علاء الأديب...الموقع الرسمي

الموقع الرسمي للشاعر والناقد والباحث العراقي علاء الأديب



تجليّات مفاهيم الأدب المقارن في نصوص الشاعرة التونسيّة عفاف السمعلي.
بقلم : علاء الأديب
الجزء الأول ...
***المفهوم الأول :
الأدب الشفوي والحكايات.
للأدب المقارن العديد من  مفاهيم متعارف عليها لدارسيه والباحثين فيه.
أمّا المفهوم الأول له فهو المفهوم الذي ساد في أوربا الشّماليّة والذي لم يعمّر طويلا .
والذي اعتمد دراسة الأدب الشفوي ولاسيما موضوع الحكايات الشعبيّة .وكيفية تطويرها وتسخيرها وإدخالها مجال  الأدب الفني والرسمي.
وكان الهدف من ذلك البحث عن أصول الأداب الأنسانيّة لبيئة ما أو شعب  ما وربطها بمتشابهات لبيئات وشعوب أخرى.
والتعرف على خصوصيّة ما ليس له شبيه عند الأخرين.
ولو أمعنا النظر في عدد من نصوص الشاعرة عفاف السمعلي لوجدنا فيها الكثير من تسخير الحكايات الشعبيّة والموروث الشعبي قد أدخلتها  ضمن إطار هذا المفهوم تارة بالمقارنة مع مشابهاتها .وتارة أخرى بالأعلان عن خصوصيّتها .
نص :
أبولو سنابل القمح تتوحم
والفرات فاض به الحنين
فأسقط كل الهزائم
عليسة تنفث رحيق النشوة في  الكلم
تختزل ما ضاع من السنين
يمّمتْ الروح
حين طاف بشطآن خصرها
وكان الموعد مع نيسان
جمعت الشاعرة هنا بين إبلولو إله الشمس إله الحرث عند  الأغريق الذي يوصف بالجمال والرجولة الخالدتين .
وفرات العراق الذي كان يسمى عبر التاريخ بالنهر الكبير .والذي يعتبر المهد الأول للزراعة  والخصب والنماء.
وجاءت عليسة ملكة قرطاج ومؤسستها هنا لتمثل حاجة المرأة للنهر والرجولة برغم كلّ ما عرف عنها من الذكاء والدهاء  والبطولة وصلابة المواقف.
فعليسة (التي تنفث رحيق النشوة بالكلم ) استطاعت بمساحة جلد ثور من أرض منحها لها ملك الأمازيغ  أن تقيم مدينتها التي صارت مملكة فيما بعد.
أمام دهشة الجميع قامت عليسة بتقطيع جلد الثور إلى أشرطة رفيعة وحددت لها ماشاءت من الأرض فما كان على ملك الأمازيغ إلاّ أن يرضخ ويمنحها ماحددت من الأرض.
بمقارنات قد تكون شائكة بعض الشيء في مدلولاتها استطاعت عفاف السمعلي أن تجمع بين ثلاثة عناصر تهدف الى تكامل من نوع منشود للديمومة والأستمرار.
الشمس والحرث الرجولة عند أبولو  - الخصب والنماء عند الفرات – الذكاء والدهاء والجمال والأنوثة عند عليسة.
ومن هنا نلاحظ أنّ النص المقتطع هذا من قصيدة (مجازفة ) من ديوان موسم البنفسج.
يشير إلى إنّ الشاعرة لم تجنح إلى ماظهر من المتشابه  البسيط المرئي بين عناصرها الثلاث ، بل ذهبت إلى ماوراء ما تُلمِح اليه من ظاهرِ المتشابه للغير.
وفي نص آخر من نصوصها اعتمدت الشاعرة إظهار خصوصيّة بيئتها وومحيطها من خلال الموروث والحكايات الشعبيّة دون اللجوء الى مقارنة تذكر .
نص:
أريد أن أهديك من أشواقي
عربات ياسمين
ورسالة من وطني
على ورق أخضر
بلون قلوب العاشقين
في هذا المقطع من قصيدة (أريج عابر للقارات ) من ديوان زخات مطر لجأت الشاعرة إلى تسخير طبيعة بيئتها الخضراء المليئة بزهور الياسمين لتشير بوضوح إلى خصوصيّة هذه البيئة وما تزخر به من ظواهر الأبداع في الخلق وماترتب على ذلك من حكايات العشق التي لطالما ذهبت إلى هذه الظواهر.
ومن المفهوم الأول للأدب المقارن  في هذا الجزء نمضي إلى المفهوم الثاني في الجزء القادم للأشارة إلى تجليات هذه المفاهيم في أشعار الشاعرة التونسيّة عفاف السمعلي.
علاء الأديب
بغداد
2015

المصدر: قراءات ودراسات علاء الأديب.
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 151 مشاهدة
نشرت فى 7 إبريل 2015 بواسطة alaaaladeeb

علاء الأديب

alaaaladeeb
هنا ننثر الحروف زهورا . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

44,299