علي مبروك محمد سيدأحمد الفقي

موقع مصري إسلامي تعليمي إخباري هادف من العبد الفقير لله

صفة الصلاة

 

أي كيفيتها الواردة عن النبي e ويدخل في هذا الصفة المجزئة والصفة المستحبة .

والأصل في هذا الباب ما ثبت في البخاري من حديث مالك ابن الحويرث وفيه – أن النبي e قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .

ويستحب أن يمشي إلى الصلاة بسكينة ووقار. لما ثبت في الصحيحين أن النبي e قال : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينةُ والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) .

والسكينة  : هي التأني بالحركات واجتناب العبث .

والوقار : هو السمت الحسن من غض الطرف وخفض الصوت ، وعدم الالتفات ، وأكد ذلك بقوله : ( ولا تُسرعوا ) فيكره الإسراع إلى الصلاة ، وإن كان ذلك ليدرك تكبيرة الإحرام أو الركعة أو الجماعة .

فهذا الحديث عام .

قال الإمام أحمد إن طمع بإدراك تكبيرة أولى فلا بأس بإسراعه ما لم تكن عجلة تقبح .

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس بالإسراع إذا كان لإدراك الركعة .

وذهب بعضهم إلى أنه لا بأس بالإسراع لخوف فوت جماعة .

والصحيح أنه يُكره مطلقاً وحكاه ابن عبدالبر عن الجمهور ، لعموم الحديث وفي رواية مسلم أن النبي e  قال : ( فإن أحدكم إذا كان يعمِد إلى الصلاة فهو في صلاة ) فدل ذلك على أن المشي إلى المساجد صلاة .

 

قال : [ يسن القيام عند " قد " من إقامتها ]

أي عند قوله : ( قد قامت الصلاة ) كما صرح بذلك صاحب المغني وغيره – وهذا إذا كان الإمام في المسجد يراه المأمومون .

هذا هو المشهور في المذهب – قالوا : لأن قوله : ( قد قامت الصلاة ) خبر بمعنى الأمر ، أي قوموا إليها ، وهو مروي عن ابن عمر كما في مصنف عبدالرزاق ، وعن أنس كما عند ابن المنذر .

والقول الثاني : أنه يُشرع القيام إذا فرغ المقيم من الإقامة وهو مذهب الشافعية .

والقول الثالث : وهو مروي عن طائفة من التابعين كعمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد الله بن عمر والزهري أنه يُشرع القيام عند أول شروع المقيم بالإقامة .

والباب فيها واسع ، والأولى أن يقوم عن أول الشروع بالإقامة وذلك .

لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: ( كانت الصلاة تقام لرسول الله e فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي e مقامه ) والنبي e كان يأمرهم بعد الإقامة أن يستووا ويعتدلوا ، كما وردت الأحاديث في هذا ومعلوم أنهم لو قاموا عند قوله : ( قد قامت الصلاة ) أو بعد انتهاء الإقامة لما كان ذلك كافياً لأن يسووا صفوفهم قبل أن يقوم النبي e

وفي صحيح البخاري عن أنس قال : أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله e بوجهه فقال : ( أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري ) فكان النبي e يأمرهم بتسوية الصفوف بعد الإقامة ، وفي الحديث السابق كانوا يقومون ويسوون الصفوف قبل أن يقوم النبي e مقامه فيبعد أن يكون قيامهم عند الفراغ أو عند قوله ( قد قامت الصلاة ) .

ويقوي هذا : ما رواه عبدالرزاق في في مصنفه إلى الزهري بسند صحيح قال : ( كان الناس ساعة يقول المؤذن ( الله أكبر ، الله أكبر ) يقيم الصلاة يقومون فيأتي النبي e ثم تعدل الصفوف ) .

ويقويه : أن المعنى الذي ذكره الحنابلة في لفظة ( قد قامت الصلاة ) ثابت في الإقامة كلها ، نعم لفظة ( قد قامت الصلاة ) صريحة في الإقامة لكن ألفاظها كلها إنما شرعت ليقوم الناس إلى الصلاة ولذا تسمى إقامة .

فإن لم يكن الإمام في المسجد فلا يستحب القيام حتى يروه لما ثبت في الصحيحين أن النبي e قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ) .

 

قال : [ وتسوية الصفوف ]

أي تُسن تسوية الصفوف وتسوية الصف بمحاذاة المناكب والأكعب لا بالأطراف والأصابع .

