1- افهم الآخرين:
وها هي وسيلة أخرى للتواصل وجلب السعادة والرضاء للنفس، ففي هذه الجزئية يخبرنا د. ريتشارد كارلسون أنه إذا اراد الشخص منّا الشعور بالسعادة وعدم الإحساس بالبغضاء أو الكره عليه أن يحاول فهم الآخر، وأن يهتم أكثر بفهم الآخرين، وأن يهتم أقل بفهم الآخرين له.. فيجب أن يأتي فهمك للآخرين قبل كل شيء، فعندما تفهم الجهة التي انحدر منها الآخرون، وما الذي يحاول قوله، وما هي الأمور التي تستحوذ على اهتمامهم؛ عندها سيأتي الفهم بشكل تلقائي.
ويحكي المؤلف إحدى القصص كمثال على هذه الجزئية لنستوعب الفكرة بشكل أكبر، فيقول: "كنت أعمل مع زوجين قضيا السنوات العشر الأولى من زواجهما في حالة من الإحباط والخلاف بشأن حالتهما المادية.. لم يكن الزوج يدري السر وراء رغبة زوجته في الاحتفاظ بكل مليم يحصلان عليه، أما هي فلم تكن تدري السر وراء كونه مبذرا، ومع الأسف لم يكن أي من الزوجين يشعر بتفهم الطرف الآخر له، لقد كان كلاهما بحاجة لأن يتوقف عن تفسير تصرف الآخر على هواه وعن مقاطعة الآخر، وأن يستمع له بإنصات، وبدلا من الدفاع عن مواقفهم كانا في حاجة لأن يفهم كل منهما الآخر قبل كل شيء.. وهذا بالضبط ما أوصلتهم إليه فقد عرف الزوج أن الزوجة كانت تدخر؛ حتى تتجنب الكوارث المادية التي أصابت أبويها، وقد علمت أن الزوج كان خائفا من أن تشعر هي بأنه مقصر معها، كما كان الحال عليه مع أبويه، وكان يرغب في أن تفتخر به.. ومع تعلّم كليهما تفهّم الآخر لتحوّل شعور كل منهما تجاه الآخرين من الكراهية إلى الحب".
2- استمع بشكل أفضل:
إن الاستماع الفعال ليس مجرد عدم مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم أو إنهائه، بل أن تستمع برضا إلى حديث شخص آخر حتى النهاية، بدلا من الانتظار بفارغ الصبر حتى تحين فرصة للرد.
ويخبرنا المؤلف أنه بشكل ما فإن الطريقة التي نفشل فيها في الاستماع إلى شخص آخر تعد مؤشرا للطريقة التي نعيش بها حياتنا، فغالبا ما نتعامل مع الحوار مع الآخرين على أنه سباق، وكأن هدفنا ألا تكون هناك فواصل زمنية بين نهاية حديثه وبداية حديثنا!!
ويضيف د. ريتشارد كارلسون أنك عندما تصبح مستمعًا أفضل؛ فهذا سيجعلك إنسانا أكثر طمأنينة، ويزيل عنك الشعور بالضغط، كما أنه أمر لا يتطلب قدرا هائلًا من الطاقة.. لكن عندما تنتظر بتشوق لتخمين ما سيقوله الشخص الذي أمامك حتى تصب عليه بعد ذلك ردك هو أمر باعث على التوتر بدرجة كبيرة، ولكن بينما تنتظر ممن تحادثه إنهاء كلامه، وبينما تستمع بانتباه لما يقول ستلاحظ أن الضغط الذي يقلقك قد زال وستشعر كذلك أنت ومن تتحدث إليهم بالارتياح، كما ستشعرون بالأمان لو أبطأوا من ردهم؛ وذلك لأنهم لن يشعروا بأنهم في تنافس معك للاستحواذ على وقت المحادثة، فعندما تصبح مستمعا سيؤدي بك الأمر إلى أن تصبح أكثر صبرا، وسيزيد كذلك من جودة علاقتك مع الآخرين؛ وهذا لأن الجميع يحبون الشخص الذي يستمع إلى ما يقولون.
