أ.د / أحمد إبراهيم عبد الهادى

أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة بنها

المشروعات المشتركة

أ.د / أحمد إبراهيم عبد الهادى.

(إدارة الشركات الدولية)

مقدمة :-

حتى نهاية الحرب العالمية الثانية كان الشكل المتفق عليه لجميع الفروع الأجنبية فى الخارج هو الملكية للأجانب لتلك الفروع حيث كانت الملكية والرقابة الكاملة فى السياسة المنطقية لهذه المنشآت الدولية حيث كانت الاستراتيجية الناجحة للشركة الأم هى التى تعتمد على الرقابة الكاملة بعد الحرب العالمية الثانية فقد تحول هذا الاتجاه حيث رأت الدول المضيفة خاصة الدول المتخلفة أن الملكية الكاملة للأجانب للمشروعات داخل الدولة أقل فائدة ولا يستفيد منها اقتصاد الدولة المضيفة مثل المشروعات داخل الدولة وأن من المناسب أن تساهم الدولة فى ملكية الفروع وقد حدث بالتالى تغيير نسبيا فى نظام الملكية الكاملة للفروع فى الخارج حيث تزايدت تلك المشروعات فى العدد والأهمية وإذا أشرنا إلى المشروعات الأمريكية المشتركة فى الخارج فى اعتبار أن الولايات المتحدة هى أكبر الدول المصدرة لرأس المال فإنه من الأرقام المنشورة عن وزارة التجارة الأمريكية لعام 1957 نجد أن ما يقرب من 75% من المشروعات الاستثمارية الأمريكية فى الخارج تتم بواسطة المشاركة .
والمنافسة بخصوص المشروعات المشتركة لا يمكن أن يكون لها معنى دون تحديد مداها وغرضها ، أن حدودها الاقتصادية يجب أن تكون فى خلق رؤية جديدة لمقابلة الاحتياجات الطبيعية والاجتماعية اللازمة للنمو الاقتصادى ، وهذا ما يجب أن يضاف إلى أهداف المستثمرين الأجانب حيث أن المشروعات المشتركة لا تستطيع أن تؤدى دورها بدون المساهمة فى تحقيق هذا الهدف وهو خلق الثروة والتوافق فى نفس الوقت مع الاعتبارات السياسية والاجتماعية للدولة المضيفة لهذه الشركات .
ومما سبق يمكن القول :-
الدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية ترى أنها تستفيد اقتصاديا وبشكل أفضل فى حالة اشتراكها فى ملكية وإدارة المشروعات الاستثمارية الأجنبية كما أن ذلك له جوانبه السياسية والاجتماعية .
غالبية المشروعات الاستثمارية الأجنبية تتم فعلا وحتى الآن فى صورة مشروعات مشتركة مع الجانب الوطنى ، مما يشير إلى أن ذلك الشكل مفضل أيضا من وجهة نظر غالبية المستثمرين الأجانب .
المستثمر الأجنبى يمكن  أن يشترك مع الحكومة أو القطاع الخاص بالدولة المضيفة فى إقامة مشروعات اسثتمارية مشتركة .
وعلى ذلك يمكن القول أن المشروعات المشتركة تكتسب أهمية من وجهة نظر المستثمر الأجنبى ومن وجهة نظر الدولة المضيفة وأنه الشكل المفضل حاليا عند غالبية المستثمرين الاجانب والدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية وفى هذا الموضوع يتم دراسة العناصر التالية :-
- المقصود بالمشروعات المشتركة .
- أهمية المشروعات المشتركة من وجهة نظر الدولة المضيفة .
- أهمية المشروعات المشتركة من وجهة نظر المستثمر الأجنبى .
- اختيار الشكل القانونى من بين الشركات المعروفة فى النظام القانونى للدول المعنية .
- العوامل التى تحدد شكل المشروع المشترك .
- أنماط المساهمة فى رأسمال المشروع وأثرها فى السيطرة على المشروع.
المشكلات التى تواجهها المشروعات المشتركة .
ونتناول العناصر السابقة بالدراسة كما يلى :-

