عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا )

الناشر ومدير الموقع / نصرالزيادي.. حريتنا في التعبير .. سقفها المسؤولية الدينية والأخلاقية .

authentication required

عالم السياسة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم

يا باشوات المعارضة الجديدة :
بالصيف ضيعتم اللبن .
الشعب لا يفرّق بين خانقيه , وخاذليه .

ما كنت لأرغب بالكتابة في هذا الموضوع لولا ما كتبه أحد قادة الإصلاح الجدد والمعارضة الطارئة من " علية القوم "على بعض المواقع حيث يشتكي من تخاذل الشعب وعدم تجاوبه مع ما يطرحه هذا المصلح هو وأمثاله حيث يقول :" ما دام شعبنا يتغاوى بالجهل , والتسحيج والمناكدة , ومحاربة الكاشفين للفساد وأسراره وألغازه ووفاءً من شعبنا العظيم الأبي لمن يستعبده ويذله من أركان مؤسسة الفساد على حساب الوطن وحسابهم " ويقول في مكان آخر : " بالرغم أن الشعب هو الأكثر تضررا من بقاء هذا الحال فهو أيضا يشكل زمر السحيجة والمرتزقة والمنتفعين بالفتات المقاومين للإصلاح والتغيير والتشبث بقناعات ضد كراماتهم الممتهنة وذلهم على أبواب الطبقات الحاكمة بحثا عن الفتات وظلمهم وجوعهم وديونهم وعبوديتهم وغيرها فمتى سيفيق هذا الشعب حيا حتى لا نقول ولكن لا حياة لمن تنادي"<!--

ومثل هذا القول نسمعه دائما من أمثاله من مترفي المعارضة , فتجدهم يشكون من تخاذل الشعب , ووصفه بمثل تلك الصفات , فالشعب في نظرهم غبي , جبان , يطيع مغويه , ويبغض ناصحيه , ويصدّق الكاذب , ويكذّب الصادق ..... إلخ .

ولو صدرت مثل هذه الأقوال من قادة النضال والحراك الشعبي من الشباب المسحوق , المدفوع بالأبواب الذي إن شفع لا يشفّع , وإن قال لا يسمع له , وإن شكى لا تسمع شكواه لتعاطفت معه , وبكيت من بكائه وأسعدته<!-- بالنواح , ولكن أن تصدر مثل هذه الشكاوى من شخصيات لها وزنها وتأثيرها من علية القوم الآمنين من العسف والخسف , الذين  تفتح لهم الأبواب على مصراعيها , وتسمع كلمتهم , ويحسب حسابهم , ولا يخشون ظلما ولا هضما , فإنّ لنا معها وقفات ووقفات .

إنّ علية القوم المومأ لميزاتهم هم طليعة المجتمع , والطليعة لا تكون طليعة إلاّ إذا كانت ترى الأخطار قبل وصولها , وتتنبأ بالعواصف قبل هبوبها فتعمل جاهدة لتلافيها والتحذير منها ,فإن اكتفت بالرؤية ولم تعمل على درء الأخطار فإنّها لا تختلف عن ناسك في صومعة في رأس جبل معتزلا للخلق , فيشاهد السيل درءا<!-- فلا ينذر سكان الوادي فيأخذهم السيل على حين غرّة , فمن لا يرى الخطر القادم ليس بطليعة , ومن رآه ولم ينذر فلا ينبغي أن يعدّ من الطليعة , وهنا نقول لصاحبنا وأمثاله من علية القوم الذين أصبحوا ثوارا يتباكون علينا نحن الشعب , ويبكون من خذلاننا لهم ويصرخون بنا الآن قائلين : ((تنبهوا واستفيقوا أيها الشعب لقد طغى السيل حتى غاصت الركب )) !! نقول لهم : صحّ النوم !!

