رسائل المحمول.. ليست بديلا لصلة الرحم!
رغم أن الرسائل القصيرة والسريعة عبر المحمول, قربت المسافات فإن البعض اتهمها بأنها باعدت بين الأهل والأقارب وقطعت صلة الأرحام.
لأنها جعلت أصحابها يكتفون بإرسالها بدلا من زيارة أهلهم, وذويهم.. ولهذا يؤكد علماء الدين والاجتماع أن هذه الرسائل ليست بديلا للزيارات وأنها لا تصلح ما أفسده الفراق والابتعاد.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الأب والأم مسئولان. عن اكتفاء أبنائهما بهذه الرسائل؟ وما دورهما في إعادة صلة الرحم ؟
تقول د. زينب شاهين, أستاذ علم الاجتماع ان اتجاهنا إلي المادية والبحث عن الرزق وانتشار وسائل الإعلام جعل الإنسان يقبع في منزله, وقديما كان الترويح عن النفس يكون بزيارة الاقارب, لكن الآن نجد الاسرة في الإجازة تفضل التنقل بين القنوات الفضائية, أو ارسال الرسائل عبر الموبايل ولايدركون أن البعيد عن العين بعيد عن القلب.
لقد بدأ المجتمع في تقطيع صلات الرحم تدريجيا, عندما استغني بالتليفون عن الزيارة, ثم بالرسالة عن المكالمة. وهنا يجب عدم تحميل الآباء والأمهات المسئولية كاملة لكن زحام الحياة والمواصلات وصعوبة الوصول من مكان لآخر زاد الأمر سوءا وأصبح البعض يكتفي بالتجمع في الأعياد, ان استطاع, ولم يأخذ أسرته الصغيرة في رحلة وينسي أهمية لقاء العائلة الكبيرة.. وهنا أقول لكل أب وأم إن عليهما مسئولية تجاه ابنائهما وهي صلة ارحامهم ليعرف الطفل أن له عائلة وأبناء أعمام وعمات وأخوالا وخالات. وهذا احتياج حقيقي علي الأسر أن تدركه خاصة اننا تعيش عصر الاسرة النواة وليست الاسرة الممتدة, وبدلا من ان يكون للولد شقيق أو شقيقة واحدة يمكننا تعريفه بأقاربه, فيكون صداقات ناجحة تتم أمام أعيننا بدلا من أن نشكو عندما نكبر أننا لانعرف عن أصدقائه أي شيء.
والتواصل يجب أن يبدأ من زيارة الجد أو الجدة وأن تكون زيارة مقدسة يحرص عليها الأبناء والأحفاد, وتدريجيا يمكن وصل ما انقطع, فليس من صالح المجتمع أن تعيش كافة الأسر منعزلة عن بعضها البعض, فالقريب إذا وصل الرحم بشكل حقيقي يكون سندا أمام المشكلات والصعاب التي نعانيها الآن.
تتفق مع هذا الرأي الدكتورة آمنة نصير, أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر قائلة: هذه القضية واقعية جدا, ويجب لفت الانتباه إلي خطورتها علي المجتمع لأن الأسر الآن تعيش في جزر منعزلة, فالأبناء لا يعرفون أقرب الأقربين, والأجيال لا تري بعضها البعض حتي في الاجازات, لدرجة جعلت الابناء يعيشون غربة تامة. وقطع صلة الأرحام يرجع إلي أننا نعيش في أمية دينية, والعلاقات بين الأرحام تحكمها المصالح الشخصية وليس ما يوصي به الله, لذلك فمن الضروري أن يحافظ الانسان علي علاقته بأقربائه لا من دافع المصلحة أو المجاملة لكن من دافع ايماني, فقد قال سبحانه وتعالي في كتابه: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فيجب توعية الناس بأن المتسبب في قطع صلة الرحم ملعون من الله.
وأضافت: ان قطع الأرحام إذا كان منتشرا في المدن فإنه اقل انتشارا في الريف, لكن اصبح اقل صدقا وحميمية, فالمصالح غلبت كل شيء. لذلك نريد تنبيه الأسر إلي أن وصل الارحام يزيد مناعة الأسرة أمام ما يقابلها من أزمات, وهنا أؤكد ضرورة أن يبدأ التواصل بزيارة بيت الجد والجدة مركز العائلة وأن يدرك الذين ينشغلون عن أبويهم أن كله سلف ودينفعندما نتواصل مع الأجداد سنجد أبناء العمومة والأخوال, وهنا يمكننا ان نتحمل الزحام وصعوبة المواصلات للالتقاء بهم تنفيذا لتعاليم ديننا ولحماية عائلاتنا.
ساحة النقاش