1- المقصود بالمشروعات المشتركة :-

يعرف المشروع المشترك من وجهة نظر الشركات الأجنبية التى تقوم بافتتاح فروع أجنبية بالخارج " أنه منشأة أعمال فيما وراء البحار ليست مملوكة ملكية كاملة للشركة الأم .
ويلاحظ أن هذا التعريف يهتم بالجانب القانونى للمشروع المشترك ، هذا بينما يرى أحد الكتاب " أن المشروع المشترك عبارة عن منشأة أعمال بها وجود اقتصادى لاثنين أو أكثر من  دول مختلفة ، شركاء بشكل دائم وأساسى . "
ويقدم كاتب آخر تعريفا أكثر شمولا حيث يرى أن المشروع المشترك " يشمل كل صور التعاون والذى يستمر لفترة من الزمن بين طرف أجنبى وطرف محلى فى سبى القيام بنشاط اقتصادى معين هو فى العادة نشاط استثمارى أى أنه فى صورته الغالبة تعاون بين مستثمرين (من القطاع العام أو الخاص) ينتمون لدولتين أو أكثر لا لغرض طارئ وإنما لممارسة نشاط استثمارى " إذا كان الشكل التنظيمى لهذا التعاون " .

2- أهمية المشروعات المشتركة من وجهة نظر الدولة المضيفة :-

إن  المشروعات المشتركة بين رأس المال الوطنى ورأس المال الأجنبى تسمح للدولة النامية بحكم اشتراكها فى الملكية يمكن أن تحظى بنصيب من الدخل المتولد عن المشروع أكبر مما يمكن أن تحصل عليه عادة فى صورة ضرائب على دخل الشركة المملوكة خالصة لرأس المال الأجنبى ، كما أنها تؤدى لنفس السبب إلى تخفيف العبء على ميزان المدفوعات بقدر تخفيضها لحجم المدفوعات المحولة إلى الخارج فى صورة أرباح وفوائد، كذلك فإن هذه الصورة من صورة الاستثمار تتيح الدولة النامية بطبيعة الحال فرصة أكبر لتنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية سواء ما تعلق منها بالعمالة أو إعادة استثمار الأرباح أو تدريب الوطنيين من العمال والمديريين أو فرص حد أدنى للأجور كما تزيد احتمال اعتماد المشروع على المنتجات الأولية والوسيطة المنتجة محليا .
ويضاف إلى ما سبق أن المشروعات المشتركة تؤدى إلى تخفيض التوترات السياسية التى تظهر فى حالة دخول الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير فى الدو المختلفة ، كما أنه قد يتم العمل داخل الإطار الذى يتفق مع طرق عمل المنشآت المحلية وليس بالضرورة الالتزام بتنظيم الشركة الأم ، والمشروع المشترك يعطى فرصة لرأس المال المحلى ليشارك بطريقة أكبر ربحية وإنتاجية حيث أن هناك افتراض بأن المستثمر الأجنبى يمكن توجيهه إلى مجالات أكثر أنتاجية .
والمشروع المشترك سوف ينقل المعرفة الفنية والإدارية بفعالية أكثر وبسرعة أكبر مما لو امتلك المستثمر الأجنبى المشروع بمفرده ، يضاف على ذلك إمكانية التحرر من الاستثمارات الأجنبية بعد فترة حيث يمكن الاستغناء بعد فترة عن ندرة الأموال الأجنبية والمهارات الإدارية عن طريق إنشاء مشروعات محلية، كما أنه فى بعض تشريعات الاستثمار تنص على تحويل الشركة بعد فترة زمنية معينة إلى شركة مملوكة لوطنيين ملكية كاملة عن طريق بيع الشريك غير المحلى حصته فى رأسمالها إلى شركاء محليين .

