- ولد بمدينة المراغة محافظة سوهاج 5/3/1881 ونشأ فى أسرة تعشق العلم .
- أتم حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة ودخل الأزهر وتلقى العلم على كبار شيوخه .
- كان رحمه الله أصغر من حمل العالمية ، اذ حصل عليهافى سنة 1904 م ،وكان ترتيبه الأول بين أقرانه وهو فى الثالثة والعشرين من عمره، وكان الذى تولى امتحانه الشيخ الأمام محمد عبده،مع غيره من العلماء.
- ظل طوال حياته على هذا النهج فكان أصغر من ولى منصب من المناصب التى وليها من حيث السن.
- اختير ليكون قاضيا بمديرية دنقلة ،فأمضى بها عاما نقل بعدهاقاضيالمديرية الخرطوم،فمكث بها عامين،ثم عاد بعدها الى القاهرة،لخلافنشأبينه وبين السكرتير القضائى،بونهام كارتر،حيث كان القاضى المصرى يتقاضىراتبايقدرب 14جنيها،وكان القاضى الأنجليزى يتقاضى 50 جنيها.أصر المراغى على زيادة الرواتب للقضاة المصريين،ولما باءت جهوده الفشل رجع الى مصر.
- عادالى السودان مرة اخرى ليعمل قاضيا للقضاة فى الفترة من1908/1919،واشترط لقبول المنصب أن يتم تكليفه من قبل خديوى مصر،وهى سابقة لم الا له،مع زيادة راتبه سبعة أضعاف.
- وقف مساندا للثورة الوطنية فى مصر سنة1919وأرسل نداء بالأكتتاب للمصريين فى السودان،لمساندة ضحايا الثورة فى مصر ،واستطاع جمع ستة آلاف من الجنيهات ،ولم تفلح جهود الأنجليز فى اثنائه عن مساندة تلك الثورة .
- لم يجد الأنجليز بدا من السعى الدائب لنقل الشيخ المراغى من السودان.
- بعد عودته من السودان سنة1919وحتى1928شغل المناصب الآتية:
• رئيس محكمةالتفتيش الشرعى بوزارة الحقانية.
• رئيس محكمة مصر الأبتدائية الشرعية.
• عضو المحكمة العليا الشرعية.
• رئيس المحكمة العليا الشرعية.
فى مايو 1928 عين شيخا للأزهرالشريف ليتبوأالمكانة الجديرة به.ففى هذه الفترة كان الطلاب الأزهريون يخضعون للهياج السياسى ،وعندما توفى الشيخ الجيزاوى،وعين الشيخ المراغى ،لم يلق أختياره رضاء العديد من المشايخ، حيث كان أول شيخ للأزهر من خارجه ،وظنوا به الظنون، وانتهب الفرصة المغرضون من رجال الأحزاب المناوئة فأثاروا الطلاب.
واستمر الأمام المراغى أربع عشرة شهرا ، ولا شك أن هذه الفترة القصيرة كانت من أخطر فترات الأزهر، وأجلها شأنا ، فقد وضعت البذور ،ثم تركتها لتعمل عملها ،حتى آتت أكلها بعد خمس سنوات
رفع الأمام مذكرة للقصر لاصلاح الأزهر،وبعدها بدأالقصر يضيق بآرائه الأصلاحية،فرفض مذكرته،وهنا رفض المراغى الاستمرار،فاستقال من مشيخة الأزهر.
كان الأمام أول وأخر من استقال من الأزهر برضاه ،ولا يستوى فى ذلك مع الشيخ الظواهرى لأن الظواهرى دفع اليها دفعا.
عين بعده الشيخ الظواهرى ، ورغم ما قام به منجهد أثير, الا أنه لم يخل من نقمة المعارضة وحملة الناقمين ،فمن ناحية أخذ عليه الناقمون من دعاة التقدم اتجاهه المحافظ ،كما برم به سبعون من
مشايخ المسنين ابعادهم عن التدريس،ونقم حزب الوفد عليه تقربه من الملك فأثاروا عليه الطلاب،وازدادت الثورة على الظواهرى،ووقف الشبيبة من من علماء الأزهر وطالبوا نتنحية الظواهرى.وكانوا يرفعون شعار "أما تحت راية المراغى ، واما الى القرى تاركين الأزر للبوم و الغربان"وكان من زعماء الطلبة وقتئذ الشيخ محمد حسن الباقورى. واستحكم النزاع والاضراب حتى ألغيت السنة الدراسية،بقرار من مشيخة الأزهر ،وبعد أن فصل منهم ومن العلماء عدد كبير، ومن هنا بدأ الموقف يتغير،فقدخشى الانجليز،من الأزهريين فى البلاد،ومن تعبئتهم الرأى ضدهم ، فتنازلوا عن موقفهم ضد الشيخ المراغى ،وكانوا يثقون فى الشيخ المراغى رغم معارضته لهم فى السودان.
