من أنواع المسابقات التربوية الترفيهية رياضة الفروسية؛ وهي رياضة النبلاء والقادة، ولقد حثَّ الشرع على أن يكون الترفيه البدني معينًا على الاستعداد العسكري.
من طبيعة النفس البشرية حبُّ المنافسة، والطموح إلى التقدُّم في كل شيء؛ ولذا فإن الحكمة تكمن في استغلال ذلك فيما يفيد الأبدان، بإجراء المسابقات الرياضية في «محاضن التربية»، وداخل البيوت.
وتعتبر المسابقة بالأقدام من أقدم أنواع المسابقات وأسهلها، وأقلها كلفةً، وقد ورد في قصة يوسف أن إخوته قالوا: ﴿ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾ [يوسف: 17].
قال المفسر ابن سعدي رحمه الله: "نستبق إما على الأقدام، أو بالرمي والنضال".
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم، استخدم هذا الأسلوب التربوي الترفيهي؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها، أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فسابقته على رجلها فسبقته، قالت: فلمَّا حملتُ اللحم سابقته فسبقني، فقال: ((هذه بتلك))؛ رواه أبو داود 2578، والنسائي في الكبرى 5/ 304، وابن ماجه 1979، وأحمد 6/ 264 بسند صحيح.
وبعد غزوة ذي قرد، سابق سلمة بن الأكوع رجلًا من الأنصار إلى المدينة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، فسبقه سلمة؛ «مسلم 4654».
وعندما قفل النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه من غزوة تبوك، قالت الأنصار: السباق؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن شئتم))؛ رواه ابن أبي شيبة 12 /508.
وسابق ابن الزبير عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فسبق ابن الزبير، فقال: "سبقتك"، قال عبدالله: "ثم سبقني"، فقال: "وسبقتك ورب الكعبة"؛ رواه البيهقي في الكبرى 10/ 29.
ومن أنواع المسابقات التربوية الترفيهية: رياضة الفروسية، وهي رياضة النبلاء والقادة؛ لأنها تدل على شجاعة وثبات ورباطة جأش، وقوة عزيمة، ولقد حثَّ الشرع على أن يكون الترفيه البدني معينًا على الاستعداد العسكري، وأجاز بذل العوض فيه، والأصل في ذلك حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل))؛ رواه الأربعة بسند صحيح.
وما رواه أحمد بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "سبَّق بين الخيل وراهن"، وفي لفظ: "سبق بين الخيل وأعطى السابق"، وأصل الحديث عند مسلم بلفظ: «إن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بالخيل…» دون ذكر الرهن.
ومن الاستعداد لمسابقات الفروسية: تعليم الفرس وتأديبها، وفي ذلك أجر إذا احتسب صاحبه ذلك عند الله تعالى؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كل شيء ليس من ذكر الله، فهو لهو أو سهو غير أربع خصال: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته أهله، ورميه بين الغرضين، وتعليم السباحة))؛ رواه النسائي في الكبرى بسند صحيح.
ومن السباقات الرياضية التربوية عند العرب: السباق على الإبل، وهي وسيلة النقل المثلى في الصحاري والفيافي والقفار، وقد كان أغنياء العرب يتنافسون في اقتناء الإبل الأصيلة والسريعة والصبورة، وإجراء المسابقات بين الإبل أمرٌ شائعٌ في العهد النبوي، ففي صحيح البخاري عن أنس قال: "كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ناقة تُسمَّى العضباء لا تسبق..." وروى ابن أبي شيبة في مصنفه أن الصحابة كانوا يسابقون على الخيل والركاب وعلى أقدامهم.
وقد كانت المدارس في السابق مصنعًا للكفاءات الرياضية من أصحاب المهارات الفنية، إلا أن ذلك انعدم، أو كاد أن ينعدم، بسبب إهمال الإدارات المدرسية الاهتمام بالمسابقات بين المدارس في جميع الأنشطة الرياضية دون اقتصار على رياضة واحدة، ونأمل من القيادة الجديدة لوزارة التعليم أن تُولي هذا الجانب الاهتمام اللائق به.
كما أن مدارسنا - في الغالب - تحتوي على ملاعب رياضية جيدة، ولا يُستفاد منها إلا في ساعات صباحية، فما هو المانع إذًا من فتحها لشباب وفتيان الأحياء لقضاء أوقاتهم فيما ينفعهم في أبدانهم، ويمنعهم من إضاعة أوقاتهم فيما يضرهم؟ وقد كانت بطولات الشباب قبل عشرات السنين مجالًا لإظهار المهارات للشباب قبل أن تختطفهم وسائل الإعلام المرئية، والألعاب الإلكترونية، ما أثر في صحَّتهم، وجلب لهم أمراض الكهولة قبل أوانها.
إن المسابقات الرياضية ليست للترفيه فحسب، إنها تبني للاعب مواهب العمل الجماعي، ومهارات القيادة، والتغلب على المشكلات، وخلق الصبر والحلم على الأذى، إنها مدرسة للفن والذوق والأخلاق.