3- أهمية المشروعات المشتركة من وجهة نظر المستثمر الأجنبى :-

تتركز أهمية المشروعات المشتركة من وجهة نظر المستثمر الأجنبى فيما يتاح له من المميزات التالية :-
-    مميزات اقتصادية .
-    مميزات سياسية .
-    مميزات اجتماعية .
وسوف نستعرض المميزات السابقة على الوجه التالى :-

مميزات اقتصادية :-

إن الغرض الأساسى للمشروع المشترك من وجهة نظر المستثمر الأجنبى هو تعظيم العائد لاثنين أو أكثر من المشروعات حيث يقدم كل منهما موارد مختلفة لتكوين مدخلات يحتاجها المشروع المشترك ، مثل الاشتراك فى إقامة إحدى الصناعات الكبيرة ، وبإشتراك كل شريك حسب موارده يمكن أن تنخفض تكلفة العمليات أقل مما يتحقق فى حالة انفراد شريك واحد بالعمل والمشكلة هنا ليست فى كمية الأموال ولكن فى شكل المدخلات الضرورية للاستثمار ، فمثلا مشكلة الحصول على الأرض أو الموقع المناسب من المشكلات الهامة التى تواجه المستثمر الأجنبى وهذا الشئ ممكن أن يوفره له الشريك المحلى .
ومن العوامل الهامة أيضا هو توافر شبكات وتسهيلات التسويق قد يمتلكها أحد المستثمرين المحليين داخل الدولة المضيفة ، وفى السنوات الأخيرة لم يكن أمام كثير من المستثمرين الأجانب فرصة الحصول على ذلك إلا من خلال الشركاء المحليين .
ومشكلة الحصول على العمالة خاصة المدربة ، من المشكلات التى تواجه المستثمر الأجنبى فى الدولة المضيفة ، ويستطيع الشريك المحلى التغلب على هذه الصعوبة بتقديم القوة العاملة اللازمة ، يضاف إلى ذلك أن هناك منتجات تحتاج إلى مراكز بيع أو مراكز خدمة للمستهلك ويمكن أن يتم ذلك تحت رعاية وإشراف الشريك المحلى بفاعلية أكثر ، هذا بالإضافة مصادر التمويل المحلية والتى يمكن أن يقدمها الشريك المحلى .

المزايا السياسية :-

إن المشاركة المحلية مع المشروعات الاستثمارية يظهر المنشاة على أ ساس أنها محلية ، ويتجنب المستثمر الأجنبى بذلك الخوف من المصادرة أو التأميم أو نزع الملكية التى قد توجه ضد المشروعات الأجنبية خاصة فى الدول النامية حيث نجد الملكية الأجنبية تكتنفها بعض المخاطر الناتجة من التوترات السياسية .
ويضاف إلى ذلك أن الشكل يعتبر هو الشكل المناسب فى أغلب الدول ذات التخطيط المركزى والدول الاشتراكية والنظم الاقتصادية المتبعة فى الوقت الحالى ، هذا بالإضافة إلى تمتع المنشاة بالحماية الجمركية والإعفاءات الضريبية وغير ذلك من الحوافز التى تضعها الدول النامية من أجل التنمية الصناعية ، هذا بالإضافة إلى أن الصداقة مع الموظفين المحليين تعتبر أساسية من أجل نجاح مشروع دولى جديد.

المزايا الاجتماعية :-

إن المشاركة المحلية تستخدم فى عمل صورة ذهنية طبية للشركة على أنها محلية يدعوا إلى زيادة فرص نجاح الشركة داخل المجتمع ، وهذا أمر هام بالنسبة للشركات أو المشروعات التى تقوم بإنتاج السلع الاستهلاكية ونفس الوضع أيضا بالنسبة لمنشآت الخدمات مثل البنوك وشركات التأمين وشركات الفنادق وفى مجال العلاقة العمالية فإن المشروع المشترك يتمتع بميزة هامة حيث أنه يمكن أن يتفاوض بسهولة مع نقابات العمال المحلية دون أن يكون عرضة للهجوم مثلما يحدث للفروع المملوكة بالكامل للاجانب هذا بالإضافة إلى تشجيع الحكومة لتلك المشروعات ومعاملتها لها .
وعلى ذلك نجد أن المستثمر الأجنبى هو الأخر يحصل على المزايا المتعددة التى سبق ذكرها ومعنى ذلك أن المشروعات المشتركة تعتبر مناسبة أيضا من وجهة نظر المسثمر الأجنبى.
وما سبق يمكن القول إن المشروع المشترك هو افضل أشكال الاستثمار الأجنبى من وجهة نظر الدولة المضيفة أو المستثمر الأجنبى على اساس ما سبق توضحيه .

