عالم السياسة والثقافة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم
" مسوّدة مشروع إصلاحي مرحلي لإنقاذ الأردن من الانهيار الوشيك , ومن المخططات الصهيونية التي هي الآن قيد التنفيذ "
" بسم الله الرحمن الرحيم "
أيّها الإخوة والأخوات من أبناء هذا الحمى العربي الشريف , أردن الكرامة والشهامة , ودار العروبة وعرين الأحرار :
نحييكم بتحية العزّة والكرامة والإسلام , فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فقد كنّا نتابع بقلوب يعتصرها الألم ما يجري في الوطن طيلة عدّة عقود من الزمان , وكلما ازددنا وعيا ازددنا ألما وحسرة , وإحباطا لما كان يتكشّف لنا من حقائق مذهلة تظهر لنا أن سفينة الوطن بدأت بالانحراف عن الاتجاه الصحيح منذ زمن بعيد , حتى وصلنا إلى قناعة بأن ما وصل إليه الوطن من حال بائسة هو ثمرة طبيعية , ونتيجة حتمية لسياسة ممنهجة كانت تهدف لشلّ قدرات الوطن لئلا ينهض ويتحرر من التبعية لقوى الاستكبار والاستعباد العالمي التي ارتضت لنفسها أن تكون خادما مطيعا الوحش الاستعماري المتصهين الذي فرض على الإنسانية حالة من الشقاء التي لم تعرف لها مثيلا في ماضي الأزمان , فقد أحال حياتها جحيما على الرغم من التقدم الهائل في جميع مناحي الحياة المادية , والذي كان المأمول منه أن يحوّل الحياة الإنسانية إلى جنان النعيم إلاّ أنّه قد حوّل الكرة الأرضية إلى مجرد قرية صغيرة بسبب تتحكّم فيها وتملكها قوى الاستعباد العالمي , تلك القوى التي تمثّل رأس المال الجبّار الذي يملك ( أيدلوجية ) تعطيه البعد الإنساني , وتضفي عليه النظر الفلسفي , وتلبسه لباس العلم , وما هو في واقعه إلاّ منهج شيطاني , ومذهب إبليسي ؛ لاستعباد الإنسانية , وامتصاص دمائها , وجعلها تعيش في جحيم من الشقاء والضيق والضنك , فأصبح الذي يتحكّم في الأرض , ومن عليها , وما عليها حفنة نهمة جشعة من سدنة رأس المال المؤله لا تتجاوز نسبتها واحدا بالمائة ألف من مجموع الإنسانية البائسة المعذّبة في مشارق الأرض ومغاربها .
إنّ تلك الحفنة النهمة ,الجشعة , الشرهة ,المتشيطنة التي تمثّل طبقة السدنة لرأس المال المتأله أو المؤله , وأولئك القارونيين _ قد سخروا جميع القوى التي تملكها الإنسانية في العصر الحديث لاستعباد الإنسانية , وإفسادها , وتحويلها إلى قطعان من الماشية التي لا تحصل على شيء من ثمرة جهدها إلاّ ما يبقيها على قيد الحياة لمواصلة استنزافها , وامتصاص دمائها , وسرقة جهودها ...... وإن اقتضت مصلحة الوحش الرأسمالي المتأله القضاء عليها فإنّه لا يتورع عن ذلك بالتجويع , والحروب الأهلية , ونشر الأوبئة الفتاكة التي تهلك الحرث والنسل .
لقد تماهى النظام الأردني مع هذا النظام الاستعماري المتوحش , وأندفع بالدور الذي يخدم مركز رأس المالي العالمي بإخلاص وحماس أوصل الوطن لحالة الدمار والضياع , وما كان المأمول منه أن يقف في وجه ذلك الوحش الكاسر , ويعلن عليه الحرب , ولكنّه كان قادرا لو أراد أن يحافظ على مقدرات الوطن المادية وطاقاته الإنسانية , ويوجهها بما يخدم الشعب , ويتسق مع الأهداف العليا التي قامت على أساسها الدولة الأردنية الحديثة , والتي ما قامت إلاّ من أجل تحرير بلاد الشام , وتوحيدها تمهيدا لوحدة عربية شاملة , ولولا هذا الهدف المعلن لما قبل الشعب الأردني بمبايعة الملك عبد الله الأول أميرا على هذه البلاد .
إنّ الشعب الأردني ما شارك في الثورة العربية الكبرى إلاّ من أجل تحرير بلاد العرب من الطغمة الطورانية المتهودة لتوحيد بلاد العرب في دولة واحدة قائمة على الإسلام العظيم وهذا ما أكده منشور قائد الثورة الشريف الحسين بن على في منشوره الموجّه لأهل الأردن بتاريخ 20 ربيع الأول من عام 1335هـ , والذي جاء فيه : (( إلى كافّة من من قبائل الشمال ونواحيه , حضريهم , وبدويهم , قرويهم , وشواويهم . قد علمتم قيامنا وأسبابه الموضحة في منشورنا الأول والثاني بما لم يبق لنا حاجة لإعادة للبحث فيه , فعليه فقد أقدمنا ولدنا فيصل بن الحسين ليطارد أعداءنا وأعداءكم , ويذهب رجسهم , وعلى هذا فعلمي بحميتكم وغيرتكم على كيانكم الديني يغنيني عن كل قول , وقد حررت هذا أهديكم به أولا السلام , وتحية الإسلام , وأعلمكم به بأني قد أقمت ابني فيصل المشار إليه مقامي ؛ ليعمل فيكم بكتاب الله وسنة رسوله , وما يجب على كل امرئ يتولى أمرا من أمور عباده , فاعتمدوه بعد الله سبحانه وتعالى , واعتمدوا كلّ ما يقرّكم عليه , وينفذّه بينكم , وقد أمرنا أن ينسخ صورة كتابنا هذا ويبلغه لكلّ من رآه من رؤسائكم وأفاضلكم , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) انتهى . .. تاريخ الأردن في القرن العشرين لمنيب الماضي وسليمان الموسى – ط2 ص 54 .
