العدد 4 لستة 2016

يعود الحمام

للشاعر : شكري مسعي

غدا قد يعود الحمام الذي هجّرته
رعود الرّصاصِ
فطار بعيدا ...
و أضحى شريدا بيم ّ الغيابِ
يقبـّل –عشقا- شفاه السّماء
و يرسم فجرا عديم الرّجاء
بريش التمنّي
بكفّ الضباب ِ
و ترسو به الرّيح فوق الجبال
كنجم ضرير كطيف السّرابِ
يطير الحمام
يبعثره في المدار الغمامُ
غدا ربّما إنْ أراد الرجوع
لأرض غضوب سقتها الدّماء
وأينع فيها نبات الخرابِ
فأضحت جِنانــا لكلّ الكلابِ
و قصرا مشيدا لبعض الذئاب
سيشرب من كفّ ذاك الغريب
وينقرُ حـَبّ الأسى و العذابِ
و يجثو كئيبا .. وحيدا ..شريدا..
كسير الجناح
على كلّ باب
و أنتِ هناك ... سبتكِ الوعودُ
و في مقلتيْكِ ينام ُ الصباحُ
و يجثو على ناظريْهِ الظلامُ
لماذا إذا ما أردتِ البكاء
تشحّ الدموع ُ
و ينضبُ فيكِ رعاف المآقي
و يزهر فيك ِ وميضُ السّراب
سيأتي الحمام
بوعد جديد ..بحلم غريد
ببيتين من شعر ذلك الغريب
الذي قال يوما :
لنا الأ رض و المجد مهما فعلتم ..
لنا الصوت ُ حتّى يموتَ الكلام ُ
سيأتي الحمام
يرِفّ جناحاه شوقا إليكِ
إلى شهقة من ضلوع الرّبابِ
إلى صرخةٍ من جنون الغيـابِ
و حين أفقتِ
وقفتِ على ربوة المستحيلِ
تصدّين طود اللّظى و الرّياحِ
و كلُّ المدائنِ ثكلى تنوحُ
و كلُّ الأديمِ علاه الحطامُ
ألستِ التي عمّدتها الدّماءُ
و حرّق أهدابـَها الأشقياءُ؟
لماذا يخونكِ بعضُ الرّفاقِ
و ينسون عهد الوفا و الكتابِ ؟
و أنتِ التي تنجبين الرّجالَ
لكي يمنحوكِ رحيقَ الحياة
سيهطل من كفّك الماء يسقي
أديم القلوب
فيربو السّلامُ
و يشدو اليمامُ
و يعلو على الصومعات الحمامُ
و يسري الهديلُ
يغازل –شدوا- جبين القِبابِ
يعود الحمام
ليُخرسَ صوت الرّدى
و الرّصاص
و يكتب فوق شفاه الحقول
قصيدة عشق بلون السّحابِ
يعودُ بحقلٍ من الأمنِياتِ
لأرضٍ جفتها عيون الرّبيع
و شابت رباها و صارت يبابا
و أمطرها الجدب سيلا حميما
فأينع فيها نبات السراب
لك الآن أن تحلمي بالرّجوع
فقد مات عهد الجفا و الغياب
يعود الحمام
ينقّط فوق القبور حروفا
من الشدو .. من أغنياتٍ عِذاب
و يرسم فوق جبين التراب
سطورا من الحبّ و الاشتياق
و يذرو رماد الأسى و الفراقِ
يعود الحمــامُ
يؤوب الحمام .

المصدر: البيت الثقافي العراقي التونسي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة
نشرت فى 7 مايو 2016 بواسطة albashiq
albashiq
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,707