( أنشأتَ تطلب وَصْلَنا ... في الصيف ضَيَّعت اللبن )

أتدري متى كان ذلك الصيف الذي ضيعت فيه اللبن ؟؟ إنّه صيف مضى عليه سبعة عشر صيفا , إنّه صيف " حكومة الثورة البيضاء " عام 1996م التي أدخلت الوطن في ذلك النفق المظلم الذي لم تشاهده الطليعة إلاّ منذ أربعة أعوام أو أقلّ , في ذلك الصيف قامت حركة احتجاج شعبية واسعة في مختلف محافظات المملكة , وأذكر أنّ الشعب في البادية الوسطى تداعى لأكثر من اجتماع , ونفّذ اعتصاما عند رئاسة الوزراء وكان آخرها اجتماع حافل عقد في " أمّ العمد " في مهرجان خطابي تحدّث فيه رجال من علية القوم , وتحدّث فيه رجال من الطبقات الشعبية العادية , ودقّوا نواقيس الخطر وحذروا من السياسة الاقتصادية التي بدأت ملامحها العابسة الكالحة بهجوم على خبز الفقراء وقطاع الثروة الحيوانية ...  ووجهوا نداء استغاثة إلى ولاة الأمر محذرين من حجاب الطبالين من مزوري الحقائق (( الذين يشكّلون حجابا كثيفا بين القيادة والشعب , مما جعل القيادة بعيدة عن معرفة هموم الشعب , وما يعانيه من جوع وفقر , وظلم وقهر , لما كانوا يمارسونه من تضليل للقيادة عن واقع الناس , والذين لم يكتفوا بذلك بل تجاوزوه بالتأييد لكلّ قرار صادر أو توجه حكومي عن طريق الإعلان بالصحف دونما التفات لمصالح الناس , وهمومهم , والناس صامتون , مقهورون , خائفون , مغلوبون على أمرهم, وقالوا في نداء استغاثتهم تلك والتي ألقى السيّد عواد عسود المحارب بني صخر ما نصّه : (( يجب أن يعرف آل البيت الكرام أننا قد وضعنا بظروف نفسية وسياسية واجتماعية واقتصادية قد دفعتنا لبيع أرضنا , فأصبحنا بين عسكري , ومتقاعد , وحارس يعاني الأمرين من الفقر والحاجة بعد أن أفنى زهرة شبابه بالدفاع عن الوطن , وبين راعي ماشية هي مصدر رزقه , ولا يعرف عملا سواها , وهو الآن مضطر لبيعها , وليس له بعدها إلاّ التسول أو قطع الطريق ...لذا فإننا نكرر استغاتنا بجلالة الملك الحسين بن طلال من هذا البلاء , فالغوث الغوث , فإنّ الحالة وصلت حدّا لا يطاق , وإنّ أملنا بآل البيت كبير بأن ينقذوا الموقف فإنّ الجوع كافر .............. ))<!-- . انتهى .

تضمن ذلك النداء نقطتين رئيستين : الأولى التحذير من جوقات التزمير والتطبيل التي تمارس التضليل بإدعائها أنّها تمثّل الشعب . والثانية : التحذير من السياسة الاقتصادية التي ستؤدي إلى مزيد من الدمار والتي استفتحت بالانقضاض على الثروة الحيوانية التي كان يعتاش منها الريف والبوادي , وتمدّ الشعب بلبن غير ملوثّ ولحم غير مهرمن أو مسرطن .

هذه الاستغاثة هي مجرد نموذج لأنات الشعب وزفراته  , منذ ذلك الصيف المشؤوم وطيلة ما تلاه من أعوام إلاّ أنّها لم تصل لا هي ولا أمثالها إلى القيادة ؛ لأنّ الصحافة الحرّة النزيهة التي تمثّل السلطة الرابعة لا ترغب بتلويث صفحاتها بكلام السوقة والدهماء , ولأنّ علية القوم الذين يسمع كلامهم مشغولون عن هموم الشعب وأموره بهموم أشدّ وأعظم ..... والمصيبة الأعظم أنّ علية القوم الذين سمعوا تلك الصرخة كفاحا لم يلتقطوا الرسالة , ولم يفهموا محتواها , والتي تعلن صراحة اهتزاز الثقة بتلك الطبقة الوسيطة بين القيادة والقاعدة .

يحدثنا العالمون بشؤون السادة من كبار المسؤولين أنّهم لا يجدون وقتا لقراءة مطالب الناس وهمومهم , فهم لا يقرؤون إلاّ العناوين ثمّ يحولونها فورا إلى صغار الموظفين الذين احترفوا تزييف الحقائق , وتضليل الكبار عن معاناة الشعوب فشكلوا طبقة عازلة بين القمّة والقاعدة , فأصبح كلّ من الطرفين يعيش في واد بينه وبين الآخر تلال وجبال , ومفازات وأهوال .... ويحدثنا التاريخ الذي يعدّ سيّد العلوم , وعلم الكبراء من أهل الرئاسة والسياسة –من حرص أهل الحزم من أهل السلطان على سماع أنات الشعب وآهاته , فيروى عن أحد ملوك الصين أنّه فقد سمعه , فجعل يبكي فقال له وزراؤه لا بكت عيناك أيها الملك مم بكاؤك ؟؟  فقال لست أبكي على ذهاب سمعي , وإنما أبكي لأن المظلوم يقف بالباب يصرخ فلا أسمعه .... إلخ "<!-- .

