السحر في ذاكرتي..
علاء الأديب
لم أكن قد تجاوزت العشرين من عمري عندما ألقت الشرطة القبض على امرأة ساحرة واقتادوها لمركز الشرطة المقابل لبيتنا .كان جميع الضبّاط والشرطة هناك اصدقائي .دفعني الفضول لأعرف قصة هذه المرأة التي ألقي عليها القبض وقد نبشت قبرا لطفل حديث الولادة دفنه اهله قبل ساعات من نبشه.
استغلت الساحرة ظلام الليل لتنبش قبر هذا الجنين فأخرجته من قبره وأوقدت شمعة كبيرة ووضعت رأس الجنين على لهبها وبدأت تجمع في اناء سائلا ابيض يتقطّر من انفه تقول بأنه مخّ هذا الجنين حتى انقطع ذلك السائل بعد ان جمعت منه ماتراه يكفي حسب قولها .
ومن ثم اعادت الطفل الى كفنه وقبره وكأن شيئا لم يكن.
كانت الشرطة تراقب المرأة وفسحوا لها الوقت ليعرفوا تفاصيل الأمور بعد أن كثرت شكاوى أهالي المنطقة من تعرض العديد من امواتهم الصغار للنبش.
لما سأل ضابط التحقيق المرأة عمّا يفيدها من هذا السائل الذي تقول بأنه مخ الطفل قالت:
إنّها تستخدمه كسقيّة للرجل الذي تريد زوجته أن تسيطر عليه وتجعله حسب تعبيرها كالخاتم بيد زوجته.
ويمكن أن تستخدمه كسقيّة للمرأة التي يريد زوجها أن يعميها عن حقيقته التي لايريد أن تراها لما فيها من عيوب .حتى تكاد تراه ملاكا رغم كلّ مساوئه.
ولما سألها الضابط وكم تحتاجين من هذا المخ لتلك السقية قالت ليس الا بضعة غرامات .بمعنى ان ماحصلت عليه من مخ هذا الطفل يكفيني لعشرين سقيّة على الأقل .
سألها الضابط عن كلفة السقيّة الواحدة قالت: الفي دينار ..أي مايعادل الآن بحدود مليوني دينار تقريبا.
فسألها إن كانت قد جربت ذلك سابقا وهل انّ لهذه السقيّة تأثيرها كما تقول؟
فقالت نعم لهذا فإن اقبال الناس عليها شديد .
فقال لها هل تعلمين بأنّك قد ارتكبت جرما ستنالين عليه أشدّ العقاب ؟
قالت نعم اعرف واعرف انّ نهاية كل ساحر الى جهنم.
ولم يكن على وجه تلك الساحرة أيّ ملامح من ملامح الندم.
هذا هو السحر .. وهذي واحدة من فعاله ..
اللهمّ جنبنا والقارئين كلّ خبيث .
أنّك سميع مجيب.