عالم السياسة الإخباري .. صالح البطوش

الربيع المريض

    جائت ثورات الربيع العربي على هيئة هبات غير مدروسة أو منظمة اطلقت فيها الجماهير صيحاتها من أجل أن تتجاوز واقعها المرير والذي تعايشت معه لسنينٍ طوال ساد فيها الظلم والقهر والفقر ، ناهيك عن تكميم الافواه وقمع الحريات واستشراء الفساد ووجود الفاسدين ، وغابت العدالة الاجتماعية ومنعت الحياة الحزبية والنضالية ، وتراجعت الخدمات العامة الصحية والتعليمية وتآكلت البنية التحتية وضعفت الحياة الخدماتية .
    وما كان من مبرّر مقنع لهذه العِلل في حياة الشعوب من أسباب وجيهه ناتجة عن الحروب أو عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين ، ولا من ضعف في موارد الدول من حيث الإنتاج والاستهلاك ولا بسبب قرارات دولية أدت الى حصار اقتصادي أو غيره. وما كان من سبب إلا وجود زُمر حاكمة لا تراعي إلّا مصالحها ونزواتها وشهواتها في غياب الإنتماء الحقيقي للشعب وللعروبة وهي تستقي تعليماتها من الخارج وتعمل كأنظمة وضيفية خدمةً للاستعمار والمستعمر .
    من هنا جائت ثورات الربيع العربي ولكنها لم تؤتي أُكلها كما يجب وينبغي فاليوم ليس عن الأمس ببعيد , وهذا مرده للاسباب التالية : 
1-عدم وجود قيادات سياسية ناضجة ذات عمق وبعد حقيقيين.
2-عدم وجود برامج سياسية ذات هدف ورؤية واضحة .
3- ضعف قاعدة تلك الثورات والتي اعتمدت على السواد الأعظم من حيث التناغم والتوافق فيما بعد الثورة .
4- عدم تنسيق الجهود لعدم وجود أحزاب أو حركات سياسية قادره على استيعاب كل الجماهير وبالتالي قيادتها .
5- قلة الحضور السياسي على الساحة الدولية لتلك القيادات .
6- الموروث القاسي من العهود البائده لكل مفاصل الحياة العامة .
7- وجود زمر مستفيدة من الأنظمة السابقة عملت على إجهاذ تلك الثورات في حين أن القيادات الجدد لم تحسن احتواءها .
    لهذا كله لا حاجة لمزيد من ثورات الربيع العربي اذا لم تعالج أسباب الفشل والتي أدت الى المزيد من النهب والخراب والدمار والانفلات الأمني .