عندما نكون سيئي المزاج نشعر بأن حياتنا أسوأ مما هي عليه
3- اختر معركتك بحكمة:
ويشرح المؤلف هذه الجزئية ويقول إن عبارة "اختر معركتك بحكمة" تعني أن الحياة مليئة بالفرص، وأن نختار أن نضخم شيئا ما أو أن ندعه في حال سبيله مدركين أنه لا يهم مهارة يجب أن نتعلمها؛ وهذا لأننا إذا انتقينا معاركنا بحكمة فسنوفر على أنفسنا الكثير من العناء والجهد.. وبالتأكيد فستكون هناك بعض الأوقات التي نرغب فيها لأن نجادل أو نواجه أو نقاتل من أجل شيء نؤمن به، ومع ذلك فإن هناك الكثيرين ممن يجادلون، يواجهون ويقاتلون على كل شيء دون تمييز وهم يحوّلون حياتهم إلى سلسلة من المعارك على أمور تعد نسبيا من صغائر الأمور، مما يملأ حياتهم بكثير من الإحباط واليأس والضغط العصبي والتوتر!!
والحقيقة أن الحياة نادرا ما تكون على الحال التي نريدها، كما أن الآخرين لا يتصرفون بالطريقة التي نرغبها، وسوف يكون هناك دائما من يختلف معك أو من ينجز الأمور بشكل مختلف عنك وكذلك أمور لا تنجح، واسأل نفسك هل من المهم حقا أن تثبت لزوجتك أنك على حق وهي على خطأ؟! أو أن تصطدم بسيارتك بشخص ما لأنه ارتكب خطأ طفيفا؟! واعلم أنك إذا ما ناضلت ضد مبادئ الحياة تلك فستقضي معظم حياتك وأنت تخوض المعارك، لذلك حاول أن تنتقي من الأمور المهم فقط ولا تصارع وتضخّم كل شيء تافه.
4- انتبه لتقلباتك المزاجية.. فقد تخدعك:
وفي هذه الجزئية يحذرنا د. ريتشارد كارلسون مما يسمى "التقلبات المزاجية"، حيث يمكن للتقلبات المزاجية أن تكون خداعة للغاية؛ فعندما نكون سيئي المزاج نشعر بأن حياتنا أسوأ مما هي عليه، وتبدو الحياة صعبة ومضجرة بدرجة لا تحتمل، وتكون نظرتنا للأمور ضيقة كما نأخذ الأمور بمحمل شخصي، وغالبا ما نسيء الظن بمن حولنا، أما عندما يكون مزاجنا صافيا فتبدو الحياة بالنسبة لنا رائعة، وننظر للأمور بمنظور صائب، ونتمتع كذلك بالفطنة والحكمة.. فمزاج الإنسان عندما يكون صافيا لا يشعر أن الأمور على درجة كبيرة من السوء، وتبدو المشكلات أقل صعوبة وأكثر طواعية للحل، وتنساب العلاقات والمحادثات مع الغير بكل يسر.
لذلك إذا مررت بحالة من تقلب المزاج فكن أكثر فطنة، وقل لنفسك بأن هذا سوف يمر، ولا تتسرع بالحكم على الأمور، أو أن تلقي باللوم على من حولك، واعلم أن المزاج المتعكر لا يُعد الوقت المناسب لتحليل حياتك وفعلك، لذلك يُعد بمثابة انتحار عاطفي، لذلك انتظر قليلًا حتى تشعر باعتدال مزاجك وابدأ في التفاعل.
5- الحياة مجرد اختبار:
وفي هذه الجزئية يخبرنا المؤلف بأننا إذا ما تعاملنا مع الحياة على أنها اختبار فسنبدأ في النظر إلى كل مسألة تواجهنا على أنها فرصة للنمو والانخراط في المجتمع، وسواء أمطرت علينا الدنيا المشكلات والمسئوليات أو حتى العقبات التي لا تقهر ونظرنا إليها باعتبارها اختبارا فستكون هناك دائما الفرصة لكي نحقق النجاح.. بمعنى أن نقهر ما يتحدانا.
وبهذا نكون قد انتهينا من الجزء السادس من عرض الكتاب، مع وعد منا باستكمال بقية الأجزاء في الأسابيع المقبلة بإذن الله، في انتظار مشاركاتكم واقتراحاتكم.
ساحة النقاش