إن معبد أبو سمبل هو أكبر معبد منحوت في الصخر في العالم ، ويعتبر آية في العمارة والهندسة القديمة . فقد نحت في قطعة صخرية على الضفة الغربية للنيل في موضع غاية في الجمال. ومن الصعب أن نتصور لماذا توجد مثل هذه العمائر الضخمة في منطقة بعيدة في البلاد ، ولذلك تعليلان: إما أن يكون تل أبو سمبل له قدسية ما ، أو أن الفرعون أراد أن يبهر جيرانه في منطقة قريبة من الجندل الثاني فيريهم قوته وثراءه .
وهناك أدلة على أن أصل الفكرة في تشييد معبد في أبي سمبل كانت لسيتي الأول ولا شك أن جزءاً كبيراً من الداخل كان قد نحت قبل أن يعتلي رمسيس الثاني العرش ولكن إلي أي مدى كان سيتي مسئولاً عن الشكل الأخير وخاصة الواجهة هذا ما لا نعرفه . وكالعادة لا يرجع رمسيس أي فضل لمن سبقوه .
وقد قام أسرى الحرب ببناء المعبد وأنهوا عملهم قبل سنة 1259 ق.م وكرس هذا لعبادة "رع حر ما خيس" مثل معابد عديدة في النوبة . وهذا الإله قد اندمج مع الشمس ويصور عادة على هيئة بشرية ورأس صقر مرتدياً قرص الشمس ، والغرض من المعبد ومكانه هو عبادة الشمس .
وأهم ملامح واجهة المعبد ضمن التماثيل الأربعة الضخمة للملك التي نحتت في صخر التل. وهذه التماثيل الجالسة ، اثنان على كل جانب من جوانب المدخل ترتفع أكثر من 65 قدماً وتمثل الملك رمسيس مرتدياً التاج المزدوج لمصر ، وعلى كل تمثال وبين الأرجل نجد تماثيل للملكة نفرتاري "جميلة الجميلات" وبعض الأطفال الملكيين ومع أنهم مثلوا بحجم كبير إلا أن شكلهم يبدو صغيراً بالنسبة للتماثيل الفخمة . وكل من المجموعات الأربعة تقف على قاعدة عالية نقش عليها خرطوش رمسيس ومجموعة من الأسرى الآسيويين والزنوج . أما العروش التي على شكل صندوق والتي تجلس عليها التماثيل فقد نقشت بالمجموعات التقليدية التي تمثل اتحاد الأرضيين والواجهة التي تكون المنظر الخلفي للتماثيل الأربعة فقد نحتت على شكل صرح ذي كورنيش نقش عليه صف من القرود مرفوعة الأذرع إلي أعلى على هيئة تمثالاً لإله الشمس "رع حور ما خيس" له رأس الصقر الذي خصص له المعبد .
ويوصل المدخل إلي بهو كبير به صفان من أربعة أعمدة مربعة تتكئ عليها تماثيل ضخمة للملك واقفاً مرتدياً التاج المزدوج وحاملاً العصا والمذبة ولقد كسيت الأعمدة وجدران البهو الذي يصل ارتفاعه إلي 30 قدماً بمناظر ونصوص دينية وأعمال الملك الحربية في نضاله ضد الحيثيين في سوريا والكوشيين في السودان أما السقف فزين بمناظر تقليدية وهي الخرطوش والعقاب ذو الجناحين الممدودين .
ونجد في الجدارين الشمالي والغربي مداخل تؤدي إلي مجموعة من الحجرات كانت تستعمل غالباً كمخازن للكهنة فمناظر الجدران كلها دينية .
أمام الباب الأوسط في الجدار الغربي فيوصل إلي بهو صغير تحمل أسقفه أربعة أعمدة مربعة فيوصل إلي بهو صغير تحمل أسقفه أربعة أعمدة مربعة والمناظر كلها في هذا البهو ذات طابع ديني . وتصل بعد ذلك إلي غرفة صغيرة توصل إلي قدس الأقداس الذي يحوي ثلاثة أبواب في الجدار الغربي اثنان على جانبي الدار توصلان إلي حجرات غير منقوشة وأما الوسطى والتي تستند إلي محور المعبد المستقيم فتوصل إلي قدس الأقداس ، وفي الجدار الغربي لقدس الأقداس نجد أربعة تماثيل جالسة نحتت في الصخر ، وهي تماثيل حور ـ أختى ـ وبتاح ورمسيس الثاني نفسه مع الإله آمون رع إله الشمس ، وفي وسط الحجرة نجد أمامهم مائدة قرابين غير منقوشة وكانت الضحايا والقرابين تقدم عليها عندما كان نور الشمس المشرقة يدخل بعد الفجر .
