جامعة الإبداع الأدبي والنقد المعاصر

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-fareast-language:EN-US;} </style> <![endif]-->

زِينَه والرِّيحْ

 

أَطَلّتْ زِينَه مِن النّافِذَةِ ،ثُمَ قَالَتْ مُتَأَفِّفَه :أُفْ أُفْ ؛إِنَّهُ الرِّيحْ أَنَا أَكْرَهُهْ ،عَلَيَّ أَنْ أَلْزِمَ الْبَيْتَ  لِأَنَّ الْعَوَاصِفَ مُؤْذِيَةٌ وَخَطِيرَه .

هَذَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا لَعِبَ وَلَا مَرَحَ  اليَوْمُ مَعَ الأَصْدِقَاءْ

 

سَمِعَ الرِّيحُ مَا قَالَتْهُ زِينَه ،فقَطّب حَاجِبَيْهِ حَزِينًا

ثُمَّ قَالَ:أُوووهْ  أُووووهْ ،عَلَيَّ أنْ أُعَلِّمَ زِينَه دَرْسًا لَنْ تنساهُ أبَدًا.

 

وَفِي اللَّيْل ،وَبَيْنَمَا كَانَتْ زِينَه تَسْتَعِدُّ لِلنَّوْمِ

سَمِعَتْ طَرْقًا خَفِيفًا عَلَى زُجَاجِ النَّافِذَه ،فَقَالَتْ:

مَنْ تُرَاهُ يَطْرُقُ النَّافِذَةَ فِي هَذَا الوَقْت ،لَا شَكَّ أَنَّهَا قطَّتي "مَاشَا "

فَتَحَتْ زِينَةُ النَّافِذَه :

يَا إلَهِي ،أَهَذَا أَنْتَ أَيُّهَا الرِّيحْ

نَعَمْ أَنَا هُوَ.قَالَ الرِّيحْ.

قَالَتْ زِينَه : مَاذَا تُريدُ مِنِّي أَيُّهَا الشَّرِيرْ؟ أَنَا أَكْرَهُكْ

رَدَ الرِّيحْ :أُوهْ وَمَنْ قَالَ أَنِّي شِرِّيرْ ؟

قَالَتْ زِينَه : أَلَسْتَ تَأْتي بِعَوَاصِفَ فَتُخِيفُ الأَطْفَالَ وَتَخْلَعُ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ فَتُصْبِحُ عَارِيَةً ،وَتَجْلِبُ الأَمْطَارَ وَالبَرْدَ القَارصَ ، فَتَغْدُو الأَرْضُ مُقْفرَةً وَخَاليَه .. ؟

رَدَّ الرِّيحْ :بَلَى، أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكْ ،لَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي أَنّنِي شَرِّيرْ

قَالَتْ زِينَه :بَلَى أَنْتَ كَذَلِكْ

رَدَّ الرِّيحْ : حَسَنًا ،مَا رَأْيُكِ أَنْ تَذْهَبِي مَعِي فِي رِحْلَةٍ عَبْرَ الْفُصُولْ ، حَتَّى تَعْرِفِي كَمْ أَنَا خَدُومٌ وَمُفِيدٌ لَكِ وَلِأَصْدِقَائِكِ زِينَه

 

رَكِبَتْ زِينَه عَلَى ظَهْرِ الرِّيحْ، وَانْطَلَقَا مَعًا بِاتِّجَاهِ فَصْلِ الْخَرِيفْ

وَمَا إِنْ وَصَلَ الرِّيحُ إِلَى الْخَرِيفْ ،حَتَّى بَدَأَ يَعْصِفُ بِأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ وَيُبَعْثِرُهَا هُنَا وَهُنَاكْ ، وَبَدَتْ الْأَشْجَارْ عَارِيَّه

قَالَتْ زِينَه:هَهْ، قَالْ خَدُومْ قَالْ !

