تبعات قرار الحكومة الأردنية برفع الدعم عن المشتقات النفطية
عالم السياسة الإخباري .. نصر الزيادي
تعد المشتقات النفطية خصوصا مادتي السولار والغاز ، من أهم المواد الأساسية في الحياة اليومية في هذا العصر ، بل هي من أهم ركائز الاقتصاد الوطني في أي دولة في العالم ، فالمصانع بمختلف أنواعها ، وقطاع النقل والمواصلات ، والقطاع الزراعي سواء زراعة الخضروات والفواكه ، أو مزارع الدواجن التي ترتكز بشكل خاص على استعمال الغاز بشكل مكثف خصوصا في موسم الشتاء والبرد القارص ، وكل هذه القطاعات لا تقوم بعملها دون توفرهاتين المادتين النفطيتين .
ويشكل الارتفاع العالمي لأسعار النفط والغاز عقبة اقتصادية وتحديا في وجه الدول التي لا تمتلك النفط على أراضيها ، وتتأثر القطاعات التي ذكرناها سلبا أو إيجابا بارتفاع أو هبوط سعر النفط عالميا أو محليا ، مما ينعكس على المواطن أيضا سلبا أو إيجابا نتيجة ذلك .
ومن المعروف أن الأردن يعد إحدى الدول المتضررة من هذا الأمر رغم أن الأردن كان يحصل على النفط مجانا من العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين ، وبأسعار تفضيلية من الحكومة العراقية الحالية ، ومن السعودية ، ألا إن حكوماتنا المتعاقبة وكما تدعي أنها تبيعها للمواطن بأسعار مدعومة من الدولة ، وما سمعناه من تصريحات حكومية عبر وسائل الإعلام المختلفة ، أن الحكومة وبعد إعلانها عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وعن اسطوانة الغاز التي كانت بالتحديد خطا احمر حد قول رؤساء الحكومات المتعاقبة في الأردن ، ألا إن رئيس الوزراء الحالي معالي الدكتور عبدالله النسور ، اتخذ هذا القرار والذي وصفه بالجرئ على عاتقه ، وأعلن عن تحمله المسؤولية الكاملة عما يتبع هذا القرار .
ومن هنا تحدثت التصريحات الحكومية المسئولة ، أن هذا القرار سيوفر 500 مليون دينار في عام 2013 ، حيث أن الحكومة كانت تدفع 800 مليون دينار لدعم المشتقات النفطية ، ألا أنها الآن ستدفع 300 مليون دينار فقط بدل الدعم النقدي ، حيث يكون الدعم للأسر الأردنية التي لا يتجاوز دخلها السنوي 10 آلاف دينار ، على أن يكون قيمة الدعم السنوي 70 دينار لكل فرد على أن لا يتجاوز عدد أفراد الأسرة ستة أشخاص ، وان لا يتجاوز المبلغ 420 دينارا سنويا ، ويصرف على ثلاث دفعات بمعدل كل أربعة شهور دفعة .
وقد تم الإعلان عن هذا القرار بصفة رسمية مساء يوم 13-11-2012 ، ونتج عن هذا الإعلان عدة أمور ، كان أهمها خروج الشعب إلى الشارع معبرا عن احتجاجه ورفضه لهذا القرار فور سماع الخبر ، ووصلت هتافاتهم سقفا غير مسبوق منذ بدء خروج الحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاح ، واستغل هذا الخروج عددا من الأشخاص لتنفيذ أجندات خاصة ، يرى الكثيرون أنهم أصحاب سوابق جرميه ويقف خلفهم قوى الفساد لعرقلة الحركة الإصلاحية خوفا من محاسبتهم في حال نجاح وتحقيق المطالبات الإصلاحية . فعملت هذه المجموعات على حرق ونهب وسلب الممتلكات العامة والخاصة على حد سواء ، واعترف رئيس الوزراء في تصريح لإحدى الإذاعات الأردنية انه يبرئ الحراك الشعبي من هذه الأفعال وان من يقف خلفها هم أصحاب السوابق في الأردن .
أما النتائج الفعلية والملموسة على ارض الواقع ضمن الحياة اليومية ، جراء اتخاذ هذا القرار ، والتي تم رصدها من خلال مجموعة من أطياف المجتمع الأردني ، حيث أفاد بعض سائقي ( التكاسي ) أن معدل حركة عملهم قد انخفضت بشكل كبير وملموس ، ويؤكدون أن ارتكاز عملهم على وفود الزوار من دول الخليج الشقيقة ، والسائحين الأجانب ، الذين يرون حسب كلامهم أنهم لم يعودا متواجدين كما هو الحال من قبل اتخاذ هذا القرار ، ويعزي بعضهم أيضا أن الشعب بدء يوفر دفع مبلغ بهذا الجانب ليسد به جانبا آخر جراء اتخاذ القرار .