نعم على هذه المبادئ ساهم أهل الأردن بالثورة , ولأجل استكمال الثورة بايع أهل الأردن الملك عبد الله الأول الذي جاء ليشارك في تحرير بلاد الشام من الاحتلال الفرنسي والبريطاني _ أميرا على الدولة الأردنية الحديثة إلاّ أن الانقلاب على هذا العقد الاجتماعي وذلك العهد والميثاق قد بدأ مبكّرا بتنسيق مع البريطانيين والحركة الصهيونية بعيدا عن أنظار الشعب وبشكل غير ملفت لنظره , واستمرت المسيرة مواصلة الانحراف عن وجهتها حتى استيقظ الناس على انقلاب كامل على ذلك العقد والعهد , وقد تمثّل ذلك بالنتائج التالية :
1. لقد توالى تعديل الدستور الأردني بحيث فرّغ من مضمونه وأصبح دستورا لحكم فردي مطلق يركّز جميع السلطات في يد فرد واحد غير خاضع للمساءلة , وإمعانا في الاستبداد فقد تمّ تعطيل المادة الأولى من الدستور وتعطيل الحياة النيابية طيلة 22 عاما ثمّ العودة غير الحميدة لها , ومسخها بقانون الصوت الواحد , والتزوير , وتتفيه مجلس النواب .
2. بيع مقدرات الوطن والانسحاب من رعاية الاقتصاد وإدارته خلافا لما نصّ عليه الميثاق الوطني حيث جاء فيه " قيام النظام الاقتصادي للدولة الأردنية على أساس احترام الملكية الخاصة وتشجيع المبادرة الفردية ، وتأكيد ملكية الدولة للموارد والثروات الطبيعية والمشاريع الإستراتيجية ، وحقها في إدارة تلك الموارد والثروات والمشاريع أو الإشراف عليها حسبما تقتضيه المصلحة العامة ، وتنظيم الاقتصاد وتخصيص الموارد وفقا للأولويات الوطنية " .وقد جيشت وسائل الإعلام التي مارست أسوأ أنواع الخداع في تروجيها لسياسة الخصخصة , والشريك الاستراتيجي وأرقام النمو الكاذبة .
3. تهميش مجلس النواب , وجعله إفرازا لقانون الصوت الواحد المرفوض شعبيا , وتهديده بالحلّ , وهزّ الثقة فيه , وصرفه عن مهمته الدستورية المتمثلة بالتشريع والرقابة , وتحويله إلى وكيل خدمات للناخبين مما جرّأ الحكومات المتلاحقة على التنافس في الحصول على أرقام قياسية في جلسات الثقة , وهي الحكومات التي كانت تمارس تفكيك الدولة جهارا نهارا , فحمّلت أوزارها وخطاياها إلى المجالس النيابية علاوة على تزوير الانتخابات جهارا نهارا وبدون أدنى مسّوغ إلاّ تأكيد لمقولة " نعزّ من نشاء ونذلّ من نشاء ونرفع من نشاء ونضع من نشاء".
4. إسناد إدارة شؤون الدولة لرجال لا يهمهم أمر الوطن , ويديرون الدولة بعقلية مديري الشركات .
5. توقيع اتفاقية وادي عربة التي تهدد سيادة الدولة ووحدتها وثرواتها , والتي لم تستطع إغلاق ملف القضية الفلسطينية التي لا يزال حلّها على حساب الأردن قائما , والتي لم يجن منها الشعب إلاّ مزيدا من الفقر والبطالة وبيع الموارد والمقدرات , والتحكم الصهيوني بالسياسات والقرارات , وانتشار آفة المخدرات .
6. فرض رقما فلكيا من القوانين المؤقتة المسلوقة ذات اللغة السقيمة التي جاءت لتنفيذ ذلك الانقلاب , والتي حولت الدولة من دور الرعاية الأبوي إلى مجرد خادم لرأس المال , وأصحاب الشركات تمهيدا لتفكيكها لتكون مجرد سلطة ذاتية تابعة للدولة المركزية ( إسرائيل ) .
7. رفض الاستماع للأصوات الوطنية التي تعالت طيلة العقود الماضية محذّرة من مغبة هذا النهج الانقلابي الفظيع .
8. تهميش الوسط السياسي الوطني لصالح الكمبرادورية الطفيلية من وكلاء الشركات الأجنبية، والسماسرة الذين لا يعرفون الأردن ولا يعرفهم .
9. تدمير الاقتصاد الوطني وبيع مقدراته تحت حجّة ضغوط صندوق النقد الدولي .
10. التسيب الأمني , والضعف الفاضح في أداء المؤسسات القضائية والمؤسسات التربوية والعلمية , وعرقلة العمل الحزبي مما أدّى إلى عودة غير حميدة للحال عمّا كان قبل الدولة تمثّل في بعث القبلية من قبل جهلة لا يعرفون أصولها وأعرافها فبعثت قبلية متوحشة مجردة من أعرافها ومنظومتها القانونية الرائعة وأخلاقها العالية، إذ ظن هؤلاء الجهلة أن القبلية تعني الظلم والقسوة وسفك الدم وعدم الخضوع للحق وجهلوا أنها كيان اجتماعي إنساني تخضع لأنظمة وأعراف ومفاهيم لا يملك العاقل الذي يطلع عليها ويدرك أسرارها وحكمها إلا أن ينحني لها إجلالا ..... إن إعادة إنتاج الهويات القاتلة من قبلية وفئوية وجهوية هو نتاج سياسة مدروسة لتفكيك الوطن ليكون لقمة سائغة لقوى الاستعمار والمخططات الصهيونية .
11. انقلاب على موروث الشعب الحضاري , الفكري والأخلاقي بجميع المستويات .
12. تغييب البعد القومي الذي قامت على أساسه الدولة , فالدولة الأردنية قامت لتكون قاعدة لتوحيد بلاد الشام والهلال الخصيب كجزء من مشروع الثورة العربية الكبرى التي قامت على أساس توحيد آسيا العربية في دولة واحدة........ ونصّ ميثاقها الوطني على أنّ ((الشعب الأردني جزء من الأمة العربية، والوحدة العربية هي الخيار الوحيد الذي يحقق الأمن الوطني والقومي للشعب العربي في جميع أقطاره ويحمي الاستقرار الاقتصادي والنفسي لامتنا ويضمن لها أسباب البقاء والنهوض والاستمرار)) ونصّ دستورها في مادّته الأولى على أنّ " المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه , والشعب الأردني جزء من الأمة العربية " .
