الرئيسية مقالات اليوم

شاطئ النجاة الأخير

25 Share on print محمود سلطان 15 يوليو 2012 08:26 PM

 

عقب سقوط مبارك، فى 11 فبراير 2011، نجح "العسكرى" فى "كلفتة" الثوار، ولم يعط الفرصة للتفكير أو التأمل، فى ظل غياب الرؤية أو الاستفادة من تجارب "خطرة" مثل "التركية" و"الرومانية" والأوكرانية".. لم يكن حاضرا فى اليوم التالى من الإطاحة بالطاغية، أى مخاوف مما سمى بعد ذلك بـ"الفلول".. لم يكن الثوار على وعى كامل بدور "الدولة العميقة" فى إجهاض الثورات.. كما حدث فى رومانيا أو أوكرانيا.. كانت التصورات لحظة خلع "المخلوع" تعتقد بأن الثورة اكتمل قمرها، عند لحظة سماع خطاب التنحى الذى ألقاه نائبه عمر سليمان مساء يوم 11 فبراير.

لحظة الانتشاء تلك كان يدرك معناها النفسى والعاطفى، المجلس العسكرى، بالتزامن مع الثقة الكاملة فيه، وفى نقاء "صوفيته السياسية".. ما أتاح له هندسة البيئة السياسية المصرية على النحو الذى يريده "هو" وليس كما تريد الثورة.

فى الفترة الفاصلة ما بين سقوط مبارك.. والاستفتاء على الإعلان الدستورى، كانت هى الفترة الأخطر، والتى اكتظت بالأخطاء التى نسدد فاتورتها باهظة حتى الآن.

الكل أخطأ.. إسلاميون وليبراليون ويساريون وقوى ثورة.. ولا داعى الآن للحساب والعتاب.. كانت تلك الفترة هى الفرصة الأهم، لتحصين الثورة من "نظام مبارك"، والذى لا يزال يرتع ويلعب بأدواته التى لم تلتفت إلى خطورتها القوى الوطنية.

قبل الإعلان الدستورى.. كانت البلاد ـ فعلا ـ تحتاج إلى تطهير واسع النطاق.. فى الأمن والعدالة والإعلام.. لأنها كانت المنظومة التى أفسدها مبارك على مدى ثلاثين عاما، وهندسها على النحو الذى أحالها إلى مرافق تابعة لـ"إدارة الخدم" فى القصر الرئاسى.. وكان من الخطأ الجسيم، الإبقاء عليها، أو قبول اللعبة على تقاليدها ونظامها.. فهى مؤهلة فقط لإنتاج ذات النظام، الذى سمنها، بـ"هرموناته السياسية" وتحمل "صفاته الوراثية".

مصر بعد سقوط مبارك مباشرة، لم تكن تحتاج إلى دستور "عاجل".. فيما اكتشفنا، بأن جدل "الدستور أولا" كان "لغوا" وسفسطة، وخروجا عن الوعى بدقة وحساسية والاحتياجات الحقيقية لتلك الفترة وربما للشهور التى تلتها أيضا.

مصر لم تكن تحتاج ـ بعيد الثورة ـ  إلى مجلس شعب "تيك أواى".. أو دستور أيا كانت مثالية مواده، لأن هذا كله كان عبثا، وخيال "مآتة" و"كرة شراب" تلاعب بها "العسكرى" فى شوارع القاهرة.

مصر كانت تحتاج إلى "تثوير" المؤسسات المفصلية والحاكمة فى صناعة القرار، كانت تحتاج إلى نائب عام "ثائر" وقضاة "ثوار" وشرطة "ثورية" وإعلام "ثورى".. كانت تحتاج إلى عمليات اجتثاث جادة لكل تجليات النظام القديم فى كل مؤسسات الدولة، وداخل العصب الحاكم فى البيروقراطية السياسية.

اليوم .. تستخدم "أجنحة مبارك" داخل مؤسسة العدالة، لإجهاض الثورة، وللانقلاب على السلطة المدنية المنتخبة.. اليوم حصن الرئيس "التأسيسية" باعتماد قانون يحول دون الحكم ببطلانها، أمام القضاء الإدارى غير أنها ستحال لتنظر فى شأنها "الدستورية العليا"!!

"العسكرى" إذن.. أحرق كل المراكب، ولم يبق إلا مركب واحد لم يقوَ على حرقه حتى الآن: وهو الميدان.. هو شاطئ النجاة الأخير.

[email protected] 

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 104 مشاهدة
نشرت فى 16 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,612