قَالَ الرِّيحْ: تَشَبّثِي جَيِّدًا زِينَه سَنَذْهَبُ إِلَى فَصْلِ الشِّتَاءِ الآنْ

قَالَتْ زِينَه :أَعْرِفْ، حَيْثُ الْعَوَاصِفِ وَالْأَمْطَارِ الْغَزِيرَةِ وَالْبَرْدِ الْقَارِصْ ..

 قَالَ الرِّيحْ :هُوَ كَذَلِكَ زِينَه

اِنْطَلَقَ الرِّيحُ مُسْرِعًا وَمَا إِنْ وَصَلَ إِلَى الشِّتَاءِ

حَتّى بَدَأَ بِجَمْعِ الْغُيُومْ؛  فَتَسَاقَطَتِ الْأَمْطَارُ

ثُمَّ الثُّلُوجْ ،وَاشْتَدَّتِ الْعَوَاصِفْ، وَأَسْرَعَ النَّاسُ

 إِلَى الْبُيُوتِ وَأَقْفَلُوا الْأَبْوَابَ ،وَاخْتَبَأَ الْأَطْفَالُ جَمِيعُهُم ْ

 

قَالَتْ زِينَه :هَهْ، قَالْ لَيْسَ شِرِّيرًا قَالْ !

حَسَنًا تَشَبَّثِي بِيَ جَيِّدًا زِينَه ، جَاءَ دَوْرُ الرَّبِيعِ الْآنْ .قَالَ الرِّيحْ

قَالَتْ زِينَة : وَأَخِيرًا .

كَانَتِ الطَّبِيعَةُ فِي أَبْهَى حُلَّتَهَا؛ الطُّيُورُ تُزَقْزِقْ، وَالزُّهُورُ تَتَرَاقَصْ ،وَالْأَشْجَارُ مُخْضَرَّه ، وَالنَّسِيمُ عَلِيلْ ، وَالشَّمْسُ دَافِئَه

قَالَتْ زِينَه :يَالَ جَمَالِ الْمَنْظَرْ !

قَالَ الرِّيحْ: وَقَدْ بَدَا عَلَيْهِ التَّعَبْ :أُوووهْ  أُوووهْ ،عَلَيَّ أَنْ أَعْصِفَ مِنْ جَدِيدْ

حِينَهَا صَرَخَتْ زِينَةُ غَاضِبَةً :تَوَقَّفْ أَيُّهَا الرِّيحْ ،

أَلَمْ يَكْفِكَ مَا فَعَلْتَ سَابِقًا ،هَلْ يُطَاوِعُكَ قَلْبُكَ أَنْ

تُفْسِدَ فَرْحَةَ  هَؤُلَاءِ النَّاسْ، وَهُمْ مُسْتَبْشِرُونَ

بِالرَّبِيعْ ، وَتُفْسِدَ الزَّهْرْ ،وَتُشَتِّتُ الْعِطْرْ،

وَتُخِيفُ الصِّغَارْ، وَتُزْعِجَ الْكِبَارْ!

اِبْتَسَمَ  الرِّيحُ  ثُمَّ قَالَ :عَلَى مَهْلِكِ زِينَه ،لَا تَحْكُمِي عَلَى الْغَيْرِ بِسُوءٍ قَبْلَ أَنْ تَتَبَيَّنِي أَمْرَهُمْ. ثُمَّ أَخَذَ الرِّيحُ يَشْرَحُ لِزِينَةَ لِمَاذَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالْ:

 لَقَدْ خَلَّصْتُ الْأَشْجَارَ مِنْ أَوْرَاقِهَا الصَفْرَاءِ فِي الْخَرِيف؛ حَتَّى يَتَسَنَّى لَهَا ارْتِدَاءُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ فِي الرَّبِيعْ ، ثُمَّ جَلَبْتُ الْأَمْطَارَ الْغَزِيرَةَ  فِي الشِّتَاءْ؛  لِتَشْرَبَ وَتَرْتَوِي  مِنْ عَطَشِ الصَّيْفْ ،وَالْآنْ بَقِيَ عَلَيَّ أَنْ أَنْقُلَ غُبَارَ الزَّهْرِ حَتَّى يُثْمِرَ الشَّجَر .

