الرئيسية مقالات اليوم

لماذا فاز "ليبراليو" ليبيا؟!

6 Share on print محمود سلطان 16 يوليو 2012 08:54 PM

 

لماذا فاز الليبراليون فى ليبيا "شديدة المحافظة".. وفشلوا فى مصر "الأكثر انفتاحًا"؟!

نتائج الانتخابات فى الجارة "النفطية" كانت "لافتة" وجاءت على غير المتوقع.. فـ ليبيا مجتمع قبلى.. والولاءات "الأولية" التى عادة ما تكون الصفة الأبرز لمرحلة "ما قبل الدولة".. هى الولاءات السائدة فى ليبيا، حيث تظل القبيلة هى مناط "الولاء والبراء" وليس لـ"الأيديولوجيا" أو لـ"الدولة" بمفهومها الحديث.

لم تكن ثمة ما يشير إلى نشاط ليبرالى واسع فى ليبيا يعدل نظيره فى الدول الأكثر قربًا من الغرب ـ مصر وتونس ـ ما أسس لتوقعات قطعت بأن الإسلاميين سيجتاحون المجالس المنتخبة، خاصة أن القتال ضد نظام العقيد القذافي، تحمل عبئه وتكلفته الأكبر المقاتلون الإسلاميون الليبيون، وهى الحقيقة التى أدت إلى تردد الغرب وتحفظه إزاء الثورة الليبية فى بدايتها.

النموذج الليبى يحتاج فعلاً إلى دراسة وإلى تدقيق، فالصخب الليبرالى فى مصر، وشغبه الكبير فى تونس، وخفوته الأقرب إلى "الاختفاء" فى ليبيا، كان ـ بالمنطق الرياضى ـ مقدمة لنتائج تعطى مصر وتونس لـ"الليبراليين".. وليبيا لـ"الإسلاميين".. غير أن "المفاجأة ـ الصدمة".. كانت فى النتائج العكسية التى لا زالت تبهر العالم، وتستعصى على التفسير.

الشعب الليبي.. متدين وشديد المحافظة، يستقى فقه العبادات والمعاملات من "المذهب المالكى".. وهذه وحدها تكفى لسد كل الأبواب أمام المدارس الفكرية والسياسية "المتأوربة" وفى بيئة اجتماعية صحراوية قادرة على ابتلاع أية "ملوثات" أيديولوجية قادمة من الخارج، قبل ولوجها إلى العقل الجمعى الليبي.. بالإضافة إلى حقائق تتعلق بمرارات  تاريخية مع الاستعمار الإيطالي.. فضلاً عن سنوات العزلة عن العالم والتى فرضها القذافى على الليبيين قرابة أربعين عامًا، تحولت فيها ليبيا إلى كيان هلامى لا يعرف عن الحداثة، إلا الطرق الأسفلتية التى تشق صحراءها لتربط مدنها المترامية.

لا شك إذن بأن الطبقة الليبرالية الليبية تختلف تمامًا عن نظيرتها فى تونس وفى مصر.. وما كان الليبيون ليعطوا أصواتهم لمرشحى التيار الليبرالى إلا إذا شعروا بحميمية اجتماعية وروحية تجاههم.. وهى "الحميمية" التى لا يمكن صنعها إلا من خلال التخلى عن الاستعلاء والتعالى والنزول إلى الشارع، وتخطى الحاجز النخبوي، والانخراط فى العمل الأهلى المتماس مع تفاصيل الحياة اليومية للشعب.. وهو الفارق الكبير والتاريخى الذى يفصل بين تكوين الليبرالى المصرى "الاستعلائى" والذى يحتقر شعبه ويتهكم على دينه وعلى ثقافته وتراثه.. والليبرالى الليبى الذى احترم هوية بلده وحضارته وثقافته ودينه، وكان جزءًا من ضميره ومشاعره الجمعية.. عمل فى الشارع بين الناس ففاز بثقتهم.. خلاف الليبرالى المصرى الذى مارس حفلات تعذيب ليلية على المصريين، فى برامج الـ"توك شو" فاستحق احتقارهم له، والانتقام منه عبر صناديق الاقتراع.. يعنى بـ"الديمقراطية".

[email protected]

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 119 مشاهدة
نشرت فى 17 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,412