تقريرد / ايمان الشربينى 

نحن نعيش مرحلة هوس الترند والسوشيال ميديا حيث اصبح الترند وباء وسرطان يحتاح عقول الشباب والفتيات الذين يسعون للشهرة سواء كانت حقيقية او غير حقيقية واصبح الوهم هو الشائع فى الترند ماذا جرى لعقولنا لكى ننساق وراء هذا الترند الكاذب ؟؟ والذى اصبح يهدد المجتمع

ولم يترك "الترند" باباً إلا وطرقه، ومهنة إلا واخترقها، وفئة إلا وفرض عليها قواعده، وشعباً إلا وأسهم أو قاد توجهاته ونزعاته وانتماءاته، ونظاماً سياسياً إلا وعضده أو أسقطه. انتهى "زمن الترند الجميل" حين كان رد فعل لا فعلاً، وتابعاً لا قائداً، وانعكاساً لا أصلاً. يلوح بعضهم حالياً بأن العالم يعيش تحت سطوة الترند بشكل أو بآخر إيجاباً أو سلباً، بناء أو هدماً. ويشير بعضهم الآخر إلى أن "زمن الترند الجميل" لم يكن جميلاً بالمعنى المعروف، بل كان مقدمة لزمن سطوته وبداية لإعلان هيمنته، وذلك في غفلة من مليارات التابعين والمتابعين.

 

على رغم معرفة أو اطلاع أو ما نما إلى مسامع الجميع من أن المحتوى الذي يصل إلى مكانة "الترند" قد يكون مصنوعاً أو مختلقاً أو موجهاً أو متحيزاً أو مسيساً أو مؤدلجاً، وليس بالضرورة أنه صعد لأنه مهم ومؤثر ومثير وجاذب، فإن الغالبية تمضي قدماً في طريقها لتثبيت سطوة الترند على حياتها، وإعطاء مخططيه وصانعيه ومروجيه ما أرادوا: السطوة.

سطوة الترند لم تعد تهيؤات أو خيالات لدى بعض ممن يميلون إلى اعتناق نظرية المؤامرة. بل صارت واقعاً معاشاً يحياه ما يزيد على نصف سكان الأرض يومياً لنحو ساعتين ونصف الساعة يومياً، تصل لدى بعضهم إلى 10 ساعات ويزيد.

وبحسب موقع "سمارت إينسايتس" (المتخصص في شؤون المنصات الرقمية)، فإن 59 في المئة من سكان الأرض، أي 4.7 مليار شخص يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي، يوليو (تموز) 2022.

استخدام هذه المليارات لـ"السوشيال ميديا" يختلف بالطبع بحسب الدولة والثقافة ومستوى التعليم والأولويات والأيديولوجيات. والمنطقة العربية لها خصوصية، شأنها شأن خصوصيات بقية مناطق العالم.

دراسة أجرتها "الرابطة الدولية لناشري الأخبار" في عام 2021 عن توجهات الـ"السوشيال ميديا" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خرجت بنتيجة مفادها بأن "الشرق الأوسط يعشق مواقع التواصل الاجتماعي". وبناء على الزيادة الكبيرة جداً في معدلات استخدام السوشيال ميديا في المنطقة العربية أثناء الوباء، فقد عكف عديد من الجهات البحثية والأكاديمية وكذلك التجارية على وضع التوقعات الخاصة بمستقبل مواقع التواصل عربياً، إذ "ستصبح مصدراً لاكتشاف المواهب، وصناعة واستهلاك المحتوى والمعلومات بشتى أنواعها، وكل مصادرها".

وأشارت الدراسة إلى أن المواطن العربي مستخدم السوشيال ميديا يمضي نحو ثلاث ساعات ونصف الساعة يومياً في تغذية وتصفح المنصات. ومتوسط عدد المنصات التي ينشط عليها المواطن العربي نحو 8.4 منصة. واستنتجت الدراسة أن الوقت الكبير الذي يمضيه العرب على منصات التواصل الاجتماعي يعني "ثقة كبيرة" في هذه المنصات، وأن هذه "الثقة" تتزايد بشكل لا يصدق. وتبوأ كل من "يوتيوب" و"واتساب" مكانة رائدة في استخدامات العرب في السعودية والإمارات ومصر.

جزء غير قليل من الصخب في أجواء مصر لا ينتج من أبواق السيارات أو حوارات ملايين البشر في الشوارع. الأصوات الصادرة عن ملايين الهواتف المحمولة (عدد المشتركين 93.37 مليون في عام 2022 بحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات) تراوح بين مذيع يصرخ وضيف يصيح ومتصل يتوعد ومواطن يعلق، وخناقة على الهواء مباشرة من ميدان العتبة، وأخرى مسجلة مذيلة بتحليل شعبي من داخل محل كشري مع لقاءات يجريها المواطن مع زملائه المواطنين حول موقفهم من الكشري والمخدرات والفنانين والفتاوى والمشايخ وعلاقة المسلمين بالمسيحيين وهدف مو صلاح الأخير، واتهامات مرتضى منصور للنادي الأهلي ومشجعيه، وكيفية تربية الكلاب في الشرفة، وصناعة الكيك من دون طحين، وبناء العضلات في الجيم، وطريقة عمل الكفتة من دون لحم، ورأي المحللين الشعبيين في الهيدروجين الأخضر والزئبق الأحمر وجدري القرود وإنفلونزا الخنازير وقروض البنوك وتربية القطط ورقصة صافينار، وفتوى تفيد بأن الموت أثناء العلاقة الزوجية الحميمة من حسن الخاتمة.