13. غياب صوت المعارضة المنظّمة عمّا كان يجري , وانشغال تلك المعارضة بتنظيرات فكرية لا تسمن ولا تغني من جوع , وإن ظهرت أصوات خافتة , وحراك ضعيف , وأطروحات خجولة .
لقد أصبح مكشوفا للجميع بأنّ الطحالب المتسلقة والطفيليات الضارّة التي تسللت في غفلة من الدهر , وبدعم من قوى الاستكبار العالمي إلى المواقع المتقدّمة في أجهزة الدولة قد فرضت نهجا جديدا يقوم على تفكيك الدولة , ونهب ثروات الوطن , وإفساد الذمم والأخلاق حتى أصبح الفساد ثقافة وطريقة عيش , وحتى أوصلوا الوطن إلى شفير الهاوية كمريض على أجهزة الإنعاش تضعف أجهزته ببطء ثمّ تموت تباعا ؛ ليتوج ذلك في "كنفدرالية الأراضي المقدسة" أو البنيلوكس الثلاثي (دولة مركزية هي إسرائيل وسلطتان تقومان بالأمن وجباية الضرائب في الضفتين) .
وأمام هذا الواقع الكارثي فقد ضجّ الشعب وتحركت طلائعه قبل الربيع العربي بعدّة سنوات منها ما كان يطرحه معالي المهندس عبد الهادي المجالي بضرورة العودة للعمق العربي , وأطروحات دولة السيّد أحمد عبيدات , ولعلّ أكثرها وضوحا تمثّل في طروحات لجنة المبادرة الوطنية , ولجنة المتقاعدين العسكريين , وصرخات المهندس ليث شبيلات , وحركة المعلمين , ثمّ توالى الحراك , وقيل كل ما يجب أن يقال ووصل الصوت للجميع وبدون استثناء إلاّ أنّ النظام قد قابل كل ذلك بصمم يثير الحفيظة , وتعنت وعناد لا يثير الاستفزاز فحسب ولكنّه يثير علامات استفهام كبرى تؤكد بأنّ النظام يسير وفق مخطط مدروس متعمد لدفع الوطن للهاوية , وإدخاله في مستنقع الفوضى , ولو اقتصر تعنته تجاه المطالب الإصلاحات السياسية والاقتصادية لكان مقبولا نسبيا , ولكنّ هذا التعنت والعناد الاستفزازي قد انسحب على أبسط المطالب الخدماتية والمعاشية والتي أصبحت لا تتحقق إلا باللجوء للشارع الاعتصامات والمنشورات واستقدام الفضائيات .
لقد تابعنا ما يجري طيلة الثلاثة أعوام الماضية فوصلنا إلى يقين قاطع بأنّ النظام ليس لديه أدنى نية للإصلاح , وأنّه يسعى لأمر غير مفهوم للسير بالوطن لنهايات كارثية لن ينجو من ضررها وخطرها أحد بمن في ذلك نفس القائمين على النظام , لذلك فإننا رأينا أن نقدّم رؤية نأمل أن تعزز التعاون بين الحراكات الإصلاحية لدمجها في حراك واحد يقدّم برنامج إصلاح وطني شامل لإنقاذ الوطن بالوسائل السلمية المشروعة من الدمار والانهيار , فرأينا أن نقدّم لجميع إخواننا من أبناء هذا الشعب الكريم بشكل عام , وإخواننا الحراكيين بشكل خاصّ الخطوط العريضة لرؤيتنا للإصلاح , والتي نأمل منهم مناقشتها وتطويرها أو تقديم ما هو أحسن منها لنتبناها التزاما منّا بقول الحقّ جلت قدرته : " الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ " .
المنطلقات والثوابت :
1. إننا نؤمن بأنّ الشعب الأردني هو جزء لا يتجزأ من الشعب العربي والأمّة الإسلامية فكرا , وحضارة , وتاريخا , وطبائعا , وأنّه لن يكون إلاّ بأمته وموروثها الحضاري الخالد الذي يأخذ من الآخرين أحسن ما عندهم , ويترك ما يضرّ أو لا يفيد .
2. أننا نؤمن بأنّ الأردن هي جزء لا يتجزأ من بلاد الشام المباركة , وأنّه بوابة الجزيرة العربية منبع العروبة , ونؤمن أن الشام هي العمود الفقري لجناحي العروبة : عراق المال والرجال , وكنانة الله الخالدة مصر , ونؤمن بأنّ الأردن له ضفتان عربيتان مسلمتان ولا حقّ لغير العرب والمسلمين فيهما , ولا استقرار للعرب بدون السيادة الكاملة عليهما .
3. أننا نؤمن أن الأردن وطن زاخر بالإمكانيات المادية من ثروات باطنة وظاهرة وطاقات إنسانية لشعب طليعي عروبي مثقف , وأنّها لو استغلت من قبل أيد مخلصة صادقة أمينة لكان للأردن مكانة تتقاصر بجانبها القامات , وتتطامن أمامها الهامات .
4. إننا نسعى بالطرق السلمية المشروعة لإصلاح النظام ليصبح الأردن دولة ديمقراطية حقيقية تتوفّر فيها الشروط التالية :
• قضاء مستقل له صلاحية النظر في جميع القضايا , ويخضع لسلطته الجميع من حاكم ومحكوم , ويسند إلى رجال أكفياء أمناء شرفاء خاضعين للمراقبة والمساءلة .
• مجلس أمّة منتخب يمثّل الشعب وينطبق عليه مقولة " البرلمان سيّد نفسه " , ولا يجوز لأيّ كان أن يتدخل في شؤونه من حيث الحلّ والانعقاد ولا مرجعية له إلاّ الشعب الذي اختاره ليمثّله.
