مخاطر المشتقات المالية (العقود المستقبلية Future Contracts) وموقف الفكر الإسلامى منها
أولاً طبيعة العقود المستقبلية في الفكر الوضعي والمخاطر المحيطة بها.
تعتبر العقود المستقبلية إمتداداً وتطوراً طبيعياً للعقود الأجله، ويطلق مصطلح العقود المستقبلية future contracts على العقود الأجلة التى يجرى التعامل عليها من خلال أحد الأسواق المنظمة organized markets وهى البورصة. و يُعرَّف العقد المستقبلي بأنه "إتفاقية نمطية في سوق منظم، توفر للمتعاقدين تبادل مستقبلي لأصل معين، في تاريخ تسليم مستقبلي معين، في مقابل مبلغ نقدي معين"
كما يُعرف العقد المستقبلي علي أنه: "عقد يتم إبرامه من خلال السوق الرسمي المنظم، ويمثل إتفاق بين طرفين علي تبادل أصل بكمية معينة، ومواصفات معينة مقابل نقد قي تاريخ مستقبل معين، وبسعر متفق عليه علي أن تخضع العملية لتسوية يوميه وفقا لأسعار السوق".
والعقد المستقبلى هو عقد يلزم الطرفين المتعاقدين على تسليم أو استلام سلعة أو عملة أجنبية أو ورقة مالية، بسعر متفق عليه في تاريخ محدد، ويعد العقد المستقبلي بمثابة ورقة مالية قابلة للتداول، وتتمتع بسيولة عالية، ولذا يتم استخدامها في كل من أغراض المضاربة والتحوط، حيث يمكن للمستثمر بسهولة أن يبيع العقد في أي وقت بالسعر السائد في السوق، وفي هذه الحالة سيلزم المشتري الجديد بمضمون العقد.ومن بين أهم أنواع العقود المستقبلية هناك، عقود مستقبلية على أسعار الفائدة، العقود المستقبلية التي تنصب على مؤشرات السوق، وهذه العقود عبارة عن تسليم المؤشر المفترض في تاريخ وسعر محددين مسبقا، وتكون قيمة النقود الملزم دفعها من طرف المشتري تساوي قيمة ثانية تحددها البورصة مضروبة في الفرق بين قيمة المؤشر على أساس سعر إقفال آخر يوم يتعامل في العقد وسعر شراء العقد، كما أن هناك عقود مستقبلية على سلع.
ويوجد اختلاف تطبيقي بين العقود الآجلة، والمستقبلية وهو أن ما يتم تنفيذه من العقود المستقبلية عن طريق التسليم الفعلي للبدلين يتراوح بين 2%الي3%، بينما يعتبر التسليم الفعلي للبدلين هو السمة الغالبة في حالة العقود الآجلة (إلا انها تتم من خلال التسوية بين قيمة السلعة أو الأداة المالية في العقد وقيمة السوقية لها وقت التسوية)، وبمعني آخر فإن أسواق العقود المستقبلية أكثر جاذبية للمضاربين عن أسواق العقود الآجلة.
وفي ضوء ما سبق يرى الباحث أن العقود المستقبلية تؤدى إلى تعرض الطرفين للعديد من المخاطر ومنها التالى :-
- مخاطر السوق .(نتيجة التغيرات الغير مواتية في سعر الاداه او الورقة المالية)
- مخاطر الطرف المقابل (نتيجة عدم إلتزام أحد الطرفين بتفيذ الإلتزام المستحق عليه).
- مخاطر الائتمان (نتيجة عدم سداد المدين للإلتزام المستحق علية في تاريخ الإستحقاق).
ثانياً :موقف الفكر الإسلامى من العقود المستقبلية future contract
تعرف العقود المستقبلية بأنها عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين ( قد يكون سلعة أو ورقة مالية ) بسعر محدد مسبقا على أن يتم التسليم والتسلم في وقت لاحق في المستقبل، وتقدمت الإشارة كذلك إلى التشابه الكبير بينها وبين العقود الآجلة وأن الفروق بينهما طفيفة، حتى أمكن إطلاق لفظ الآجلة ليشمل النوعين باعتبار أن كلا منهما متعلق بالمستقبل أيضا.