لحديث أنس المتقدم :أن النبي e أقبل عليهم بوجهه فقال:( أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري ) قال أنس : فكان الرجل أي من أصحاب النبي e : ( يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه) فهذا الفعل من أصحاب النبي e والنبي يراهم : ( فإني أراكم من وراء ظهري ) .

وفي مسند أحمد وسنن أبي داود – وأصله في الصحيحين – من حديث النعمان بن بشير : أن النبي e أقبل على الناس بوجهه فقال : ( أقيموا صفوفكم ثلاثاً والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) قال : فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه ، وكعبه بكعبه ) وقول أنس : ( وقدمه بقدمه ) أي كعبه بكعبه كما في حديث النعمان .

وهذا ظاهر في أول الصلاة وأن المشروع للمصلين أن يتراصوا في الصف بأن يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبته وكعبه بكعبه – لتحقيق تسوية الصفوف ويدل على ذلك أن الذي أمروا به إنما هو التسوية فكانوا يفعلون ذلك لتحقيقها ، والنبي صلى الله عليه سلم لم يأمرهم بهذا وإنما كانوا يفعلون ذلك لتحقيق التسوية وكان يراهم عليه الصلاة والسلام ويقرهم ، لذا الظاهر أن هذا الفعل يكون عند التسوية فإن حصلت عادت الرجل إلى موضعها المعتاد .

ومعلوم أن فعل ذلك في كل ركعة من ركعات الصلاة فيه مشقة وثقل .

وظاهر قوله ( وتسوية الصفوف ) أن ذلك مسنون وهذا مذهب جمهور العلماء وحكى إجماعاً ، ويحمل الإجماع على مشروعية لا نفي وجوبه .

وذهب شيخ الإسلام ووجَّه ذلك صاحب الفروع وهو مذهب الظاهرية ومذهب الإمام البخاري أن ذلك واجب والأدلة دالة على ذلك .

فقد ثبت في الصحيحين أن النبي e قال : ( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي ليلقين الله في قلوبكم العداوة والبغضاء ومثل هذا لا يقال إلا فيما كان محرماً ، وكما في الرواية المتقدمة في أبي داود : ( أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) فهذا يدل على أن تسوية الصفوف واجبة إذا لا ترتب هذه العقوبة إلا على ترك واجب .

وقد ذهب الظاهرية إلى وجوب : أن ترصَّ الصفوف بعضها إلى بعض ولا يكون بين الصفوف مسافة تزيد على ما يحتاج إليه المصلي لإقامة ركوعه وسجوده .

يدل على ذلك : ما ثبت في أبي داود أن النبي e قال : ( رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحَذف ) وهي صغار المعز .

ففيه الأمر بأن تقارب الصفوف بعضها إلى بعض لقوله : ( وقاربوا ) وذلك – وما يكفي المصلي لركوعه وسجوده بنحو ثلاثة أذرع .

والأشبه الأخذ بمذهب الجمهور ، إلا أن تكون من المساجد التي يزدحم فيها المصلون بحيث تضيق على الناس أسواقهم وطرقهم فتجب مقاربة الصفوف

وقد وردت أحاديث تدل على وجوب تسوية الصفوف .

فمن ذلك : ما ثبت في أبي داود أن النبي e قال :   ( أقيموا صفوفكم وحاذوا بين الأعناق وسددوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم " أي لتسوية الصفوف " ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله )

وقوله ( قطعه الله ) وهذه عقوبة ولا تكون إلا على ترك واجب .

وقد كان النبي e يبالغ في تسوية الصفوف حتى كان يقومها كالقِدْح . كما ثبت هذا في أبي داود عن النعمان بن بشير قال : ( كان النبي e يسوينا في الصفوف كما يُقَوَّم القِدْح ) وهو خشبة الرمح أي كما تنحت خشبة الرمح وتُسوى وتُقَوَّم بحيث تكون في غاية الاعتدال لا اعوجاج فيها ولا ميل .

وثبت في سنن أبي داود البراء بن عازب رضي الله عنه بإسناد صحيح قال : ( كان النبي e يتخلل الصفوف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورَنا ومناكبنا ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم وكان يقول " إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول ) ورواه النسائي بلفظ ( الصفوف المتقدمة ) .

مسائل في تسوية الصفوف :

منها : أن أفضل الصفوف الصفوف المتقدمة ، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وشر صفوف النساء أولها وأفضلها آخرها ثبت في مسلم أن النبي e قال : ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم فقال : يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف ) .

ولما ثبت في صحيح مسلم عن النبي e قال : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) وذلك للقرب من الرجال . فالأفضل الصفوف المقدمة للرجال والمتأخرة للنساء .