ومن أهم المظاهر التي تميز هذا المعبد عن غيره من معابد المصريين القدماء دخول أشعة الشمس في الصباح المبكر إلي قدس الأقداس ووصولها إلي التماثيل الأربعة ، فتضئ هذا المكان العميق في الصخر والذي يبعد عن المدخل بحوالي ستين متراً . ففي عام 1874م قامت المستكشفة الآنسة اميليا ادوارذ والفريق المرافق لها في رصد هذه الظاهرة وتسجيلها في كتابها المنشور عام 1899م (ألف ميل فوق النيل) كما يلي : تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها ، فإن أي مشاهد إذا لم يراقب سقوط أشعة الشمس هذه يساوره شك في أثرها القوي المحسوب بدقة حسب علم الفلك والحساب عند قدماء المصريين حيث حسب بدقة ووجه نحو زاوية معينة حتى يتسنى سقوط هذه الأشعة على وجوه التماثيل الأربعة .
ففي الساعة السادسة وخمس وعشرين دقيقة في يوم 21 فبرار ، أو الساعة الخامسة وخمس وخمسون دقيقة في يوم 21 أكتوبر بالضبط من كل عام يتسلل شعاع الشمس في نعومة ورقة كأنه الوحي يهبط فوق وجه الملك رمسيس ويعانقه ويقبله ، فيض من نور يملأ قسمات وجه الفرعون داخل حجـرته في قدس الأقداس في قلب المعبد المهيب ، إحساس بالرهبة والخوف ، رعشة خفيفة تهز القلب ، كأن الشعاع قد أمسك بك وهزك من أعماقك بقوة سحرية غامرة ، أي سحر وأي غموض يهز كيانك وأنت تعيش لحظات حدوث المعجزة ، ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة مكوناً حزمة من الضوء تضئ وجوه التماثيل الأربعة داخل قدس الأقداس .
أليس غريباً حقاً ألا تتغير حسابات الكهان والمهندسين والفنانين ورجال الفلك المصريين عبر مشوار من الزمن طوله أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثمائة سنة .
من المعلوم أنه نتيجة للحركة الحقيقية لدوران الأرض في مدار شبه دائري حول الشمس ، فإنه يتبعه حركة ظاهرية لدوران الشمس على ما يسمى بدائرة البروج السماوية وهي دائرة تميل بمقدار 23.5 درجة على ما يسميه الفلكيون دائرة الاستواء السماوي ، لذلك فإن للشمس حركة يومية للمكان التي تشرق منه على الأفق ، فهي تشرق من اتجاه الشرق الحقيقي يومي 21 مارس ، و 23 سبتمبر من كل عام وهما بداية الربيع والخريف .
أما في فصلي الربيع والصيف فإنها تشرق من ناحية الشرق مع انحرافها لبضع درجات ناحية الشمال حيث تبلغ قيمة هذا الانحراف أقصى ما يمكن يوم 21 يونيو ومقداره 23.5 درجة من ناحية الشمال ، أما في فصلي الخريف والشتاء فإنها تشرق من ناحية الشرق مع انحرافها لبضع درجات ناحية الجنوب حيث تبلغ قيمة هذا الانحراف أقصى ما يمكن يوم 21 ديسمبر ومقداره 23.5 درجة ناحية الجنوب .. وبالتالي فإذا كان هناك ممر طويل على الأفق ومغلق من ناحية الغرب فإن أشعة الشمس سوف تتعامد على جداره المغلق مرتين كل عام إذا كان محور هذا الممر في اتجاه الشرق أو منحرفاً عنه ناحية الشمال أو الجنوب بزاوية مقدارها 23.5 درجة كحد أقصى .
لذلك فدخول أشعة الشمس إلي معبد أبو سمبل مرتين في العام وتعامدها على التماثيل الأربع في قدس الأقداس هذا أمر طبيعي لأن درجة انحرافه عن الشرق الحقيقي هو عشر درجات ونصف ناحية الجنوب .