وتأسيسا على ذلك يكون حكم المستقبليات في الشريعة هو التحريم، وذلك استنادا إلى جملة من الأدلة والمبررات منها:
<!--في العقود المستقبلية يتم تأجيل الثمن والمثمن، ومعلوم عدم جواز ذلك؛ لأنه من بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه.
<!--ربا النسيئة، تشتمل العقود المستقبلية على ربا النسيئة، وذلك في حالة العقود المستقبلة على الذهب والفضة حيث إنها تباع بالنقود الورقية، والأخيرة تتفق مع الذهب والفضة في علة الربا وهي الثمنية في أصح أقوال العلماء.
<!--تنتهي العقود المستقبلية غالبا بالتسوية النقدية، فإن كان ذلك مشروطا في العقد فهو عين القمار المحرم، لأن كل واحد من المتعاقدين لا ينفك عن أن يكون غانما أو غارما حسب تغيرات الأسعار وهذا هو القمار بعينه إذ لا يمكن بحال أن يغنم الطرفان معا، أو يغرما معا وإنما يقابل غنم أحدهما بغرم الآخر، والعكس كذلك وهو ما يسمى بالمباراة الصفرية حيث خسارة طرف هي ربح للطرف الآخر، والعكس صحيح..
<!--وأما إذا لم تكن التسوية على فرق السعر مشروطة في العقد فهو كذلك نوع من القمار والميسر لأن البائع إذا لم يكن في نيته تسليم السلعة التي باعها، أو كان المشتري غير ناو تسلم السلعة التي اشتراها وإنما يريد كل منهما أن يقبض فرق السعر إن تغيرت الأسعار في صالحه أو يدفعه إن تغيرت في غير صالحه فقد دخل كل منهما في عقد بين غرره، متأكد خطره.
<!--العقود في الشريعة لا بد أن تترتب عليها آثارها وفوائدها فور إبرامها وهذا إنما يتحقق بقبض العوضين في إثر العقد، أو بقبض أحدهما كما في السلم والبيع بالأجل، حيث ينتفع المشتري – في السلم – برخص الثمن وينتفع البائع بالثمن الذي يقبضه في مجلس العقد، ولا شك أن أيا من ذلك لا يتحقق في العقود المستقبلية لما فيها من تأجيل العوضين بل أن الأمر يتجاوز ذلك أحيانا عندما يكون العقد على شيء غير موجود في الحقيقة كمؤشرات الأسهم فالقمار هنا جلي لا غبار عليه.
<!--تتضمن العقود المستقبلية بالإضافة إلى ما سبق بيانه مجموعة من مفسدات العقد، ففيها بيع الإنسان ما لا يملك، وما ليس عنده، والرهان المحرم بإجماع المسلمين، وفيها مفاسد اقتصادية جسيمة كما تقدمت الإشارة إليه لدى الحديث عن الجدل الاقتصادي حول المشتقات المالية، كل ذلك يجعل التعامل بهذه الأدوات محظورا من وجهة النظر الإسلامية، وكل من يحاول تبرير العمل بها بذكر ما يتوهم أنها مصالح أو فوائد، أو بأقيسة وتشبيهات متكلفة- كقياسها على بيع السلم- كل ذلك إنما هو محاولة لن تصمد أمام قوة الحجج والبراهين التي تقضي بمنع هذه العقود وتحريم التعامل بها كما يجري التعامل بها في الأسواق المالية اليوم.
وفي ضوء ما سبق يتبين للباحث ان التعامل بالعقود المستقبلية يحيطها العديد من المخاطر وكذا العديد من المخالفات الشرعية ومنها المقارة ، الربا، وبيع الانسان ما لايملك ....
الباحث / أحمد شوقي سليمان
1-9-2016
نائب أول مدير إدارة (جهاز المخاطر ببنك مصر)
باحث دكتوراة 2016 (كلية التجارة جامعة الازهر)
ماجتسير المحاسبة 2014 (كلية التجارة جامعة الازهر)
دبلوم بازل وإدارة المخاطر 2016 (الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ،،،،
ساحة النقاش