وقال المؤسس الحقيقي لدولة بني العبّاس أبو جعفر المنصور:  " ما كان أحوجني أن يكون على بابي أربعة لا يكون على بابي أعف منهم. قيل: من هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم أركان الملك لا يصلح الملك إلا بهم، كما أن السرير لا يصلح إلا بأربع قوائم، فإن نقص قائمة واحدة عابه: أحدهم قاض لا تأخذه في الله لومة لائم، والآخر صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، والآخر صاحب خراج يستقضي ولا يظلم الرعية فإني غني عن ظلمهم. ثم عض على إصبعه السبابة ثلاث مرات يقول في كل مرة: آه آه؟ قيل: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد يكتب بخبر هؤلاء على الصحة "<!--

وتطوّرت الدول , ووضعت القوانين والدساتير , وأسست المؤسسات لتحقيق تلك الأهداف التي أشار إليها أبو جعفر المنصور , وحرص عليها ملك الصين , فمن قضاء مستقل لا سلطان لأحد عليه إلاّ سلطان القانون , إلى حكومات مسؤولة أمام الشعب أو ممثليه المنتخبين , إلى مجلس يمثّل الشعب بالانتخاب المباشر يشرع القوانين , ويراقب أداء السلطة التنفيذية , ويحاسبها , إلى صحافة يطلق عليها لقب السلطة الرابعة لما تقوم به من محاسبة شديدة لأيّ انحراف لدى أيّ سلطة من السلطات الثلاث ( التنفيذية , والتشريعية , والقضائية ) إلى أجهزة رقابة ومحاسبة ومتابعة وملاحظة ووقاية , ومبادرة , وتكثر الأسماء والمؤسسات ومع هذا فالأمور تسير القهقرى !!!

تركيبة الدول في الماضي وربما الماضي القريب تقوم على البساطة , وإمكانيات ضعيفة جدا مقارنة بما هي عليه الحال اليوم ومع هذا كانت قويّة في أدائها , محققة لأهدافها , راعية لشعبها , محققة العدالة , محافظة على إمكانيات الأوطان , وبقدر ما أصبحت هذه الأنظمة معقدّة , وذات عناوين وشعب وفروع بقدر ما تراجع الأداء وبقدر ما تضخمت الأبنية وتفخمت المراكب بقدر ما تقزّمت المناصب , وبقدر ما كثرت مؤسسات المراقبة تضخم الفساد , إنّه أمر يثير الحيرة , ويبعث على الدهشة .

يحدثنا الواقع الموضوعي المرّ أنّ السادة الكبار لا يحبون سماع أنين الشعب وشكواه , فإن أرغموا على سماعها لم يصدقوها ؛ لأنّ المواطن في نظرهم متهم في صدقه , فهو يبكي بدون دموع , كجدي يسمع ثغاؤه والشطر في فمه  فإن شكى أو بكى وكان لابدّ من الاستماع لذلك التفت المسؤول الكبير لأحد الصغار من موظفيه وقال ما باله ؟ فأجاب الصغير جوابا لا يخطر على بال بشر , ملفقا تهمة للشاكي الباكي إمّا باتهامه بالكذب أو التعدي على حقوق الآخرين فيتقبل المسؤول الجواب دونما شكّ أو ارتياب , وتزداد قناعته بأنّ المواطن الذي يحمل لقب " مدعو " لا يستحقّ أن يسمع له , ولا حتى يخاطب باسمه الذي اعترفت به الجهات الرسمية في وثائقه الرسمية , فيجب أن يسبق اسمه لقب المدعو , فيقول " المدعو فلان يبكي بدون دموع كجدي يسمع ثغاؤه والشطر في فيه "