• حكومة منتخبة تستمد شرعيتها من الشعب إمّا مباشرة وإمّا بواسطة نوابه , تحمل برنامجا عمليا قابلا للتطبيق يحظى بثقة مجلس النواب , وتكون الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب , وخاضعة لسلطة القضاء , ولا تقال بعد حصولها على ثقة المجلس إلاّ في إحدى حالتين : انتهاء دورة المجلس القانونية أو إسقاطها من قبل مجلس النواب بإعادة طرح الثقة فيها.
• إعلام حرّ ومسؤول يعيد للقلم احترامه , وللكلمة قدسيتها .
• أحزاب سياسية فاعلة تقوم على برامج عملية واقعية تتخذ الوصول إلى مجلس النواب وسيلة لتشكيل الحكومة لتطبيق هذه البرامج , ويتمّ ذلك استقلالا أو ائتلافا حسب تشكيلة المجلس .
ولتحقيق تلك الأهداف والثوابت فإننا نسعى لما يلي :
1. إلغاء أيّ نصّ دستوري أو قانوني أو إجراء رسمي يتعارض مع الركائز المشار إليها أو يعرقلها , وندعو جميع طلائع الشعب ونخبته وأهل العقد والحلّ فيه لتشكيل جمعية من الفقهاء الدستوريين , وعلماء الشرع الموثوقين , وحكماء السياسة الراشدة لتعمل على إعادة صياغة الدستور لإجراء التعديلات الدستورية اللازمة , وأن يتمّ حذف المواد ( 34 , 35 , 36) * من الدستور وأي مواد أخرى تتعارض مع قاعدة الشعب مصدر السلطات .
2. وضع قانون انتخاب تتحقق فيه العدالة , ويستطيع إفراز مجلس أمّة قادر على تشكيل الحكومة ويتم على أساسه انتخاب مجلس ألامه بشقيه الأعيان و النواب , ويكون المجلس سيدا لنفسه , و محصناً من سيف الحل . انظر الملحق رقم عن قانون الانتخاب .
3. وضع قانون أحزاب يؤسس لحياة حزبية فاعلة بعيدا عن العقلية العرفية التي تحارب العمل الحزبي , وتمارس التضييق عليه من خلال القوانين ذات الطابع العرفي المسكون بالهاجس الأمني , وممارسة الوصاية الأمنية على العمل السياسي .
4. إعادة النظر في قانون البلديات وإلغاء جميع التشريعات التي ساهمت في تقزيم المجالس البلدية (مجالس الحكم المحلي ), وحولتها إلى مجرد مؤسسة لتنظيف الشوارع وتعبيدها وجبي الضرائب وتبديدها .
5. وإنه نظرا لأنه تقوم في الأردن شبكة من التشريعات التي تحصن الفساد , وهي منظومة مترابطة ومعقدة، تفسد رقابة القضاء، وتفسد القواعد الدستورية والقانونية الكلية التي تضمن سيادة القانون، بحيث تبقى الرقابة وأدواتها بيد السلطة التنفيذية، تحركها متى وضد من تشاء وفي القضايا التي تشاء , وقد تم إرساء ذلك بواسطة التعديلات الدستورية والقوانين التي تراكمت مع الزمن ؛ لذلك فإننا نطالب ونناضل من أجل إصلاح تشريعي شامل يتمّ فيه إلغاء جميع التشريعات التي شرّعت لتفكيك الدولة وإلغاء دورها في رعاية الشعب , وأدت إلى تدمير الاقتصاد الوطني , ووضع تشريعات صارمة لصيانة الحقوق والمال العام , وتشكيل أجهزة رقابة فاعلة تخضع بدورها لمساءلة مجلس النواب , ومؤسسة المظالم , والصحافة , ويجب أن تكون جميع التشريعات واضحة في مدلولها سواء كانت دستورية أو قانونية أو أنظمة وتعليمات تفاديا لسياسة تفسير التشريعات المتبعة والتي ثبت عوارها وتناقضها كما حصل في دستورية نقابة المعلمين على سبيل المثال لا الحصر ، لأننا نرى أن سياسة التفسير طريقة يلجأ إليها الفاسدون عندما يرون أن هذا التشريع يتعارض مع رغباتهم.
6. نؤكد على ضرورة إنشاء محكمة مظالم مستقلة لها صلاحية النظر في محاسبة السلطات الأربعة ( القضائية , والتشريعية , والتنفيذية , والإعلام ) وتلحق بها هيئة مكافحة فساد ذات كادر قادر على ملاحقة الفساد وتحويلهم لتلك المحكمة.
7. مكافحة الفساد : نرى أنها تتم وفق الآلية التالية :
• استعادة الثروات الوطنية من مياه وأنهار ومعادن والتي هي في حكم العقل والنقل والأخلاق ملكية للوطن ولا يجوز أن تملكها فئة دون فئة .
• التحقيق مع كل من تحوم حولهم شبهات فساد بسرية , وبعيدا عن التشهير , وبإشراف مراقبين من الحكماء من جميع الأطياف يلتزمون بالسرية والكتمان , فمن ثبت عليه فساد يسترجع منه المال المنهوب , ويحرم من المشاركة بالحياة العامة بدون إعلان أو تشهير , ويكتفى بهذين الإجراءين فقط مع التعهد بأنّ كل من حاول أن يشهر به يعاقب شريطة التزامه بالابتعاد عن الحياة العامّة .
• تخضع الموازنة وكل مال يدخل للوطن مثل أموال المنح لإشراف ومراقبة مجلس النواب بشكل تفصيلي.
• السيطرة الأمنية يجب أن تقتصر على ما يمسّ الأمن الوطني , ولا يجوز لها أن تتدخل في الحياة السياسية الداخلية ,والوظائف العليا مع بقائها مراقبة للأوضاع فإن رأت خللا سارعت بتقديم المنحرف للقضاء المختصّ أو خاطبت الجهة ذات الصلاحية لتصويب الخلل .
8. تحريم وتجريم أيّ شكل من أشكال تزوير الانتخابات , ومصادرة إرادة الشعب وأن تكون صلاحية النظر في ذلك للقضاء بعد تحصينه وتمكينه ورفده بالكفاءات الوطنية المخلصة ذات السجل النظيف .
