قال تعالي: ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) (المائدة:15) وقال سبحانه: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء:9). لما كان هذا الدين هو الخاتم والباقي إلي قيام الساعة أنزل الله القرآن علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وتكفل بحفظه فقال تعالي: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) بخلاف الديانات الأخرى إذ لم يتكفل الله سبحانه وتعالي بحفظ كتبها وإنما كلف كل من قام عليها بالمحافظة عليها، وجعل لذلك من الأسرار والحكم والتي منها: أولاً: تيسيره للذكر والحفظ قال تعالي: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:17) قال ابن عباس: لولا أن الله يسره علي لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل فهو كتاب ليس مكتوبا في الصحف فحسب، ولكنه يحفظ في الصدور ليعمل به ويحكم به وكما جاء في فتح الباري عن أبي أمامة أنه قال: «اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن». ثانياً: الأجر العظيم علي قراءة القرآن وشفا عته لحامله يوم القيامة: فقد وعد الله سبحانه وتعالي قاريء القران بالخير الكثير فبكل حرف يقرؤه حسنة لقول النبي صلي الله عليه وسلم «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة لا أقول «ألم» حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» (الترمذي)، وقوله أيضا «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (أخرجه مسلم). ومن هنا كانت شفاعة القرآن لأهله بالغة بهم أرقى المنازل، وأرفع الدرجات فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (أخرجه البخاري والترمذي). وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «من تعلم آية من كتاب الله استقبلته يوم القيامة تضحك في وجهه» (رواه الطبراني ورجاله ثقات). ولأهل القرآن وحملته منزلة خاصة عند الله جل وعلا فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته وإن توقير أحدهم وإجلاله يعدُ إجلالاً لله تعالي صاحب الفضل الأول علي أهل القرآن ففي الحديث عن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير المغالي فيه والمجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط» (أخرجه أبو داود) ، وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله من الناس آهلين، قالوا يا رسول الله من هم؟ قال :هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته» (أخرجه ابن ماجه والإمام أحمد في مسنده) ، ويقول الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه: (لكل آية في القرآن درجة في الجنة، ومصباح في بيوتكم) ، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» أخرجه البخاري . ومن الفضل العظيم أن يكون لحامل القرآن شفا عته في أهله وذويه وأول من يستفيد من هذه الشفاعة والداه اللذان أسهما في توجيهه نحو حفظ القرآن الكريم ففي الحديث عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا ؟» (أخرجه أبو داود وأحمد) . إن القرآن الكريم هو روح أمتنا الإسلامية وبتطبيق أحكامه وشرائعه والعمل بما فيه يكون الهدى والعز والنصر والتأييد. وإدراكا من الجمعية لهذه الحقيقة كان لها الدور العظيم في هذا المجال حيث أدرك علماء الجمعية وقادتها أن طالب العلم لابد أن يصرف عنايته أولا إلي حفظ كتاب الله تعالي ثم يترقى منه إلي باقي المعارف والعلوم إن أراد النجاح والتقدم له ولأمته المسلمة يقول الإمام النووي: «كان السلف لا يعلمون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن الكريم ». فحرصت الجمعية علي تحفيظ القرآن الكريم أبناء الأمة المسلمة من كل فئات المجتمع المسلم من أيتام وطلاب علم وغيرهم حتى يخرج جيل يحمل أمانة هذا الدين . من أجل ذلك كان مشروع تحفيظ القرآن الكريم 

 

