فائض للشعراء و الشواعر/ مقالة
..الشعر حين يترجم يفقد شاعريته، هذا أمر محسوم فيه لا ريب، حتى باتت كل القصائد المترجمة يطلق عليها نصوصا.
إذا كنا نطلق على أبيات شعرية نصوصا، ولا نعلم صنفها حتى، فكيف نأتي بنص ونطلق عليه قصيدة؟ هذا والنصوص معروفة مصادرها، ماذا لو أخذنا مقالا من جريدة وسميناه شعرا؟ مهزلة طبعا!
ليس بالأمر الهين هذا الخلط الواقع في الساحة الثقافية في عصرنا هذا، فسوف تغربل وتصفى يوما هذه الرياح المكسوة بالثلوج الآتية من الغرب.
يأتى بالجملة نصا مركبا ثم تبعثر الكلمات هنا وهناك حروفا عبثية لا رصيد معرفي لها لا لها معاني أصلا بحجة القراءات المتعددة،مقالات بزي قصائد، وقصص وكلام فارغ لا غير...!
تشكل القصيدة عنوة، هذا إجحاف في حق تاريخنا الشعري، حتى الحديث منه.
هي عملية سهلة وبسيطة للغاية، نستخدم فيها سمعنا وذوقنا فقط، ولا حاجة لنا لمناهج تعرفنا بتصنيف النص، وبها نميز ما بين هو شاعري أو لا...!
في القرآن جاء كلمة "ترتيل" لأن لغته لا تستقيم إلا بها، والوزن في الشعر الجاهلي كان عن فطرة قبل العروض...
للإيقاع سحر يطرب الآذان لمن يطرب.
في عصرنا هذا، أصبح الشعر كبيت خال يأويه كل عابر سبيل ليستريح فيه، حتى المرشح للإنتخابات يعد ديوانا بدل برنامج، والطبيب في عيادته بديوان، والناقد بديوانه، والوزير وكل الهيئات، ديوان في كل بيت هو "موضة" العصر..!
الفيسبوك اللعين مليئ بالدواوين، فهل كلها تعتبر أشعارا وقائليها شعراء...؟
أبصم بالمليون بلا..إلا ثلة من أصحاب الضاد، وزد ما ينشر عبر دور النشر...
أرأيتم الضجيج؟ صدقوني، فلست من أحدثه، أو من هواة إحداثه لولا غيرتي على اللغة التي باتت عاهرة باسم الفن.
ليت لدينا فائضا للمفكرين، مثلما هناك فائض للشعراء والشواعر...!
_