والأفضل الصفوف التي تقع في ميمنة المسجد لما ثبت في مسلم وسنن أبي داود والنسائي وغيرهما عن البراء قال : ( كنا إذا صلينا خلف رسول الله e أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته يقول:( ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك ) ) .

وأما ما رواه أبو داود وابن ماجه أن النبي e قال : ( إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف ) فالحديث وإن كان إسناده حسن لكنه شاذ ، وقد رواه الثقات كما في المسند وسنن ابن ماجه عن النبي e أنه قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ) هذا هو اللفظ المحفوظ كما قرر هذا البيهقي وغيره : وأما لفظة ( على ميامن الصفوف) فهي خطأ من بعض الرواة ، فعلى ذلك الحديث ضعيف .

وأما ما ورد في ابن ماجه أن النبي e قال : ( من عَمَّر ميسرة المسجد كان له كفلان من الأجر ) فالحديث فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف فلا يثبت . فميمنة المسجد أفضل من ميسرته .

ولكن هل من بَعُدَ وهو عن يمين الصف أفضل ممن قَرُب وهو عن يساره ؟

قال صاحب الفروع : " ويتوجه احتمال أن بُعْدَ يمينه ليس بأفضل من قُرْب يساره قال : ولعله مرادهم " أي مراد الحنابلة أي : لقرب من الإمام . ولكن من كان وراء الإمام وإن كان في ميسرة المسجد فهو أفضل ممن كان بعيداً في الميمنة لقوله e : ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) رواه مسلم .

وأما إن لم يكن ممن يلي الإمام فالأظهر التساوي ، فهذا قد فَضُل بالقرب وهذا قد فَضُل بالميمنة ، فلكل منهما فضيلته فحينئذ : لا يُجْزَم بتفضيل أحدهما على الآخر .

والمسألة الثانية : صفة إقبال الإمام على المأمومين لتسوية الصفوف ؟

ظاهر الأحاديث الصحيحة أنه يقبل عليهم بوجهه فمن ذلك ما تقدم من حديث أنس قال : ( أقيمت الصلاة فأقبل علينا e بوجهه ) رواه البخاري وما تقدم من حديث النعمان بن بشير في أبي داود وفيه : ( أقبل علينا النبي e بوجهه ) .

وأما ما رواه أبو داود : أن النبي e : ( أخذ عن يمينه فقال : ( سووا صفوفكم واعتدلوا ثم أخذ عن يساره فقال : سووا صفوفكم واعتدلوا ) فهو حديث ضعيف فيه مصعب بن ثابت الزبيري وهو ضعيف ، فعلى ذلك الأظهر أنه يقبل على الناس بوجهه .

مسألة :

هل يشرع أن يكون الإمام وسط المأمومين ؟

الحديث الوارد في هذا : ( وسطوا الإمام وسدوا الخلل ) رواه أبو داود حديث ضعيف فيه مجهولان .

فعلى ذلك لا يقال بمشروعية هذا ، ولم يثبت عن النبي e ولا عن أحد من أصحابه .

وينبغي أن يكون الإمام متوسطاً في المسجد كما هي محاريب المسلمين ، وقد تناقله المسلمون خلفاً عن سلف

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

( باب )

صفة الصلاة

 

 

قال : [ ويقول : الله أكبر ]

أي الله أكبر من كل شيء في ذاته من الأسماء والصفات . وهي تحريمة الصلاة كما ثبت عند الخمسة إلا النسائي بإسناد صحيح أن النبي e قال : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) ويُسمى التكبير تحريماً لأنه يمنع المصلي من الكلام والأكل وغيرهما ، ولا تصح الصلاة إلا بنطق بها باتفاق العلماء . ولا يشترط على الصحيح أن يسمع نفسه فيكفي الإتيان بالحروف واختاره شيخ الإسلام وهو وجه في المذهب

والمشهور في المذهب : أنه يشترط أن يسمع نفسه .

فإن تركها ناسياً أو ساهياً لم تصح صلاته

ولا تصح التحريمة إلابقول " الله أكبر " فإن قال : " الله الأكبر " أو " الله أجل " أو " أعظم " أو غير ذلك من الألفاظ لم تصح ، فلم يثبت عن النبي e أنه افتتح صلاته بغير هذه الجملة " الله أكبر " وقد قال e : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري

وفي الصحيحين في حديث المسيء صلاته أن النبي e قال له : ( إذا قمت إلى الصلاة فستقبل القبلة وكبر )

وفي أبي داود والنسائي من حديث المسيء صلاته : ( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الضوء كما أمر الله ) الحديث وفيه : ( ثم يكبر الله عز وجل )

ولا تصح في الفريضة إلا مع القيام باتفاق العلماء فإن قالها قاعداً أو راكعاً وهو غير عاجز عن القيام لم تجزئه .

