عالم السياسة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم
"نعم الأردن له وضع خاصّ فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ؟؟ "
خصوصية الأردن عبارة ترددت كثيرا منذ بداية الربيع العربي وربما قبله , وقد نظرت لهذه المقولة بشيء من عدم الاكتراث الممزوج بالسخرية , ولكن بعد ثلاثة أعوام من الحراك الشعبي الذي بدأ قبل الربيع العربي ممثّلا ببيان المتقاعدين العسكريين _ اكتشفت أنّ تلك المقولة صحيحة , وإنّ مقابلتها بعدم اكتراث لا يعدو أن يكون حالة نفسية تتجاهل المعطيات الواقعية خضوعا لأماني وأحلام ورغبات النفس بالحياة الأفضل .
ولمزيد من التوضيح فإنني أكرر ما سبق لي نشره قبل حوالي عام عن الحالة الوطنية حيث قلت تتلخص الحالة الوطنية بما يلي:
1. وسط سياسي متعفن متآكل , وطبقة حكم مترفة لا يهمها أمر الشعب البتة.
2. شعب يائس بائس يترقب فرصة الخلاص من بؤسه , ويحلم بظهور البطل " المخلّص"
3. شباب طليعي من نفس طبقة الشعب يطمح للحياة الفضلى ويسعى لها بإخلاص لكنّه يفتقر إلى التجربة السياسة , ويتخبط في مساره ذات اليمين والشمال , وقد اندفع معه مبرَمجون فزادوه تيها وتخبطا.
4. نخبة من أدعياء السياسة الطامحين من الطبقة الوسطى الذين يحاولون ركوب الموجة , وامتطاء الشباب الثائر للوصول إلى بعض الفتات من المناصب والمكاسب التي قد يحصلونها ممن فوقهم.
لست متشائما ولكنني أريد أن أكون واقعيا فلا أعيش بالأحلام والأوهام , ولكنني أؤكد بأنّه لا يضيرني أن يتجاوز الأردن الربيع العربي وهو على هذه الحال ما دام العرب بدأوا يتحسسون طريق نهضتهم ويسيرون في طريق التحرر , وما دامت حواضرهم العريقة في طريقها لاستعادة دورها ومكانتها ...... وأعترف هنا بأنني كنت ولا زلت أتمنى بأن يكون للأردن دور طليعي في نهضة الأمّة وتحررها من باب حبّ المرء لأهله الأقربين , وهي عاطفة فطرية لم ينجوا منها الأنبياء والمرسلون ولكن الحقائق المؤلمة توجب على العاقل أن يواجهها بكلّ شجاعة ورباطة جأش فينطلق منها للممكن ولا يضيع العمر في الجري وراء السراب.
ولم تكن هذه الأمنية مجرد عاطفة ولكنّها عاطفة لها مسوغات تاريخية فالأردن هو الذي حسم مصير الصراع بين بني أمية وابن الزبير في مؤتمر الجابية , ومنه انطلقت جيوش تحرير فلسطين من الصليبيين , وفي هذا العصر كان من مراكز الإشعاع الفكري في العالم العربي على الرغم من ذلك التعتيم اللئيم على ذلك .
نعم أشعر بألم وأسى على هذا القدر الذي صنعته القوى الكبرى فجعلتنا خارج معادلة الأمّة ولكن الذي يخفف من وطأة ذلك الألم والأسى هو أنّ أمتنا المجيدة إن لم تكن بنا كانت بغيرنا.
سيقول القائلون بأنني متحامل وربما متآمر أريد تحطيم المعنويات ولكنني أتساءل ما الذي يمنع الحراك الشعبي من التوحد في تيار واحد بقيادة جماعية واحدة ومشروع واحد ؟؟
أتمنى أن أسمع جوابا مقنعا .........
ولئلا أكون عدميا فإنني أحلم بأنّ تقوم نخبة من الشباب الطليعي المتعلم لا يتجاوز عددها الأربعين بما يلي :
1. الاعتكاف لمدّة شهر كامل لدراسة المشاريع الإصلاحية التي طرحت طيلة هذه الأعوام العجاف لاستخلاص مشروع إصلاحي واقعي شامل يلبي رغائب الشعب وطموحه بالحياة الفضلى .
2. أن يتعاهد هؤلاء الأربعون على أنّهم خدّام لهذا المشروع , ولا يسعون إلاّ لخدمته وحشد التأييد له غير مكترثين لأي مكاسب شخصية أو نجومية وشهرة .
3. أن يقوم هؤلاء الأربعون بالاتصال مع كلّ من يتوسمون به الخير أو يأملون باستصلاحه من رجالات الصفّ الأول لدعوتهم لتبني هذا المشروع .
4. الإعداد لمؤتمر وطني حقيقي يستمرّ عدّة جلسات أو أيام إن لزم الأمر ينبثق عنه ما يلي :
• إقرار المشروع الإصلاحي وتبنيه , وحمله رسالة للشعب , والنظام .
• أن يؤطر هذا المؤتمر الوطني ليبقى مؤسسة تطوعية لمراقبة المسيرة الوطنية , وتقويمها , ومنعها من الانحراف , وتقديم النصح والمشورة لمؤسسة الحكم بعد إصلاحها وإصلاح منظومتها التشريعية , وعقدها الاجتماعي , وتقوية الروابط بين الشعب ومؤسسة الحكم.
• دعوة جميع الحراكات والناشطين المستقلين للانضمام لهذا التجمّع .
فلاح أديهم .