تم تعيين الشيخ المراغى مرة أخرى فى ابريل 1935 ،وكان اول ما قام بهحمل الملك على اصدار قانون 26مارس1936 ،بمراجعة وتقنين ماجاء فى قانونى 1930،1933،فى صورة شاملة ليكون الأزهر المعهد الدينى الأعظم فى العالم السلامى،لنشر الشريعة الاسلامية ، واللغة العربية وتعليمها ودعم مكانتهاوأن الشيخ الذى يختاره الملك،هو صورة مثلىلرجال الدين ،والشرع أينما وجدوا.
هز المراغى فى فترته الثانية الأزهر بعنف فأنزل من شرفاته آثار الجمود،واستطاع نقل الأزهر من الجامع الى الجامعة،ومن الماضى الى المستقبل ، حتى قيل عنه :
"ان كان جوهر قد بنى الحجر ،فان المراغى قدبنى الجوهر"
عمل المراغى على تنظيم الأزهر، سواء فيما يتعلق بمستقبل خريجيه،أو لعلاقته بالدولةوالأمة،وبدأالشيخ اصلاحاته التى ضمتها مذكرته.تم تقسيم القسم العالى الى كليات ثلاث ؛الشريعة، واللغة العربية،وأصول الدين. ثم بدأ الامام ينظم البعثات ، وأنشأ مجلة الأزهر،وقسم الوعظ،ومعهد القراءات ،ولجنة الفتوى، وأنشأ المدينة الأزهرية، ومكتب البحوث الثقافية،والمعاهد،والوحدة الطبية.
كان خريجوا الأزهر شغل المراغى الشاغل فيما يتعلق بمستقبلهم،حتى أنه عمل على السماح لخريجى كلية اللغة بالعمل فى مدارس الحكومة ونجح فى ذلك.
ومن أهم أعماله انقاص مخصصات شيخ الأزهر الى النصف واستبداله جراية الخبزبالنقود،وقصدبذلك رفع معنوية النفس الأزهرية وتحويلها من وضع الى وضع.
يمكن القول باطمئنان أن المراغى "رحمه الله"قد نقل الأزهر من الموت الى الحياة بأعمال أربعة رئيسية:
مذكرته الخالدة فى الأصلاح.
فتح باب الأجتهاد فى الفقه ونقل الدين من التقليد الى الأجتهاد.
هيأ الجو لعالمية القرآن.
فتح باب الأمل أمام الأزهريين.
كان المراغى على المستوى الشخصى مشاركا فى الحياة السياسية،وأدلى برأيه فى كل الأحداث الجسام التىواجهت الأمة،حتى أن حاكم السودان البريطانى،أيام أن كان بها الأمام المراغى،بعث الى وزارة الخارجية البريطانية يقول أن "الشيخ المراغى يعد من دهاة العالم".
وكان الأمام المراغى لايتراجع امام الحق مهما كانت الأسباب،،حتى مع الأيذاء البدنى ،فقد اعتدى عليه "بماء النار"سنة 1926 وهو فى طريقه الى المحكمة الشرعية،لاجباره على التنازل عن نظر أحد القضايا ،وحين زاره المطران " جوين" مطران الشرق فى المحكمة العليا قال له:
"ان الأثر الموجود فى عنقك هو نيشان العدالة" .
رغم أن الأمام المراغى كان من حملة أفكار الأمام محمد عبده، الاأنه لم يثبت على وجه التحقيق أنه تلقى على الأمام محمد عبده كثيرا من دروس الأزهر ،ولكن الثابت يقينا أنه استمع الى دروسه الحرة فى الرواق العباسى ،وكانت فى التاريخ والاجتماع ،وعمل على توثيق صلاته به للانتفاع بعلمه وأفكاره المجددة،لذا كان للامام المراغى،رحمه الله ، أثر بعيد فى كل عمل أدبى جديد،فطوق أعناق كل من أخذ الثقافة العربية الجديدة بسبب.
