الميشابي

الإهتمام بالإدارة والقيادة ، والفكر الإستراتيجي

بسم الله الرحمن الرحيم

    أصل مفهوم الإستراتيجية       

الإستراتيجية مصطلح يجمع بين الماضي والحاضر, لذا فهو مصطلح قديم وحديثاُ في نفس الوقت , ومن العسير تحديد نشأته ونهايته , الإستراتيجية تكاد تكون كلمة شبه مألوفة لنا وفي نفس الوقت فهي مجهولة ، نسمعها كثيراً في حياتنا اليومية باستمرارإلي درجة أن أصبحنا نرددها بدون إعطاء أهمية لما يندرج تحتها , لأننا في الحقيقة نجهل خفاياها , والذين يعرفون بعض من  خفاياها وأسرارها تجدهم حذرين من استخدامها . لقد استخدم مصطلح الإستراتيجية في الوقت الحاضر بصورة شائعة في مختلف أوجه الحياة , وأصبحت تطلق على الأشخاص والأسلحة والمعدات والقرارات والأماكن .... وغيرها . قد يوصف موقع ما أو جزء من دولة بأنه استراتيجي كمضيق هرمز مثلا , وقد يوصف قرار سياسي أو اقتصادي بأنه استراتيجي ....

    لذا فان الإستراتيجية تعتبر من المفاهيم المتداولة في مختلف ضروب العلم (السياسة , الاقتصاد , العسكرية , الاجتماعية , التقنية ) . وأصبح استخدامها واسعا بواسطة الباحثين والمفكرين في شتى العلوم دون تحديد واضح لمعناها ,أو تعريف لأبعاد المفهوم وحدوده , مما يؤدي في كثير من الأحيان إلي الغموض والاضطراب من الناحية الفكرية .

 ولكن بالرغم من كل ذلك يلاحظ لم يعطى أهمية لماهيتها ومعانيها ومفاهيمها في الماضي أو الحاضر . ومن ابسطها على سبيل المثال عندما نقارن بين استخدام مفهوم الإستراتيجية في الماضي والحاضر , نجد أنها كانت تنحصر وتمارس في إطار ضيق ولأهداف محددة مثل انحصارها في المجال العسكري وممارستها قبل الحكام والقيادات العليا , بينما اختلفت هذه النظرة في الوقت الحاضر وأصبحت كما ذكر من قبل تستخدم في مختلف المجالات ,حيث يمارسها صانعي القرار في تلك المجالات .

     لذا كان من الضروري أن نبحث ونعرف ونلم بأصل مفهوم الإستراتيجية لمعرفة بعض أسرارها مما يمكننا من استخدامها الاستخدام الأمثل في المجال الذي نعمل فيه ,وأن ندرك تماما بتطور مفهوم كلمة إستراتيجية عبر مختلف عصور التاريخ العسكري وفقا لاختلاف وتطور التقنية العسكرية في كل عصر عن الأخر ,ووفقا لتباين المدارس الفكرية والسياسية لكل قائد أو مفكر , ومن هنا تنبع صعوبة تقديم تعريف عام جامع لكلمة إستراتيجية , لأنه لا يوجد حتى الآن تعريف موحد متفق عليه , ويعود السبب في ذلك إلى أن الإستراتيجية منظور متطور وفقا لتطور الاقتصاد والسياسة والتقنية والإدارة , وتستفيد من أحدث ما توصلت إليه العلوم والتقنيات الحديثة عند إعداد واستخدام القوات المسلحة في الحرب . لذلك نجد أن لكل دولة خلال فترة معينة إستراتيجية عسكرية خاصة بها تتوقف على العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتقنية والإدارية , وان أي إستراتيجية فعالة يجب أن تبنى على الخبرة والاستفادة من الماضي , وان تصاغ في إطار مناسب للمستقبل .

  يعتبر اصطلاح الإستراتيجية Strategy)) قد اشتق أصلا من الكلمة اليونانية  (Stratêgy)  التي اشتقت أصلا من كلمتين مركبتين Stratos ) ) وتعني الجيش وAgein)  ) التي تعني قيادة ، واستخدام الكلمة المركبة في اليونانية القديمة Strategos) ) تعني قائد الجيش , ومن الكلمة    Strategos))  اشتقت كلمة ( Strategee  ) التي تعني الجنرال

      في تلك الفترة التاريخية كانت كلمة جنرال تصف شخصية مكونة من ثلاثة أبعاد هي :   