إن القرآن الكريم هو روح أمتنا الإسلامية وبتطبيق أحكامه وشرائعه والعمل بما فيه يكون الهدي والعز والنصر والتأييد، وإن حاجة المرء إلي القرآن الكريم لا تنتهي فهو يقرؤه في صلاته ويزكي به نفسه ويغذي به روحه ويستشهد به في قضاياه وأحكامه، وحفظه للقران الكريم يجعله قادرا علي مواجهة ومناظرة أعداء الدين. ولقد أصبح واضحاً إهمال الناس في حفظ القرآن الكريم حيث ألهتهم المادة والتنافس في طلب المزيد من متع الدنيا عن هذا الخير العظيم، ولا يصلح هذا الأمر إلا وجود حفظة للقرآن الكريم يسدون حاجة الأمة ويرفعون الوزر عنها. إن رسولنا صلي الله عليه وسلم يوضح لنا أهمية حفظ كتاب الله في الحديث "عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحُدٍ في ثوب واحد، ثم يقول أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلي أحدهما قدمه في اللحد" (أخرجه البخاري) . إن خلو المرء من حفظ شيء من القرآن الكريم يجعله كالبيت الخرب ينعدم الخير فيه وفيمن يعولهم ويكون طريقا إلي استحواذ الشيطان عليه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب) (أخرجه الترمذي). وانطلاقا من هذه المعاني السابقة حرصت الجمعية علي تعلم القرآن الكريم وتعليمه وعُرف هذا الحرص في سلوك أبنائها ورجالها. وسيراً علي منهاج الجمعية المرتكز علي كتاب الله وسنة رسوله كانت عنايتها بالقرآن الكريم وحفظه، وإشراف ومتابعة دورية ومستمرة من الجمعية حيث تجرى اختبارات المحفظين علي أيدي علماء الجمعية والمتابعة الجادة وعقد المسابقات وتكريم الأوائل والمجيدين لحفظ كتاب الله وذلك في آخر شهر رمضان المعظم من كل عام. المنهج والمنهاج: ولعودة الكتاتيب إلي عهدها الأول كان منهج الجمعية أن تتصل الكتاتيب بالمساجد حتى تكون محضناً لتربية جيل المساجد الذي يحمل أمانة هذا الدين فإن الهدف ليس تخريج أعداد من الحفظة الذين يرددون القرآن ولا يعملون به ولكن تخريج جيل تربى علي القيم والسلوك الملتزم بها واحترام المساجد وقدسيتها وتعلم الوضوء والحرص على الصلاة في أوقاتها و تشبع العقيدة الصحيحة والعبادات والواجبات التي تبني عقلية الطفل المسلم، فالمسجد هو المكان اللائق بتخريج الرجال كما قال تعالي: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (النور:36، 37) ذلك أن من أهداف الجمعية إمداد المعاهد الأزهرية بطلاب العلم المجيدين لحفظ القران الكريم وأحكامه. ويشترط في هذه الكتاتيب: 1- أن المكان بالمسجد أو فوقه أو متصلا به. 2- وجود المحفظ الذي يجيد حفظ القرآن مجود. 3- ألا يقل عدد الأولاد أو البنات عن ثلاثين طفل لإجازة الكتاب سواء من الأيتام أم طلاب العلم الفقراء وأبناء المسلمين عموما. 4- الالتزام بالجوانب الشرعية من عدم الاختلاط فيجلس الأولاد أمام محفظ وتجلس الأختى وأختك أمام محفظة. ولقد أثمر هذا العمل الصالح ثماره المرجوة فمشروع تحفيظ القرآن الكريم يطبق الآن في 3مساجد تضم 90 طفلاً منهم 50 طفلاً يتيما و40 طفلاً من غير الأيتام ومن طلاب العلم. وهكذا وعت الجمعية أن بناء الرجال من الصغر لا يكون إلا بحفظ كتاب الله وأحكامه فقدر القرآن لا يعرفه إلا أمة رُبيت علي تعاليمه ووعت مسئوليتها عن وراثة الأنبياء والرسل قال تعالي: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (فاطر:32) كيف تساهم: يمكن المساهمة في هذا المشروع من خلال التبرع المالي بموجب الإيصال الدال على ذلك بالجمعية أو المساهمة عن طريق التبرع العيني بتقديم ما يخدم المشروع من أشياء عينية إما بالتبرع العام أو تحمل نفقات كتاب أو أكثر بمعدل 150 جنيها شهريًا لكل كتاب وهي قيمة ما تمنحه الجمعية للمحفظ الذي يقوم بتحفيظ الأطفال القرآن الكريم.


المصدر: محمد سليم
alber-altkwa

ثورة 25 يناير انتصار لإرادة الشعب المصرى وبداية عهد جديد - نحمل الخير لمصر

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 2475 مشاهدة
نشرت فى 19 مايو 2010 بواسطة alber-altkwa

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

824,031

كافل اليتيم مع النبى فى الجنة

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: [قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك]"
قال الله تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة 
                        كفالة اليتيم