كان المام المراغى مجددا فى كل عمل تولاه فى هذه الفترة،قاضيا،ومفتشاللمساجد،ورئيسا للمحكمة،وكان وهو رئيساللمحكمة جل همه الأسرة واصلاحها.
ويستفاد من مجمل مواقف الشيخ المراغى،أنه كان سياسيا ممتازا ،يفهم السياسةبمعناها الواسع ،ويجعلها النصيحة لأولى الأمر، والميزان المعتدل فى جميع الأمور .
وكم اصطدم الأمام المراغى مع حكومات قوية ،وفى أكثر من عهد ،ولكن ظلت مكانته فى نفوس الحاكمين مكانة الأجلال والأحترام،فلم تخدشها الخصومة ،ولم يؤثر عليها كدر العلاقات.
وان كانت الفلاسفة قد اختلفوا فى وصف البطولة،فقد كان المراغى بكلا على اى صورة كانت.فان قيل أن البطولة هى أن يكون البطل مقتحما،لايخاف ولا يهاب فقد كان المراغى كذلك.وان كانت البطولة هى الحكمة والعقل الذى يقدم متى كان الأقدام عزما,وتحجم متى كان الأحجام عزما ،فقد كان المراغى كذلك.واذا كان البطل هو من يقوى على أهواء النفس ويردغرائزها فهو كذلك. وهو البطل اذا كانت البطولة رسم المناهج أو تنفيذها أو الغلبة على النفس أو السيطرة عليها. وان كانت البطولةهى تغيير مجرى التاريخ،وتحويل الحوادث، فمن ذا الذى ينكر أن المراغى غير صفحة تاريخ الأزهر ،وحول مجرى الأحداث فى الفكر الأسلامى. وان كانت البطولة هى انشاء مدرسة جديدة تثبت الأيام حاجة الناس اليها،فقد فعلها المراغى. واذا كانت البطولةهى أن تفتح للناس بابا مؤصدا يلائم بين حاجاتهم،وبين قواعد الدين، ويوافق بين سعادتهم وبين قوانين الحياة، فقد فتح المراغى للناس باب الأجتهاد على مصراعيه. وانقيل أن البطولة هى التضحية،فحق كان المراغى مفطورا على أن يفتدى الله بكل شئ .
وصدق امرسون اذ يقول :"أن البطولة كل البطولة أن تحرر نفسك من مغريات المجد ،ومفاتن النجاح المبتور" . لقد كلمته يوم اندلاع الحرب العالمية الثانية وقال: "هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل" .واضطربت بريطانيا ، ووقف الشرق كله ينظر الى الرجل الأعزل، الرجل الذى لم يخش الا الله .
امتاز الأمام المراغى بذاكرة قوية ، وقد جمع الى ذكائه الفطرى ،استقلال الفكر وحب الأطلاع.
كان المراغى رحمه الله يحترم خصومه ، ويعمل للوصول الى الصميم دون أن يجرح كبريائه، أويكشف ما يشعره بالانتقاص .
كان رحمه الله أبعد ما يكون عن النفاق والملق ، يحب الجد ولكن فى يسر،طبع على عشق العمل والانتاج والبحث ،فكان يصرف كل وقته فى العمل ولا يمل.
كان الأعتزاز بالكرامة مفتاح شخصيته ، وكانت حياته كلها صورة لهذه العزة الصادقة،والتى النفس عنده فوق كل شئ.
وافته المنية فى ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء 13 من رمضان 1362من الهجرة ، الموافق 21 من أغسطس 1945 من الميلاد .
ما أن سرى النبأ حتى هز الدنيا ، ففى مصر نعاه الملك " فاروق " بنفسه فى مسجد "سيدي بشر "وخاطب المصلين قائلا :"أطلب منكم أن تقرأوا الفاتحة على روح صديقى الشيخ المراغى شيخ الجامع الأزهر" .
تأجلت احتفالات وفاء النيل ،وأقيمت صلاة الغائب فىمساجد:بيروت ودمشق والقدس ، وأرسلت التعازى من حلب، وأوقف اتحاد العلماء هناك جلساته، وارسلت ايران والحجاز واليمن وسوريا ولبنان ، وفودها وتعازيها ، وأحس الجميع أن الرجل العظيم قد مضى.
نشرت فى 11 مايو 2010
بواسطة alayman
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
114,487