اعتادت الدول عندما كانت تضطر لعدم الاستماع لصوت ما يسمى بالسوقة
أو الدهماء أو الغوغاء أو العامّة على افتراض أنّهم يكذبون ويبالغون , ويثغون والشطر في أفواههم , أو أنّهم لا يحسنون التعبير عن همومهم _ أقول اعتادت على اعتماد وجوه للناس ليرفعوا مطالب الناس ومظالمهم لأصحاب القرار فقد " كتب  عُمَر بن الخطاب  إِلَى  أبي موسى: إنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائج الناس، فأكرموا وجوه الناس، فإنه بحسب المسلم الضعيف أن ينتصف في الحكم والقسمة ".<!-- وكان معاوية يذكّر هؤلاء الوجوه بما يجب عليهم تجاه الشعب , فيروى عنه أنّه كان عندما يجلس للخاصّة يقول : " يا هؤلاء إنما سميتم أشرافاً، لأنكم شرفتم من دونكم بهذا المجلس. ارفعوا إلينا حاجة من لا يصل إلينا....<!-- " ؛ ولذا
كان سادات الناس وأشرافهم حريصون على نقل أوجاع الشعب وهمومه للقيادة , فمما يروى بهذا الخصوص أنّه لما قدم وفد العراق على معاوية وفيهم الأحنف بن قيس ، خرج الآذن فقال : إنّ أمير المؤمنين يعزم عليكم ألا يتكلم أحد إلا لنفسه ، فلما وصلوا إليه قال الأحنف : لولا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته أن داّفةً دفت ، ونازلةً نزلت ، ونائبةً نابت ، وكلهم بهم الحاجة إلى معروف أمير المؤمنين وبره, فقال : حسبك يا أبا بحر ، فقد كفيت الغائب والشاهد .<!--

فأين هذا من رجال شرّفوا بتلك المجالس فأوهموا ولاة الأمر بأنّ الناس بخير وهم لا يعرفون عن هموم الناس شيئا , وحصروا همّهم واهتمامهم بمطالب خاصّة من تعليم ولد في لندن يكلّف الدولة عشرات الألوف ثمّ لا يتميّز عن أقرانه من خريجي الجامعات الأردنية بشيء , أو توظيفه في وظيفة تتطاول إليها الأعناق أو إعفاء من قرض أخذ باسم الزراعة من مخصصات المزارعين فأنفق في سيارة فارهة أو قصر مشيد !! أو طلب "شرهة " ومعونة بحجّة إطعام الأتباع والرعاع والفقراء الجياع  الذين يزعمون أنّهم يأكلون على موائدهم كلّ مساء إحياء لسنن من مضوا من الزعماء والأسخياء  ولا يعلم ولي الأمر أنّ الغالبية العظمى منهم لا يدخل بيوتهم أحد.

لقد انحرفت السفينة قبل ذلك الصيف المشؤوم  بقليل ثمّ استدارت مغيرة وجهتها تغييرا كاملا بانقلاب أبيض , فشكى الشعب , وبكى , وجأر واستجار , ثمّ تفشى فيه الانتحار ولم يسمع طيلة تلك الأعوام العجاف صوتا جادّا لإيقاف الانحدار ثمّ ظهرت أصوات فئات من علية القوم انتظرت حصتها طويلا من " جزور الوطن " فلما يئست زأرت , وظنّت الشعب سيسارع للوقوف معها , متجاهلة أنّها خذلته كلّ تلك السنين فلما جاعت أرادت أن تصطاد به !!

لا يا سادة يا كرام الشعب يدرك جيدا أنكم تريدون حصتكم من الغنيمة , ونصيبكم من الفريسة , والفريسة لا يمكن أن تنحاز لأحد المتنافسين عليها , وإياكم أن تقولوا لقد قلنا , وكتبنا , وخطبنا , وحاضرنا , وحذرنا طيلة تلك الأعوام العجاف , لا تقولوا لنا ذلك ؛ لأننا نعرف أنّ منكم من كتب وانتقد , وعارض واعترض , ولكننا نشكّ في جديتكم , وفي حملكم همّ الوطن وأبنائه , ونتجرأ فنتهم بأنكم ساهمتم في خنقه زيادة على خذلانه , فقبل أن تتهمونا بالتخاذل اسألوا أنفسكم عمّا ضيعتموه من لبن في ذلك الصيف , ولأننا نعرف أنّه لا وقت لديكم للتذكّر , ولا رغبة لكم به فإننا نذكرّكم بما يلي :