قال : [ رافعاً يديه حذو منكبيه ]

السنة أن يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام حذو منكبيه أو حذو فروع أذنيه .

الصفة الأولى : أن يرفع يديه حذو منكبيه أي حتى يحاذي بكفيه منكبيه .

وما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر قال : ( كان النبي e يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع ولا يفعل ذلك في السجود ) .

والصفة الثانية : أن يرفع يديه إلى حذو الأذنين أو فروع الأذنين .

ودليله ما ثبت في مسلم عن مالك بن الحويرث قال : ( كان النبي e يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه ) وفي رواية : ( حذو أذنيه ) وفي رواية ( حذو فروع أذنيه ) أي شحمتي أذنيه فيرفع يديه حذو أذنيه أو فروعهما ، والأمر واسع .

وجمع بعض العلماء من المالكية بين هاتين الصفتين ، فقالوا : يجعل بطن كفيه حذو المنكبين وأطراف الأصابع حذو فروع الأذنين .

ويدل عليه ما رواه أبو داود من حديث عبد الجبار بن وائل عن وائل بن حجر : ( أنه أبصر النبي e حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ثم كبر ) لكن الحديث منقطع لأن عبد الجبار بن وائل لم يدرك أباه .

والأظهر أنهما صفتان . فيستحب أن يفعل هذه تارة وهذه تارة أخرى .

والمشهور في المذهب : أن ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاءه مع انتهائه .

ودليل ذلك : ما ثبت في أبي داود من حديث وائل بن حجر أنه : (رأى النبي e يرفع يديه مع التكبيرة ) وقد وجاء في السنة صفتان أيضاً .

الأولى : أن يرفع يديه ثم يكبر ، ثم يحطهما بعد انتهائه من التكبير .

لما ثبت في مسلم من حديث ابن عمر قال: ( كان رسول الله e إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر ) ونحوه من حديث أبي حميد الساعدي في أبي داود والترمذي وغيرهما .

وفي سنن أبي داود من حديث ابن عمر : ( ثم كبر وهما كذلك ) أي وهما مرفوعتان .

لحديث مالك بن الحويرث – في مسلم – :  ( أنه رأى النبي e صلى فرفع يديه ثم كبر ) .

والصفة الثانية : أن يكبر قبل رفع اليدين ، فإذا كبر رفع يديه .

وهي في مسلم من حديث مالك بن الحويرث أن النبي e : ( كبر ثم رفع يديه )

قال الحافظ لم أر أحداً من أهل العلم قال بها .

والمشهور في المذهب – أنه إذا كبر وانتهى من التكبير ولم يرفع يديه فإن السنة قد فات محلها .

والصحيح العمل بهذه الصفة لورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فإن لم يستطع أن يرفعهما حذو منكبيه رفعهما بقدر استطاعته ، وإن لم يستطع أن يرفع يديه كلتيهما رفع يده الصحيحة منهما قال e : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) .

وإذا كان ساتراً يديه بثوب ونحوه من برد وغيره مما يحتاج فيه إلى تغطية اليدين فإنه يرفعهما بثوبه بقدر استطاعته .

لما ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث وائل بن حجر أنه قال : (أتيت النبي e في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة )  وهذا هو المشهور في المذهب .

ومن لم يقدر على رفع يديه إلا بزيادة على أذنيه رفعهما لأنه يأتي بالسنة وزيادة لا يمكنه تركها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

 

قال : [ مضمومتي الأصابع ممدودة ]

المد : ضد القبض ، والقبض : ضم الأصابع إلى الراحة ، والمد : فتحهما .

فقد ثبت عند الخمسة إلا ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي e : ( كان إذا قام في الصلاة رفع يديه مداً ) .

ورواه الترمذي – من حديث يحيى ابن اليمان وهو ضعيف وتفرد به عن الثقات بلفظ : ( أن النبي e كان إذا كبر للصلاة نشر أصابعه ) أي فرقها .

لكن الحديث ضعيف لضعف يحيى ولكونه خالف الثقات .

وهنا قال : ( مضمومة الأصابع )

أي يضم بعضها إلى بعض .

والمشهور عند الشافعية : أنه يفرقها وهو رواية عن الإمام أحمد ، واستدلوا بحديث أبي هريرة الذي تقدم تضعيفه .