4- اختيار الشكل القانونى من بين الشركات المعروفة فى النظام القانونى للدولة المعنية:-

مع افتراض أن المشروع سوف ينفذ فى شكل شركة محلية فيثير البحث فى نوع الشركة التى يتعين اختيارها لتنفيذ المشروع من بين الشركات المعروفة فى النظام القانونى للدولة المعنية هل هو شكل المساهمة أم الشركة ذات المسئولية المحدودة أم يأخذ شكل شركة توصية بسيطة أو فى شكل شركة التوصية بالأسهم أم يأخذ شكل شركة التضامن ؟
وتظل صيغة الشركة المساهمة هى الشكل الأكثر انتشارا للمشروعات المشتركة خاصة الكبيرة منها لما توفره هذه المضيفة من مرونة ولما تحظى به عادة من اهتمام فى التشريع ووفرة فى التغيرات القضائية مما يجعل أحكامها معروفة سلفا ومستقرة بحيث تعطى للشريك الأجنبى صورة واضحة عما يجب عليه أن يتوقعه من حقوق وواجبات فضلا عن أن هذه الشركات تتمتع أكثر من غيرها بالأهمية فى نظر الجمهور وفى نظر الجهات التى تتعامل معها بما فيها مصادر التمويل كما أن الشركة المساهمة تكون هى الشكل الوحيد الممكن إذا فتح باب الاشتراك للجمهور فى الجانب المحلى .
وقد أثبتت التجربة أن شكل الشركة ذات المسئولية المحدودة هو الشكل المناسب عادة للمشروعات المشتركة الصغيرة والمتوسطة الحجم خاصة لما يوفره هذا الشكل من علاقة وثيقة بين الشركاء الآخرين أو نسبة كبيرة منهم ، ومن حرية واسعة للإدارة ، حيث يكتفى عادة بالمدير الذى لا يخضع لرقابة مجلس الإدارة ولما يتمتع به بصفة عامة من  خضوعه لقيود أقل وقدر أقل من العلانية بل ومن الضرائب أحيانا .
ويرى المؤلف أن شكل الشركة المساهمة هو من أفضل أشكال الشركات الوطنية العادى نظرا لإمكانية خضوعها للرقابة من قبل الأجهزة الحكومية داخل الدول المضيفة ، على أنه إذا كان هنا بعض النصوص القانونية التى قد تعتبر معوق لعمل المستثمر الأجنبى مثل اشتراك العمال فى الإدارة فيجب أن تعنى الاستثمارات الأجنبية بنصوص خاصة .

5- العوامل التى تحدد شكل المشروع المشترك :-

أن الأشكال المتعددة للمشروع المشترك تعتمد على :-
نوعية الشركاء ، فإن المنشاة أمامها ثلاثة اختيارات : أما المشاركة مع شركة محلية (قطاع خاص) ، أو مع منشأة حكومية أو مستثمرين من دولة ثالثة .
درجة الملكية لكل شريك : إن القرار ليس هو الحصول على الأقلية فى الملكية أو الغالبية فغن ذلك يتوقف على وجهة نظر المستثمر الأجنبى وتختلف من مستثمر لآخر كما أن ذلك يتطلب درجة من المرونة .
ونتناول العاملين السابقين بتفصيل أكثر على الوجه التالى :-

- المشاركة مع شركة محلية (قطاع خاص) :-

عادة الشريك المحلى فى المشروع المشترك هو شركة لها بعض الأهمية ، على سبيل المثال قد تقدم تسهيلات انتاجية واسعة الأسواق ، منافذ التوزيع ، العمالة ، المساهمة فى الإدارة بالإضافة إلى أن فترة النمو تكون أقصر ، كما أن درجة عدم التأكد تنخفض بالنسبة للشريك الأجنبى ، هذا بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يتشكل المشروع على أساس العمليات التى يقوم بها الشريك المحلى ، أن مثل هذه المشاركة أساسية ، وعادة ما يبحث المستثمر الأجنبى عن شريك محلى للاسباب الآتية :-
-  للدخول إلى سوق الدولة .
-  لعمل تكامل فى العمليات حيث يجد الموردين والموزعين داخل الدولة .
- الحصول على مصادر طبيعية أو المدخلات الأخرى المتاحة لدى الشريك المحلى .
ومعظم الشركات الاجنبية لديها من الأسباب مما يجعلها تميل إلى تفضيل المستثمرين الخاصين كشركاء محليين لهم فى المشروع المشترك لأن الأفراد أكثر استعدادها من موظفى الحكومة لتوفير الخبرة العملية المحلية للمشروع وللنظر إلى مسائل الإدارة نظرة عملية بحته كما أن تغيير الحكومة لا يؤثر على استمرار سير العمل إذا كان الشريك رجل أعمال فرد أو شركة خاصة وعلى ذلك نجد المستثمر الأجنبى يفضل الدخول فى المشاركة مع القطاع الخاص نظرا للمزايا السابق ذكرها .

