الشيخ احمد احمد سلطان

امام وخطيب بوزارة الاوقاف المصريه

 

 

قصة لمعن بن زائدة في اصطناع المعروف وإغاثة الملهوف

 

سعى رجل من أهل الكوفة في فساد دولة المنصور ، فعلم به ، وجعل لمن أدركه ودلّ عليه مائة ألف درهم ، فأقام الرجل حيناً مختفياً ، حتى مضَّهُ الاختفاء ، ثم ظهر في مدينة السلام ، فبينما هو يمشي في الشوارع إذ رآه رجل من أهل الكوفة فعرفه ، فأخذ بمجامع ثيابه ونادى : هذه طلبة أمير المؤمنين : فبينما الرجل على تلك الحال ، وقد اجتمع الناس عليه إذ سمع وقع حوافر الخيل من ورائه ، فالتفت ، فإذا هو (( معن بن زائدة )) فقال : يا أبا الوليد ، أنا في جيرتك .

فوقف ، وقال للرجل الذي هو معلق به ، ما شأن هذا ؟ قال : هذا بغية أمير المؤمنين ، الذي هدر دمه ، وجعل لمن دل عليه مائة ألف درهم .

فصرخ معن ، وقال : دعه !

ثم قال : يا غلام ، اردفه ، فأردفه خلفه وساق .

فصاح الرجل ، وقال : أيحال بيني وبين طلبة أمير المؤمنين ؟

فنادى بأعلى صوته : ارجع عنه ، ولم يزل عائطًا إلى أن وصل باب أمير المؤمنين .

فنادى بأعلى صوته : نصيحة لأمير المؤمنين .

فأمر المنصور بإحضاره ، فدخل عليه وأخبره الخبر ، فأمر بإحضار (( معن )) فأتته الرسل ، فدعا (( معن )) ببنيه وعبيده ، وقال : لا تُسْلِموا هذا الرجل ومنكم أحد يعيش .

ثم سار إلى المنصور ، فدخل وسلم ، فلم يرد عليه .

فقال : يا معن ، أتجير علينا عدوّنا ؟

قال : نعم ! يا أمير المؤمنين .

قال : وتعتذر بنعم أيضًا ، واشتد غضبه .

فقال معن : يا أمير المؤمنين ، بالأمس بعثتني إلى اليمن مقدّم الجيش ، قتلت في طاعتك في يوم واحدة عشرة آلاف نفس ، ولي مثله كثير ، أما رأيتموني أهلاً أن تجيروا لي رجلاً واحدًا ، استجار بي ، ودخل منزلي ؟

فسكن غضب المنصور ، وقال : قد أجرنا من أجرت يا أبا الوليد .

قال معن : فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله بصلة يعلم بها موقع الرضا منك عنه ، فإنه في غاية السوء من خوفه .

قال : قد أمرنا له بخمسين ألف درهم .

قال : يا أمير المؤمنين ، إنّ صلة الخلفاء على قدر جنايات الرعيّة ، وإن ذنب الرجل عظيم ، فأجزل له العطية ، قال يا معن ، قد أمرنا له بمائة ألف درهم .

قال عجلِّها يا أمير المؤمنين ، فإن خيـر البـر عاجله .

فأمر المنصور بتعجيلها ، فأحضرت بين يديه ، فأحضر (( معن )) ذلك الرجل ، وقال له : خذ صلة أمير المؤمنين ، وقبِّل يده ، وإياك ومخالفة الخلفاء في أرض الله .

قال : فأخذ المال ، واستغفر الله تعالى ، ثم ذهب وقد أمن على نفسه ، وهو شاكر لـمعن بن زائدة على فعله معه من الخيـر والـمعروف .

نقلاً عن (( المختار من نوادر الأخبار )) لشمس الدين المقرِّي ، ص (87-88) .

 

1

 

المصدر: احمد الدفار/ ابو ساره
ahmedeldfar

اخوكم/ أحمد الدفار احبكم في الله

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 1 أكتوبر 2015 بواسطة ahmedeldfar

الشيخ احمد احمد سلطان

ahmedeldfar
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

6,482