المنظمات  .فالمدير العام والمشرف على العمال ومديري الإدارات سواءًا في الإنتاج أو التسويق أو غيره يواجهون ظروفا تتطلب منهم اتخاذ القرارات ، إن عملية اتخاذ القرار بهذا الشمول تمثل الإدارة الرئيسية التي يستخدمها المديرون في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ، حتى أن هذا الشمول دفع بعض الكتاب (سايمون) إلى القول أن (الإدارة ما هي إلا عملية اتخاذ القرارات) .

المصدر: 1. علي محمد إبراهيم كردي ، الإدارة والقيادة ، ط 1 ، وادي النيل للتنمية البشرية ، القاهرة – 2011 م . 2. محمد سعيد عبد الفتاح ، الإدارة العامة ، المكتب العربي الحديث ، الطبعة الخامسة ، الإسكندرية – 1986م . 3. سنان الموسوى ، الإدارة المعاصرة – الأصول والتطبيق ، دار مجدلاوى للنشر والتوزيع ، عمان – 2002. 4. مواضيع متقدمة فى الإدارة ، كلية الحرب الملكية الأردنية ، دورة الحرب رقم (14) ، عمان – 2002.
alikordi

د . علي كردي

ساحة النقاش

د . علي محمد إبراهيم كردي

alikordi
الاهتمام بموضوعات الإدارة بمختلف أقسامهاوالقيادة ، علم الإستراتيجية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

731,662