- المشاركة مع منظمة حكومية :-

إن المشروع المشترك ليس قاصرا على رأس المال الخاص إن المشروعات العامة يمكن  أن يترتب عليها فوائد كثيرة ولو أن ذلك ما زال جديدا فى هذا المجال ، ولقد أظهرت الحكومات المختلفة حرصها على الاستفادة من المشروعات المشتركة ، أن المشاركة المباشرة بواسطة الأجهزة الحكومية ، وبالتساوى فى المشروع المشترك فإنها تتم بشكل واسع خاصة فى الدول النامية وتحصر الدولة على ذلك بأن يشترك القطاع العام فى منشآت الأعمال بصورة اساسية لاعتبارات النمو الاقتصادى ومن الأنشطة الأساسية للاستثمارات العامة المشتركة هو الاشتراك فى الصناعات الثقيلة والقطاعات الأخرى الاساسية لاقتصاد الدولة، وليس الدول النامية فقط هى التى تحرص على ذلك بل دول أخرى مثل إيطاليا وبريطانيا والسويد وفرنسا .
ولا شك أن مشاركة الحكومة المحلية للمشروع له مزاياه كما أن له عويبه ، ففى جانب المزايا نجد ان اشتراك الحكومة يعتبر تأييدا رسميا قويا للمشروع ، هذا بالإضافة على أنه ليس هناك ما يضفى على المشروع الذى يشرف عليه الأجانب صورة قومية طيبة أكثر من اشتراك الحكومة فى ملكيته كما أن الحكومة قد تكون شريكا طيبا إذا أنها تعرف سياسة الشركات اكثر مما يعرف المستثمر الخاص المحلى والحكومة ليست فى عجلة من أمر سحب أرباحها كما هى الحال بالنسبة للمستثمر الفرد بل لعلها تفضل أن الشركة ترى أن تعيد استثمارها فى توسيعها ، إلا أن أهم عيوب المشاركة الحكومية احتمال أن يفسد تغيير الحكومة العلاقات المنجمة بين الشركاء الأجانب وشركائهم المحليين أو تأميم حصة الأجانب وغير ذلك من مخاطر ، ويرد على ذلك بان نصوص العقد المبرم بين الدولة والمستثمر وهو الذى ينظم العلاقة بينهما فإن المستثمر يضع منختلف الاحتمالات أمامه ويحرص أن يجد لها حلول من خلال الصيغة التعاقدية كما أن الدولة قد تكون حريصة على التزامها القانونية ويتبع ذلك من مسئوليتها عن توفير المناخ المناسب للمستثمر الأجنبى نظرا للدور الذى يلعبه فى التنمية الاقتصادية .
وعلى أساس ما سبق فإن المستثمر الأجنبى يرحب أيضا بالدخول مع الحكومة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر – القطاع العام – فى مشروعات مشتركة وفى الصناعات الاساسية والقطاعات الأخرى الأساسية لاقتصاد الدولة .

- المشاركة بين مستثمر محلى وأكثر من مستثمر من الخارج :-

قد يقوم المستثمر الأجنبى بالاشتراك مستثمر أجنبى آخر فى القيام بمشروع مشترك مع مستثمر محلى بالدولة المضيفة وعلى سبيل المثال شركات الولايات المتحدة الأمريكية اشتركت مع الشركات البريطانية فى استغلال الزيت فى السعودية ، وتتبع ميزة هذا المشروع من أن كل شريك يساهم بجزء من موارد فالمشروع الذى يملك المال ويعانى من النقض فى الخبرة أو صعوبة فى الدخول السياسى للدولة المضيفة يمكن أن يتغلب على ذلك بالدخول شريك مع آخر كما أن ذلك يخفض مخاطر الاستثمار .
وعلى ذلك فإن المستثمر الاجنبى يمكن أن يكون شريكا للقطاع الخاص ، العام ، لشريك آخر من دولة ثالثة ، وفى كل شكل من الأشكال السابقة له مزاياه المتعددة للمستثمر الأجنبى أى أن نوعية الشريك لا تمثل عائق أمام المستثمر بل أنه يتلاءم مع أى شكل من الشركاء يدفعه إلى تلك المزايا التى يمكن أن يحصل عليها من وراء كل شكل من الأشكال السابقة .

- درجة الملكية :-

إن اتجاه الإدارة نحو نسبة المشاركة فى الملكية تختلف من منشأة لاخرى ، بعض المنشآت تتبع سياسات ثابتة بالنسبة للملكية الكاملة وهناك منشآت أخرى تحاول الحصول على اقل قدر ممكن من المشاركة فى المشروع الاجنبى وهناك منشآت أخرى تفضل الحصول على الغالبية فى الملكية بينما منشآت أخرى تتكيف طبقا للظروف .
وحدود الملكية تعتمد على العوامل الآتية :-
-    المنتج .
-    بيئة الأعمال .
-    الموارد المالية والإدارية .
وبالنسبة للعامل الأول وهو المنتج ، أن الشركات المنتجة لمنتجات معقدة تحاول الاحتفاظ بالغالبية العظمى من الملكية والرقابة على عملياتها فى الخارج ، ونجد كثير من الدول المضيفة لتلك الشركات لا تضع ضغوطا على تلك الشركات بالنسبة لضرورة المشاركة المحلية ويختلف الوضع بالنسبة للشركات التى تقدم منتجات بسيطة .
وبخصوص بيئة الأعمال فإن المركز الاقتصادى والسياسى والاجتماعى للدولة المضيفة له أثره الكبير فى تحديد معدل المشاركة بين المستثمر الأجنبى والوطنى ففى  الدول المختلفة اقتصاديا نجد أن المشروعات المشتركة متزايدة أكثر من الدول الصناعية المتقدمة ذلك نظرا لاتجاه الدول النامية نحو السيطرة على اقتصادياتها وأن تكون المشروعات وطنية والسبب الآخر أن المستثمر الأجنبى يلجأ على ذلك لحماية نفسه من مخاطر المصادرة أو التأميم .
وبالنسبة للعنصر الثالث وهو الموارد المالية والإدارية المتاحة لدى المستثمر الأجنبى لها دور كبير فى اختياره لنسبة الملكية ، أن المنشآت المحدودة الموارد المالية والإدارية من المحتمل أن تبحث عن شريك أجنبى قوى أكثر من المنشآت الكبرى ذات الإمكانيات الانتاجية والتسويقية الكبيرة فى عدة دول مختلفة وبالنسبة للمنشآت الكبرى التى ترغب فى الحصول على التسهيلات الإنتاجية والتسويقية وذلك بفرض أن تكون قريبة من السوق أو المواد الخام فإنها تفضل الغالبية فى ملكية المشروع ايضا .
والشركات الكبرى تفضل – فى حالة المشاركة – أن يكون لها غالبية المشاركة والرقابة على المشروع من أجل عمل التكامل بين المشروع والفروع الأخرى المنتشرة عالميا والتابعة له ، ومن ناحية أخرى نجد أن المنشآت الصغيرة لا تملك موارد مالية لإنشاء وحدات اجنبية أو لا يتوافر لديها الإمكانيات الإدارية ، وهذا مما يدعو إلى المشاركة المحلية ويجعلها مرنة فى ذلك .
وعلى اساس ماسبق يمكن القول :-
1- إن نسبة الملكية فى المشروع تختلف من منشاة لاخرى حسب ما يلى :-
أ- طبيعة المنتج .
ب- الإمكانيات المالية والإدارية للشريك الأجنبى .
2- قد يضطر المستثمر الأجنبى قبول فكرة المشاركة حماية له من المخاطر السياسية .
3- إن الشركات الكبرى بشكل عام تفضل – فى حالة المشاركة – الحصول على غالبية الملكية والرقابة .
6- أنماط المساهمة فى رأس المال وأثرها فى السيطرة على المشروع المشترك :-
أيا كان شكل الشركة الذى يختاره الشركاء لتنفيذ المشروع الاستثمارى فإن البحث سوف يدور حتما فى نسبة مساهمة كل طرف فى رأس المال مع ما يثيره ذلك من أسئلة حول مدى سيطرة شريك معين على أمور الشركة .
وتفرض تشريعات بعض الدول أن تكون أغلبية رأس المال الشركات دائما للمواطنين المحليين ، فى حين تفتح تشريعات أخرى للباب أمام المشاركة الأجنبية دون قيودا كذا قد تتبع الحكومة المعنية سياسية من شأنها الاحتفاظ بأغلبية الحصص للشركاء المحليين ولو لم يرد بهذا نص فى التشريع ومن شأن ذلك كله حسم المسألة فى حالات تنفيذ المشروع المشترك فى شكل شركة وطنية عادية لا يصدر بشأنها تشريع خاص .
ينبغى تحديد نسب المساهمة فى رأس مال المشروع مسبقا وطبقا لظروف الدولة المضيفة وفلفستها الاقتصادية على أن يكون ذلك واضحا فى التشريعات الخاصة بمعاملة الاستثمارات الأجنبية بالدولة المضيفة حتى تتجنب الدولة سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية وبنسب كبيرة على بعض القطاعات الاقتصادية على اساس أن تحدد نسب المسااهمة فى كل قطاع اقتصادى طبقا لأهمية وأولويته بالنسبة للاقتصاد القومى وبالطريقة التى  تمكن الجانب المحلى من المشاركة بنسة رأس مال المشروع تراها كافية لسيطرة المحليين على ذلك المشروع ، على أنه ينبغى أن يكون هناك مرونة يتمكن الجانب المحلى من المساهمة فى ذلك المشروع وفى هذه الحالة يرى المؤلف أن يكون المشروع ذو وضع خاص وأن تقتصر المشاركة هنا على حكومة الدولة المضيفة .

7- المشكلات الإدارية التى تواجه المشروعات المشتركة :-

إن المشروعات المشتركة هى البذور المحتملة للاختلافات والنزاعات بين المستثمر الأجنبى والمحلى لأن تنوع الجماعات سبب لابد منه لحدوث الخلافات ، وبالنسبة للمشروع المشترك مع الحكومة يكون هناك خلافات فى المعايير التى تضعها الحكومة للعمل خدمة لأعراضها وأهدافها القومية وبين المستثمر الأجنبى والذى يهدف اساسا إلى الربح على مستوى المشروع .
ومن الأسباب التى تدعو المستثمرين الاجانب للملكية الكاملة على الأنشطة والفروع الاجنبية :-
- النزاع والخلافات فى التطبيق العملى مع الشريك المحلى .
- أن المستثمر الأجنبى يؤدى أن الدخل المتحصل عليه من الفروع لا يجب أن يقتسم .
هذا فضلا عن الاختلافات بين الأهداف والعمليات الاستراتيجية ومن الصعب تصور ذلك خاصة فى فروع الشركات متعددة الجنسية سواء فى عمليات التجميع أو التصنيع أو التسويق خاصة ، حيث نجد هناك اختلاف فى نظرة تلك الشركات عن المستثمر المحلى خاصة بالنسبة للأرباح والذى أرباحه محدودة بالأجل القصير كما ان نشاطه يقتصر على دولته والنزاع المحتمل الأساسى سيكون فى مجال إجراء العمليات وتكنولوجيا الإدارة وينتج ذلك من اختلافات الثقافة والمبادئ ومن الصعب وضع نماذج للعمل كما أن هناك مشاكل بخصوص توزيع الأرباح وطريق التمويل واستراتيجية التسويق ، درجة التأكيد على جودة الإنتاج ، المستوى الأخلاقى للإدارة.
وطالما هناك أفراد من مختلف القوميات ، جنسيات متخلفة ، بيئات حضارية مختلفة ، وفى جهد مشترك فإن هناك احتمال كبير لتعارض وجهات النظر ، كما أن من المحتمل أن يحدث الاحتكاك والاختلافات بين مجموعات المديرين المتعددى الجنسيات للمشروع المشترك ، أيضا الخلافات التى قد تظهر عند وضع السياسات .
هذا ونتفق مع وجهات النظر السابقة حيث أنه من المحتمل حدوث الخلافات والمنازعات بين المستثمر الاجنبى والمستثمر والمحلى سواء كان الحكومة أو القطاع الخاص إلا أن ذلك يمكن التغلب عليه عند وضع نصوص عقد الشركة حيث يتم التحديد الواضح لحقوق وواجبات كل من الشريك المحلى والشريك الأجنبى كما يتم الاتفاق أيضا على الأسلوب الذى يتبع فى حل المشكلات والمنازعات التى قد تنشا بين المستثمر المحلى والمستثمر الأجنبى ، وأن يوضح ذلك فى عقد إنشاء الشركة ، وبذلك يعرف كل شريك ما له من حقوق وواجبات وبذلك فإنه من الممكن تجنب الخلافات التى قد تنشا إلى حد كبير .
وعلى سبيل المثال ينبغى الاتفاق على كيفية تعيين المديرين ، كيفية وضع السياسات المختلفة للمشروع وأيضا كيفية توزيع الارباح وطرق التمويل واستراتيجية التسويق . كما أن التحديد الواضح لمسئوليات وسلطات كل مدير والتقييم والاختيار له سواء كان مديرا محليا أو مديرا أجنبيا فإن من المحتمل تجنب حدوث الاحتكاك أو الاختلافات بين مجموعات المديرين فى المشروع المشترك .