9. نؤكد على ضرورة التعامل اللائق مع قادة العمل السياسي من رؤساء أحزاب وقادة فروع وشعب ومفكرين وعلماء وكتاب, ومثلهم القائمون على العمل الخيري التطوعي فهؤلاء الأصناف هم قادة المجتمع وصنّاع الرأي العامّ , وحلقة الوصل بين القمّة والقاعدة , كما نؤكد على ضرورة إعادة الاعتبار للهيئات الاجتماعية كشيوخ العشائر , والوجهاء , والمخاتير على أن يتمّ اعتمادهم بناء على مواصفات وأسس موضوعية تمنع الرويبضات من الحصول على مثل هذه الألقاب الشريفة ؛ لأنّ السياسة السابقة قد قزّمت هذه الألقاب ومنحتها لمن لا يستحقها , فكان ذلك من أسباب ما يعاني منه المجتمع من انفلات أخلاقي , وعنف مجتمعي ، فإنما الناس بأشرافهم وعلمائهم وذوي أسنانهم :
( لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم **** ولا سراة إذا جهالهم سادوا )
(تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ** ** وإن تولت فبالأشرار تنقاد )
10. تحريم وتجريم سياسة المزايدات الكاذبة سواء كانت من قبل مؤسسات الحكم أو المعارضة أو المواطنين , ومنع مزايدة أيّ فئة على الأخرى في أيّ شأن داخلي أو خارجي
11. إنقاذ قطاع التعليم المدرسي والجامعي الذي تحوّل إلى مضيعة للوقت والمال فيما لا طائل منه , ومعالجة ظاهرة الأمية المقنّعة, والتطبيق العملي لفلسفة التربية وأهدافها والتي نصّ عليها قانون وزارة التربية والتعليم وخاصّة الموادّ [ 3, 4, 5, 7,8, 9, 11 ] من القانون المشار إليه مع ضرورة تعديله بما يتفق مع الثوابت الواردة بهذه الوثيقة , كما نرى ضرورة رفع رواتب المعلمين بما يضمن لهم الحياة الكريمة اللائقة بمهنتهم المقدّسة , وإعادة النظر في أنصبتهم ليتمكن المعلم من أداء رسالته , وتطوير ثقافته ومهاراته .
12. النهوض بالقطاع الصحي الحكومي , وتحسين الظروف المعيشية للعاملين بهذا القطاع بما يضمن لهم الحياة الكريمة الهانئة , وشمول التأمين الصحي لجميع المواطنين , وحماية المواطن من الأغذية والأدوية الفاسدة التي تتسبب بكثير من الأمراض , ووضع تشريعات صارمة للحفاظ على البيئة .
13. العمل على تفجير طاقات المجتمع في العمل الخيري الجماعي التطوعي ودعمه وتشجيعه مع إخضاعه للرقابة النزيهة الصارمة لحمايته من السماسرة ولصوص الأموال والأعراض.
14. أن يعاد الاعتبار للفضيلة والأخلاق الفاضلة , مع إعلان الحرب على الرذائل الأخلاقية , وإلغاء جميع القوانين التي تضعف رقابة المجتمع على منظومة القيم والأخلاق .
15. تأميم كافة المرافق العامة ومقدرات البلاد والأراضي التي تم نهبها أو بيعها أو تأجيرها أو خصخصتها واعتبار كل مناقلة مهما كان نوعها تمت بهذا الخصوص ( سابقا ولاحقا ) باطلة , ونؤكد على حرمة بيع هذه المرافق وما في حكمها أو تأجيرها لأية جهة خارجية أو داخلية مرتبطة بالخارج والتأكيد على حقّ الشعب الأردني في استعادة جميع ثرواته الوطنية التي أجبرته قوى الاستعمار ممثلة بصندوق النقد والبنك الدولي على بيعها بأبخس الأثمان واعتبار أنّ كلّ ما تمّ من بيع في هذا المجال باطلا لأنّ الشعب صاحب السيادة الحقيقية لم يكن طرفا في تلك الصفقات المشبوهة , ولما تبين من غبن فاحش يبطل عقود تلك الصفقات , ولما كانت عليه تلك القوى الاستعمارية من غطرسة وإرهاب سلبت إرادة الشعب, وفرضت عليه طاقما من السماسرة الذين نفذوا ما تريده تلك القوى الظالمة الغاشمة التي تريد تدمير الاقتصاد الوطني تمهيدا لتدمير الوطن وإعادة تشكيله بما يخدم مخططاتها الظالمة المستبدة , ورأوا في ذلك فرصة للنهب والسلب والإثراء غير المشروع لذلك فإننا نعلن التنصل من جميع الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها حكومات السماسرة والتي أدّت لتدمير الاقتصاد الوطني , وتضييع ثروات الوطن , واعتبار أنّ تلك التصرفات هي تصرفات باطلة من حكومات غير شرعية لا تلزم الشعب بشيء علاوة على ما فيها من غبن فاحش يزيدها بطلانا.
16. الاستغلال الأمثل لموارد الوطن وإمكانياته من ماديّة وبشرية وإعادة الاعتبار لقطاع الزراعة والصناعة والتجارة , وتسهيل أبواب الرزق للناس فالأردن بلد زاخر بالإمكانيات والثروات إلاّ أنّ تجويعه سياسة استعمارية متعمدّة ,وهنا فإننا نعيد التأكيد على أنّه لا يجوز عقلا ولا نقلا ولا عرفا أن تملك ثروات الوطن من معادن ومياه وطاقة ومرافق عامّة وخلجان وأنهار ملكا فرديا فهي ملك للجميع بإشراف الدولة .
17. إعادة النظر في النظام الضريبي , وقوانين السوق الحرّ ونؤكد على ضرورة فضح الرأسمالية المتوحشة التي تراجع عنها أصحابها بعد أن شاهدوا آثارها المدمرة على شعوبهم , وأن يتمّ الإعلان عن التراجع عن كلّ ما فرضته علينا طيلة العقدين الماضيين .
18. ونؤكد مرّة أخرى على أن الشعب الأردني يعلن التنصل من جميع الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها حكومات الكمبرادور والتي أدّت لتدمير الاقتصاد الوطني , وتضييع ثروات الوطن , واعتبار أنّ تلك التصرفات هي تصرفات باطلة من حكومات غير شرعية لا تلزم الوطن بشيء .
