قصة قصيرة: [ أدمغة للبيع..! ]
..أذكر بضبابية يوم كنت صبيا، اقتادوني ومجموعة من الصبية إلى غرفة مغلقة، لقحونا، قبل أن يأتي دوري رأيت رأسا مفتوحا، كان لواحد منا،وضعوا فيه مقرر التاريخ والجغرافيا، لم أكن نمت بعد حين تسللت من بين الصفوف، وجدتني في مشفى المدرسة، وفوق رأسي المدير يهنئني بعودتي، ظننت بأني كنت أحلم.
..حين كبرت قليلا تشاجرت ورفيقي حول حرق السفن، فهو يقول أحرقت، وأنا أقول لا، كنت أحرض زملائي على تقديم طلب مسح ما سجلوه بأدمغتنا عنوة، لأجد نفسي في الشارع.
..مع الوقت اشتد النزاع مع شاعر يقول بأن المتنبي ادعى النبوة، وأنا أقول :
-لا..حسدوه..!
وحول شعري يقول ليس بشعر فتحديته، كنت أرتجل القافية دونما وزن، وهو يزن دون قافية، فابتعد وأسس ناديا للحفاظ على التراث، فتأكدت بأن دماغي لم تطله الأيادي...
على ذكر الأدمغة، رأيت بعضها تعدم، وأخرى تفرغ لتشحن من جديد، رأيت كيف يحول مسجد أو كنيسة لقاعة عمليات، والمدارس لمختبرات، رأيت بأم عيني جل مخططات الإرهاب بشتى أنواعه بالتناوب، كلما وصلت فئة للحكم برأت نفسها منه، وألبسته لأخرى...
..لم أر غير الفراغ، يهرول الناس بلا أدمغة، كلما رأيت الصفوف حول الحافلات، التاكسيات، تتسابق الأرجل على الأماكن بدون تفكير، تسير بانتظام النمل، وقع الخطوات كجيش عرمرم، وتخلى الأماكن حين تملأ المختبرات، شعرت بالوحدة فتمنيت لو تركت لهم دماغي وقتذاك...
..أدمغة فارغة تجوب الطرقات، أدمغة ملآى تعدم، ومن نجت فهي تتساءل :
_ هل من أدمغة للبيع؟
-حسين الباز/المغرب