القاهرة (ا ف ب) - حركت وفاة الاميرة فريال (71 عاما)، كبرى بنات الملك الراحل فاروق، حنينا الى الملكية في مصر عبر عن نفسه في حجم التغطية الاعلامية التي حظي به خبر وفاتها، حتى ان بعض الصحف قامت بنشر مذكراتها قبل وفاتها بايام بعد انتشار خبر تدهور حالتها الصحية.
ويلاحظ وجود حنين الى الملكية لدى بعض القطاعات المصرية منذ سنوات يعبر عن نفسه بشكل اوضح في مناسبات مثل وفاة احد افراد الاسرة المالكة السابقة، او لدى قيام احدهم بزيارة مصر. وغالبا ما تثير هذه الزيارات جدلا بين انصار الليبرالية وانصار الثورة.
ومن مظاهر هذا الحنين الاقبال الكبير على الكتب التي تتناول حياة الملك فاروق مثل مذكرات سكرتيره الصحافي كريم ثابت التي صدرت عن دار الشروق عام 2000 بعنوان "فاروق كما عرفته" في جزئين واعادت رسم صورة انسانية ووطنية للملك المخلوع تخالف تماما ما تعلمه المصريون في مناهج التاريخ المدرسية.
وهناك ايضا المذكرات والكتب التي الفتها لطيفة سالم عن حياة الملك والاسرة الملكية وتلك التي كتبتها لوتس عبد الكريم عن زوجة فاروق الاولى الملكة فريدة بعد ان ربطتها بها صداقة عميقة لخمس سنوات.
لكن مسلسل "الملك فاروق" لكاتبة السيناريو لميس جابر الذي اعتبر من افضل المسلسلات الرمضانية قبل ثلاث سنوات هو الذي ادخل الحوار حول الملكية في كل بيت مصري مع اظهار الليبرالية والديموقراطية والتعددية الحزبية التي اتسمت بها هذه الفترة.
وما يعزز هذا الحنين الاحوال الاقتصادية والاجتماعية والفنية الحالية التي تدفع الكثير من المصريين الى المقارنة مع الماضي عندما كان للجنيه المصري قيمة اقتصادية كبيرة وكانت الحياة اكثر رغدا.
وتقول الكاتبة لوتس عبد الكريم صاحبة كتاب "الملكة فريدة وأنا – سيرة ذاتية لم تكتبها ملكة مصر" ملخصة هذه الصورة "نحن نعيش حاليا وضعا بائسا جدا جدا بينما كان الحال افضل ايام الملكية وحتى مشكلة التزايد السكاني كان يمكن تجاوزها بشكل افضل".
واشارت لوتس عبد الكريم التي كانت صديقة للملكة الراحلة فريدة الفنانة التشكيلية التي استخدمت الدور الاول من منزل الكاتبة كقاعة خاصة لعرض لوحاتها، الى ان "الملكة في اخر ايامها رسمت مصر عبارة عن سيدة على شكل هيكل عظمي غارقة في البكاء وهي فعلا الحالة التي ارى مصر عليها الان".
ولم يتردد الفنان حسين فهمي في لقاء تلفزيوني مع المذيع عمرو الليثي في ان يجهر بكراهيته لجمال عبد الناصر الذي جرد عائلته من املاكها وحبه للملكية التي ترعرعت عائلته في ظلالها.
من جهته يرى الكاتب ماجد فرج الذي اصدر ايضا مجموعة من الكتب عن العائلة الملكية ان "ضياع الملكية في مصر انتقص من هيبتها كاغنى واقوى واجمل بلدان الشرق الاوسط وافقدها الكثير من مكانتها الدولية والمحلية".
ومن مؤلفات ماجد فرج "العرس الامبرطوري" عن عرس الاميرة فوزية شقيقة الملك فاروق على شاهنشاه ايران محمد رضا بهلوي و"افتتاح قناة السويس" عن الاحتفاليات التي اقامها الخديوي اسماعيل بمناسبة افتتاح القناة و"البنك الاهلي" خلال مائة عام".
وطالب في تصريحات لوكالة فرانس برس بان "توفر الدولة حياة كريمة للملك فؤاد، ابن فاروق، في مكان اقامته ليس من قبيل الاهتمام بشخصه وانما بكرامة مصر وقيمة ابنائها الذين كانوا يتمتعون بمكانة رفيعة".
ويقول الكاتب عزت القمحاوي في كتابه "الايك في المباهج والاحزان" ان "الحنين الى الملكية لا يرتبط فقط ببعدها السياسي وانما له علاقة بمجالات كثيرة من بينها مثلا الطراز المعماري والحدائق حيث تعود جمالية العمارة في القاهرة وفي مختلف المدن المصرية الى الزمن السابق في حين ينتشر القبح المعماري في الزمن الحالي" .
ومن هذه المجالات الاخرى الفن حيث يطلق على الافلام والاغاني القديمة "زمن الفن الجميل" كتعبير عن الاحتجاج على الفن الاستهلاكي والسينما التجارية الحالية.
ويعيد القمحاوي اسباب هذا الحنين الى "احساس الفقراء الذي يكاد ان يكون عاما بتردي الاوضاع في مصر والاحساس بوجود فساد كبير يجعل من فساد قبل الثورة نكتة مثل قضية استخدام تلكس السفارة المصرية في لندن لشراء بالطو فراء لزينب الوكيل زوجة النحاس باشا، فاي مقارنة بما يحصل من فساد لا يجعل من هذه الحادثة اكثر من نكتة".
لكن الاميرة فريال وهي كبرى ابناء فاروق، الذي كانت له ايضا فوزية وفادية من الملكة فريدة واحمد فؤاد من الملكة ناريمان، رحلت دون ان يتحقق حلمها على ما يبدو في عودة الحكم لعائلتها.
وردا على سؤال في مقابلة تلفزيونية مع الاعلامي عمرو اديب "هل تمكن ان تعود اسرتكم لحكم مصر ؟" صمتت قليلا قبل ان تقول "لا احد يمكن ان يعرف".
ساحة النقاش