19. .ضرورة إصدار قرار عاجل لحماية ما تبقى من الأراضي الزراعية من زراعتها بالأسمنت الذي دمّر معظمها للأبد , ورسم السياسات الفاعلة الجادّة لإعادة الاعتبار للقطاع الزراعي وتطويره .
20. .انطلاقا من إيماننا بمقولة " النساء شقائق الرجال " والتي تعني "نظائرُهم وأمثالهم في الأخْلاق والطِّباع " فللمرأة الدور الأكبر في المسيرة الإنسانية إلاّ أننا نرفض فكرة " تسليع المرأة " واختزالها بصورة عارضة الأزياء , كما نرفض تصويرها بصورة المنافس للرجل فالعلاقة بين الطرفين علاقة إنسانية تكاملية لا نزاع فيها ولا منافسة وهي تخضع لقوانين وأعراف وشرائع وضعها الأنبياء والمصلحون والحكماء لتستقيم الحياة , وتحفظ الأعراض والأنساب .... ولذا فإننا نستنكر تدخلات بعض الهيئات الوافدة التي تحاول إفساد حياتنا الاجتماعية لتصرف المجتمع عن النهوض الحقيقي بإشغاله بجدل بيزنطي وفرض قوانين لتدمير الأسرة العربية . ... وإننا بقدر رفضنا لمثل هذه القوانين الفاسدة المستوردة المصممة لتدمير الأسرة العربية فإننا نرفض مفاهيم فقهاء فترة الترف والانحطاط في الزمن المملوكي والعثماني تجاه المرأة حيث صوروا المرأة شيطانا خلق للإغراء والإغواء فأوجبوا عزلها وسجنها في المنزل , ونطالب بأن تعود المرأة العربية لحياتها الطبيعية التي كانت عليها قبل الإسلام , والتي زادها الإسلام رقيّا وتهذيبا , واستمرت في البوادي والأرياف امرأة عاملة , مؤثرة , مربية , شريكة للرجل في هموم الحياة دافعة بمسيرتها للأمام مع المحافظة على الحشمة والحياء والعفاف ...... لذلك فإننا نطالب ونناضل من أجل صياغة قوانين عصرية يشارك في صياغتها كبار الفقهاء الشرعيين والقانونيين, وشيوخ العشائر المؤهلين , وعلماء الاجتماع المعتبرين من مختلف الأطياف لتكون ملبية للحاجات الفعلية لمجتمع عربي مسلم ذي إرث حضاري إنساني جليل... كما نطالب بكفّ الأيدي العابثة المستقوية بقوى خارجية التي تحاول تدمير النظام الاجتماعي في هذا البلد الطاهر .
21. القوات المسلحة الأردنية سياج الوطن , ودرعه وضمان أمنه واستقلاله , والجيش الأردني العربي طليعة من طلائع التحرير والدفاع عن الكرامة العربية، وان قوة الجيش وقدرته يستوجبان أن يكون المواطنون والجيش الشعبي ظهيرا فعالا لتعزيز الأمن الوطني والقومي , ويقع على عاتق الدولة والمجتمع دعم قدرات الجيش واستعداده وتوفير أفضل الظروف لتطويره , وفي هذا الصدد فإننا نستنكر مقولة مؤسسة الحكم بأنّ ((الجيش صوت الوطن وسوطه " فالجيش هو سيف الوطن وحصنه , ولن يكون سوطا بيد جلاد ولا بوقا لمستبدّ , ونرفض تأجير الجيش أو الأمن العام لهيئة الأمم فهذا الجيش المصطفوي هو جيش عربي لحماية الوطن , واستعادة الحقوق العربية السليبة , ولا يجوز ولا بحال من الأحوال أن يكون أداة بيد كبار اللاعبين الدوليين وأتباعهم بالإقليم .
22. إعادة صياغة العقيدة الأمنية لدائرة المخابرات العامة والأمن العام والدرك بحيث تكون للدفاع عن امن الأردن والأردنيين وان يعتبر أي عمل تقوم به هي أو غيرها من الجهات للتغوّل أو المراقبة أو التدخل في شؤون الناس وخصوصياتهم وهواتفهم واتصالاتهم وبريدهم عملا جرميا يعاقب عليه من يمارسه ومن يأمر به ومن يتواطأ عليه ما لم يتم بقرار قضائي علني ولمدة محددة ولأسباب مقنعة للمحكمة وصاحب العلاقة الضحية , ومن حق المتضرر الحصول على تعويض مادي ومعنوي بقرار قضائي أو توافقي , بحيث يتحمله شخصيا من أمر بالأذى ومن مارسه .
23. منع الأجهزة الأمنية من التدخّل في الحياة السياسية , والتي سبق وإن أجهضت جميع المبادرات في هذا المجال بدءا من مجالس الطلبة , ومرورا بتشكيل الأحزاب وهيئات تفعيل " التنمية السياسية " وانتهاء بالانتخابات النيابية والمجالس البلدية , وتشريع القوانين , وتوجيه الصحافة ووسائل الإعلام , ولا يعني ذلك إلغاء دور المؤسسة الأمنية فهذا غير موجود حتى في الدول المتقدمة ولكن المطلوب, وأن يقتصر دورها على حماية الوطن ورفعته وتقدمه وسيره في طريق النهوض والرقي بكشف كل خلل يهدد الوطن وأمنه ومسيرته بعيدا عن ممارسة الوصاية .
24. إعادة تأهيل الدرك وعقيدته القمعية لتكون وطنية , ودمجه في الأمن العام . وضرورة خروج جهاز الأمن العامّ والحكام الإداريين من عقلية الإدارة العثمانية , والإدارات المستعمرة التي تنظر للمواطن نظرة عدائية .
25. نؤكد على ضرورة تحسين رواتب منتسبي جيشنا العربي , وأجهزتنا الأمنية الأمينة والمتقاعدين من هذه المؤسسات , وتأمين الحياة الكريمة لهم بما في ذلك السكن الملائم , وأن تصرف لهم قروض الإسكان بعد خدمة خمس سنوات على الأكثر , وأن يكون القرض مجزئا ليكون كافيا لبناء بيت يليق بمن يفني زهرة شبابه في خدمة الوطن .
