أعرف أن الكثيرين من الناس و الشباب منهم خاصة ، يقبلون بشغف على الحلقات و الأماكن التي يمارس فيها (( الزار )) . و المشكلة في ذلك أن السواد الأعظم ممن يقبلون على (( الزار )) ، لا يعرفون الكثير من الحقائق العلمية و الشرعية و النفسية المترتبة على حضور حلقات (( الزار )) . و من هنا جاءت فكرة كتابة هذا المبحث عن (( الزار )) و بيان ما يصاحبه من (( شرك أكبر )) ، و حضور مكثف من الشياطين و الجن ؛ مما يجعل جميع الحضور عرضه حقيقية للتعرض للإصابة بالمس و العياذ بالله .و من خلال هذا المبحث نواصل تعريتنا للكثير من الممارسات الخاطئة ، لا سيما المصحوبة بمظاهر شركية أو بدعية ، و نحاول أن نقدم لكم نقد علمي و منهجي مستند على أدلة شرعية و علمية لحقيقة (( الزار )) .

* أصل و منشأ الزار
تقول الباحثة نورة الشيخ حامد عطى : ( من العادات الغرائبية والتي دخلت إلى الثقافة العربية طقوس الزار والذي عرفه العالم الغربي في فتراته المتأخرة حيث عرف كما قيل في القرن التاسع عشر حيث لم يعرف قبل هذا القرن و لم ترد إشارات عنه أو وصف مقارب له ) و تضيف الباحثة ( و الزار في أصله طقس وثني للقبائل الأفريقية البدائية ، انتقل من الحبشة إلى السودان ثم إلى مصر فباقي البلاد العربية ولفظ زار محرف من جار ـ إله وثني عند الكوشيين ـ ثم غدا في الحبشة بعد دخول النصرانية عفريتاً حقودا . ) .
* تعريف الزار
جاء في دائرة المعارف الإسلامية : إن كلمة زار مشتقة من جار DJAR كبير آلهة الكوشيين الذي يتغير اسمه لدى بعض الطوائف إلى يارو YARO أو دارو DARO ، وظهر منه في إطار المسيحية الحبشية اسم روح شريرة هو زار ZAR الذي استعـاره المسيحيون الأحباش من بعض القبائل الوثنية .
وطبقاً لكيندي " فإن البحث قد يكشف أن المعالجات العاطفية التي توصل إليها ما يطلق عليه البدائيون بمعتقداتهم غير الرشيدة لها قوة أعظم للتعامل مع بعض القوى غير المفهومة بوضوح لخفايا جسم الإنسان أكثر من الوسائل الأخرى التي لم تستطع الانفلات من الافتراضات المتأصلة في نموذج الشخص الراشد . ويمكن أن ننظر إلى حفل الزار من خلال ما وصفه كيندي بـ " حلم المسرح الثقافي " . ومما تعلمناه فإن علم النفس يلعب دوراً رئيساً في رقصة الزار ويحفز المشاركين عاطفياً نغم إيقاعاتها والموسيقى والحركة . ومعظم الذين يشاركون ، وخاصة الراقصين ، هم مجموعات لا يرضى المجتمع عن أدائهم لهذا الدور .
* الزار و علاقته بالكنيسة
يقول الدكتور فهد الطياش ـ مدير الشركة السعودية للأبحاث ـ في دراسة أنثروبولوجية صفية عن الكيفية التي يمارس به السعوديون أغاني السامري ، و كيف ارتبطت هذه الممارسات برقصات الزار
إن ارتباط أغاني السامري برفقة الزار حديث عهد بالجزيرة العربية بعد انتشار الجهل ، كما أن مفهوم الزار غريب ومنافٍ لروح العقيدة ، وفكرة أن الأرواح المؤمنة أو الجن المؤمنين يسيطرون على أفراد من الإنـس شبيهة بما يعتقده الزنوج النصارى من المعمدانيين  خاصة حلال طقوس الكنيسة .
ومن خلال ملاحظتي - يقول فهد الطياش - لما يقدم من تلك الطقوس الدينية خاصة في منطقة ديترويت - نرى أن هؤلاء الناس يقومون بمثل ما يقوم به راقص الزار في الجزيرة العربية  ولكن الاختلاف في مصدر الإثارة والنشوة ، ففي الطقوس الكنسية نرى أن مصدر الإثارة هو الإلقاء الدرامي أو غناء الكورال الذين يؤدون التراتيل . أما في قصة الزار فنرى أن مصدر الإثارة هو موسيقى السامري وغناؤه .