قَالَتْ زِينَه: يُثْمِرْ !

قَالَ الرِّيحْ :نَعَمْ، عِنْدَمَا أَخْلِطُ بَيْنَ رحيق الأزهار ، ستتلاقح  و تتحول إلى ثمار حلوة تستمتعين بأكلها زينة

اِسْتَغْرَبَتْ زِينَةُ مِمَّا قَالَهُ الرِّيحْ

لَكِنَّ الرِيحْ قَالَ لَهَا :هَيَّا بِنَا إِلَى فَصْلِ الصَّيْفِ زِينَه،الآن سَتَرَيْنَ ذَلِكَ بِأُمِّ عَيْنِكْ

وَعِنْدَمَا وَصَلَتْ زِينَةُ إِلَى الصَّيْفْ، اِنْدَهَشَتْ  لِرُؤْيَةِ النَّاسِ يَحْمِلُونَ سِلَالَ الْفَوَاكِهِ فَرِحِينْ، وَالْأَطْفَالُ  يَتَضَاحَكُونَ وَيَسْتَمْتِعُونَ بِأَكْلِ الثِّمَارِ الحُلْوَة

 اِحْمَرَّتْ وَجْنَتَا زِينَه، وَ قَالَتْ :يَا إِلَهِي يَبْدُو الْكُلُّ سُعَدَاءْ

قَالَ الرِّيحْ : أَرَأَيْتَ كَمْ أَنَا مُفِيدٌ زِينَه ؟

قالت زينه :نَعَمْ ، فَأَنْتَ تَعْصِفُ بِقُوَّة، حَتَّى يُزْهِرَ الزَّهْرُ وَيُثْمّرَ الثَّمَرُ وَتَسْتَمِرُّ الْحَيَاه ،أَنَا آسِفَةٌ  عَلَى مَا بَدَرَ مِنِّي سَابِقًا .الْآنْ لَمْ أَعُدْ  أَكْرَهُكْ.

قَالَ الرِّيحْ : لَا بَأْسَ زِينَه، أَنَا فِي خِدْمَتِكِ دَائِمًا ..

عَادَ الرِّيحُ بِزِينَةَ إِلَى غُرْفَتِهَا ،وَقَالَ لَهَا : نَامِي بِهَنَاءٍ زِينَه ،وَكُونِي حَذِرَةً مِنَ الْعَوَاصِفِ حَتَّى لَا تُؤْذِيكِ.

شَكَرَتْ زِينَةُ الرِّيحْ، ثُمَّ خَلَدَتْ إِلَى النَّوْمِ وَهِيَ تَحْلُمُ بِمَجِيءِ الرَّبِيعِ الدّافِئ.

النِّهَايَه .

العِبْرَه :لَا تَحْكُمْ عَلَى الْآخَرِينَ بِسُوءٍ قَبْلَ

أَنْ تَتَأَكَّدَ مِنْ شَرِّ نَوَايَاهُمْ

الْفَائِدَةُ الْعِلْمِيَّه :

فِي الْأَزْهَارِ غُبَارٌ نَاعِمٌ يُسَمَّى غُبَارُ الطَّلَعْ ،وهذا الغبار هو المسؤول عن تحول الزهرة إلى الثمرة ،عن طريق التلاقح ،أي عندما يختلط غبار الزهرة الأنثى مع غبار الزهرة الذكر

لِلرّيحِ فَوَائِدٌ عَدِيدَة ،وَبِدُونِهِ لَنْ تَكُونَ هُنَاكَ حَيَاةْ .

أَجِبْ وَتَعَلَّمْ ؟

لِمَاذَا قَالَتْ زِينَة أَنَّهَا تَكْرَهُ الرِّيحْ ؟

...................................................

أَيْنَ ذَهَبَتْ زِينَة فِي رِحْلَتِهَا ؟

....................................................

