**البيان والبلاغة***
ورد في صيغة البيان قول الله تعالى في القرآن ( الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان ) وفي الحديث ( أن من البيان لسحرا) قال ابن المعتز :البيان ترجمان القلوب وصيقل العقول وأما حده فقد قال الجاحظ :البيان اسم جامع لكل ما كشف لك عن المعنى وأما البلاغة فانها من حيث اللغة هي أن يقال بلغت المكان إذا أشرفت عليه وإن لم تدخله قال الله تعالى ( فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف ) وقال بعض المفسرين في قوله تعالى ( أم لكم أيمان علينا بالغة ) أي وثيقة كأنها قد بلغت النهاية وقال اليوناني: البلاغة وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الاشارة وقال الهندي: البلاغة تصحيح الاقسام واختيار الكلام وقال الكندي(ابو يوسف ..يعقوب بن اسحاق بن الصباح الكندي ) يجب للبليغ أن يكون قليل اللفظ كثير المعاني وقيل إن معاوية سأل عمرو بن العاص من أبلغ الناس فقال :أقلهم لفظا وأسهلهم معنى وأحسنهم بديهة ولو لم يكن في ذلك الفخر الكامل لما خص به سيد العرب والعجم وافتخر به حيث يقول نصرت بالرعب وأوتيت جوامع الكلم وذلك أنه كان عليه الصلاة و السلام يتلفظ باللفظ اليسير الدال على المعاني الكثيرة وقيل : ثلاثة تدل على عقول أصحابها الرسول على عقل المرسل والهدية على عقل المهدي والكتاب على عقل الكاتب وقال أبو عبد الله وزير المهدي البلاغة ما فهمته العامة ورضيت به الخاصة وقال البحتري خير الكلام ما قل وجل ودل ولم يمل وقالوا البلاغة ميدان لا يقطع إلا بسوابق الاذهان ولا يسلك إلا ببصائر البيان وقال الشاعر ( لك البلاغة ميدان نشأت به ... وكلنا بقصور عنك نعترف ) ( مهد لي العذر نظم بعثت به ... من عنده الدر لا يهدي له الصدف ) وروي أن ليلى الأخيلية مدحت الحجاج فقال يا غلام اذهب إلى فلان فقل له يقطع لسانها قال فطلب حجاما فقالت ثكلتك أمك إنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة فلولا تبصرها بأنحاء الكلام ومذاهب العرب والتوسعة في اللفظ ومعاني الخطاب لتم عليها جهل هذا الرجل وقال الثعالبي البليغ من يحول الكلام على حسب الامالي ويخيط الألفاظ على قدر المعاني والكلام البليغ ما كان لفظه فحلا ومعناه بكرا وقال الامام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه في حد البلاغة إنها بلوغ الرجل بعبارته كنه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل والتطويل الممل ولهذه الأصول شعب وفصول لا يحتمل كشفها هذا المجموع ويحصل الغرض بهذا القدر وبالله التوفيق.