ومن جهة أخرى أكد لموقع عالم السياسة الإخباري عددا من طلاب الجامعات من حملة الجنسيات الخليجية ، أن سفراء دولهم طلبت منهم مغادرة الأردن في هذه الأوقات ، عقب اتخاذ القرار وما تبعه من أحداث شغب وانتهاكات واعتداء على البعض حسب قولهم .
وفي إفادة لأصحاب محلات بيع الغاز ، أكدوا لموقع عالم السياسة الإخباري أن نسبة مبيعاتهم عقب القرار انخفضت بنسبة 35% ، كما أكدوا أن سكان المناطق الشعبية ، يشترون الغاز بالأجل ( الديّن ) وكانوا لا يستطيعون دفع ما يترتب عليهم شهريا من ديون بشكل كامل ، لسوء أحوالهم المادية ، فكيف بهم الآن عقب هذا القرار وارتفاع الأسعار ؟
ومن جهة أخرى أفاد أصحاب محلات بيع المواد التموينية ، أنه لم يتم لغاية الآن رفع أسعار المواد التموينية ، مؤكدين أن تنبيهات تأتيهم من تجار الجملة والمستوردين بان رفع الأسعار بات وشيكا ، وذلك عقب انتهاء المواد المتوفرة في مستودعاتهم وأنهم سيرفعون أسعار كل ما يتم استيراده من جديد بسبب فروق أجور النقل التي ستترتب عليها .كما تحدث لنا بنفس الكلام أصحاب المطاعم الشعبية ، وعن تنبيهات التجار لهم ، وينتظرون قرار نقابتهم لرفع الأسعار لمواكبة رفع أسعار التكاليف الجديدة ومنها سعر اسطوانة الغاز . علما أن بعض المواطنين يقولون إن بعض المطاعم بدأت برفع أسعارها دون انتظار قرار نقابتهم المسئولة عن قائمة أسعار بيع المطاعم .
وفي حديث مع صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية والكهربائية ، أكد أن نسبة مبيعات ( الصوبات ) التي تعمل على السولار أو الكاز انخفضت الى درجة تقرب من الصفر مقابل ارتفاع غير معهود وبنسبة تتجاوز 75% من إقبال على شراء ( الصوبات ) التي تعمل على الكهرباء . أو على المواقد التي تعمل على الحطب ، وكذلك لاحظ حركة شرائية قوية على أفران ومواقد الطبخ الكهربائية . وأكد ذلك عددا من المواطنين بأنهم لم يعد يستعملوا الصوبات التي تعمل على الغاز أو الوقود ، واستبدلوها بالصوبات الكهربائية ، وفاجئني البعض بقوله " بما أن الحكومة تجاوزت الخطوط الحمراء التي كانت تطمئن بها الشعب كاسطوانة الغاز ، بل ومدت يدها على جيب المواطن ، أيضا نحن سنمد أيدينا على أسلاك الكهرباء غير آبهين بما سيحدث لنا جراء هذا الفعل " . وقال مواطن آخر أن الموضوع لم يقف عند حد فرق سعر اسطوانة الغاز أو المحروقات ، بل تجاوزت ذلك بكثير ، فيقول أنا رب أسرة مكونة من 11 فردا ، والدعم المقدم من الحكومة يغطي ستة أفراد ، فهل الخمسة أفراد من باقي أسرتي ليسوا أردنيين أو مواطنين ؟ وتابع حديثه بأنه يعاني من تكاليف تدريس طالبين جامعيين من أبناءه ، وذلك قبل هذا القرار ، أما الآن فزادت المعاناة اليومية وزادت الأعباء وثقل الحمل على كاهلي .. فالطالب الذي كان يكفيه كل يوم خمسة دنانير أصبح لا يكفيه الآن اقل من ثمانية دنانير لارتفاع أجور النقل وارتفاع رغيف الساند وش وصحن الحمص أو الفول ، أو فنجان الشاي ( والحبل على الجرار ) حسب قوله . ويضيف انه بدء بإقناع احد أبناءه بترك الدراسة للعمل والوقوف الى جانبه ومساندته على هموم المعيشة الصعبة . هذا إن وجد عملا .
أما من التقى بهم موقع عالم السياسة الإخباري لإعداد هذا التقرير ، فقد كان كلامهم يعبر عن الشعور بالغضب من الحكومة جراء اتخاذ هذا القرار الذي وصفوه بإعلان إعدام بالنسبة لهم قائلين إن على الحكومة أن تبتعد عن جيوب المواطنين المنهكين قبل القرار ، والمشرفين على الموت بعده ، مطالبين بمحاسبة من جر الوطن الى هذه الحالة من الانهيار ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين .