<!--<!--<!--
بصراحة وباختصار شديد أحسن وصف لما فيه نحن الآن وبعد أن أصبح التشتت هو السمة الأولى والغالبة على كل مظاهر حياتنا.. ، وما يحدث اليوم في مصر من هذا الانفصال الكبير بين الحقيقة وبين الأكاذيب.. هو ما كتبه ابن خلدون فيلسوف التاريخ العربي في مقدمته التي كتبها قبل أكثر من خمسمائة عام ، يكاد " ابن خلدون " يرسم صورة حقيقية أو صورة فوتوغرافية للمشقة التي يمكن أن تواجهها أي محاولة لاستجلاء الحقيقة ، أو ما هو قريب منها في حدث من حجم ونوع 25 يناير وما ثار حولها ولا يزال . . . حين يقول في مقدمته العظيمة " إن الغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل، فالأخبار مظنة الكذب ومطية الهذر، والكذب متطرق للخبر بطبيعته ". ثم يمضى بعد ذلك يُعدّد الأسباب المؤدية إلى ذلك فيقول : " منها التشيّعات للآراء والمذاهب ، فإن النفس إذا كانت في حالة الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر ، حتى تتبين صدقه من كذبه ، وإذا خامرها تشيّع لرأى أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأوّل وهلة وكان ذلك الميل والتشيّع غطاء على عين بصيرتها من الانتقاد فتقع في قبول الكذب ونقله .
ومنها الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه فيقع في الكذب.
ومنها الجهل في تطبيق الأحوال على الوقائع لأجل ما يداخلها من التلبيس والتصنُّع فينقلها المخبر وهى بالتصنُّع على غير الحق في نفسه .
ومنها تقرّب الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب .
ومنها الجهل بطبائع الأحوال في العمران ، فإن كل حادث من الحوادث ذاتاً كان أو فعلاً لا بد له من طبيعة تخصّه في ذاته وفيما يعرض له من أحواله ، فإذا كان السامع عارفاً بطبيعة الحوادث والأحوال في الوجود ومقتضياتها أعانه ذلك في تمحيص الخبر وعلى تمييز الصدق من الكذب .! " أرجو أن تكون الصورة وضحت.
ساحة النقاش