لانستطيع أن نعلم مَن الله إلا مِن الله ، وذلك عن طريقين اثنين :
• الأول : التدبر فى آيات الله الشرعية المتلوة فى كتابه العزيز وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
• الثانى : النظر فى مخلوقات الله وآياته الكونية .
سنجد فى هذين الطريقين ما ينطق بعظمة الله الخالق عز وجل ووحدانيته فى ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فإن كتاب الله إن تأملته يأخذك فى جولاتٍ وجولات ترتاد آفاق السماء وتجول فى جنبات الأرض والأحياء يريك عظمة الله وقدرة الله وتقديره فى المخلوقات ثم يكشف لك أسرار الخلق والتكوين ويهديك الى الحكمة من الخلق والتصوير ثم يقرع الفؤاد بقوله { ءإلهٌ مع الله تعالى الله عمّـا يُشـركون } رحلة طويلة لكنها مع ذلك شائقة وجميلة تتحرك لها المشاعر وتستجيب لها الفطرة السليمة المستقيمة كما أنها تُنبّـه الغافل وتدمغ المُجادل .
وأما آياته الكونية : كل مافيها ينطق بوحدانيته سبحانه ، فالكون كتاب مفتوح يُقرأ بكل لغة ويُدرك بكل وسيلة يُطالعه ساكن الخيمة وساكن القصر ، كلٌ يُطالعه فيجد فيه زاداً من الحق إن أراد التطلع الى الحق .. فهيا معى نتعرف الى الله فى جولة أرجو ألا يستطيلها ملول وألا يستكثرها مشغول .

أولاً ( أ ) من القرآن :
• {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } [السجدة : 7]
• { الله لا إله إلا هو الحى القيوم } البقرة
• { هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يُشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يُسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } آخر الحشر .
وغير ذلك كثير جداً فى القرآن ...

( ب ) من السـُـنة :
• عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلاالله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم " .. أخرجه البخارى ومسلم .
• عن ابن الزبير رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دُبر كل صلاة حين يُسلّم : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله لانعبد إلا إيّـاه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .
• وعن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى وإذا إضطجع : " اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شئٍ ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسى وشر الشيطان وشركه " .

النظر فى آيات الله الكونية ومخلوقاتـه :
يا أيها الماء المهـين من سـواكا *** ومن الذى فى ظلمة الأحشاء قد والاكا
ومن الذى غـذاك من نـعمـائه *** ومن الكـروب جميعهـا نجـّـاكـا
ومن الذى شـقّ العيون فأبصرت *** ومـن الـذى بالعقـل قـد حـلاكـا
ومن الذى تعصى ويغفر دائمـاً *** ومـن الـذى تنســى ولا ينســاكا

عجائب خلق الله فى النوم :
هل تأملت النـوم يوماً ؟ أنت تعرفه وتمارسه كل يوم ، بل أن نصف عمرك أو أقل يذهب فيه ، وهو ضرورة لا غنى عنها بل إن حياتك مؤلفة من قسمين اثنين :
1) يقظة تبتغى بها فضل الله وفق شرع الله.
2) نوم تبتغى به الراحة لتعاود العمل فى طاعة الله .
قال تعالى : { هو الذى جعل لكم اللـيل لتسـكنوا فيه والنهار مُبصـراً إن فى ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون } يونس 67 . فى النوم تتعطل وظائف الحس إجمالاً يتوقف البصر بإغماض الجفون وإن لم تغمض كما فى بعض الناس فإن الرؤية تكون مفقودة . والحاسة التى تبقى تعمل خلال النوم هى السمع .. فالنوم آية .. قال تعالى { ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن فى ذلك لآيات لقومٍ يسمعون } فجمع بين النوم والسمع فى سياق واحد . . وكما فى سورة الكهف { فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عدداً } أما الدماغ فلا ينام بالمعنى المفهوم ولكنه يتغير ، فبعد أن كان يبث على موجات عالية يصبح على موجات أقل تردداً ، ولذا رُفع القلم عن النائم حتى يستيقظ لأن العقل مناط التكليف .
أيضاً هل تأملت نائمين متجاورين ودار بخلدك أن أحدهما ربما ينعم بالرؤى الصالحة ويود ألا يستيقظ الدهر كله مما يجد من لذة .. والذى يجاوره فى شقاء ويُعذب بالأحلام الشيطانية المزعجة يود لو لم ينم .. هل ساءلت نفسك هل يعلم هذا عن مجاوره ؟ أو يعلم ذاك عن هذا ؟ هل إستعظمت هذا ؟ !!
إن هناك ما هو أعظم وأكبر .. قال تعالى { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } غافر 57