الأداء يبدأ في الكنيسة عادة بترتيل بسيط ، ومن ثم يتصاعد في الحدة والإثارة إلى حـد درامي يثير لدى الشخص النشوة ، والإحساس بأن قدرة علوية تسيطر عليه ، بينما نرى في رقصة الزار أن الحافظ يردد قصيدة معينة، يردده خلفه المغنون ، وفي كلتا الحالتين فإن مؤثراً حسياً يؤثر في أشخاص بأعيانهم ، وتختلف التفسيرات: ففي الكنيسة يقال إن سبب الإثارة هو سيطرة روح القدس على الشخص ، بينما في الزار يقال إن الجني سيطر عليه .
* أقسام الزار
و ينقسم (( الزار )) من حيث الطقوس و الممارسات في العالم العربي إلى قسمين . القسم الأول : و هو المنتشر في معظم البلدان العربية ، و هو القسم الأخطر و الأكثر دجلاً و شعوذة ، حيث يزعم منظموا حفلت الزار في هذه البلدان ، أن (( الزار )) يكون سبباً في شفاء المرضى من الإضرار التي تصيبهم من الأرواح الشريرة ، وبالتالي فإنهم يقومون بحفلات زار يقدم فيها المريض الكثير من القربات للأسياد و المشعوذين . و يكثر هذا النوع من (( الزار )) في مصر و السودان و اليمن و دول المغرب العربي و الشام . أما القسم الثاني : و هو ((
الزار )) الذي يحدث في الإعراس و الحفلات مع رقصات السامري و الخبيتي وما شابهها و السمسمية أو بعض المؤثرات الموسيقية الأخرى . و سيكون تركيزنا في هذا المبحث ـ بإذن الله ـ على القسم الثاني من الزار .
* طقوس (( الزار )) في الخليج
و نقصد ـ هنا ـ القسم الثاني من ( الزار ) ، أي الزار في دول الخليج العربي . فنقول :
غالباً ما تحدث حالات (( الزار )) في مجتمعات الرجال أو النساء ، في الإعراس أو الحفلات الخاصة و المناسبات المختلفة التي يكون فيها طرب و رقص و خاصة إذا كان نوع الطرب من الألوان الشعبية مثل : الخبيتي أو السامري بمصاحبة الدفوف أو الطار أو السمسمية أو غير ذلك من الالآت الموسيقية الأخرى .
و ما يحدث هو أن الطرب يسبب لبعض الأشخاص حالة اندماج شبهة هستيرية مع أجواء الطرب ، فتجده يقوم بممارسة الرقص برشاقة متناهية ، حتى يصل إلى درجة (( الزار )) ، و في هذه المرحلة لا يتحكم الراقص بجسمه ، بل يسيطر عليه ـ أي الجسم ـ قرينه من الجن . و عندما يقترب ( المنزار ) ـ هكذا يقال عامياً ـ من الجمهور ، تجدهم يقومون بزيادة حدة التصفيق له ؛ خشية أن يؤذيهم . فهناك اعتقاد بأن ( المنزار ) يؤذي من لا يصفق له . و بالتالي فإن هذا ( المنزار ) يسقط مغشياً عليه في الأرض . فتجده في حالة من الإرهاق و التألم . فيقترب الآخرون منه في محاولة لإيقاظه مرة أخرى . و من هنا يتم سؤاله عن بيته ؟ . و السؤال ـ هنا ـ للجن المتلبس للشخص . فيخبرهم بالبيت الذي من شأنه إيقاظه . فيقومون بتأدية هذه الأغنية . فينهض ( المنزار ) . و يرقص بذات الطريقة السابقة حتى يعود إلى حالته الطبيعية . و هذه الطقوس متشابهة إلى حد كبير في معظم مناطق المملكة و دول مجلس التعاون الخليجي .
و قدم الدكتور فهد الطياش ـ مدير الشركة السعودية للأبحاث ـ دراسة أنثروبولوجية وصفية عن الكيفية التي يمارس به السعوديون أغاني السامري ، و كيف ارتبطت هذه الممارسات برقصات الزار . و من المقابلات التي اعتمدها الدكتور الطياش في دراسته هذه ، مقابلتين مع شخصين سعوديين قاما فعلياً بممارسة طقوس الزار . كما قدم الدكتور محمد الحربي تحقيقاً صحفياً جميلاً ـ ولكنه موجزاً ـ بجريدة عكاظ عدد ( 13285 ) تحت عنوان : (( الساقطون في حلبة الجان . . . الصرع و الزار . . دراما مسرحية أم عبث تقمصي ؟ )

ahmedsalahkhtab

أحمد صلاح خطاب

  • Currently 177/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
59 تصويتات / 8549 مشاهدة
نشرت فى 1 ديسمبر 2009 بواسطة ahmedsalahkhtab

أحمد صلاح خطاب

ahmedsalahkhtab
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

614,720