العبقرية .. وأسسها الأربعة
ماهي العبقرية ؟ هل هي الذكاء ؟ام ان هناك فارق بينهما ؟ من هم العباقرة ؟ وهل هم يختلفون عن الاشخاص الطبيعين ؟ هل هناك اسباب معينة لكي يكون شخصا ما ..عبقريا ؟؟
الاجابة عن هذه التساؤلات تجدونها في الموضوع التالي والذي سوف يعرض على شكل اجزاء متتابعة كونه طويلا نوعا ما ..
هذا الموضوع هو عرض لكتيب للكاتب الصحفي فهد عامر الاحمدي يتكلم عن موضوع ممتع .. وهو ممتع لانه يتحدث عن شيء لا يتكرر كثيرا وهذا شأن كل المواضيع التي تتناول امورا فيها نوع من الغموض والندرة .. العبقرية
مقدمة :
العبقرية حالة انسانية فريدة متعددة الجوانب ومن الصعب الادعاء بإمكانية احتواء ابعادها في مجموعة صغيرة من الاوراق .. وعلى هذا الاساس كان لا بد من الاقتصار على منحى واحد من العبقرية وكشف سرها من خلال اهم أربعة عناصر في بناءها وهي :
- البيئة
- الوراثة
- الشعور بالمسؤلية
- الزمن المناسب
وقبل الدخول في تفاصيل العناصر الاربعة دعونا اولا نعرف العبقرية ونتعرض لبعض الظروف التي تؤثر على تعريفنا لها:
العبقرية في لغة العرب كما جاء في لسان العرب لابن منظور:
"مشتقة من وادي في البادية كثير الجن يقال له عبقر.. ثم نسب العرب الى ذلك الموضع كل شيء تعجبوا من حذقه وعجيب صنعته فقالوا عنه :عبقري, وفي المثل كانه جن عبقر"
وهذا الاشتقاق يذكرنا بالتفسير الميتا فيزيقي القديم الذي يدعي ان العبقرية نتيجة للاتصال بالجن والارواح وممارسة السحر !!
اما العبقرية في علم النفس فهي تمازج بين الذكاء .. والموهبة .. والجرأة في اقتحام مجالات لم يسبق لأحد اقتحامها .. فالعباقرة هم دائما القادة والرواد في تعريف الناس بحقائق وانجازات لم تطرق من قبل .. وهم من هذه الناحية يختلفون عن العامة ممن يؤدون الاعمال بشكل روتيتني مكرر منتظرين من يقدم لهم وسيلة جديدة أفضل !
ورغم ان معظم العلماء يعيدون العبقرية الى تمازج عنصري البيئة والوراثة الا ان الاختلاف ما يزال قائما حول تغليب دور احد العاملين .. فنيتشة وجولتن مثلا يعتقدان ان العوامل الوراثية هي حجر الاساس في ظهور العبقرية وتحديد مستواها.. وقد استدلا على ذلك بحقيقة ان معظم العباقرة ظهروا في اسر وجد فيها عباقرة اخرون .. ولكن العلماء ممن يفلبون دور البيئة يستخدمون الدليل نفسه لصالحهم ويقولون : ان تلك الاسر وفرت لأبنائها بيئة تعليمية واجتماعية استثنائية اهلتهم للوصول لمدارج العبقرية.
على اي حال لن نختلف كثيرا .. الا انه بالاضافة الى عاملي الوراثة والبيئة ارى ان هناك عنصرين اخرين يجب ان يتوفرا لظهور العبقري :
العنصر الثالث ..الرغبة وادراك المسؤولية
العنصر الرابع .. الزمن المناسب وتوافر قدر من الشهرة.
فالرغبة في الانتساب لدنيا المبدعين وادراك العبقري لحقيقة مسؤوليته امر عظيم الاهمية في بناء الشخصية العبقرية , فجميع العباقرة كانوا يدركون حقيقة تفوقهم ويؤمنون بمسؤولياتهم تجاه ما اخلصوا لاجله .. ولذلك فإن العبقرية طموح ورسالة , وبدون الرغبة فيها لا يمكن تبلورها حتى لو توافر عاملا البيئة والوراثة.
اننا في حياتنا العامة ندرك ان رغبة المرء في ان يصبح طبيبا او مهندسا هي الدافع الاعظم لان يصبح كذلك في المستقبل , والعبقرية بدورها رسالة ان لم يخلص لها المرء فلن ينجح فيها ... فكم من عبقري شغله المنصب او جمع المال عن مزيد من الابداع ؟!!
وقبل الحديث عن العنصر الاخير نشير الى انه بتوافر العناصر الثلاثة السابقة يكون مثلث بناء العبقرية قد اكتمل, فالاستعداد الوراثي ..والبيئة المناسبة .. وادراك المسؤولية ..كافية لايجاد شخصية المبدع واكتمالها من الداخل .. والعنصر الاخير مهم في تسهيل مهمة العبقري واكتمال صورته من الخارج .زبمعنى انه قد تتوافر للعبقري جميع مقومات الابداع ولكنه لم يصب قدرا من الشهرة والانتشار وبالتالي من الصعب ان يعرف كعبقري .. فعبقري غير معروف يشبه رياضيا او فنانا توافرت له جميع عناصر التفوق ما عدا انه مغمور .
وعدم الانتشار هذا يعود لاسباب كثيرة من اهمها ظهور العبقري في زمان غير مناسب.. فالمتأمل في انجازات العباقرة يدرك انهم لو تاخروا في احدى اضافاتهم سنوات قيلة لفقدت تلك الاضافة اهميتها ..ولو ظهروا بها قبل وقتها بسنوات قليلة لما ادرك اهميتها احد , ولقيل عن احدهم انه سبق عصره !
وكما ذكرت سابقا .. العنصر الاخير ضروري لاكتمال صورة العبقري من الخارج اضافة الى انه عنصر اساسي في بلورة شخصيته .. ولكنه على اي حال اضافة جديدة ترسخ من ندرة العباقرة في اي مجتمع .. فبدون شك يوجد حاليا كم هائل من العباقرة يعيشون على كوكب الارض ولكننا لا نعرف منهم غير واحد او اثنين بسبب قلة الانتشار .. اما عباقرة مشهورين كنموذج انشتاين ونابليون وابن الهيثم فيمكن تمثيلهم بحقيبة دبلوماسية لا يمكن فتحها الا بتوافق اربعة ارقام :
الاول: الاستعداد الوراثي
الثاني: البيئة المواتية
الثالث: الرغبة والشعور بالمسؤولية
الرابع: الزمن المناسب وتوافر قدر من الشهرة
وجميعها بالطبع تشكل احتمالا نادرا شديد الندرة !!
ساحة النقاش