البعد الأول : الجنرال هو الشخص الذي يتصرف بحزم , حيث أن الوصف الوظيفي لدوره هو اختيار الطريق الأنسب الذي يحقق ميزة تنافسية من نوع ما . إن الذي يكمن خلف هذه الفكرة ينطلق من حقيقة هامة وهي أن المعارك تكسب أو تخسر , لان الجنرالات الذين يديرون المعارك يتخذون قرارات صحيحة أو خاطئة في عملية توظيف الكم والنوع المناسب من الإمكانات لدعم الجيوش في مسرح العمليات العسكرية (وذلك للربط بين الهدف وإمكانات الجنرال الإستراتيجية في عملية اتخاذ القرار ) ,الجنرال يقوم بمجموعة من الأفعال الموجهة ذات الطبيعة الهامة  (الإستراتيجية ) التي تعتمد أساسا على قدرته على توظيف فكره الإستراتيجي في إدارة ساحة المعركة , في نفس الوقت الذي يحتفظ فيه باليقظة الإستراتيجية المطلوبة للاحتفاظ بخطوط الإمدادات لإدامة قواته , مع الانتباه على اكتشاف الفرص السانحة واستغلالها لصالحه .

البعد الثاني : الجنرال هو ذلك الشخص الذي يتصرف وهو يعلم انه ليس وحده في مسرح الحرب , بل هناك قوى أخرى تؤثر وتتأثر بطريقته في التعرف على واتخاذ القرارات, وبالتالي تمارس ضغوطا على النتائج التي يسعى إلى تخطيطها , والجنرال عليه أن يدرك جيدا مراقبة الموقف بكل تفاصيله دون السقوط في أي موقف خطر , أن يوقف ويتابع ويتصنت لكل ما يجري في ساحة المعركة , كما انه يتابع ويحلل ما يدور صفوف قواته وعند قياداته العليا وبين صفوف أعدائه , كما انه يعرف ما يتطلبه النصر في معركة البقاء , وعليه القيام بالعديد من الأدوار الهامة لتحقيق أهدافه , وتتمثل في الأتي :

1. كيف يمارس دوره في تحضير قواته في ساحة المعركة بحيث يشكل منهم فريق عمل يتجانس يقاتل بإصرار   

2. كيف يفاوض قيادته الأعلى لتزويده بما يحتاج من موارد  

3.  كيف يتعامل مع قادة المرؤوسين لتحقيق المهمة  

4. كيف يناور عسكريا وفقا لأجواء وبيئة مسرح الحرب  

5. كيف يناور لجذب الآخرين لعقد التحالفات للتأثير في مجري المعركة لصالحه   

6. كيف يفاوض لتحقيق أكثر الشروط ملائمة لتحقيق السلام  

البعد الثالث : الجنرال هو ذلك الشخص يمتلك حسا عميقا بالزمن , يدرس خططه وتحركاته  الإستراتيجية بعمق وينفذها في الوقت المناسب . 

 

      منذ القدم لقد أدرك اليونانيون مفهوم الإستراتيجية على أنها تعني الشمولية في التفكير والتصرف مع النظرة الواسعة بعيدة المدى , فقد عرفها قدامى اليونانيون بأنها (مجموعة القرارات الهامة المشتقة من عملية إدارية عالية التنظيم لاتخاذ القرار على أعلى المستويات في المنظمة ) .  وأرجو من القارئ الكريم أن يدرك هذا المفهوم اليوناني القديم للإستراتيجية , لأنه سيكون مرتكزا قديما جديدا لمفهوم الإدارة الإستراتيجية  .

المصدر: 1.العماد الدكتور مصطفى طلاس وآخرين , الإستراتيجية السياسية العسكرية , الجزء الأول الطبعة الأولى ,دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ,(دمشق – 1991) . 2.عبد العزيز صالح بن حبتور , الإدارة الإستراتيجية ,الطبعة الأولى , دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة , (عمان – 2004 ) .
alikordi

د . علي كردي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 6717 مشاهدة
نشرت فى 30 نوفمبر 2011 بواسطة alikordi

ساحة النقاش

alnisr13

ما هي المعطيات التي تبنئ علي اساسها اي نوع من الاستراتيجيات

alikordi

الإجابة علي هذا السؤال هو عبارة عن مكونات كتاب الإدارة الإستراتيجية ، بإختصار إن تحديد الإستراتيجية التي ينبغي أن تتبناها المنظمة تتمثل في الخيار / القرار الإستراتيجي . والوصول لهذا القرار الإستراتيجي يجب المرور بمراحل عملية التخطيط الإستراتيجي والمتمثلة في الأتي :
1. صياغة الرؤية والرسالة والغاية والأهداف الإستراتيجية .
2. دراسة تحليل البيئة الداخلية للمنظمة .
3. دراسة وتحليل البيئة الخارجية للمنظمة .
4. دراسة وتحليل البدائل الإستراتيجية .
5. إختيار أفضل البدائل . وهو يمثل الخيار / القرار الإستراتيجي .
6. الخطة الإستراتيجية .
أرجو الرجوع لأي كتاب عن الإدارة الإستراتيجية وستجد التفاصيل .
مع الشكر والتقدير .

د . علي محمد إبراهيم كردي

alikordi
الاهتمام بموضوعات الإدارة بمختلف أقسامهاوالقيادة ، علم الإستراتيجية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

732,116