عرف العالم القديم العديد من انواع الطواطم، غير ان هدفها كان على الدوام يشوبه الكثير من عدم الوضوح لبعد الزمن بين الثقافة التي انتجتها وبيننا. على العكس نجد ان الهنود الحمر في امريكا الجنوبية لازالوا يملكون طواطم عندما اكتشف الرجل الابيض القارة، والى حد مقبول كانت ثقافة الهنود الحمر لازالت واعية بالاصول الطبيعية لمنشأ معتقداتها. لهذا السبب نرى معالم واضحة من ارتباط الطواطم الهندية بالطبيعة بذات الشكل الذي ترتبط فيه اغلب معتقداتهم الاخرى.
عمود الطواطم اصبح رمز للهنود الحمر على شواطئ الشمال على مدى كولومبيا البريطانية والاسكا. هذه العواميد لاتزال تستخدم اليوم من تجميل المنازل او على القبور عوضا عن الشاهدة على ذكرى الاقرباء الموتى.
الوجوه المحفورة على العامود ترمز الى الاقرباء وشعار الانتماء الاثني التي تربط المجموعة بالام الطبيعة من خلال وجه حيوان يرمز الى الجذر الطبيعي الذي انحدرت المجموعة عنه والذي لازال يبسط حمايته على ابنائه، والعامود يصبح تعويذة وهوية تماما مثل الرموز التي كان الاوروبيين يرسمونها على تروسهم الحربية لتعبر عن كتائبهم وتعطيهم العزيمة والحماية. ذلك يعكس مدى الاهمية العظمى التي يعطيها الهنود الحمر في امريكا الشمالية للقرابة والانحدار الاثني والعلاقة مع الاجداد والطبيعة. كل فرد منهم ينتمي الى مجموعة محددة ولهذه المجموعة رمزها من حيوانات الطبيعة مثل النسر او الذئب او الغراب. لاتوجد لديهم حيوانات نبيلة وحيوانات دنيئة كما هو الامر لدى العرب مثلا، ولذلك ليس غريبا وجود مجموعات من الهنود الامريكان ترمز لنفسها بالخنزير او الثعبان او الغراب.
ارتباط المجموعات بهذا الطوطم تمتد جذوره عميقا في ما قبل التاريخ حيث العلاقة بين الانسان والطبيعة كانت اكثر تمازجا. هذا الامر لازلنا نرى مثيلا له في اساطير المجموعات البدائية للغاية مثل اساطير شعب الاندامن. إذا رأى احد الافراد في الحلم انه تزوج من حيوان فإنه يملك الحق ان يعلن القرابة مع هذا الحيوان ليصبح طوطمه. لذلك فإن الطوطمية تظهر بوضوح ان الوعي الاول كان مرتبطا بالانحدار من الطبيعة ذاتها على انها الام الاولى التي انحدر عنها الانسان.
عمود الطوطم، حيث تتراكم رؤس الطواطم فوق بعضها البعض ترمز الى القرابة التي تربط عائلة (العائلة بالمعنى الكبير للكلمة) بحيوان معين وحق المجموعة بتاريخ انحدارها ورقصها واغانيها الخاصة التي ترتبط بهذه القرابة، من حيث انها تخبرنا ليست بدون جذور مع الام الطبيعة. هذا التتداخل بين الانسان والحيوان نجده بكثرة في العديد من رموز الحضارات القديمة السومرية والمصرية والاغريقية والهندية والصينية.
عواميد الطوطم المتفردة ترتفع اليوم على شرف الاموات لتذكر بالعلاقة مع الاجداد التي انحدرت المجموعة منهم.العامود يقوم بحفره عمال مشهورين بهذا الفن وينتي بحفلة غذاء كبيرة. وعلى الرغم من ان طقوس عواميد الطوطم لتجميل المنازل كانت موجودة قبل قدوم الاوروبيين الى امريكا بزمن طويل الا ان ظاهرة العواميد الطوطمية على القبور هي بدعة حديثة.

المصدر: ترجمة طريف سردست
ahmedsalahkhtab

أحمد صلاح خطاب

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 776 مشاهدة
نشرت فى 20 فبراير 2011 بواسطة ahmedsalahkhtab

أحمد صلاح خطاب

ahmedsalahkhtab
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

614,361