لكن تبقى المعجزة .. إذا كان يومي تعامد الشمس مختاراً ومحددين عمداً قبل عملية النحت .. لأن ذلك يستلزم معرفة تامة بأصول علم الفلك .. وحسابات كثيرة لتحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق .. بجانب المعجزة في المعمار بأن يكون المحور مستقيم لمسافة أكثر من ستين متراً ولا سيما أن المعبد منحوت في الصخر ؟!! .
قيل أن يومي 21 فبراير ، و21 أكتوبر هما عيد ميلاد جلوس رمسيس الثاني على العرش .. مع أنه ليس هناك أي مرجع تاريخي يؤكد أو حتى يشير إلي هذا القول .
يؤكد تساؤلنا هذا .. ما ذكرته بعض المراجع بأن هناك أدلة على أن أصل الفكرة في تشييد معبد في أبو سمبل كانت لسيتي الأول ، وأن جزءاً كبيراً من الداخل كان قد نحت قبل أن يعتلي رمسيس الثاني العرش .
وفي اعتقادي بأن هذان اليومان بداية موسم الزراعة عند قدماء المصريين (21 أكتوبر) بعد انحسار مياه الفيضان والتي كانت تغرق كل الأراضي القابلة للزراعة وبداية موسم الحصاد (21 فبراير) لبعض المحاصيل التي يمكن أن تُأكل وهي خضراء كالبصل والفول الأخضر . وهما بلا شك يومان مهمان في حياة الإنسان المصري القديم عندما كانت تزرع الأرض لمرة واحدة في العام على نظام الري بالحياض . وقد أكد هذا الاعتقاد ما كتبه "كنت كتشن" في بداية الفصل الرابع من كتابه (رمسيس الثاني فرعون المجد والانتصار) بأنه ما كاد تشرق شمس يوم 27 من شهر الصيف الثالث (أوائل يونيه 1279 قبل الميلاد) حتى أعلن تتويج الملك رمسيس الثاني بعد وفاة والده الملك سيتي الأول .
والآن ننتقل إلي التقرير الجيولوجي عن المعبد والذي أعده مكتب استشاري فرنسي بناء على طلب اليونسكـو والحكومة المصرية ونشر بباريس في أكتوبر 1960م ، يقول التقرير في الفصل الثالث ـ الجزء الثاني عشر ما نصه : هناك احتمال قوي بأن محور المعبد الكبير بأبو سمبل لم يتم اختياره عمداً بواسطة المعماريين والمهندسين المصريين القدماء بل أنه فرض عليهم نتيجة لتركيبات جيولوجية داخل الصخر ، كما أن التقرير يذكر بأنه ليس هذا هو الحالة الوحيدة بل أن محور معبد هاتور آلهة الحب والجمال عند قدماء المصريين فرض على المعماريين القدماء أيضاً لأسباب جيولوجية تتعلق بعروق الصخر .
لقد كانت الشمس هي المعبود الأول عند قدماء المصريين وكان قرص الشمس"رع" هو أكبر آلهتهم ، وقد أقاموا له المعابد وقرنوا أسمه بأسمائهم واتخذوا من مدينة عين شمس مركزاً لعبادته ، وكان الغرض من نحت معبد أبو سمبل في جبل صخري وفي مكان نائي مقدس لهم ، هو عبادة الشمس عند شروقها . لذلك ومنذ عصر ما قبل بناء الأهرامات أهتم المصريون القدماء بتتبع حركة الشمس بين النجوم ورصدها رصداً دقيقاً منتظماً .
ومن الأدلة البارزة على دقة ارصادهم وسبق غيرهم في رصد ودراسة حركات الأجرام السماوية دراسة عميقة مؤسسة على أرصاد دقيقة منتظمة ، ومعرفة بأصول الرياضيات : ـ
أولاً : أنهم استخدموا تقويماً فلكياً محكماً من أقدم العصور اتخذوا فيه السنة النجمية وحدة أساسية في قياس الزمن ، وقاسوا أطوالها 365.25 يوم بظاهرة الاحتراق الشروقي للشعرى اليمانية وكان ذلك يحدث وقت فيضان النيل ، وتدل نقوشهم على أنهم عرفوا ذلك قبل بناء الأهرامات ، وابتكروا السنة المدنية وقسموها إلي اثنتي عشر شهراً كل منها ثلاثين يوماً يضاف إليها خمسة في نهاية العام نسئ تقام فيها أعيادهم . أما معاصريهم من الرومانيين واليونانيين والآشوريين كانوا يتخبطون في محاولات لربط أوائل الشهور القمرية بأوائل الشهور المدنية . ويدلنا هذا على أنهم عنوا بدراسة حركة الشمس الظاهرية وسط النجوم الثابتة منذ أقدم عصور التاريخ واستنبطوا من ذلك طول السنة النجمية وليس في هذا ما يدعوا إلي الغرابة فقد كانت الشمس أهم معبوداتهم .