لِمَاذَا يَعْصِفُ الرِّيحُ بِقُوَّةٍ فِي فَصْلِ الْخَرِيفْ ؟

...................................................

لِمَاذَا يَجْلِبُ الرِّيحُ الْأَمْطَارَ الْغَزِيرَةَ فِي فَصْلِ الشِّتَاءْ؟

..................................................

لِمَاذَا تَهُبُّ الرِّيَاحُ فِي فَصْلِ الرَّبِيعْ ؟

................................................"نِعْمَه"

قَطْرَةُ الْمَاءْ

 

عَلَى الْغَيْمَةِ الْبَيْضَاءِ الْجَمِيلَه ، تَعِيشُ قَطْرَةُ الْمَاءِ "نِعْمَه" بِسَعَادَةٍ مَعَ كَثِيرٍ مِنْ صَدِيقَاتِهَا الْقَطَرَاتْ.

 

لَقَدْ كُنَّ يَمْرَحْنَ كُلَّ يَوْمٍ وَيَسْتَمْتِعْنَ بِالتِّرْحَالِ عَلَى ظَهْرِ الْغَيْمَةِ مِنْ مَكَانٍ لِآخَرْ، وَمِنْ بِلَادٍ لِأُخْرَى بِوَاسِطَةِ صَدِيقِهِمْ الرِّيحْ.

 

وذَاتَ يَوْمٍ سَمِعَتْ "نِعْمَه" حَدِيثًا دَارَ بَيْنَ الْغَيْمَةِ وَالرِّيحْ، فَحَزِنَتْ كَثِيرًا

 

اِسْتَغْرَبَتْ الْقَطَرَاتُ مِنْ تَصَرُّفِ "نِعْمَه "فَقَدْ صَارَتْ كَثِيرَةَ الشُّرُودْ ،دَائِمَةَ الْحُزْنْ ، بَعْدَمَا كَانَتْ مَرِحَةً وَنَشِيطَه ،وَكَثِيرَةَ الْحَمَاسْ.

 

فَذَهَبْنَ يَسْأَلْنَ الْغَيْمَةَ عَنْ حَالِهَا ، بَعْدَ أَنْ رَفَضَتْ"نِعْمَه" أَنْ تُخْبِرَهُمْ عَنْ سَبَبِ حُزْنِهَا رَغْمَ أَنَّهُنَّ أَلْحَحْنَ كَثِيرًا فِي سُؤَالِهَا

 

قَالَتْ الْغَيْمَه : يَا صِغَارِي دَعُوا الْأَمْرَ لِي ،قَرِيبًا سَتَعُودُ "نِعْمَه" إِلَى سَابِقِ عَهْدِهَا

 

كَانَتْ نِعْمَه جَالِسَةً لِوَحْدِهَا تُفَكِّرُ فِي الْحَدِيثِ الذِّي قَالَهُ الرِّيحُ لِغَيْمَه

 

قَالَتْ غَيْمَه : مَا بَالُ صَغِيرَتِي الصَّافِيَّةُ "نِعْمَه" حَزِينَه ؟

لَمْ تُجِبْ "نِعْمَه " واسْتَمَرَّتْ بِالصَّمْت.

 

 

قَالَتْ غَيْمَه : هَلْ أَنْتِ حَزِينَةٌ بِسَبَبِ مَا قَالَهُ الرِّيحْ ؟

قَالَتْ نِعْمَه :وَكَيْفَ لَا أَحْزَن ؟.

 

رَدَّتْ غَيْمَه : وَلِمَا الْحُزْن ْ،كُلُّ مَا قَالَهُ الرِّيحْ، أَنَّ رِحْلَةَ الْحَيَاةِ قَدِ اقْتَرَبَتْ وَعَلَيْكُنَّ أَنْ تَكُنَّ مُسْتَعِدَّاتٍ لَهَا ،وَهَذَا أَمْرٌ مُفْرِحْ.