وذهب الأحناف إلى أنه لا يتكلف ذلك – وهذا هو الراجح وأنه لا يتكلف ضماً ولا تفريقاً بل يدعها على طبيعتها من غير ضم ولا تفريق .

وأما المد وهو ألا يضم أصابعه إلى الراحة فهو مستحب لما تقدم .

قال : ( كالسجود )

فالسجود يستحب فيه أن يضم أصابعه ويجعلهما ممدودة  وأن تكونا حذو منكبيه وسيأتي الكلام على هذا في مسائل السجود إن شاء الله تعالى .

 

قال : [ ويسمع الإمام من خلفه ]

استحباباً ليتمكن المأموم من متابعته ، فيسمع الإمام من خلفه فيرفع صوته بالتكبير .

لما ثبت في مسند أحمد أن النبي e : ( كان  يرفع صوته بالتكبير حتى يسمع من خلفه ) والحديث صحيح، وقد قال e : ( صلوا كما رأيتموني أصلي )

واختار شيخنا الشيخ محمد أنه يجب على الإمام أن يكبر تكبيراً مسموعاً يسمعه من خلفه ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأنه لا يتم غقتداء المأمومين بالإمام إلا بسماع التكبير .

فإن كان الإمام لا يسمع من خلفه فيبلغ عنه كما في مسلم قال جابر رضي الله عنه : ( صلى بنا النبي e وأبو بكر خلفه فإذا كبر النبي e كبر أبو بكر ليسمعنا ) فهذا يدل على مشروعية التبليغ عند الحاجة إليه

أما إن لم تكن هناك حاجة فإنه ليس بمستحب باتفاق المسلمين كما قال شيخ الإسلام .

بل قد نص الحنابلة على أنه مكروه .

 

قال : [ كقراءته في أولتى غير الظهرين ]

أي كما يرفع صوته في الركعتين الأولين من غير الظهرين أي الظهر والعصر فهذا من باب التغليب كما يقال ( الفجران والقمران ) ويسمع الإمام من خلفه التكبير كما يسمعهم القراءة في الركعتين الأولين من صلاة المغرب والعشاء ومن صلاة الفجر ،

 ورفع الصوت بالقراءة مشروع للإمام بالإجماع في الركعتين الأوليين من غير الظهر والعصر .

قال : [ وغيره نفسه ]

أي غير الإمام ـ وهو المأموم والمنفرد ـ يسمع نفسه فيجب على من كان مأموماً أو منفرداً أن يسمع نفسه .

والمراد هنا : ما لم يكن هناك عارض يمنع من السماع فإن كان هناك عارض كأن تكون هناك أصوات مزعجة أو يكون سمعه ضعيفاً فإنه يتلفظ بالقراءة والتكبير بحيث يسمع نفسه لو لم يكن عارض يمنع السماع .

واختار شيخ الإسلام وهو مذهب المالكية ومذهب بعض الأحناف وهو وجه عند الحنابلة ـ كما قال شيخ الإسلام  أنه يكفي النطق بالحروف .

فالقول يثبت بنطق الحروف ، وليس من شرط ذلك أن يسمع نفسه فإسماع النفس أمر زائد عن النطق .

فإن كان أخرس : فإنه ينوي بقلبه التكبير ولا يحرك لسانه وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد ، واختاره الموفق .

والقول الثاني : أنه يحرك لسانه .

والراجح ، القول الأول : وأنه لا يشرع أن يحرك لسانه بل ينوي بقلبه ، لأن تحريك اللسان هنا عبث لا فائدة منه .

وظاهر قوله : ( وغيره نفسه ) فالمنفرد والمأموم يسمع نفسه ويُسر بالتكبير ويغير من التسمع والتحميد والسلام لأن المنفرد لا يحتاج إلى إسماع غيره وفي القراءة تفصيل يأتي ذكره .

مسألة :

والمذهب أن رفع اليدين مشروع للإمام والمأموم والمنفرد لعمومات الأحاديث لكن اختلفوا في المرأة : هل يشرع    لها ذلك أم لا ؟

قولان في المذهب :

القول الأول : أنها ترفع يديها وهو المذهب ، وقد رواه الخلال عن أم الدرداء وحفصة بنت سيرين وكانتا فقيهتين وهو قول طاووس .