<!--أنّ مجموع حملة الألقاب ( دولة , ومعالي , وسعادة , وعطوفة وقادة أحزاب ومنظرين , وشيوخ عشائر ..... الخ ينوف قطعا على العشرة آلاف سيّد بمعدل 1: 600 شخص فهل تستطيعون أن تذكروا لنا كم منكم من يتعاونون في عمل جماعي لمصلحة الوطن في روح الفريق الواحد ؟؟ إننا نعتقد أن طريق خدمة الوطن في مثل ظروفنا هو طريق عريض بعرض الوطن , فيعطي المجال للسائرين بأن يسيروا صفّا واحدا متشابكي الأيدي كتفا على كتف , ونعلم أنّ الوطن عندما يستعيد عافيته يصبح الطريق بمسارات ثلاث : يسار يتشدد كثيرا , ويمين يتساهل قليلا , ووسط بين الإفراط والتفريط , وأوسعها أوسطها , فينقسم سراة الوطن إلى تلك الأقسام الثلاث والكلّ يتنافس على خدمة الوطن , ويكون السير سلسا منظمّا لا يعيقه الزحام , ومع هذا فإننا نسامحكم بذلك إن وجدنا  10%  منكم ينقسمون إلى مائة فريق , ومائة مسار بمعدل عشرة لكلّ فريق فإننا نعتذر لكم عن تخاذلنا  وعدم ثقتنا بكم , ونعترف بأننا شعب لا يستحق الحياة ..... أمّا إن كان لديكم طرق بعددكم لكل شخص طريق لا يتسع إلاّ له فاعذرونا إن قلنا أنتم قوم تبحثون عن مصالح خاصّة لا مصالح شعب ووطن .

<!--نريد أن نعود لتلك الاستدعاءات والمطالب التي تقدمونها لجلالة الملك طيلة الخمس سنوات الماضية فإن وجدنا أنّ منها 10% فقط تتعلق بهموم الشعب وقضاياه فإننا سنعيد ثقتنا بكم .

<!--إنّ حامل الهمّ العام يقدّم مشروعا أو برنامجا إصلاحيا واضحا جاهزا للتنفيذ  ويدعو إليه , ولا يستنكف من زيارة قطاعات الشعب ليشرح لهم أفكاره ومشروعه ليجمع عليه المؤيدين الذين يحملونه عن قناعة , ويضحون من أجله فكم لدينا من حملة هذه المشاريع ؟؟ وهل استطاعوا إيصالها للناس بالطريقة المقنعة التي تجعل الناس يلتفون حولها ويؤيدونها ؟؟ إنّ نسخ بعض المشاريع والأفكار واستخدامها من باب التشخيص وإشغال الفراغ ثمّ تغييرها كتغيير الملابس لا يعدّ من السياسة بشيء , ولا علاقة له بالإصلاح لأنّه  مجرد ترف فكري  وعبث وتسلية إن لم يكن وسيلة للصيد .

فإن كنتم عاجزين عن الحدّ الأدنى من الاتفاق , وعاجزين عن تقديم مشروع إصلاحي تؤمنون به ويحقق مصالح الشعب , وقبلها لم توصلوا صوت الشعب الحقيقي للقيادة فكيف تطلبون منّا أن نثق فيكم ؟؟

فأعود لما نصحتكم به في رسالتي المعنونة بعنوان (( رسالة إلى أهل الحل والعقد : المطلوب : مؤتمر وطني للمصالحة ثمّ الإصلاح " )) فهل أنتم فاعلون ؟؟ لا نريد أن يجتمع العشرة آلاف سيّد لهذه الغاية , يكفينا أن يجتمع منكم خمسمائة على قلب رجل واحد فهل تستطيعون ؟؟ وإن عجزتم عن ذلك فأفسحوا المجال للشباب المسحوق الذي يقود مسيرة الإصلاح حاملا هموم الشعب , معبرا عن آماله وآلامه ؛ لأنّه يعيش معاناة الشعب فعلا لا تنظيرا , ويكتوي بما يكتوي به الشعب من جوع وفقر وذلّ وقهر ....