ثانياً : بناء الأهرام كمقابر للملوك نظراً لإيمانهم بالبعث . فيلاحظ في بناء الأهرام أنها أقيمت عند خطي عرض 30 5 شمالاً على حافة المستوى الصخري وليس في وسطه ، وأضلاع قواعدها تنطبق مع الاتجاهات الأصلية لأقرب خمس دقائق قوسية بآلاتنا الحديثة . وتتساوى أضلاعه إلي أقرب عشرين سنتيمتراً وكذلك فإن ممراتها المائلة تنطبق على المستوى الزوالي ، وتضئ الشمس خلال سبعة أشهر نصفها قبل ونصفها بعد الانقلاب الصيفي الأوجه الأربعة عندما يكون على خط الزوال ، وقد استنتج بعض الفلكيين حالياً أن الممرات الداخلية كانت تستعمل كآلات زوالية لرصد النجوم وأن ضوء الشعرى اليمانية كان عمودياً على الوجه الجنوبي للهرم الأكبر عام 2700 قبل الميلاد .
وتدلنا هذه الدقة في تعيين الاتجاهات وتحديد المواقع إذا ما قيست بصعوبتها في الوقت الحاضر باستعمال الأجهزة الحديثة على أن الكهنة المصريين الذين كانوا يشرفون على بناة الأهرام لابد وأنهم استعانوا بالأرصاد الفلكية في تعيينها .
ومن آثارهم التي تدل على عنايتهم بدراسة الأجرام السماوية صور البروج النجومية التي يحلى بها سقف معبد دندرة والموجودة الآن في متحف اللوفر بباريس والنقوش على جدرانه التي تبين ساعات النهار والليل وأوجه القمر ومسار الشمس بين النجوم .
وقد قمنا بتصميم برنامج للحاسب الآلي وتغذيته بمعطيات وبيانات فلكية وجغرافية وطبوغرافية وذلك لحساب زوايا ارتفاع الشمس فوق الأفق سمت السموات (الأفقية) لمعبد أبو سمبل لكل يوم على مدار العام ، وكذلك حساب الزوايا الأفقية للشمس المشرقة عند خطوط العرض المختلفة لمصر القديمة بداية من خط عرض 20 درجة حتى 35 درجة .
واتضح من الحسابات بأن فروق الزوايا الأفقية للشمس المشرقة في أيام التماثل يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر تضييق كلما اتجهنا جنوباً فهي لمنف 9.2 دقيقة قوسية ولطيبة 7.5 دقيقة قوسية ، ممـا قد يشير بأن اختيار المعبد في الجنوب قد يكون راجع لأسباب فلكية ومعمارية بجانب قدسية المكان ، والزاوية الأفقية هي زاوية انحراف الشمس عن الشمال الجغرافي مقاسة في اتجاه الشرق وهي الزاوية التي يجب أن ينطبق عليها تماماً اتجاه محور المعبد يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر لكي تتم ظاهرة تعامد الأشعة على قدس الأقداس عند شروق الشمس . حيث أن زاوية انحراف محور المعبد عن الشمال الجغرافي هي مائة درجة وثلاثة وثلاثون دقيقة قوسية وثلاثة وثلاثون ثانية قوسية مقاسة في اتجاه الشرق قبل نقل المعبد لأعلى الهضبة خلال الستينات من هذا القرن لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي ، كما يجب التنويه بأن عملية نقل المعبد ثم إعادة تركيبه تمت بدقة متناهية لتعتبر عملاً هندسياً معمارياً لم يسبق له مثيل .
كما اتضح من الحسابات بأن الشمس من المفروض أن تشرق على معبد أبو سمبل يوم 21 فبراير الساعة السادسة واثنين وعشرين دقيقة لو لم يكن هناك حاجب طبوغرافي لها على الأفق الشرقي .