26. نؤكد على إنّ جميع الديون المترتبة على الدولة الأردنية والبالغة أكثر من 23 مليار دولار هي نسبة ضئيلة من حقوقها لما قامت به من خدمات دولية وإقليمية طيلة التسعين عاما الماضية منها على سبيل المثال تأمين حدود الكيان الصهيوني وحدود بعض دول الجوار , وما قام به النظام الأردني من أدوار في المنطقة خدمة للقوى الكبرى,ومع رفضنا لهذا الدور الوظيفي , وسعينا الحثيث لتحرير الدولة الأردنية منه ؛ فإننا نطالب القوى الكبرى ,والكيان الصهيوني بتسديد تلك الديون كاملة .
27. لقد فرضت القوى الكبرى وبدعم من الكيان الصهيوني على الدولة الأردنية سياسة اقتصادية يراد منها إبقاء الأردن رهنا للمساعدات فمنعته من استخراج ثرواته الوطنية , وأجبرته على تدمير قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والنقل ؛ لذلك فإننا وباسم الشعب الأردني نطالب تلك القوى الدولية والإقليمية بتعويض شعبنا ودولتنا عمّا ألحقوه بهما من خسائر فادحة وأضرار بالغة طيلة العقود الماضية ولا يزالون .
28. نستغرب تجاهل حقّ الشعب الأردني بالتعويض المترتب على الآثار المباشرة للقضية الفلسطينية عليه , وقصر هذا الحقّ على مهجري فلسطين , وتجاهل الآثار المدمرة على الشعب الأردني من آثار ذلك الاحتلال الصهيوني الغاشم , وما فرضه عليه طيلة العقود الماضية ولا يزال ؛ لذلك فإننا نعتبر أنّ التعويض حقّ ثابت لكلّ من يحمل الجنسية الأردنية بغض النظر عن أيّ اعتبار آخر مع التأكيد على أنّ القبول بالتعويض لا يعني التنازل عن أيّ ذرّة من تراب الوطن الفلسطيني المحتلّ.
29. نؤمن بأنّ القضية الفلسطينية هي قضية عربية إسلامية مركزية , كما نؤمن بأنّ الكيان الصهيوني العنصري هو قاعدة استعمارية غربية متقدمة في قلب العالم العربي والإسلامي , وأداة بيد تلك القوى لإحكام سيطرتها على الشعب العربي , ومنعه من الوحدة والنهوض , ونؤمن بأنّ إقامة هذا الكيان العنصري بهذا الدور الوظيفي القذر هي مؤامرة على الشعب اليهودي كما أنّها مؤامرة على العرب والمسلمين , وقد كان أحرار العرب واعين على هذا الخطر منذ بداية تلك المؤامرة في عشرينيات القرن العشرين , ولذلك فإنّ أبناء الأردن علاوة على ما قدّمه الجيش العربي الأردني من تضحيات في الدفاع عن فلسطين , وعلاوة على ما قدّموه لمهجري فلسطين من عون وعطف ومساعدة , وما قدموه من مساعدات لثوار فلسطين فقد كانوا من أوائل المتطوعين للدفاع عنها في أربعينيات القرن العشرين , وأنّ الكثيرين منهم قد التحقوا بتنظيمات المقاومة الفلسطينية في الستينيات إيمانا منهم بأنّ فلسطين هي وطنهم حيث كانوا لا يرون فرقا بين الخليل والكرك , والسلط ونابلس , والقدس والمدينة المنورة , وسهول إربد ومرج ابن عامر , وكيف لا وأغلب عشائر الضفتين تربطهم وشائج النسب والقربى علاوة على الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك إلاّ أنّ أذناب الاستعمار والجواسيس قد مارسوا أقذر وأسوأ لعبة لتمزيق روابط أبناء الضفتين حتى تمكنوا من خلق تلك الجفوة بينهما خدمة لإسرائيل , وخدمة لقوى الفساد والاستبداد ذات الدور الوظيفي , وأنهم بهذه الجريمة النكراء قد أجهضوا تشكّل هوية نضالية واحدة من أبناء الضفتين , حيث ارتضى أولئك المتآمرون الماكرون أن يكونوا أدوات بيد كبار اللاعبين ليخلقوا هوية تشقّ تلك الهوية الوحدوية النضالية الجامعة ليكون التناقض بين هويتي أبناء الضفتين بدلا من توحدهما ليكونا نقيضا للصهيونية , ولذلك فإننا نؤمن بأنّه لا سبيل لوحدة أبناء الضفتين ودمجهما في هوية عروبية جامعة إلا باستبعاد جميع الرويبضات , وسائر أدوات قوى الاستعباد العالمي التي أصبحت ممن يشار إليها بالبنان وهي تمارس أسوأ وأقذر لعبة في تقطيع ما أمر الله به أن يوصل من تلك الروابط الإنسانية المقدّسة .
30. لذلك فإننا نناضل من أجل تحرير فلسطين من النهر إلى البحر بجميع الوسائل والأساليب المتاحة , ونرحب باستعادة أيّ جزء منها , وانضمامه للدولة الأردنية باعتبارها موطن الحشد والرباط لمعركة التحرير الكبرى التي ستأتي في القريب العاجل بإذن الله لتحرير البشرية من شرور الرأسمالية المتغطرسة , مع تأكيدنا على ضرورة استبعاد جميع العناصر والقوى التي كانت تتلاعب بهذه العلاقة المقدسة طيلة الأربعين عاما الماضية , ونناضل من أجل وحدة بلاد الشام لأنّها هي الحلّ الجذري لجميع المعضلات التي تواجه أهل الشام بمن فيهم أهل ضفتي الأردن , والتي نأمل أن تكون نواة توحيد الأمّة جمعاء .