- ومن هذا الفصل يمكن أن نستخلص ما يلى :-

- أن المشروع المشترك هو المفضل حاليا من وجهة نظر المستثمر الأجنبى ومن وجهة نظر المستثمر المحلى لنظرا للفوائد والمزايا التى تعود على كل منهما فى حالة تنفيذ مشروع مشترك .
- إن المشروع المشترك يمكن أن يتخذ أشكالا قانونية متعددة فى القانون الداخلى للدولة المعنية فقد يكون شركة مساهمة أو ذات مسئولية محددة أو شركة توصية بسيطة أو غير ذلك من الأشكال القانونية .
- أن هناك عوامل تحدد شكل المشروع المشترك .
- أنه ينبغى تحديد أنماط المساهمة فى رأسمال المشروع بما يكفل سيطرة الدولة على قطاعاتها الاقتصادية .
- أن هناك مشكلات مختلفة قد تحدث بين المستثمر الأجنبى والمستثمر المحلى ويمكن مواجهتها والتغلب عليها عن الاتفاق على ذلك فى نصوص العقد المنشئ للمشروع المشترك والاختيار الجيد السليم لمختلف المديرين والتحديد لسلطات ومسئوليات كل مدير فى المشروع .

المراجــــــــع

عبد الهادى أحمد إبراهيم (1989) ، محاضرات فى إدارة الاستثمار ، القاهرة ، مكتبة الجامعة .
عبدالهادى أحمد إبراهيم (1978) ، دراسة تحليلية لإدارة الاستثمارات العربية والأجنبية مع التطبيق على هيئة الاستثمار فى مصر ، رسالة ماجستير إدارة الأعمال ، كلية التجارة ، تجارة الم المنصورة .

  • Currently 465/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
153 تصويتات / 6496 مشاهدة
نشرت فى 17 أغسطس 2011 بواسطة ahmedabdelhady

ساحة النقاش

fmm

الاخ الدكتور نحن نأمل من الاخوة الاهتمام بالفرص الاستثمارية في موريتانيا ومن شأن ذلك ان يساهم في تكامل الاقتصاديات العربية ويعزز الترابط بين الشعوب قبل الحكومات

ahmedabdelhady

شكرا على مروروكم الطيب وردكم الجميل ,, بارك الله فيكم

أ.د / أحمد إبراهيم عبد الهادى

ahmedabdelhady
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

177,311