وختاما : يا من تلومون الشعب على تخاذله لوموا أنفسكم فالشعوب لا تضع ثقتها ولا تسلم قيادها للمشغولين بأنفسهم , وهمومهم , ومصالحهم , وأموالهم , وتلك حقيقة أدركها عرب الجاهلية الجهلاء فقال قائلهم<!-- يصف رجل المراحل الحرجة :

هُوَ الجَلاءُ الَّذي يَجتَثُّ أَصلَكُمُ         فَمَن رَأى مِثلَ ذا رَأياً وَمَن سَمِعا

فَقَلِّدوا أَمرَكُمُ لِلَّهِ دَرُّكُمُ                رَحبَ الذِراعِ بِأَمرِ الحَربِ مُضطَلِعا

لا مُترِفاً إِن رَخاءُ العَيشِ ساعَدَهُ         وَلا إِذا عَضَّ مَكروهٌ بِهِ خَشَعا

( لا يَطعَم النومَ إلا ريثَ يبعثُه ...        همٌّ يكادُ حَشاه يقطَع الضَّلَعا )

مُسَهَّدَ النَومِ تَعنيهِ ثُغورُكُمُ                 يَرومُ مِنها إِلى الأَعداءِ مُطَّلَعا

ما اِنفَكَّ يَحلُبُ دَرَّ الدَهرِ أَشطُرَهُ               يَكونُ مُتَّبِعاً طَوراً ومُتَّبَعا

وَلَيسَ يَشغَلُهُ مالٌ يُثَمِّرُهُ                  عَنكُم وَلا وَلَدٌ يَبغي لَهُ الرَفَعا

حَتّى اِستَمَرَّت عَلى شَزرٍ مَريرَتُهُ         مُستَحكِمَ السِنِّ لا قَحماً وَلا ضَرَعا

لَقَد بَذَلتُ لَكُم نُصحي بِلا دَخَلٍ         فَاِستَيقِظوا إِنَّ خَيرَ العِلمِ ما نَفَعا

هَذا كِتابي إِلَيكُم وَالنَذيرُ لَكُم         فَمَن رَأى رَأيَهُ مِنكُم وَمَن سَمِعا

لا تلوموا الشعب إن عجزتم عن نيل ثقته لأنكم ما كنتم معه في يوم من الأيام  وعندما عضت غواربكم الأقتاب رغيتم , ففي الصيف ضيعتم اللبن .

إنّ السياسة المفضية لكسب الثقة ونيل الرئاسة لا تنال بسهولة فرحم الله الهذلي حيث يقول: [وإن سياسة الأقوامِ فاعلمْ ... لها صَعْدَاءُ مَطلبُها طويل] واسمعوا إن شئتم طرفا مما قالته العرب في هذا الشأن حيث قالت : " السؤدد: اصطناع العشيرة , واحتمال الجريرة. وحمل المكاره وابتناء المكارم. وقالوا السؤود : بذل الندى , وكف الأذى , ونصرة المولى , وتعجيل القرى. وقيل للأحنف: ما السيد؟ قال: من حمق في ماله , وذل في نفسه , وعني بأمر عشيرته. وقيل: من إذا حضر هابوه، وإذا غاب ما اغتابوه. وقيل: من أورى ناره , وحمى ذماره , ومنع جاره ,وأدرك ثأره.وقال بعضهم لرجل من بني شيبان: بلغني أن السؤدد فيكم رخيص! فقال: أما نحن فلا نسود إلا من أوطأنا رحله، ، وأخدمنا نفسه، وبذل لنا ماله! فقال: وأبيك إذاً فهو فيكم غال! وقال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: إن من يستحق السيادة من لا يصانع ولا يخادع ولا تغره المطامع. وقيل للأحنف: بم سدت؟ قال: بالخلق السجيح والكف عن القبيح، وتجنب الدني وترك اللسان البذيء. وقال معاوية لعرابة الأوسي: بم سدت قومك؟ فقال: لست بسيدهم، ولكني رجل أعطيت في نائبتهم، وحملت عن سفيههم، وشددت على يد حليمهم، وعطفت على ذي الخلة منهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن قصر عني فأنا أفضل منه، ومن تجاوزني فهو أفضل مني..<!--

وقال حسان بن ثابت :