عجائب خلق الله فى الجـنين :
هل تعلم أن للجنين نفسية لا ينفصل فيها عن أمه ، فتراه فى حالات إنكماش واكتئاب مرة ، وحالات إنشراح وانبساط أخرى ، فنجده مضطرباً حين تقع أمه فى أزمة إنفعال حادة كغضب أو تأثر جسدى كوقوع على الأرض أو إصطدام بشئ تبعاً لتأثر أمه بذلك ، وتجده هادئاً عندما تنصت أمه لسماع ما تستريح إليه النفس من قرآن وعلم دينى ، بل أنها حين تسمع صوت أبيه وتنصت له رأوه عن طريق أجهزة التصوير الضوئى كالمنصت له تبعاً لأمه .. والأعجب من هذا أنهم شاهدوا الجنين يتأذى ويبدى الإنزعاج لبعض المخالفات الشرعية كالتدخين – عافانا الله وإياكم – فقد وجد الطبيب فى تجربة عملية أن الجنين هادئاً ساكناً وعند تدخين أمه لسيجارة وبمجرد إلتقاطها وإشعالها أشار المقياس الى إضطراب الجنين تبعاً لإضطراب قلب أمه فسبحان الله الذى جعله فى وسط ظلمات ثلاث يتأذى مما تتأذى منه أمه وإن كانت هى لم تشعر بذلك .

عجائب خلق الله فى السـماء :
إن علماء الفلك يكتشفون من خلال تجاربهم ومراصدهم ومناظيرهم كل يوم ما يُدهش العقول فى هذا الكون الفسيح حتى قال مكتشف الجاذبية معبراً عن إكتشافه وضآلة ما إكتشفه بجانب ذلك الخلق العظيم : لست أدرى كيف أبدو فى نظر العالم ولكنى فى نظر نفسى أبدو وأنا أبحث فى هذا الكون كما لو كنت غلاماً صغيراً يلعب على شاطئ البحر فيلهو بين حين وآخر بالعثور على حجر أملس أو محارة بالغة الجمال فى الوقت الذى يمتد فيه محيط الحقيقة أمامى دون أن يسبر ( يكتشف ) أحد غوره .
وصدق الله : { وما أوتيتم من العلم إلا قليـلاً } الإسراء 85 . لقد رأى أحبتى فى الله مجموعة النظام الشمسى وقد تألفت من مائة مليار نجم قد عُرف ، وعُرف منها الشمس ، وتبدو هذه المجموعة كقرص قطره 90 ألف سنة ضوئية وسُـمكه 5 آلاف سنة ضوئية ومع هذا البُعد الشاسع فإن ضوء الشمس يصلنا فى لحظات ، وكذلك ضوء القمر . بل لقد رأى هناك مجموعات تكبرها بعشرات المرات أخص منها مائة مليار مجموعة تجرى كلها فى نظام دقيق بسرعة هائلة كلٌُ فى مساره الخاص دون إصطدام { كلٌ يجرى لأجلٍ مسـمى } الزمر 5 . هذا الذى رآه ، وما لم يره أكثر ، فقد قال الله تعالى { فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون } الحاقة 38 و 39 ..
لذا أدعوك أن تخلو بنفسك دقائق فى ليل صفا أديمه وغاب قمره ثم تأمّـل عالم النجوم وأعلم أن ما تراه ماهو إلا جزء يسير من 100 مليار مجموعة عُرفت وكثير منها لم يُعرف كل منها فى مسار معين لا يختلط بغيره ثم انقل تفكيرك الى ما بثـّـه الله فى السموات من ملائكته لا يُحصيهم إلا هو سبحانه فما من موضع أربع أصابع إلا ومَلَك قائم لله راكع أو ساجد يطوف منهم بالبيت المعمور كل يوم 70 ألف لا يعودون إليه الى قيام الساعة . . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنى أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون . أطّت السماء وحق لها أن تئـط مافيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَك واضع جبهته ساجداً لله تعالى . والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفُرش ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله " الصعدات : الصحارى .قال أبو ذر : والذى نفسى بيده لوددت أنى كنت شجرة الأرض – صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة رقم 5347 .
ثم أنقل نفسك وتجاوز تفكيرك الى بصيرة يسير بها قلبك الى عرش الرحمن ، وقد علمت بالنقل سعته وعظمته ورفعته ، عندها ستعلم أن السماوات بملائكتها ونجومها ومجراتها ومجموعاتها ، والأرض ببحارها وجبالها وما بينهما بالنسبة للعرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة .. فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير .

تأمل خلـق الأرض :
تأمل هذه الأرض بينما هى هادئة ساكنة وادعة ، مهاد وفراش ، قرار وذلول ، خاشعة فإذا بها تعتز ، تتحرك تثور ، تتفجر ، تدمر ، تبتلع ، تتصـدع ، زلازل ، خسف ، براكين ، تجدها آية من آيات الله ، وكم لله من آية يُخـوِّف الله بها عباده لعلهم يرجعون ، وهى مع ذلك جزاءً لمن حق عليه القول ، وهى أيضاً تذكير بأهوال الفزع الأكبر يوم يُبعثون ويُحشرون .
يذكر صاحب علوم الأرض القرآنية أنه قبل حوالى خمسة قرون ضرب زلزال شمال الصين عشر ثوان فقط : هلك بسببه 430 ألف شخص ، وقبل ثلاثة قرون ضرب زلزال مدينة لشبونة فى البرتغال لعدة ثوان هلك فيه 600 ألف شخص ، وأنفجرت جزيرة كاراكاتو فى المحيط الهندى قبل قرن فسُمع الإنفجار الى مسافة خمسة آلاف كيلو متر مربع وسجلته آلات المراصد فى العالم وتحولت معه فى ثوان جزيرة حجمها 20 كيلومتر الى قطع نثرها الإنفجار على مساحة مليون كيلومتر مربع وأرتفعت أعمدة الدخان والرماد الى 35 كيلومتر فى الفضاء وأظلمت السماء على مساحة مئات الكيلومترات حاجبة ضوء الشمس لمدة سنتين ، وأرتفعت أمواج البحر الى 30 متر فأغرقت 36 ألف نسمة من سكان جزيرتى جاوة وسومطرة . { وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر } قال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم } الأنعام 65 .. فنعوذ بالله أن نُغتال من تحتنـا ..

التأمـل فى خـلق الهـواء :
إذا تأملت ذلك وجدت آية من آيات الله الباهرة ، وقد حبسه الله بين السماء والأرض ، يُدرك ولا يُرى ، جعله الله مِلكاً للجميع ولو أمكن الإنسان التسلُـط عليه لباعه وأشتراه ولتقاتل مع غيره عليه كما فعل بأكثر الأشياء التى سخرها له المولى عز وجل وعلا ..
جعل الله الهواء بحكمته يجرى بين السماء والأرض ، والطير محلقة سابحة ، يحركه الله بأمره فيجعله رياحاً رخاء وبُشرى بين يدى رحمته فيه مبشرات ولواقح وذاريات ومرسلات ، ويحركه فيجعله عذاباً عاصفاً قاصفاً فى البحر وعقيماً صرصراً فى البر ، تتوزع الرياح على سطح الأرض تحت نظام مُحكم فتلقح الأزهار ، فتبارك من جعلها سائقاً للسحاب تذروه الى حيث الله شاء .. فهل تأملت يوماً من الأيام سحاباً مظلماً قد إجتمع فى جو صاف لا كدر فيه وهو لين رخو حامل للماء الثقيل بين السماء والأرض حتى إذا أذن له خالقه أرسل الريح تلقحه وتسوقه فينزل قطرة قطرة لا تختلط قطرة بأخرى ولا تدرك قطرة صاحبتها فتمتزج بها ، بل كل واحدة فى طريق مرسوم لها حتى تصيب الأرض التى عُيـنت لها لا تتعداها الى غيرها .. { وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون } الجاثية 5 .. هل تأملت هذا ؟ أحسب أنك تقول نعم ومعها لا إله إلا الله ..

