أوربا ليست مصطلحا جغرافيا فحسب ، بل هى مجال الأطفال – رغم اختلاف اللغة – تشكل ثقافة ذات طابع خاص ، جذورها عميقة إلى الحضارتين اليونانية والرومانية .. إن دولها – تتقارب أو تتباعد ، تتصادق أو تعادى إحداهما الأخرى – تبقى ذات طابع حضاري فيه الكثير من أوجه التشابه ، كثمرة لعصر النهضة واكتشاف البخار ، ثم الكهرباء .. والاختلاف بين بلدان أوربا لم يحل بينها وبين هجرة الأفكار والتجارب فيما بينها ، وتقليد كل منها للأخرى ، ومنافستها في محاولة للتفوق .
وكتب الأطفال في أوربا كانت في العصر الحاضر هى البداية وهى البذور للشجرة الوارفة الظلال ، التي امتدت فروعها لكل أرجاء الدنيا ، وازدهرت بفضل عدد من الكتاب الأوربيين الذين كان لهم الفضل في اقتحام هذا المجـال كمؤلفين مثل " أندرسون " أو رسامين مثل " كالدكوت " أو ناشرين مثل " نيو برى " .
وعلى الرغم من أننا سوف نتحدث عن كل بلد على حدة ، إلا أننا نرى أن هناك سمات كثيرة مشتركة فيما بين بلدان أوروبا يمكن استنباطها واستنتاجها وما أظننا بحاجة كبيرة إلى ذكرها ..
ومما لا شك فيه أن الدول الأوربية الاستعمارية حاولت أن تنشر أدبها في البلاد المستعمرة كلون من الغزو الفكري لأبناء تلك البلد ، ظهر كتاب يتعصبون لحضارة الغرب – وأوضح مثال " ريديارد كيلنج " شاعر الإمبراطورية البريطانية كما يسمونه – وكان مهمة هؤلاء الكتاب أن ينفذوا إلى عقول الأطفال على مستوى العالم لكسب عقولهم والسيطرة عليها ، بهدف إبقائهم وبلادهم مسـتقبلا في قبضة الدول المستعمرة ، والتي أصبح لكل منها فلسفته وأسلوبه .
ولقد ترك " ديكارت " بصمته على تفكير وعقل كل طفل فرنسي ، وحدث نفس الشئ بالنسبة للأطفال الإنجليز إذ فرض عليهم " باكون " أسلوبه في التفكير ، وسادت البرجمانية ، و "جون ديوى" الحياة التربوية في أمريكا .. ومن هنا كانت بذور الوحدة الفكرية بين أطفال كل بلد من هذه البلدان .