وإنّا لقومٌ ما نسودُ غادِراً ...       ولا ناكِلاً عندَ الحمالةِ زُملا

ولا مانعاً للمالِ فيما ينوبُهُ ...   ولا ناكلاً في الحربِ جبساً مغفلا

نسوِّدُ منا كلَّ أشيَبَ بارعٍ ...             أغرَّ تراهُ بالجلالِ مكلَّلا

إذا ما انتدَى أجْنَى الندَى وابْتَنَى العُلَى ... وأُلفِيَ ذا طولٍ على منْ تطولا

نطيعُ فعالَ الشيخِ منا إذا سما ... لأمرٍ ولا نعيا إذا الأمرُ أعضَلا

لهُ إربَةٌ في حزمِهِ وفعالِهِ ...         وإنْ كانَ مِنّا حازِمَ الرّأي حوَّلا

وأشيَبَ ميمونَ النقيبةِ ينتفَى ... بهِ الخطرُ الأغلَى وطفلاً مؤملا

وأمردَ مرتاحاً إذا ما ندبْتَهُ ...                تحملَ ما حملْتَهُ فتربلا<!--"

نعم يا سادة ارتفعوا لمستوى السادة ثمّ لومونا على تخاذلنا .

وكتبه المعتز بالله فلاح أديهم المسلَمي الصخري .

الحادي عشر من تموز من عام 2011م

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

<!-- - نقلت النصّ كما هو على ما فيه من ركاكة , وصاحب النصّ لواء ركن متقاعد لم نسمع له صوتا طيلة عمره المديد إلاّ منذ عام بدأ يزأر ويجأر ويعلن سخطه على الشعب المتخاذل .

<!-- الإسعاد لغة المساعدة في النياحة وفي الحديث الشريف قول أمّ عطية : " إنّ فلانة أسعدتني = ناحت معي – انظر غريب الحيث لابن الأثير الجزري .

<!-- إذا جَاءَ السيل  مِنْ مَكَانٍ لاَ يُعْلَمُ بِهِ قِيلَ: جَاءَنَا السَّيْلُ دَرْءاً فقه اللغة للثعالبي [ص 210] وفي لسان البادية يقولون " جاء السيل درو "

<!-- نداء استغاثة لآل البيت الكرام من بني صخر * في المؤتمر الشعبي الذي عقد في أم العمد والذي استضافه حاكم سلطان مثقال الفايز .

<!-- المنهج المسلوك في سياسة الملوك تأليف عبد الرحمن بن عبد الله بن نصر بن عبد الرحمن الشيزري تحقيق علي عبد الله الموسى _ الناشر مكتبة المنار _سنة النشر 1407هـ- 1987م_ مكان النشر الزرقاء[ص 737]

<!-- سراج الملوك [ص 50]

 

<!--

<!-- أخبار القضاة [1 /285]

ائع السلك في طبائع الملك المؤلف : ابن الأزرق

<!-- الكتاب : نهاية الأرب في فنون الأدب ـ موافق للمطبوع

المؤلف : شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1424 هـ - 2004 م الطبعة : الأولىعدد الأجزاء / 33تحقيق : مفيد قمحية وجماعة ______ ج7- ص 186

<!-- لقيط بن حارثة بن معبد الإيادي

 

<!-- محاضرات الأدباء الراغب الأصفهاني [1 /68]

 

<!-- منتهى الطلب من أشعار العرب - ابن المبارك

المصدر: عالم السياسة الاخباري .. فلاح أديهم المسلم
alam-asiyasa

عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا ) .. نصر الزيادي .. " المواد المنشورة ليس بالضرورة ان تعبر عن رأي صحيفتنا الالكترونية " حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع عالم السياسة والثقافة الإخباري ( ع . س . ا )

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 139 مشاهدة

عالم السياسة والثقافة الإخباري

alam-asiyasa
( ع . س . ا ) صحيفة الكترونية شاملة .. إخبارية سياسية ،، ثقافية واجتماعية »

البحث فى الموقع

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

253,811

عالم السياسة والثقافة الإخباري

عالم السياسة والثقافة الإخباري

      ( ع . س . ا )


 صحيفة الكترونية شاملة .. اخبارية سياسية ،، ثقافية واجتماعية


* تعنى بالشأن السياسي المحلي والعالمي  
* تعنى بنقل الخبر بمصداقية وشفافية
* تعنى بالشؤون الاجتماعية والثقافية
* تسمح بالنقاشات الهادفة وتبادل الاراء 
* تقوم على استفتاء الجمهور بمواضيع ذات اهمية
* الأستقلالية ونبذ التبعية الفكرية 
* الحرية في التعبير سقفها المسؤولية الدينية والاخلاقية .