رَدَّتْ "نِعْمَه " :وَمَا الْمُفْرِحُ فِي ذَلِكْ ؟ هَلْ أَفْرَحُ لِمُفَارَقَتِكِ يَا غَيْمَتِي ، وَمُفَارَقَةِ صَدِيقَاتِي .أَنْتِ تَعْلَمِينَ أَنِّي سَعِيدَةٌ بِحَيَاتِي هُنَا مَعَكُمْ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُفَارِقَكُمْ لِأَيِّ سَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابْ.

 

ضَحِكَتْ غَيْمَه :هَاهَاهَا ،وَنَحْنُ نُحِبُّكِ أَيْضًا يَا نِعْمَه ،وَلَكِنَّ الرِّحْلَةَ ضَرُورِيَّه . عَلَيْكُنَّ أَنْ تَقُمْنَ بِوَاجِبِكُنَّ تُجَاهَ

هَذَا الْكَوْن، حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ وَإلَّا سَتَكُنَّ عَدِيمِي الْفَائِدَه

 

قَالَتْ نِعْمَه: عَدِيمِي الْفَائِدَه !

قَالَتْ غَيْمَه :نَعَمْ، إِذَا لَمْ يَقُمْ أَحَدُنَا بِوَاجِبِهِ  تُجَاهَ الْعَالَمِ الذِّي يَعِيشُ فِيهْ ، و يَحْرِمُ النَّاسَ مِنَ الْفَائِدَةِ التِّي بِإمْكَانِهِ تَقْدِيمُهَا لَهُم ،يَكُونُ  بِلَا فَائِدَه .

 

قَالَتْ نِعْمَه : كَالْأَشْيَاءِ الْقَدِيمَةِ التِّي نَرْمِيهَا فِي مَوْضِعِ الْقُمَامَةِ لِأَنَّنَا لَمْ نَعُدْ بِحَاجَةٍ إِلَيْهَا ؟

قَالَتْ غَيْمَه : تَمَامًا .

 

 

قَالَتْ نِعْمَه :لَكِنِّي لَا أَصْبِرُ عَلَى فُرَاقِكُمْ ،أَنْتِ وَصَدِيقَاتِي الْقَطَرَاتْ

رَدَّتْ غَيْمَه : لَكِنَّ هَذَا الْفُرَاقَ لَنْ يَطُولَ كَثِيرًا ، لِأَنَّنَا سَنَلْتَقِي قَرِيبًا  مِنْ جَدِيدْ ،وَسَيَكُونُ أَمَامَكِ الْوَقْتُ الْكَافِي كَيْ تَلْعَبِي وتَمْرَحِي مَعَنَا

 

صَمَتَتْ" نِعْمَه " قَلِيلًا ثُمَّ قَالَتْ بِتَثَاقُلْ:حَسَنًا إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِالرِّحْلَه 

 وَجَاءَ فَصْلُ الشِّتَاءْ، وَعَصَفَتِ الرِّيَاحُ بِقُوَّةٍ وَتَسَاقَطَتِ الْأَمْطَارُ الْغَزِيرَه .كَانَتْ "نِعْمَه"إِحْدَى قَطَرَاتِ الْمَطَرْ الْمُتَسَاقِطْ ،

وَقَعَتْ نِعْمَه عَلَى الْأَرْضِ فَرَأَتِ التُّرَابَ يَتَشَربُ قَطَرَاتِ الْمَطَرْ .سَأَلَتْ نِعْمَه الْأَرْضَ قَائِلَةً :يَا أُمِّي الْأَرْضُ لِمَاذَا تُخَبِّئينَ كُلَّ هَذِهِ الْمِيَاه دَاخِلَكَ

اِبْتَسَمَتِ الْأَرْضُ وَقَالَتْ : أَحْتَفِظُ  بِبَعْضِهَا لِفَصْلِ الصَّيْف ،أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَإِنَّ جُذُورَ الْأَشْجَارِ تَشْرُبُهُ حَتَّى تَبْقَى طَرِيَّة ًوغَضَّه ،

قَالَتْ "نِعْمَه"هَذَا جَمِيلْ،إِذًا سَأَتَغَلْغَلُ دَاخِلَكِ لِتَشْرَبَنِي جُذُورُ الشَّجَرَه

حِينَهَا قَالَتِ الْأَرْض :لَا يَا عَزِيزَتِي أَظُنُّنِي اكْتَفَيْتُ مِنَ الْمَاءِ هَذَا الْيَوْم ،عَلَيْكِ أَنْ تَذْهَبِي إِلَى الْوَادِي الْكَبِيرْ ،وهُوَ سَيَأْخُذُكِ إِلَى الْبَحْرْ.