لكن من الثابت أن الظاهرة تحدث عند الساعة السادسة وست وعشرين دقيقة وعندما تتطابق الزاوية الأفقية للشمس مع زاوية اتجاه محور المعبد تماماً ، حيث أنه خلال هذه الدقائق الزائدة تكون الشمس ارتفعت فوق الأفق بمقدار 34 دقيقة قوسية وأصبحت التلال التي في الجهة الشرقية للنيل لا تحجب وصول أشعتها للمعبد ولقدس الأقداس . فهناك إذن علاقة ما بين ارتفاع التلال الشرقية وزاوية اتجاه محور المعبد .
وهذا الاستنتاج الأخير يؤكد بأن اتجاه محور المعبد كان مختار بدقة متناهية ومحدد مسبقاً قبل عملية النحت لتحقيق ظاهرة تعامد أشعة الشمس على قدس الأقداس يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر ، من كل عام وأن الحسابات أجريت على أسس وأصول فلكية وجغرافية وطبوغرافية ورياضية سليمة منذ حوالي ثلاثة آلاف وثلاثمائة عام .
نعود الآن إلي يومي 21 فبراير و 21 أكتوبر وعدم اليقين في دلالة كل منهم وهم يومين متماثلين في الزوايا الأفقية للشمس المشرقة عند أبو سمبل ، ونود القول بأن هناك أيام متماثلة أخرى مثل يومي 22 فبراير و 20 أكتوبر ، وأن فروق الزوايا الأفقية للشمس المشرقة بين هذه الأيام الأربع الأخيرة لا تتعدى عشرين دقيقة قوسية ومن المحتمل أن تكون هذه الأيام الأربع الأخيرة لها دلالة في التاريخ المصري القديم بجانب احتمال اليومين الأساسيين وهما 21 فبراير و 21 أكتوبر .
كما نود القول بأن محور المعبد قبل نقله لأعلى الهضبة ليس بالضرورة تماماً هو نفس الاتجاه في سنوات تشييد المعبد منذ ثلاثة آلاف وثلاثمائة سنة حيث يمكن أن يكون هذا الاتجاه قد تغير بمقدار لا يزيد عم عشرين دقيقة قوسية وذلك لأسباب فلكية وهي تغير الشمال الجغرافي نتيجة لدورة النجم القطبي الشمالي الحقيقي للأرض دورة كل اثنين وعشرين ألف سنة ولا سيما أن أرصاد الفلكيين المصريين القدماء كانت معتمدة على رصد النجم القطبي الشمالي ، وليس هذا بيت القصيد الأساسي ، حيث أثبتت الدراسات أن هذا التأثير صغير ، لكن التأثير الأقوى هو تحرك القشرة الأرضية في مصر نتيجة لتزحزح القارات وهذا ما أثبتته الدراسات الجيوفيزيائية الحديثة بقياس التثاقلية الأرضية حول بحيرة السد العالي ، كذلك الدراسات الفضائية الحديثة باستعمال أجهزة الليزر في رصد الأقمار الصناعية للاستفادة منها في مجال الجيوديسيا ، كما أن المنطقة حول بحيرة السد العالي يوجد بها نشاط زالزالي منذ قديم الزمن نتيجة لفالق كلابشة الطبيعي فقد حدث زلزال عام 1210 قبل الميلاد أدى إلي تحطيم أحد التماثيل الأربع الموجوة في واجهة المعبد أثناء حكم سيتي الثاني حيث قام هذا الملك بترميم أول التمثالين الواقعين على شمال البوابة والذي بدأت عليه بعض علامات التلف .
كما نود أن نشير أيضاً إلي أن أضلاع قواعد الأهرامات تنطبق مع الاتجاهات الأصلية لأقرب خمس دقائق قوسية بآلاتنا الحديثة كما أسلفنا الذكر ، إلا أن هناك بحوث حديثة تشير إلي أن هذا الفرق الصغير جداً لا يزيد عن خمس دقائق قوسية ليس نتيجة عيب في البناء أو خطأ من المعماريين القدماء ولكنه نتيجة لتحركات القشرة الأرضية في مصر السفلى ، وأن هذه التحركات أكبر في قشرة أرض مصر العليا .
محمد مجدى<!--IBF.ATTACHMENT_478-->
ساحة النقاش