31. ونؤكد على أنّ كل من يحمل الجنسية الأردنية حاليا يعتبر أردنيا له نفس الحقوق , وعليه نفس الواجبات , ونرفض مطالب المحاصصة ؛ لأنّها تكرّس الهويات السايكسبيكوية الضيقة , وتتناقض مع الهوية الوحدوية العروبية الجامعة , وندعو لتبني ثقافة وحدوية جامعة جادة لصهر مكونات الشعب , ومحاربة الهويات القاتلة , والنظرات الضيقة , وتجريم سياسة سياسة فرق تسدّ .
32. نؤكد لجميع العالم والقوى الدولية الفاعلة بأنّ كلّ ما يطلبه الشعب الأردني هو أن تتوفّر له الحياة الكريمة , وأن يستغلّ ما لديه من إمكانيات الأوطان الاستغلال الأمثل , وأن يشعر أنّه مواطن في ظلّ دولة ترعى شؤونه , وتسهر على مصالحه , وتحافظ على ثرواته الوطنية , وتحترم قانونه ودستوره .... وأنّه لن يقبل بأقل من هذه المطالب .
33. ونرى ضرورة إفهام تلك القوى الاستعمارية والمستقوين بها في الداخل بأنّ الشعب الأردني لن يرضى بأقل من الحياة الديمقراطية الحقيقية التي تجعل الشعب هو صاحب السيادة على وطنه , وكافة موارده وهو مصدر السلطات , وتستنكر وصف الشعب الأردني بأنّه شعب غير ناضج أو غير مؤهل لحكم نفسه؛ لأنّ شعبا عروبيا وحدويا تتجاوز نسبة الجامعيين فيه ال10% من البالغين , ولا تصل نسبة الأمية فيه إلى 5% , وأصبح الكتاب , والنت في 90% من بيوته , _ لا يجوز أن يصنّف بأنّه لم يبلغ سنّ الرشد , وأنّه لا يزال بحاجة إلى وصاية وانتداب.
34. ونشدد على ضرورة إفهام تلك القوى الاستعمارية بأنّ الشعب الأردني لن يقبل بأقل من استعادة ثروات الوطن المسلوبة , واستخراج ما في باطن أرضه من ثروات, وأنّه يرفض رفضا قاطعا جميع السياسات التي فرضها عليه "صندوق النهب الدولي " , ويعتبر كلّ ما ترتب عليه من ديون هي مؤامرة من تلك المؤسسات الاستعمارية لسلب إرادته , وأنّ تلك الأموال هي حقوق له مقابل ذلك الدور الذي كان يضطلع به تجاه الإقليم , والقضية الفلسطينية , وهو في سبيل استعادة حريته , وإرادته السياسية , وثرواته فإنّه مستعدّ للتضحية بالنفوس والنفائس , والصبر على الجوع والفقر .
35. نعلن رفضنا القاطع لنهج نظام الحكم في الأردن في التعامل مع الدول الأخرى , وخاصّة الدول الغنية والقائم على إرضائها على حساب كرامة الشعب الأردني وعزته القومية , والاستهتار به , والرضا بامتهان كرامته , وإظهاره بمظهر المتسوّل الطفيلي الذي يعيش على مساعدات الآخرين , وفتات موائدهم , ومركزا لغسيل أموالهم , ومنتجعا لقضاء شهواتهم , وبندقية للإيجار للدفاع عن ترفهم وفسادهم وإفسادهم , ونحذّر الشعب الأردني وجميع قواه الحيّة من مغبّة السكوت على مثل هذه السياسة الخبيثة الرعناء المفروضة عليه , والتي تعكس صورة سلبية عن هذا الشعب العظيم , وتجعل الآخرين ينظرون له نظرة عداء واحتقار , ونعتبر مثل هذه السياسة المتبعة هي مؤامرة على هذا الشعب الطليعي العظيم لعزله عن أمته , وعمقه العربي , ودوره القيادي الريادي , وجعله متماهيا مع الدور الوظيفي , وامتدادا للكيان الصهيوني العنصري الذي أسسته القوى الكبرى بطريقة تبقيه غريبا غير قابل للاندماج في محيطه , ولذلك فإننا نناضل من أجل بناء الأردن العروبي والوحدوي الطليعي الذي يحدد موقفه من كافة الدول , ورعاياها على أساس الندّية والمعاملة بالمثل في كل شيء بما فيها التأشيرات , ومعاملة الرعايا العرب , والأجانب .
36. ونحذّر جميع القوى الدولية والإقليمية المتآمرة على شعبنا العظيم بأنّ الشعب الأردني قد يخدع مؤقتا وقد يقابل الأمور بلامبالاة , وعدم اكتراث لأنّه يرى نفسه مهمّشا , وخارج دائرة الصراع , ولكن إن وجد نفسه يتصادم مع تلك القوى وجها لوجه فإنّه سيعود لحالته الطبيعية الأولى التي سار عليها طيلة القرون السحيقة , تلك الطبيعة التي حرمت قوى الاستعباد والاستبداد من الاستقرار الآمن المطمئن فيه , والتاريخ شاهد على ما نقول , لذلك فإننا نحذرها لئلا ّ تقف ضد مطالبه المشروعة في حياة الحرية والعزّة ,والكرامة والعدالة , وألا تستمر في دعم الفساد والاستبداد الذي أوصل الوطن لحالة من الدمار والانهيار .
أيها الشعب الأردني العظيم , الإخوة والأخوات من طلائع شعبنا العروبي البطل نضع هذه الأفكار التي نؤمن بها بين أيديكم , آملين من الجميع تطويرها وتعديلها لتكون نواة لمشروع إصلاحي شامل يتبناه الحراك الشعبي ليكون بداية لتوحيده في تيار واحد , ونؤكد للجميع بأنّ هذه القضية أكبر من تحصيل شعبية كاذبة أو نجومية تافهة أو مكاسب هزيلة , ولا سبيل لتحقيقها إلا بتظافر جميع الجهود وتوحيدها لإيماننا بأننا إذا لم نسارع في ذلك فإنّ التاريخ سيسجل علينا جميعا أننا نضيّع فرصة إصلاح وطننا وإنقاذه , وختاما الله أن نسأل أن يوفق الجميع لما فيه خير الوطن وأهله , وأن يهدينا جميعا لسبل الرشاد .
فلاح أديهم المَسلَم
كانون ثاني 2012م