قَالَتْ نِعْمَه :إِلَى الْبَحْر ،

حِينَهَا سَالَتِ الْمِيَاهُ قَوِيَّةً وجَرَفَتْ نِعْمَه إِلَى الْوَادِي  ، كَانَ صَوْتُ الْوَادِي مُخِيفًا ،حَتَّى أَنَّ نِعْمَه اِرْتَعَدَتْ مِنَ الْخَوْفْ.

قَالَ الْوَادِي :لِمَاذَا أَنْتِ خَائِفَةً يَا نِعْمَه

قَالَتْ نِعْمَه :صَوْتُكَ مُخِيفٌ جِدًّا.

قَالَ الْوَادِي :لَسْتُ مُخِيفًا نِعْمَه؛لَكِنَّ مِيَاهِي تَجْرِي بِسُرْعَةٍ بِاتِّجَاهِ الْبَحْر،لِذَلِكَ تُصْدِرُ هَذَا الصَّوْتُ الْمُزْعِجْ.

قَالَتْ نِعْمَه :ولِمَاذَا تَجْرِي بِسُرْعَه،لِمَاذَا

لَا تَسِيرُ بِهُدُوء ؟.فِي الْعَجَلَةِ النَّدَامَه وَفِي

 التَّأَنِّي السَّلَامَه !

قَالَ الْوَادِي : أَنْتِ مُحِقَّةٌ يَا نِعْمَه ،لَكِنَّ مِيِاهِي مُجْبَرَةٌ أَنْ تُسْرِعْ ،وإِلَّا فَإنِّي سَأَفِيضُ ، وسَأُهْلِكُ الزَّرْعَ والضَّرْع

قَالَتْ نِعْمَه:ويَمُوتُ الْأَطْفَال؟

قَالَ الْوَادِي :نَعَمْ، سَيَمُوتُ الْأَطْفَالُ وتَغْرَقُ الْمُدُنُ الْجَمِيلَه ،لِهَذَا عَلَيْكَ أَنْ تَذْهَبِي إِلَى الْبَحْرُ مَعَ مِيَاهِي الْجَارِيَّه

اِتَّجَهَتْ نِعْمَه إِلَى الْبَحْر:وَعِنْدَمَا وَصَلَتْ َوَجَدَتْهُ كَبِيرًا، والْأَمْوَاجُ فِيهِ عَالِيَّه،فَارْتَعَدَتْ خَائِفَه

عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبَحْر : مَا الذِّي يُخِيفُكِ يَا نِعْمَه

قَالَتْ نِعْمَه:تَبْدُو غَاضِبًا والْمَوْجُ عَالٍ وصَوْتُهُ مُرْعِبْ.

ضَحِكَ الْبَحْر : هَاهَاهَا

ثُمَّ قَالْ:لَا، لَا تَخَافِي نِعْمَه ؛أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى أُنَقِّي الْبَحْرَ مِنَ الْفَضَلَاتِ والْقُمَامَه ؛ويُصْبِحَ الْبَحْرُ صَافِيًّا ، فَتَعِيشَ الْأَسْمَاكُ بِسَعَادَةٍ ويَسْتَمتعَ النَّاسُ بِي فِي الصَّيْف ،عِنْدَمَا تَشْتَدُّ الْحَرَارَه .

قَالَت نِعْمَه : وَيَلْعَبُ الْأَطْفَالُ عَلَى الشَّاطِئِ وَيَبْنُونَ قُصُورَ الرَّمْلِ الْجَمِيلَه؟

قَالَ الْبَحْر:نَعَمْ،هُوَ  ذَاكَ نِعْمَه .