ومن حسن الحظ أن كماً مذهلاً من الفيديوهات والتغريدات والتدوينات تواتر تواتراً مذهلاً في الأجواء المصرية في الأيام القليلة الماضية، ليسلط الضوء على ما وصل إليه الترند من جنون وما فعلته الرغبة المحمومة في اللحاق أو البقاء في دائرة الضوء والشهرة، بل والافتئات على شهرة الآخرين عبر النيل منهم أو القفز على خصوصياتهم، أو خوض مضمار "حرفة" المؤثرين والمؤثرات، ولو تطلب ذلك التضحية بكل غال ونفيس، أو عرض كل ما هو شخصي وسري على الملأ، أو صناعة شيء من لا شيء، لا سيما أن الترند لا ينضب والمحتوى يفنى لكن يستحدث من عدم.

عدم وجود قواعد أو ضوابط أو معايير لما يجري على أثير الفضاء العنكبوتي باستثناء بعض المحاولات المتناثرة في بعض دول العالم التي تتحسس طريقها بوجل وخوف وحساسية مفرطة خوفاً من اتهامها بكبت الحريات وقمع الحقوق ومعاداة حرية التعبير وعرقلة الحصول على المعلومات.

وربما كان دخول بعض من رجال الدين على خط "الترند" قبل سنوات قليلة صادماً لبعض. فالدين يفترض أنه في مكانة ومنزلة مختلفة تماماً عن شهوة الشهرة أو حمى الانتشار أو آفة القيل والقال. لكن يبدو أن ملايين المستخدمين لم يعتادوا فقط اقتحام رجال الدين لجنة الترند أو جنونها، بل صاروا يبحثون عن الأكثر غرابة في الفتاوى، وتطرفاً في الآراء وغرابة في التوجهات وضماناً للمشاهدات.

شيخ واحد أفتى بالتالي على مدار سنتين بأن من حق الزوج أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة من دون أن يخبر الأولى أو يبرر قراره، ولم أتحدث عن التعدد إلا في سياقات معينة وشروط صارمة، والإسلام دين الرحمة والتسامح وقبول الجميع، والشيعة هم الخطر الأكبر على الدين، وعدم جواز زرع قلب خنزير في إنسان لأنه حيوان نجس، وحرمانية عرض مومياوات المصريين القدماء في المتاحف، وجواز فكرة زواج الـ"بارت تايم" وغيرها كثير.

كل من هذه الفتاوى والآراء تشتعل وتنتشر انتشار النار في هشيم الـ"سوشيال ميديا" لأيام عقب إطلاقها. ويحقق الشيخ قدراً أوسع من الشهرة والانتشار، وتتهافت عليه القنوات ليظهر ضيفاً في برامجها لعله بغرابته يعوضها خيراً ما فقدته من مشاهدين لصالح الـ"سوشيال ميديا".

الـ"سوشيال ميديا" وشهوة وجنون وجنة الـ"ترند" وجميعها يهمين على ملايين ليس مصادفة أو مفاجأة. وبينما ملايين، أو بالأحرى مليارات، من البشر غارقة في تتبع أثر هذا الترند أو محاولة ابتداع ترند أو اللحاق بتوابع الترند، فإن جيوشاً جرارة تعمل بكد وجد وتخرج بمؤلفات وموسوعات حول "كيف تصنع الترند؟"، و"كيف تحتفظ بالترند لأطول وقت؟"، و"ما العوامل المطلوبة لانتصار الترند على غيره في أثير تنافسي محتدم؟"، و"وكيف يحافظ ترند على بقائه ويتذكره كثيرون بعد مرور أسابيع ويتحلل آخر ويتبدد في خلال ثوان؟".

يمكن القول إن الجماهير العربية من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي قادرة على عمل جزء ثان بوجهة نظر عربية لفيلم الكوميديا السوداء الأميركي "لا تنظر للأعلى" (2021) الذي يدور حول خطر رهيب يوشك أن ينهي الحياة على سطح الأرض. لكن الفيلم في إطار عرض هذا الخطر ومحاولات علماء لدرئه، يكشف عن كيف تحولت مليارات البشر إلى جماهير مغيبة تتجاذبها خطابات كراهية سياسية وقصص وهمية سطحية واصبح الترند وباء اقتحم منصات التواصل الاجتماعى سواء للشهرة او اطلاق اشاعات مختلفة على الغير فمتى نشفى من هذا المرض اللعين الذى اصبح حديث ومسار كل راغبى الشهرة من شباب وكبار 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2023 بواسطة akherkalam

موقع اخر كلام

akherkalam
موقع اخر كلام صحافة حرة والخبر فور حدوثة رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير :محمد الصبروت /ت 01225288308-01004211282 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

279,077