التفكر فى عجائب البحـر :
إن لله فى البحر لآيات ، وأعلم أن الماء يملأ ثلاثة أرباع سطح الأرض ، فما الأرض بجبالها ومدنها وسهولها وأوديتها بالنسبة الى الماء إلا كجزيرة صغيرة فى بحر عظيم يعلوها الماء من كل جانب ، وطبعه العُلو لولا إمساك الرب سبحانه وبحمده له بقدرته ومشيئته لطغى على الأرض فأغرقها ودمرها وجعل عاليها سافلها ، فتبارك الله لا إله إلا هو رب العالمين ..
ذكر ابن القيم فى مفتاح دار السعادة : فى البحار حيوانات كالجبال لا يقوم لها شئ ، وفيه من الحيوانات ما يُرى ظهورها فيظن من عِظمها أنها جزيرة فينزل عليها الركاب ويُشعلوا نارهم ، فتحس بالنار إذا أوقدت فيُعلم أنه حيوان ..
ثم أنظر الى السفن وسيرها فى البحر تشقه وتمخر عبابه بلا قائد يقودها ولا سائق وإنما قائدها وسائقها الريح التى سخرها الله لإجرائها ، فإذا حُبست عنها الريح ظلت راكدة على وجه الماء فذاك قول الله تعالى { ومن آياته الجوار فى البحر كالأعلام إن يشأ يُسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن فى ذلك لآيات لكل صبّـار شكور } الشورى 32 – 33 .
فى أواخر القرن 19 الميلادى صنع الإنجليز باخرة عظيمة كانت فخر صناعتهم كما يقولون ، ثم انطلقت فى رحلة ترفيهية حاملة على متنها علية القوم ونخبة المجتمع – كما يصفون أنفسهم – وقد بلغ الفخر والغرور ببُـناة السفينة درجة كبيرة فسموها الباخرة التى لا تُقهـر – بل إن أحد أفراد طاقمها قال بما ترجمته ( حتى الله نفسه لا يستطيع أن يُغرق هذا المركب ) جلّ الله وتعالى وتقدس لا يعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء ، وفى اليوم الثالث من سيرها فى المحيط الأطلسى إصطدمت بجبل جليدى عائم ففتح فيها فجوة بطول 90 متر ، وبعد ساعتين وربع تستقر الباخرة التى لا تُقهر فى قعر المحيط ومعها 1504 راكب وحمولة بلغت 46 ألف طن .
وتأمل معى كيف مد الله البحار وخلطها ومع ذلك جعل بينها حاجزاً ومكاناً محفوظاً فلا تبغى محتويات بحر على بحر ولا خصائص بحر على بحر عندما يلتقيان .. فى إيران أنهار عندما تلتقى بمياة البحر ترجع عائدة الى مجاريها التى أتت منها .. وتلتقى مياة المحيط الأطلسى بمياة البحر الأبيض فتبقى مياة البحر الأبيض أسفل لثقلها ولكثرة ملحها وتعلو مياة المحيط لخفتها ، وكلٌ فى مجراه ، {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان : 53]

