تاريخ أدب الأطفال فى أمريكا لا ينفصل عن إنجلترا خلال القرون : السابع عشر ، والثامن عشر ، والتاسع عشر .. ولكنه يبدأ في اتجاه خاص ومستقل مع بداية القرن العشرين .. لقد حمل المهاجرون بعضا من كتبهم وهم قادمون من أوربا ، واستخدمت في البداية ، واستمرت الاستفادة منها بعض الوقت إلى أن أصبح من الممكن إبداع أدب جديد للمجتمع الجديد والبلد الجديد الذي تبلور ، لكي يؤكد أن له ذاتيته الخاصة .. بل لقد استطاع فيما بعد الحرب العالمية – كما حدث في كافة المجالات – أن يسبق أوربا وإن يتجاوزها نتيجة لظروف عدة ، من أهمها تقدم التكنولوجيا ، وظهور عدد من الكتاب المبدعين ، هم ثمرة للحياة التي أتيحت للمهاجرين في هذا الجانب البعيد من عالمنا .. إذ سرعان ما انتهت مرحلة النقل والاقتباس والتقليد وبدأ كثيرون يضعون أقدامهم على طريق الابتكار ، وظهرت أسماء لمعت ، ولقيت إقبالا كبيرا لا في أمريكا وحدها ، بل أستطاع بعضهم أن يعبر الأطلنطي إلى أوربا والعالم .
رواد أدب الأطفال فى أمريكا
قائمة الأسماء التي نوردها هنا كرواد للكتابة في مجال الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية تعرفنا على الكثير منها خلال الترجمات التي قدمت لكتبهم ، وبالذات تلك التي نشرتها مؤسسة فرانكلين ، وقد تكون هناك تحفظات على دورها وبعض كتبها ، إلا أننا ندين لها بالكثير بالذات في مجال كتب الأطفال ، وكان هؤلاء من بين مؤلفيها ..
أساياها توماس ( يسمى أحيانا نيوبرى الأمريكى ) Esaiah Thomas ، ناتال هوركون ، واشنجتن ايرفنج ، جيمس فينيمور كوبر ، صامويل جود ريتش ، جاكوب أبوت ، مسز هويتنى ، فرنسيس هودجسون بيرنت ، لوكريتيا هال ، مارك توين ، مارى مابسن دودج .
هذه طائفة من الأسماء التي كان لها دورها المؤثر في مجال كتب الأطفال في الولايات المتحدة حتى عام 1980 ، وكثيرون منهم ارتبطوا بالمرحلة التالية ، واستمر عطاؤهم من خلال كتاباتهم في الفترة الانتقالية ، إلا أنهم يظلون منتمين إلى القرن التاسع عشر : بأسلوبهم وموضوعاتهم .. ويعتبر " هوارد بايل " خير ممثل للتغيير الذي حدث ، من العصر الفكتورى إلى الزمن الحديث ، فهو بحكاياته ، ورسوماته تربط ما بين التقاليد القديمة ، وما بين النزعة التجديدية ولم تظهر ملامح أعماله الإبداعية ، في مجالي الكتابة والرسم ، قبل عام 1833 ، وذلك في نماذج متقنة تضفر ما بين العمل الأدبي ، والفني ، وكان ذلك في كتبه : مغامرات روبن هود المرحة ، ملح وفلفل ، الساعة العجيبة ، حديقة خلف القمر ، وأجزائه الأربعة الضخمة حول : أوتوواليد الفضية ، ورجال من حديد .. ومع هوارد بايل لم تعد الولايات المتحدة تابعا في مجال أدب الأطفال لانجلترا وأوربا ، ولم تعد تعتمد بالكامل على الكتب الواردة إليها عبر الأطلنطي .. وكان أميز ما تتصف به هذه المرحلة هو أتساع آفاق الكتابة ، والموضوعات التي ترتادها هذه الكتب ، وقبلها كانت تتحرك في حيز ضيق من الحكايات الشعبية والخيالية من انجلترا وألمانيا (حكايات جريم) والدانمرك ( هانز اندرسون ) ، كما كانت كتب أندرو لانج الملونة واسعة الانتشار في أمريكا ، كما هى في انجلترا ، وهى تضم حكايات من دول عدة وبلدان كثيرة .. كما أن مجموعات قصصية كثيرة لقيت الاهتمام وضمت أعمالا لكل من أسبيرنسون ( النرويـج ) ، باسيل ( ايطاليـا ) ، اربن دنيكونا ( تشيكوسلوفاكيا ) ، وبنشاتنترا ( الهنـد ) ، ومازالت تلقى الاهتمام إلى يومنا هذا .
ولم تتطلع أعين الأطفال إلى الأدب الشعبي فحسـب ، بل بدأت تتجه إلى قصص الأطفال في كل أنحاء الدنيـا .
• مغامرات نيلز هلجرسون من السويد
• ديكيل زويلجسير من النرويج
• بوتيه دى مونفيل من فرنسا
• سلسلة التوائم عن لوسي فيتش بيركز
وكانت هذه هى الأسـماء التي جاءت بعد جاكوب أبوت ومحـاولاته لتقديم ثقـافة البلدان الأخرى للأطفال .
وهنـاك اتجاه آخر بدأ في هذه الفترة ، ولقيت النجاح ، وهى استخدام الحيوانات في بطولات محورية للحكايات ، ولم تكن هذه الحيوانات تمثل شخصيات إنسانية ، مثل قصص " تورنتون بيرجسن " .. (حكايات أمنا العجوز ، الريح الغربية) الرائعة ، بل كانت مخلوقات قوية متوحشة كتلك التي تحدث عنها "جاك لندن" أو تحمل شحنات عاطفية كبيرة مثل ( بلاك بيوتى ) للكاتبة " أنا سويل " ، و( الحيوانات المفترسة التي عرفتها ) وقد كتبها " أرنست طومسون سينون " الذي هاجر من انجلترا إلى الولايات المتحدة ..
وأدب الأطفال في أمريكا تاريخيا – لا يمكن أن ينفصل عن تاريخ المكتبات - فقد شهدت الأعوام الثلاثون ( 1890 – 1920 ) تطورا في الخدمة المكتبية بشكل عام ، إذ بدأ الاهتمام بقاعات خاصة أو أركان للأطفال في المكتبات العامة وأصبح هناك 77 مكتبة في كل منها رفوف لكتبهم وبطاقات وقوائم تحمل عناوينها