ودليله : أن النساء شقائق الرجال ، وأنهن مأمورات بالاقتداء بالنبي e كما أن الرجال مأمورون بذلك : في قوله صلى الله عليه وسلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ولا دليل يخصص الرجال بهذا الحكم ، واختاره الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

القول الثاني : أنه لا يشرع لهن ذلك كالتجافي الذي تنهى عنه المرأة وذلك لكونه ينافي الستر

والراجح القول الأول لأن هذا لا ينافيه مطلقاً إلا إذا كان هناك أجنبي فإن كان هناك أجنبي فلا يشرع لها ذلك لأنه قد يظهر شيء منها .

قال : [ ثم يقبض على كوع يسراه تحت السرة ]

الكوع : هو العظم الناتئ الذي يقابل الإبهام ، والكرسوع وهو العظم الذي يقابله ، وبينهما الرُسغ .

وهذه الجملة فيها ثلاثة مسائل :

المسألة الأولى : أن المستحب للمصلي أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة.

 فقد ثبت في البخاري عن سهل بن سعد قال : ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليـد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ) .

 وفي مسلم من حديث وائل بن حجر : أن النبي e : ( وضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة ) فالمستحب أن يضع يده اليمنى على اليسرى فلا يرسل يديه خلافاً للمالكية والسنة حجة عليهم واستدلوا بحديث المسيء صلاته وأن القبض لم يذكر فيه والجواب أنه إنما ذكر فيه ما يجب وهذه الهيئة أعظم في التواضع والتذلل وأبعد عن العبث .

المسألة الثانية : في صفة الوضع :

جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب صفتان ثابتتان .

الصفة الأولى  : أن يقبض بيمينه على شماله .

ودليلها : ما ثبت في سنن النسائي من حديث وائل بن حجر قال : ( رأيت النبي e إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله ) فيقبض بباطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى .

الصفة الثانية : أن يضع يده اليمنى من غير قبض على كفه اليسرى والرُسغ والساعد

ودليلها: ما ثبت في سنن النسائي : من حديث وائل بن حجر ، وهو حديث طويل وفيه : ( ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرُسغِ والساعِد ) .

المسألة الثالثة :

هل المستحب أن يضع يديه على الصدر أو تحت السرة أو فوقها تحت الصدر ؟ ثلاثة أقوال لأهل العلم :

المشهور عند الحنابلة أن المستحب أن يضع يديه تحت السرة .

واستدلوا : بما روى أحمد وأبو داود عن علي قال : ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة ) وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك الحديث ، فعلى ذلك إسناده ضعيف جداً .

القول الثاني : وهو رواية عن الإمام أحمد وهو المشهور عند الشافعية : أنه يضعهما فوق سرته وتحت صدره .

واستدلوا : بما رواه ابن خزيمة عن وائل بن حجر قال : ( صليت مع النبي e فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره ) ، والحديث فيه مُؤَمل بن إسماعيل وهو ضعيف لكن له شاهدان :

الشاهد الأول : عند أحمد مرفوعاً وموصولاً من حديث هُلْب الطائي لكن الحديث ضعيف .

والشاهد الثاني:عند أبي داود من حديث طاووس مرسلاً وسنده صحيح إلى طاووس، فالحديث حسن بشواهده.

لكن الاستدلال به على هذا القول فيه نظر ؛ لأن أهل هذا القول لا يقولون بأنه يضع يديه على الصدر بل تحت الصدر وفوق السرة . وإنما يصلح دليلاً لأهل القول الثالث .

القول الثالث : وهو أحد قولي الشافعي وقول إسحاق بن راهوية وبعض المالكية ؛ أن السنة أن يضع اليدين على الصدر .

وهذا أقربها ، فالأمر واسع وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه يُخير .

فالراجح : أن السنة أن يضع يديه على صدره وأما وضع اليدين على النحر فهو غلط لا دليل عليه .

 

قال : [ وينظر مسجده ]

هذه سنة من سنن الصلاة وهي أن ينظر إلى مسجده أي إلى موضع سجوده .

قالوا : لأن ذلك أخشع له، وهو كذلك أبعد عن النظر إلى السماء المنهي عنه .

فقد روى البيهقي عن سليمان الخولاني قال : سمعت أبا قلابة يقول : حدثني عشرة من أصحاب رسول الله e عن صلاة النبي e في قيامه وركوعه وسجوده بنحو من صلاة أمير المؤمنين - يعني عمر بن عبد العزيز – قال سليمان : ( فرمقت عمر في صلاته فكان بصره إلى موضع سجوده ) والحديث فيه صدقة بن عبدالله وهو ضعيف .

لكن له شاهد مرسل عند الحاكم ، ورواه الحاكم موصولاً من حديث أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وقد أخطأ بعض الرواة فوصله ، وعامة الرواة أنه مرسل ، قال الذهبي :  " والصحيح مرسل " .