عجائب خلق الله فى مخلوقاته :
قال : انظر وتأمل تلك النملة الضعيفة ترى عبراً وآيات باهرات تنطق بقدرة رب الأرض والسماوات : تنقل الحبَّ الى مساكنها وتكسره حتى لا ينبت إذا أصابه بلل وتُخرجه الى الشمس إذا خافت عليه من العفن ثم ترده الى بيوتها .. كما أنها تعتنى بالزراعة وفلاحة الأرض : تشق الأرض وتحرثها وتزيل الأعشاب الضارة وتنظف الأرض ثم تتسلق الشجر وقت الحصاد وتذهب بها الى مخازنها ، بل إن لها مدافن جماعية تدفن فيها موتاها ، وفوق هذا تعرف ربها وتعرف أنه فوق سماواته مستوٍ على عرشه بيده كل شئ ..
روى الإمام أحمد فى الزهد من حديث أبو هريرة رضى الله عنه يرفعه ، قال : خرج نبى من الأنبياء بالناس يستسقون فإذا هم بنملة مُستلقية على ظهرها رافعة قوائمها الى السماء تدعو ربها ، فقال : إرجعوا فقد سُقيتم بغيركم ( رواه الدارقطنى فى سننه والحاكم فى المستدرك وصححه الألبانى فى المشكاة )
ومن عجيب أمر القردة ماذكره البخارى فى صحيحه عن عمرو بن ميمون قال : رأيت فى الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فأجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا .. – رواه البخارى فى مناقب الأنصار – عجباً لها قرود تُقيم الحدود حين عطّلها بعض بنى آدم !! إن هدايتها فوق هداية أكثر الناس !!
وأغرب من ذلك أن الحيوانات فيها مشاعر الإحساس بالذنب وتعاقب نفسها على ذلك ، ومن ذلك ما ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى فى كتاب الخيل ( له من طريق الأوزاعى ) أن مُهراً أنزى على أُمه ليلقحها فأمتنع ، فأُدخلت فى بيت وجللت ( أى : غطوها ) بكساءٍ فأنزى عليها فنزى ، فلما شم ريح أمه عمد الى ذكره فقطعه بأسنانه من أصله . فتح البارى 7 / 161 ..
ومن عجيب أمر الفأرة ما ذكره صاحب كتاب ( العقيدة فى الله ) أنها إذا شربت من الزيت الذى فى أعلى الجرة ينقص ويعز عليها الوصول إليه فى أسفل الجرة فتذهب وتحمل فى أفواهها الماء ثم تصبه فى الجرة حتى يرتفع الزيت فيقترب منها ثم تشربه .. من علمها ذلك ؟ !! إنها لم تتعلم الكثافة وموازينها ولم تتعلم أن الماء أثقل من الزيت فيعلو الزيت على الماء .. فمن علمها هذا ؟ !! إنه الله ، أحق من عُبد وصُلى له وسُجد .
سبحان من يُجرى الأمور بحكمة فى الخلق بالأرزاق والحرمان ..
وتأمل معى النحل : فهى مأمورة بالأكل من كل الثمرات بخلاف كثير من الحشرات التى تعيش على نوع معين من الغذاء وتعجب أنها لا تأكل من التبغ ، فلا تأكل إلا الطيبات ، فهل يعتبر بذلك أهل العقلات !!
ومما يُذكر أن ألدّ أعداء النحل هو الفأر يُهاجم الخلية فيشرب العسل ويلوث الخلية فماذا تفعل النحلة الصغيرة أمام الفأر الذى هو لها كجبل عظيم ؟ إنها تُطلق عليه مجموعة من العاملات فتلدغه حتى يموت . لكن : كيف تُخرجه ؟ إن بقى أفسد العسل ولوث أجواء الخلية ، ولو إجتمع نحل الدنيا كله على إخراجه ما استطاع . فماذا يفعل ؟؟
جعل الله عز وجل له مادة شمعية يفرزها ويُغلف بها ذلك الفأر فلا ينتن ولا يتغير ولو بقى ألف عام حتى يأتى صاحب الخلية فيُخرجه .. فسبحان من خلق فسوى وقدّر فهدى ..
فيا عجباً من مضغة لحم أقسى من الجبال تسمع آيات الله تُتلى فلا تلين ولا تخشع !!

لله فى الآفـــاق آيـات لعـل أقـلها هو ما إليـه هـداكا
ولعل مافى النفـس من آيـاته عجب عجـاب لو تـرى عيناكا
والكون مشحون بأسـرار إذا حاولت تفســيراً لها أعيـاكـا
قل للمريض نجا وعوفى بعدما عجزت فنون الطب : من عافاكا ؟
قل للصحيح يموت لا من علةٍ : من بالمنايا يا صـحيح دهـاكا ؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فأسأله : من ذا بالسـموم حشـاكا ؟
وأسـأله كيف تعيـش يا ثعبـان أو تحيا وهذا السـم يملأ فاكا ؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً ، وقل للشهد من حلاكا؟
بل سـائل اللبن المصـفى كان بين دمٍ وفرث مالذى صـفّاكا ؟
قل للهواء تحسه الأيدى ويخفى عن عيون النـاس : من أخفاكا ؟
وإذا رأيت النبت فى الصحراء يربو وحده فأسـأله من أرباكا ؟
قل للمرير من الثـمار من الذى بالمُـر دون الثـمار غـذّاكا ؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فأسأله من يا نخل شـق نواكا ؟
سـتجيب مافى الكون من آياته عجب عُجـاب لو ترى عيناكا
ربى لك الحمـد العظيم لذاتـك حمـداً وليـس لواحـدٍ إلاكا
يا مدرك الأبصـار والأبصـار لا تـدرى له ولكنهه إدراكا
إن لم تكن عينى تراك فإننى فى كل شـئ أسـتبين عُـلاكا
يا أيها الإنسـان مهلاً ما الذى بالله جـل جـلاله أغراكا ؟!!

إنه الله { الذى أحسن كل شئٍ خلقه } لا إله إلا هو ، أنت من آياته ، والكون من آياته ، والآفاق من آياته تشهد بوحدانيته .. سبحان الله ..

aliabdallah77

الحمـدلله

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 335 مشاهدة
نشرت فى 31 ديسمبر 2011 بواسطة aliabdallah77
aliabdallah77
إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة فالله لا يحابي الجهلاء فالمسلم الجاهل سيغرق والكافر المتعلم سينجو »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

629,649

لا تنسى ذكر الله

اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