كثيرا ما كان أحد أساتذتي بكلية الإعلام يردد أن الطفل كالأسفنجة تتشرب بسهولة ما تمر به أو يوضع عليها. ولكن هل الآباء يعاملون أبناءهم ويربونهم بهذه الحساسية؟ إن ما أراه ينم عما هو عكس ذلك لأن كثيرا من الآباء يعتبرون أن الصغار لا يفهمون ولا يدركون أصلا.

فهذا أب يخوِّف ابنه من شخص معين حتي يطيعه في أمر ما، وهو يتتجاهل أن كره الطفل لهذا الشخص سيكون وزره عليه. ولكن عندما يدرك الابن أن هذا الشخص ليس "بعبع" كما صور له أبوه، فإنه بذلك يكون قد أخذ درسا عمليا في الكذب ورسالة من الأب إلي الابن ألا يثق بكل كلامه لأن ليس كل ما يقوله له صحيحا. وعندما تخيف الأم ابنتها من العفاريت ومن "أبو رجل مسلوخة" وما هو علي هذه الشاكلة، فإنها بذلك تربي ابنتها علي الاعتقاد في الخرافات والأوهام. ثم نتساءل بعد ذلك ونتعجب من ذهاب البعض إلي الدجالين، ومن الخوف غير المبرر لدي بعض الناس من بعض الأشياء أو الأشخاص. مثل هذه التصرفات تقضي علي مهارات التفكير المنطقي لدي الأبناء وتنتج أشخاصا جبناء.

وأحيانا نمزح مع الأطفال بشكل يغرس فيهم أسوأ القيم، ولا يكون ذلك هدفنا عندما نمازحهم ولكننا فقط نتسلي، نقضي وقتا، نريد رؤية رد فعل الطفل والضحك عليه، ولا نفكر فيما سوف يعلمه هذا المزاح للطفل. فيقول أحدهم للطفل: اضرب أو اشتم فلانا وسوف أعطيك كذا (شيئا يحبه الطفل)، فيفعل الطفل ليحصل علي ما يريد. ثم يأتي الشخص الآخر، الذي طلب الأول من الطفل أن يضربه، ويطلب من الطفل أن يفعل مع الشخص الأول نفس الشيء ليعطيه شيئا آخر يحبه الطفل أيضا. درس رائع نعطيه للطفل في العدوانية و"المكيافيللية" أي مبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة، فلا يهم إذا كان ما تفعله صوابا أو خطأ طالما أنك ستحصل علي ما تريد. وليتنا نعلم أبناءنا القيم والمباديء السليمة بمثل هذه الطرق العملية.

هذا من الأمثلة القليل علي الكثير، ولكن لعله قد يلفت النظر إلي عمق أثر تصرفاتنا علي أبنائنا وعواقب ذلك عليهم علي المدي البعيد، وضرورة التفكير الجيد في كل ما نقوله لأبنائنا حتي لو كان مزاحا.

وأخيرا، أريد أن أطرح علي الآباء والأمهات تساؤلا قرأته في كتاب وأعجبني وهو: هل تنظر إلي أبنائك علي أنهم أهم مشروع في حياتك، وأن عليك أن تتعلم المهارات اللازمة وتفعل كل شيء يعينك علي إنجاح هذا المشروع ؟؟؟

المصدر: كتاب "القواعد العشر"، للأستاذ الدكتور/ عبد الكريم بكار، دار السلام
  • Currently 192/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
64 تصويتات / 432 مشاهدة
نشرت فى 13 يوليو 2010 بواسطة abnaona

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

10,256