ولفظه : ( أن النبي e كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت :(  الذين هم في صلاتهم خاشعون ) فطأطأ رأسه ) والمعنى يدل على ذلك .

وعلى ذلك ـ  فالمستحب للمصلي أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده – سوى التشهد فيستحب له أن يرمي ببصره إلى السبابة كما ثبت هذا في صحيح ابن خزيمة وذكره في المبدع .

وتستثنى من ذلك صلاة الخوف فيستحب أن ينظر فيها تجاه العدو وهو المذهب .

واستحب بعض العلماء أن ينظر إلى الكعبة إن كان في المسجد الحرام ، وهذا القول ضعيف كما قال الشيخ محمد رحمه الله ، لأنه إن نظر إلى الكعبة نظر إلى الناس الذين يطوفون حولها فأشغلوه عن الصلاة .

 

قال : [ ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ]

" سبحانك اللهم " : أي تنزيهاً لك اللهم .

" وبحمدك " : أي تسبيح مقرون بالحمد .

" وتبارك اسمك " : أي كثر خير أسمائك وثبت .

" وتعالى جدك " : أي تعالت عظمتك وشرف قدرك .

" لا إله غيرك " : أي لا إله حق غيرك .

يستحب للمصلي أن يستفتح بشيء مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم  من أنواع الاستفتاح .

وهذا النوع رود في سنن أبو داود والترمذي من حديث عائشة : أن النبي e : كان يستفتح صلاته فيقول : ( سبحانك اللهم وبحمدك ) الحديث .

وهو  ثابت عند الخمسة من حديث أبي سعيد الخدري  من قول عمر في مسلم منقطعاً ووصله الدارقطني بإسناد صحيح ولفظه : ( أن عمر كان يستفتح بسبحانك اللهم يجهر بذلك يُسمعنا ويُعلمنا ) .

وقد اختاره الإمام أحمد لأن عمر كان يعلمه الصحابة ولاشتماله على أفضل الكلام بعد القرآن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أي مع تكبيرة الإحرام ولأنه ثناء وغيره دعاء ، وإلا فسائر الاستفتاحات الواردة عن النبي e حسنة، بل السنة أن يفعل هذا تارة وهذا تارة .

ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : كان النبي e : إذا كبر للصلاة سكت هنيهة فسألته فقال : أقول : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ) .

والسنة فيه الإسرار كما تقدم من حديث أبي هريرة فإنه قال : ( سكت هنيهة ) .

وإنما كان عمر يجهر به للتعليم ، وإلا فالسنة الإسرار .

ومن سني الاستفتاح أو تركه عمداً حتى يشرع في الاستعاذة فلا يشرع له بعد ، لأنه سنه قد فات محلها ـ كما قرر هذا الحنابلة وغيرهم .

والمذهب أنه يستفتح في أول ركعتين من التراويح ولا يستفتح في الكل طلباً لليسر والسهولة وعدم السآمة وهو متوجه .ومثله صلاة الضحى إن صلاها أربعاً أو ستاً أو كثر من ذلك

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

قوله : [ ثم يستعيذ ]

يستعيذ بالله من الشيطان الرحيم للقراءة في الصلاة ، قال تعالى : ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (

وثبت عند الخمسة حمن حديث أبي سعيد الخدري :أن النبي e كان يقول في استعاذته في الصلاة :( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )

" هَمزِه " : مس الجن " ونَفخِه " : الكبر ، " ونفثه ": الشعر القبيح .

والحديث حسن .

فإن استعاذ بقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فهو حسن أيضاً لقوله تعالى : ﴿ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ﴾ .

وإن قال : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) فهو حسن أيضاً لوروده في القرآن .

وما حكم الاستعاذة ؟

جمهور أهل العلم : أنها سنة قبل القراءة في الصلاة وغيرها .

وعن الإمام أحمد واختاره طائفة من كبار أصحابه وهو مذهب الظاهرية ومذهب عطاء : أنها واجبة لقوله تعالى : ﴿ فاستعذ بالله ﴾ وظاهر الأمر الوجوب وهو قول قوي .

واختلف أهل العلم هل يُستحب التعوذ في الركعة الأولى فقط أم في كل ركعة ؟

المشهور عند الحنابلة : أنها تُستحب في الركعة الأولى ولا يستعيذ في الأخرى إن كان قد استعاذ في الأولى .

واستدلوا : بما رواه مسلم عن أبي هريرة : قال : ( كان رسول الله e إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت )

قالوا : هذا الحديث فيه أن النبي e كان يستفتح بالحمد لله رب العالمين ولا يسكت ولأن الصلاة جملة واحدة فاكتُفي بالاستعاذة في أولها وهو اختيار ابن القيم .