وجَاءَ الصَّيْفُ سَرِيعًا ؛كَانَتْ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ الذَّهَبِيَّةُ تَنْعَكِسُ عَلَى سَطْحِ الْبَحْر ، والنَّسِيمُ عَلِيلْ ،وَرَأَتْ نِعْمَه الْأَطْفَالَ يَلْعَبُونَ مَعًا ويَمْرَحُونْ ،تَنَفَّسَتْ بِعُمْقٍ وقَالَتْ:

آهْ،لَقَدِ اشْتَقْتُ إِلَى أَصْدِقَائِي وإِلَى غَيْمَتِي الْبَيْضَاءْ.

عِنْدَهَا اشْتَدَّتْ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ وأَخَذَتْ الْمِيَاهُ تَتَبَخَّرْ . وفَجْأَةً وَجَدَتْ نِعْمَه نَفْسَهَا عَلَى الْغَيْمَه

قَالَتْ غَيْمَه: أَهْلًا بِعَوْدَتِكِ نِعْمَه

قَالَتْ نِعْمَه: أَنَا سَعِيدَةٌ بِعَوْدَتِي إِلَيْكِ يَا غَيْمَتِي ،وإِلَى صَدِيقَاتِيَ الْقَطَرَاتْ

قَالَتْ غَيْمَه : هَلْ كَانَتِ الرِّحْلَةُ جَمِيلَه ؟

قَالَتْ نِعْمَه:نَعَمْ، ولَقَدْ تَعَلَّمْتُ شَيْئًا مُفِيدًا وهُوَ أَنَّ الْمَاءَ نِعْمَةٌ ،وأَنَّهُ سِرُّ الْحَيَاه.

الْعِبْرَه : لِكُلٍّ مِنَّا دَوْرٌ يَقُومُ بِهِ فِي الْحَيَاةِ وَرِسَالَةٌ يُؤَدِّيهَا ، وإِلَّا سَيَكُونُ عَدِيمَ الْفَائِدَه.

لِلْمَاءِ فَائِدَة ٌعَظِيمَه ؛ يَشْرُبُ مِنْهُ النَّاسْ ، وَتَرْتَوِي بِهِ الْأَشْجَارْ ،ويَعِيشُ السَّمَكُ فِيه،.. وَبِلَا مَاءٍ لَا حَيَاه

 الْفَائِدَةُ الْعِلْمِيَّه : عِنْدَمَا تَكُونُ الْحَرَارَةُ شَدِيدَةً  يَتَبَخَّرُ الْمَاءُ مِنَ الْوِدْيَانِ والْبُحَيْرَاتِ ومِنَ الْبَحْرِ أَيْضًا ، ويُسَمَّى ذَلِكَ التَّبَخُّرْ ، أَمَّا الْأَشْجَارُ فَهِيَ تَنْتِحُ بَعْضَ الْمِيَاهِ مِنَ الْأَوْرَاقِ ويُسَمَّى ذَلِكَ النَّتْحُ الذِّي يَتَبَخَّرُ أَيْضًا بِفِعْلِ الْحَرَارَه  ،وبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ تَتَشَكَّلُ السُّحُبْ فِي السَّمَاءِ ويَسْقُطُ الْمَطَر.

أَجِبْ  وَتَعَلَّمْ :

لِمَاذَا حَزِنَتْ نِعْمَة  ؟

..............................................

متى سقطت نعمة من الغيمة؟

..............................................

مَاذَا قَالَتْ الْأَرْضُ لِنِعْمَة؟

..............................................

لِمَاذَا تَجْرِي مِيَّاهُ الْوَادِي بِسُرْعَة ؟

..............................................

كَيْفَ تَتَشَكَّلُ الْغُيُومْ ؟

..............................................

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 4 سبتمبر 2017 بواسطة akilameradji

أَبو فروة الظريف

akilameradji
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

20,021