والقول الثاني : وهو رواية عن الإمام أحمد و مذهب الشافعية : أنه يشرع له أن يستعيذ في كل ركعة .

لقوله تعالى :﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ﴾ وظاهر الآية : أنه يشرع له كلما قرأ أن يستعيذ .

وأجابوا عن الحديث المتقدم : بأن قول أبي هريرة : ( لم يسكت ) أي لم يسكت مثل سكوته في الركعة الأولى وهو السكوت الذي نقله لنا ، فإنه سأل النبي e عن سكوته في الصلاة فأخبره النبي e أنه يقول : ( اللهم باعد بيني …) الحديث فقد سأله عن تلك السكتة لكونها سكتة خارجة عن طبيعة السكوت الذي يكون قبيل القراءة للاستعاذة والبسملة ، فقوله : ( ولم يسكت ) أي لم يسكت كسكوته للاستفتاح .

وهذا القول هو الأرجح ، أنه يستعيذ في كل ركعة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن إبراهيم .

 

قال : [ ثم يبسمل سراً وليست من الفاتحة ]

أي يقول : " بسم الله الرحمن الرحيم " يقولها سراً .

لما ثبت في النسائي عن نُعَيم المُجْمِِِِر قال : ( صليت وراء أبي هريرة فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم قرأ بأم القرآن ) وقال : " والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله e "

ولأن البسملة يشرع أن يفتتح بها السور كما ثبت في مسلم وغيره من قراءة النبي e : ﴿ إنا أعطيناك الكوثر ﴾ لما نزلت عليه فقرأ : ( " بسم الله الرحمن الرحيم " ﴿ إنا أعطيناك الكوثر ﴾ …)

وثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : ( كان النبي e لا يعرف الفصل بين السور إلا إذا نزلت بسم الله الرحمن الرحيم )

" سراً " لا جهراً ، فلا يشرع الجهر بها .

وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم :

فذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وفيهم الحنابلة إلى القول باستحباب الإسرار بالبسملة وعدم مشروعية الجهر بها .

واستدلوا : بما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك : ( أن النبي e وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين ) .

 زاد مسلم : ( لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا آخرها ) وفي أحمد والنسائي : ( لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ) وعند ابن خزيمة : ( يسرون ) .

وثبت في الترمذي من حديث ابن عبدالله بن المُغَّفل قال : سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول : بسم الله الرحمن الرحيم فقال لي أي بني محدث إياك والحدث قال : ولم أرَ أحداً من أصحاب النبي e كان أبغض إليه الحدث في الإسلام يعني منه ، قال : صليت مع النبي e ومع أبي بكر وعمر ومع عثمان فلم أسمع أحداً منهم يقولها " أي جهراً " فلا تقلها ، إذا صليت فقل : " الحمد لله رب العالمين " والحديث حسنه الترمذي وهو كما قال ،

وأما ما ذكره ابن عبدالبر والبيهقي وغيرهما : أن الحديث فيه جهالة ابن عبدالله بن المغفل فإن هذا محل نظر ، فقد ذكر الزيلعي أنه قد روى عنه ثلاثة فزالت عنه بذلك جهالة العين ، ولم يأت بحديث منكر بل أحاديثه كلها مستقيمة فليس من أحاديثه ما ينكر عليه، وقد حسن حديثه الترمذي وهذا حديث يوافق ما ثبت عن أنس ؛ فالحديث حسن لا بأس به .

والقول الثاني : وهو مذهب الشافعية مشروعية الجهر بالبسملة .

وعامة أدلتهم لا تصح ولا تثبت عن النبي e فكلها موضوعة أو ضعيفة كما قرر هذا شيخ الإسلام وغيره . إلا ما رواه النسائي وغيره بسنده الصحيح إلى نعيم المجمر : قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم قرأ بأم القرآن وفيه أنه قال : ( إني أشبهكم صلاة برسول الله e ) .

margin: 0cm 0cm 0pt; text-ind

المصدر: الزاد
aboelfeky

علي مبروك الفقي يرحب بالجميع

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 302 مشاهدة
نشرت فى 20 إبريل 2011 بواسطة aboelfeky

ساحة النقاش

علي مبروك محمد سيدأحمد الفقي

aboelfeky
علي مبروك محمد الفقي يرحب بكل الناس »

إبحث عن

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

88,930

علي الفقي

قال تعالي ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين) صدق الله العظيم